فكرة : امي
كتابة : امل شانوحة
الثريّ والفتاة القروية
في سكن الطلاّب المشترك بجامعةٍ تركيّة.. وبينما كان مراد مُنشغلاً بالحديث مع اصدقائه عن موعد زفافه الذي سيقام بعد التخرّج ، سمعوا طرقاً على باب غرفتهم
وعندما فتح مراد .. وجد فتاةً فاتنة الملامح ، تسأل بحياءٍ ريفيّ عن صديقتها التي ذكرت اسمها الكامل..
فتجمّد مراد في مكانه ، بعد عقد لسانه ! بينما أجابها زميله ، بأن قسم الطالبات بالطابق الثاني
وبعد ذهابها ، أراد مراد اللحاق بها .. لكن هاتفه أضاء برسالةٍ من خطيبته تطلب لقاءه في المطعم ، لمناقشة تفاصيل عرسهما القريب..
وقد لاحظ زملائه تأفّفه اثناء خروجه لملاقاتها ، على غير عادته ! ففهموا ان قلبه مال للصبية الفاتنة
***
في المطعم ، وافق مراد على جميع اقتراحات خطيبته دون اعتراض.. والتي سألته بقلق عن سبب شروده ؟
فأخبرها بتردّد ، عن إستعجاله بتحديد العرس ! فهو وإن كان من عائلةٍ ثريّة الا انه يرغب الإعتماد على نفسه بوظيفةٍ ثابتة ، بدل مصروفه الشهريّ من والده
لكنها أصرّت على عدم تغيير موعد الزفاف ، بعد توزيعها بطاقات الدعوة على المعازيم .. وخرجت غاضبة من المطعم ..
بينما تنهّد مراد بضيق :
- كيف سأتخلّص منها ، بعد انشغال تفكيري بالفتاة الأخرى ؟!
^^^
وما ان ذكرها ، حتى سارع العودة الى سكن الطلاّب ..للسؤال عن صديقتها التي مازال يذكر اسمها ، لربما تخبره بمعلوماتٍ عنها
وبالفعل أخبرته بإسم محبوبته : زينب.. لكن فرحته لم تدم ، بعد علمه بخطوبتها من رجلٍ يعيش بالخارج..
ومع ذلك أصرّ على معرفة عنوان قريتها التي عادت اليها
***
وفي الأيام التالية .. قدّم مشروع تخرّجه باكراً ، لنيل عطلة شهرين قبل الحفل.. واستأجر كوخاً صغيراً في قريتها ، مُجهزاً بالحاجات الأساسيّة.. بعد عقده العزم على البقاء هناك ، لحين إقناع زينب بالزواج منه
وفي القرية.. تذكّرته زينب فور لقائها معه في الحقل !
وعندما أخبرها بإعجابه بها من النظرة الأولى ، طلبت منه الرحيل قبل ان يظن اهالي قريتها بخيانتها لخطيبها القادم قريباً..
الا ان مراد رفض الإستسلام .. وراح يُثني عليها أمام صديقاتها وقريباتها ، حتى صارت أخبار لطفه ومساعداته للأهالي تتردّد في القرية..
ومع ذلك بقيت زينب على موقفها ، فوفاؤها أقوى من الإغراء..
وعندما وصله اتصال من والدته تخبره عن قلق خطيبته ، بعد تركه سكن الطلاب دون علمها .. إضّطر لإخبارها الحقيقة ، طالباً برجاء :
- امي ، اريد فسخ علاقتي بها.. فأنا مغرمٌ بزينب ، ولا اريد الزواج بغيرها
ورغم اعتراض امه على تركه ابنة الثريّ ، للزواج من قرويّة ! الا انه استطاع إقناعها بقراره الحازم .. فطلبت منه فسخ خطوبته اولاً
***
فعاد للمدينة مُرغماً .. وواجه والد خطيبته ، مُتذرّعاً برغبته العمل قبل الزواج.. فتفهّم العم طلبه ، رغم معرفته بأن الخبر سيحطّم ابنته التي ما أن أخبرها بالإنفصال ، حتى هدّدت غاضبة :
- إن علمت بزواجه قبل سنتيّن من الآن ، سأحوّل حياته لجحيم !!
***
وتنفّس مراد الصعداء بعد انتهاء خطوبته الخانقة .. وسارع العودة للقرية وهو يلهث بشوقٍ كبير ، ليجد زينب وحدها بالحقل .. فأخبرها عن فسخ خطوبته للإقتران بها
فردّت بعصبية :
- وما دخلي انا بخطيبتك ! فعريسي قادمٌ بنهاية الإسبوع.. رجاءً دعني وشأني ، فأنت تشوّه سمعتي بملاحقتك الدائمة لي
وهنا سمعا صراخ الأولاد ، بعد سقوط احدهم ببئرٍ مهجور ! فقفز مراد دون تردّد إلى قعره الجافّ ، وانتشل الطفل الغائب عن الوعيّ
بينما سارعت زينب لإخبار الأهالي الذين أخرجوهما بالحبال ، دون تعرّضهما لإصاباتٍ خطرة.. وإن عانى مراد لبعض الوقت من السعال المتواصل ، بسبب رطوبة البئر العفن..
ليتفاجأ برجال القرية يحملونه على الأكتاف ، وهم يهلّلون لشجاعته النادرة!
بينما تراقبه زينب من بعيد ، بعد تبدّل نظرتها نحوه ! وإن ظلّت مُخلصة لخطيبها الغائب..
***
لذا لم يعد امام مراد الا الإسراع لاستقبال خطيب زينب ، قبل دخوله القرية .. وهناك اخبره بما حصل :
- أحلف بإخلاص زينب لك ، لكني حقاً لا استطيع التحكّم بمشاعري .. فأنا شعرت أنها زوجتي المستقبليّة من النظرة الأولى !
فأخبره العريس ان امه خطبتها له.. وهو اساساً مُعجب بزميلته الأجنبية التي ينوي الزواج بها ، للحصول على الجنسيّة .. ولا نيّة له للعودة للقرية المُتخلّفة (كما وصفها) !
فعقدا إتفاقاً سرّياً : رسالة من الخارج ، عليها طوابع بلده.. مضمونها : فسخ الخطوبة ، مقابل مبلغٍ يدفعه مراد.
***
بعد ايام ، التقى بزينب في الحقل .. وهي تبكي مقهورة بعد قراءتها الرسالة ، التي خطفها مراد من يدها لقراءة محتواها..
وقد حاولت نزعها منه ، لكنه أخبرها :
- طالما انفصلتما ، فلا مانع من ارتباطك بي
فردّت بعصبية :
- وهل الموضوع بالقوة ؟!! لن اتزوجك مهما فعلت
- القرار الأخير يعود لوالدك
- لن اسمح بفتح الموضوع معه
مراد : سأفعل !! فأبوك من حقه معرفة ، فسخ خطوبتك السابقة
ورغم محاولتها منعه .. لكنه اسرع بسيارته الى متجر والدها الموجود بساحة القرية ، بينما تبعته بشاحنة الفواكه البطيئة
^^^
ووصل قبلها ، لإخبار والدها بكل شيء
فردّ الأب :
- الجميع بالقرية يمدحونك بعد خدماتك المالية لهم.. وطالما خطيب زينب تركها كما تقول ، فلا مانع من قدوم اهلك الى بيتي بنهاية الإسبوع
مراد بحماس : اذاً سأذهب للمدينة ، لإخبار عائلتي بموعد الخطوبة
بهذه اللحظة .. دخلت زينب الى متجر والدها ، لتجده يُصافح مراد بحرارة!
فعلمت بوصولها متأخرة
^^^
وبعد ذهاب مراد.. تحدّثت مع والدها الذي استطاع إقناعها ، برؤية عائلة مراد :
- إن كان نصيبك يا ابنتي ، فسيمضي الأمر بسلاسة.. وإن لم يكن ، فسيعسّره الله كما يشاء
فوافقت مُرغمة على اجتماع العائلتيّن ، باليوم الذي حدّده والدها
اما مراد : فاستطاع إقناع والده بصعوبة ، بزينب التي لا تناسب مستواهم الإجتماعي..
***
وبيوم الخطوبة .. تفاجأ اهالي القرية ، بقدوم رجالٍ يحملون العصيّ!
وسرعان ما اندلعت الفوضى بين الضيوف ، مُحاولين الأهالي حماية العريس .. بينما هرعت زينب (التي شعرت بالخوف عليه لأول مرة) لإخفائه في شاحنة الفواكه التي قادتها بعيداً عن الصراع.
بهذه اللحظات .. وصل والد الخطيبة السابقة ، الذي أمر رجاله بوقف العراك .. محاولاً إقناع ابنته بعدم استحقاق مراد لحبها النادر (كما وصفه)
فقالت بغيظ ، وهي تراقب هروب مراد مع زينب بشاحنةٍ مُهترئة :
- معك حق يا ابي ، فهو يناسبه مصاهرة هؤلاء الرعاع .. لنعدّ الى قصرنا في المدينة
ورغم غضب اهالي القرية من استحقارها لهم ! لكن والد زينب هدّأهم ، لحين رحيل المشاغبين عن قريته..
ثم طلب من احدهم اللحاق بإبنته وعريسها ، لإخبارهما بانتهاء الأزمة
^^^
وبعد عودة زينب ومراد الى ساحة القرية المُزيّنة .. وجدا الشيخ بانتظارهما ، لعقد الزفاف دون تأخير..
فجلست امام عريسها بخجلٍ وارتباك .. وتبادلا النظرات الأولى ، كأنهما يشهدان اعترافاً صامتاً بالحبّ الذي ولد بين حطام الخطوبات والعناد !
وما إن وقّعا العقد ، حتى علا صوت الزغاريد والمزامير .. وتشابكت الأيدي لرقصة الدبكة الجماعيّة على وقع الطبول الصاخبة ، إحتفالاً بالعريسيّن المُغرميّن !

هذا كان مناماً لأمي ، طلبت مني تحويله الى قصة .. والحمد الله عجبتها القصة ، واتمنى ان تعجبكم ايضاً
ردحذف