الأحد، 24 يوليو 2016

الإتصال المرعب

تأليف : امل شانوحة

رعب, خوف, الوحدة, اتصال, قتل, ليل
اعلم انك لوحدك !!



في ذلك المساء ، وأثناء وجود ندى بمفردها في المنزل .. رنّ هاتفها الأرضيّ .. فرفعت السمّاعة ، وبادر المتصل بالحديث:
   -  أعرف إنك وحدك في المنزل
   -  من المتكلّم ؟!
   -  أنا سعيد.. هل نسيتِ صوتي بهذه السرعة ؟
   -  آسفة ! لم أتذكّرك .. من انت ؟! 
   -  ستريني بعد قليل .. أنا قادمٌ للإنتقام منك .. وسأتركك جثةً مُشوّهة ، عزيزتي ريما 

فعرفت ندى إنه اتصالٌ خاطىء ! فأظهرت عدم المبالاة , رغم أن صوته يؤكّد جديّة تهديده .. وقالت له :
   -  عفواً استاذ .. يبدو انك اخطأت الرقم , فلا يوجد احدٌ بهذا الإسم  

وبعد إنهاء جملتها .. أحسّت بارتباكه ، وسمعته يحدّث نفسه :
((الرقم الأخير خاطىء ! كان عليّ الضغط على الرقم ثلاثة))

 ثم رفع صوته , مُصطنعاً خفّة الدم :
- آسف جداً ، أخطأت فعلاً بالرقم .. لكن أرجوك لا تأخذي كلامي محمل الجدّ .. كنت أمازح زوجتي .. يعني ككذبة إبريل.. 

وضحك بغباء ! لكن محاولته لتدارك الموقف فاشلة بالنسبة لفطنة وذكاء ندى ، كما انهم في شهر مارس وليس إبريل .. مع هذا قالت له:
 
   -  لا بأس .. لكن خفّف قوة الخدعة ، فمزاحك كاد يقتلني رعباً يا رجل! 
   -  أعتذر ثانيةً ، لم أقصد إخافتك سيدتي .. مع السلامة

لكن المحادثة علقت في ذهن ندى ..فتهديده كان واضحاً , ونبرة صوته تؤكّد تصميمه على إرتكاب جريمة بحقّ ريما .. 
لذلك خطرت في بالها فكرةً ذكية : وهي الإتصال برقمها ، مع تغير الرقم الأخير للرقم ثلاثة 

وحين اتصلت ، ردّت عليها إمراة :
   -  الو 
   -  عفواً.. هل أستطيع التكلّم مع السيدة ريما ؟  
   -  أنا هي .. من انتِ ؟
   -  أنا ندى .. حضرتك لا تعرفينني .. أريد ان اسألك : هل أنت وحدك في المنزل ؟
   -  عفواً !
 ندى : أرجوكِ أجيبي على سؤالي , فالأمر يبدو خطيراً
   -  نعم وحدي ..لما تسألين ؟!
  ندى : هل تعرفين شخصاً يُدعى سعيد ؟
   -  هو طليقي
   -  هل هو من النوع القاسي ؟
   -  بل وحشٌ حقيقيّ ، ما الأمر ؟

و من جوابها الأخير ، عرفت ندى إن الموضوع لم يكن مزاحاً .. فغيّرت نبرة صوتها ، قائلةً بحزم : 
- ريما أهربي بسرعة !! سعيد قادمٌ لقتلك !

ولم تدري ندى إن كانت تسرّعت بكلامها , لكن جواب ريما أراحها بقدر ما أخافها .. حيث أجابت (ريما) :
- سيفعلها إذاً ! هو هدّدني كثيراً , لكني لم أتصوّر إنه سيُقدم على فعلها يوماً .. وأنت ، كيف عرفتِ بخطته ؟!
ندى بعصبية : ريما !! لا يوجد مُتسعٌ من الوقت .. إهربي فوراً !! ومن الأفضل الإتصال بالشرطة
   -  حسناً سأهرب حالاً !! شكراً لك

وأنهت ندى أغرب مكالمة سمعتها في حياتها ! وعلى الفور ، تضاربت مئات الأفكار السلبية في ذهنها .. قائلةً في نفسها بخوف : 
((يا الهي ! لابد إنه وصل إليها الآن ..هل ستتمكّن ريما من الهرب ؟ وهل ستصل الشرطة قبل فوات الأوان ؟))

وأتعبها التفكير رغم مرور نصف ساعة على المحادثة ، حسبتها دهراً ! 
وأخذت ندى تفكّر بسرّ اهتمامها بالموضوع : 
هل صوت ريما المرتجف جعلها تتوهّم أنها تعرفها منذ زمنٍ بعيد ؟! .. أو انها تعاطفت معها لأن قصتها (ريما) تتشابه الى حدٍ ما مع قضيةٍ قديمة مرّت بها ؟

وعادت الذكريات الى ندى : عن يوم إبلاغها الشرطة عن زوجها السابق حسن , بعد معرفتها (بمحض الصدفة) إنه مُنضمّ لعصابة تبيض الأموال.. ليحاكم لاحقاً بالسجن سبع سنين .. كما تذكّرت غضبه الشديد بعد موافقة المحكمة على طلاقها ، رُغماً عنه ..حيث توّعدها بالإنتقام وعيناه تتطايران شرّاً ، قبل أن يخرجاه الحارسان من قاعة المحكمة .. وقد شاركته اخته سلمى الشتائم والتهديد ايضاً!  

وقد حاولا طيلة السنوات السابقة , إرسال القتلة المأجورين اليها .. لكن ندى استطاعت كشفهم في آخر لحظة ، والهرب من المنزل بعد اتصالها بالشرطة التي قبضت على اربعة منهم ! لكنها للأسف لم تستطع إثبات أن طليقها وأخته متورّطان بمحاولة قتلها .. 

وبسبب جنونهما ، عاشت ندى سنواتها الماضية في رعبٍ تام , وهي تراقب اجهزة المراقبة كل ليلة , لترى إن كان هناك قتلة يتجوّلون خارج وداخل منزلها 
 
لكنها اليوم تعيش سعيدة بعد انتقالها لمنزل زوجها الجديد الذي وافق على وضع أجهزة المراقبة في بيته بناءً على طلبها ، خاصة انه كثير السفر 

وهاهي الليلة تعود اليها مشاعر الخوف بسبب مكالمةٍ خاطئة , ولأنها تعلم بأن طليقها حسن خرج حديثاً من السجن !
 
وفي هذه اللحظات , أحسّت ندى بشعور المسكينة ريما ... 
((يا الهي ! هل تمكّنت من الهرب , ام وصل إليها سعيد اللعين ؟)) 

ثم أغمضت ندى عيناها , وهي تجلس على كرسيها الهزّاز .. وصوت الرعد والبرق في الخارج يزيدان من رهبة الموقف !
وتسارعت نبضات قلب ندى , حتى إنه هُيّء لها : أنها تسمع أقدام سعيد , وهو يقترب من طليقته ريما ... وتتخيّل المشهد في ذهنها : 
((هاهو يقترب منها الآن ..ويمدُّ يديه حول رقبتها ، محاولاً خنقها ...
 -  آي ...لا !!!!!

وهنا أطبقت يدان ضخمتان حول رقبة ندى , وصار يضغط ويضغط الى أن فارقت الحياة !
فأدار سعيد وجهه نحو ريما التي كانت تضحك خلفه ..واللذان بالحقيقة لم يكونا سوى حسن واخته سلوى !

وتنهّد حسن بارتياح : 
- أخيراً نجحنا في إلهائها عن شاشات المراقبة ! 
سلوى : قلت لك إن خططي لا تفشل ابداً !!
وأغرقا في الضحك   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الأدلة الجرمية

كتابة : امل شانوحة    مستودع الشرطة في مستودع مركز الشرطة بالعاصمة ، رُصّت صناديق بلاستيكيّة فيها ادوات استخدمت بجرائم قتل منذ بداية العام.....