تأليف : امل شانوحة
انا لا اقبل التهديد !!
قبل ذهابها الى قاعة المحكمة , لكشف اسماء المتورطين في الجريمة المنظّمة ..
و في مكتبها .. بعيداً عن الصحفين الذين اصرّوا على تغطية مجريات القضية , التي تابعها الكثيرون عبر وسائل الإعلام .. كانت هذه المحامية تُلقي بنظرة اخيرة على الورقة التي دوّنت فيها : اسماء اكبر شخصيات البلد المتورطة في هذا الموضوع .. و بعد ان انتهت من التحضيرات .. اغلقت حقيبتها التي امتلأت بالحقائق , و التي استطاعت وحدها و بذكائها ان تتفوّق على زملاء المهنة في فكّ رموز هذه القضية الخطيرة .. ثم اتجهت (بغرور و كبرياء) نحو قاعة المحكمة , غير مكترثة لأسئلة الصحفين .... و لكن قبل ان تصل الى هناك , تصِلها مكالمةٌ غريبة ..
المحامية تتكلّم من جوالها :
-الو ..
صوت رجلٌ مجهول :
-ايّاك ان تفعلي ما تنوين عمله , و الاّ ..
فتقاطعه (بصوتٍ يرتجفّ) :
-لا تهدّدني ..فأنا ..
يقاطعها الرجل (بلؤم) :
-اذاً !! سينال ابنك العقاب !!
ثم اغلق الهاتف ..
فدبّ الرعب كيان هذه المحامية , فهي لا تستطيع التفريط بإبنها الوحيد ..
و هنا سمعت موظف المحكمة (من الداخل) و هو ينادي : على القضية التالية , في نفس الوقت الذي كانت تحاول فيه الإتصال بإبنها ..
فأقترب منها مديرها ..
المدير :
-هيّا ادخلي ..ماذا تنتظرين ؟!
فقالت و هي ما زالت ترتجف من الخوف :
-لحظة لو سمحت !! اريد ان اكلّم ابني ضروري
المدير : فيما بعد
المحامية متضايقة :
-رجاءً سيدي !! ..خمس دقائق
المدير :
-قلت فيما بعد !! فلا يصحّ ان نترك القاضي ينتظرنا .. هيّا , فالجميع في انتظارك... آه .. و لا تنسي ان تقفلي خطّك
فأقفلت جوالها (و هي متضايقة جداً).. ثم دخلت القاعة مع مدير مكتبها ..
و هناك تسمّرت اعين الجميع عليها .. فهي كانت قد اعلنت الليلة الفائتة لوسائل الإعلام , بأنها ستكشف اليوم كل شيء ..
و بعد مرور بعض الوقت على المحاكمة , جاء دور مرافعتها .. فأنصت الموجودين اليها (بإهتمام)..
لكن كلامها فاجىء الجميع .. و خاصّة وكيلها (الرجل الخمسيني البسيط) الذي استطاع الكبار اللصاق التهمة به ..
لأنها قالت ..
المحامية :
-لقد اتضح لي بعد التدقيق في القضية .. بأن موكّلي ...
ثم سكتت و هي تتذكر المكالمة المرعبة.. ((اذاً سينال ابنك العقاب !!)) .. ثم استجمعت قواها دون ان تستطيع النظر الى موكّلها , الذي كان ينتظر هذه المرافعة منذ سنة بفارغ الصبر مع عائلته (التي كانت تجلس خلفه بالقاعة) .. فأكملت قائلة :
-ان موكّلي هو من قام بالفعل بالإتجار بهؤلاء الأولاد , و الذي تسبّبَ لاحقاً بموت بعضهم ..
و قبل ان تُكمل كلامها ..امتلأت القاعة بالهرج و المرج , فالجميع لم يصدّق ما سمعه !
و هنا طرق القاضي بمطرقته , و هو يقول (بصوتٍ عالي) للجميع -هدوووووء !! هدوء رجاءً !!!
و بعد انقضاء ساعةٌ اخرى .. خرج الجميع من قاعة المحاكمة امّا مذهولاً او غاضباً ..
امّا المحامية فقد اسرعت نحو سيارتها , لتهرب من اسئلة الصحفين الذين انهالوا عليها بالأسئلة و الإستفسارت ... لكن المحامية ابتعدت بسيارتها عن المكان بسرعة (و هي منهارة تماماً) ..
و في منزلها .. ردّ ابنها (المراهق) على هاتف المنزل ..
ابنها بقلق :
-الو ..امي .. ماذا حصل ؟ لماذا تبكين ؟!
المحامية و هي تبكي برعب :
-يبدو ان المجرمين علموا بمسكننا الجديد ! لذلك حبيبي !! اغلق الأبواب جيداً , و ايّاك ان تفتح لأحد او ان تخرج من المنزل ..
ابنها و هو يقاطعها صارخاً :
-امي !! كم مرّة قلت لك بأن تتركي هذه القضية !! (ثم يتنهد بغضب) .. افّ !! على كلٍ سأهرب حالاً ..
امه بحزم (و هي تمسح دموعها) :
-ايّاك بنيّ !! فقط افعل ما قلته لك .. و انا قادمة اليك بأسرع وقت !!
ثم تغلق الهاتف .. و تأخذ مسدسها من صندوق السيارة (قرب المقود) و تضعه في حقيبتها .. ثم تتابع القيادة بسرعة ..
***
و في مكانٍ آخر ..
كان يجلس اب مع طفله الصغير و هو يشاهد الأخبار , حيث كانت المذيعة تقول ..
المذيعة :
(( انه يوم المفاجآت .. فالمحامية المشهورة , نكثت بوعدها و لم تكشف الشبكة السرّية التي وعدتنا بها بالأمس .. بلّ بسببها حصل موكّلها على حكم الإعدام .. لكن يبدو انه بريء , لأن العدالة الآلهية اخذت مجراها .. فقد تعرضت المحامية منذ لحظات ..و كما ترون خلفي .. الى حادثٍ مرعب على الطريق السريع ..و توفيت بالحال .. و يبدو ان النار التي اشتعلت في سيارتها , التهمت معها كل الدلائل و الأسماء .. و بذلك افلت المجرمون الكبار مجدّداً من العقاب .. فهل يا ترى كان الحادث عرضي ام مدبّر ؟! سنعرف هذا بعد ان تنتهي شرطة المرور من تدقيقها في اسباب الوفاة ))
و بينما كان الأب يستمع لهذا الخبر العاجل في التلفاز (بإهتمام) .. كان ابنه (ذو الثلاث سنوات) بجانبه يأكل الشوكولا بنهمّ
فصار الأب يحدّث نفسه (بصوتٍ مسموع)
-ان الله لا يرضى بالظلم , و سيأخذ كل ظالم عقابه .. اووه ! لااا ابني !! ماذا فعلت ؟!
و بينما هو يمسح آثار الشوكولاتة من على الكنبة ..
تدخل زوجته المنزل (بشعرها القصير) .. و التي ما ان رأت ابنها يأكل الشوكولا , حتى صرخت على زوجها ..
-سامي !! الم اخبرك بأنه يعاني من الإسهال ! فلما الحلوى ؟!!
يبتسم زوجها سامي بلؤم :
لأنّي اخبرتك بأنني سأجعلك تعانين من مرضه هذا , في حال قصصتِ شعرك ..
زوجته بإستغراب :
-لكني عدتُ و اقنعتك البارحة , بأن شعري الطويل يضايقني بهذا الحرّ !
-هذا صحيح , لكنّي عدلت عن رأيّ .. حتى انّي اخبرتك بذلك !
تستفسر : و متى كان هذا ؟!
زوجها :
-اليوم صباحاً ! الم اتصل بك و اخبرك : (( بأن لا تفعلي ما تنوين عمله , و الاّ سأعاقب ابنك))
زوجته بإستغراب :
-لا .. انا لم اتلقّى ايّ اتصال !
زوجها بدهشة : كيف هذا ؟!
ثم نظر الى جوّاله .. فقال :
-آه ! يالَغبائي .. يبدو انني اتصلت بشخصٍ آخر !
ثم يضحك و اردف قائلاً :
-حتى انني ضخّمت صوتي , و تكلّمت بنبرةٍ لئيمة !
زوجته وهي تأخذ ابنها الى غرفته :
-اذاً عليك ان تتصل به فوراً , و تعتذر منه
زوجها و هو يرفع صوته :
-تقصدين ..اتصل بها !! حسناً , ربما معك حق .. لأنه يبدو ان المسكينة خافت منّي بالفعل..
تعود زوجته من الغرفة بسرعة(و بإرتباك) :
-لا !! لا تتصلّ بها .. اقصد ... لا اظنه سيحصل ايّ ضررّ من هكذا مزحة بريئة !
فيضحك الزوج :
-يالك من امرأة غيورة ! لكن اتدري !! (و هو يضع جواله جانباً).. معك حق !! فكثرة الحلويات آلمت بطني ! آآآخ !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق