تأليف : امل شانوحة
إنتقام الأبراج 12
إستيقظ رجلٌ في غابةٍ مهملة ، دون علمه كيف ومتى وصل اليها ؟! واثناء تخبّطه بالظلام وهو يسير فوق الأعشاب اليابسة ، رأى شرارة نارٍ من بعيد ! فظن انها رحلةً كشفيّة .. فتوجه صوب النور.. ليتفاجأ بالنار تشتعل بثواني في كل مكان ، كأن احدهم صبّ بنزينٍ هناك.. وقبل استيعابه ما حصل ! حاصرته النيران من كل جهة ، بعد ان أُضيئت الغابة بلهيبها المُستعرّ .. فصار يستنجد بعلوّ صوته ، قبل احتراقه حيّاً !
^^^
في مكانٍ آخر .. وجدت امرأة نفسها ، مُقيّدة بالسلاسل في وادٍ بارد!
وكرةٌ ثلجيّة تتدحرج باتجاهها.. وكلما نزلت من الجبل الجليديّ ، تضاعف حجمها !
فصرخت السيدة بهستيريا ، خوفاً ان تُسحق اسفل الكرة الضخمة !
^^^
وفي مكانٍ آخر.. وجد شخصٌ نفسه يمشي في قريةٍ شعبيّة ، وهو يسمع همساتٍ في كل زاوية من اكواخها المتهالكة ! وعندما دقّق النظر (من الإضاءة الخافتة بالشارع) وجد الأهالي يشيرون اليه من بعيد ، وهم ينادونه باستحقار :
- مالذي اتى باللقيط الى هنا ؟!
ولدٌ صغير : امي !! اليس ذلك الشخص هو الطفل الذي وجدوه بحاوية النفايات ؟
- كان ينقصنا ابن الحرام ليزور قريتنا الشريفة
وتعليقاتٌ اخرى مسيئة ، بينما هو يتمّتم باستغراب :
- كيف عرفوا عن نشأتي في دار الأيتام ، بنسبٍ غير معروف ؟! ..لم اخبر احداً بماضيّ ، فكيف انتشرت بهذه القرية التي لم ازرّها بحياتي !
ثم سارع بالتغلّغل بين سنابل الذرة هرباً من الحارس الذي لاحقه ، لطرده من القرية التي ترفض وجوده بينهم !
^^^
وشابٌ آخر وجد نفسه بالصحراء ، وهو يشعر بعطشٍ شديد.. وبهذه اللحظات العصيبة ، شاهد حبيبته القديمة (من بعيد) تشرب من ماء الواحة .. وكلما ركض اليها ، ابتعدت مع الواحة عنه !
فظنّ برؤيته سراباً ، بعد إصابته بهلوسةٍ عاطفيّة من حرارة الشمس.. ومع ذلك ظلّ يناديها بيأس :
- رجاءً لا تتركيني !! آسف لقطع علاقتي بك ؟ .. عودي اليّ !! اكاد اموت من دونك
^^^
بينما رجلٌ آخر : وجد نفسه عالقاً بكواليس مسرحٍ مليء بأسلاكٍ كهربائيّة لأنوار الإضاءة والكاميرات.. وهو يسمع المذيع ينادي اسمه ، لاستلام جائزته التكريميّة امام جمهورٍ يُصفّق بحرارة .. لكنه عالقٌ في مكانه ! كأن الأسلاك لُفّت حول قدميه ، لعرقلة حركته ..
ثم سمع المذيع يقول :
- يبدو انه لم يأتي لحفلتنا ، إذاً سنُسلّم جائزته للسيد ...
وما أن سمع اسم الشخص الآخر ، حتى كاد يُصاب بالجنون !
^^^
وشابٌ آخر ، وجد نفسه امام قاضي المحكمة ! وهو لا يدري ما ذنبه ، ولما هو بقفص الإتهام ! .. قبل سماعه الحكم النهائي : بتنظيفه السجن كل يوم ، دون تحديد موعد لإطلاق سراحه
فصرخ غاضباً ، وهو يُخاطب القاضي :
- انا لم افعل شيئاً ، لأستحق هذا العقاب القذر !! سيدي رجاءً ، هناك خطأ في الموضوع .. اريد محامياً ، لإستئناف الحكم الجائر!!!
وظلّ يعترض ..الى ان زُجّ في زنزانته الوسخة ، بجانب ادوات التنظيف التي سيستخدمها منذ الغد وحتى آخر عمره !
^^^
رجلٌ آخر : وجد نفسه بمتاهة مليئة بالمرايا المختلفة ، كل مرآةٍ تعكس شكله بهيئةٍ مشوّهة ! وهو لا يذكر آخر مرة ذهب فيها للملاهي ..
وازداد رعبه بعد سماعه مسؤول الملاهي ينادي لآخر مرة قبل إغلاقه البوّابة ، وهو مازال عالقاً بالمتاهة الزجاجيّة !
قبل صراخه الهستيريّ ، بعد إنطفاء الأنوار الداخليّة .. لتتحوّل انعكاسات المرايا الى اشكالٍ غير بشريّة ، كادت تصيبه بسكتةٍ قلبية!
^^^
اما السيدة : فاستفاقت داخل حفرةٍ عميقةٍ مظلمة ، تبدو كقبر او بئرٍ قيد الإنشاء على بُعد امتارٍ عميقة من السطح !
فصرخت بعلوّ صوتها ، لإنقاذها من ورطتها .. لتُفاجأ بترابٍ يُرمى عليها ، من مجرفة شخصٍ مُقنّع بالأعلى .. كأنه يحاول دفنها حيّة !
دون علمها بكيفيّة وقوعها ضحيّةً له ، وسبب رغبته الملحّة بقتلها دون رحمة ؟!
^^^
شابٌ آخر : وجد نفسه مُقيّد بشجرة ، وهو يلبس درعاً سميكاً (كالمُستخدم بالحروب الصليبيّة) ..فحاول فكّ قيوده ، ليتفاجأ بعشرات الأسهم تُطلق عليه من فوق الجبل .. كل سهمٍ اصاب بذلته الحديديّة ، كاسراً جزءاً من درعه .. الى ان حطّم إحداها قناعه الصلب الذي يحمي وجهه !
ثم توقف كل شيء ، كأنهم يستعدون لإطلاق دفعةٍ ثانية من الأسهم الحادة .. فصرخ بعلوّ صوته ، طلباً للنجدة .. بعد ان اصبح موته وشيكاً ، دون درعه الواقي
^^^
اما الصبيّة : فوجدت نفسها مُقيدة فوق أرضٍ جافة ، وهي مُكمّمة الفم .. وحولها شخصٌ مُقنّع يقوم ببناء حجزٍ دائريّ ! بوضعه الطوب حول ضحيّته ، مع طبقة من الإسمنت ، لجعله حصناً منيعاً ..
فحاولت فكّ وثاقها والصراخ من خلف القماشة التي تُغلق فمها ، قبل إكتمال بنائه الذي سيكتم انفاسها تماماً .. دون فهمها سبب حقده عليها لهذه الدرجة!
^^^
في مكانٍ آخر .. تفاجأ شاب برسائل كثيرة على ايميله ، مليئة بالشتائم والتهديدات : مُرسلة من الأقارب والغرباء ، يدّعون تحرشّه بالأطفال !
ورغم الإشاعة الكاذبة ! الا انه حاول القفز من نافذة شقته (بالطابق العاشر) بعد سماعه الشرطة تُحاول اقتحام بيته ، عقب علمهم بالتهمة المنسوبة اليه .. رغم غموض مصدر الإشاعة والهدف منها !
^^^
رجلٌ آخر ، تعطّلت سيارته بمنتصف الطريق العام .. ليتفاجأ باختفاء جميع السيارت من حوله ، بعد محاصرته بالضباب الذي حوّل النهار لظلمةٍ مخيفة !
ومن بعدها ، ظهرت اعينٌ حمراء حول سيارته التي اهتزّت بعنف ، كأنهم يحرّكونها بأيديهم الخفيّة .. وهم يلومونه على ذنبه مع خطيبته السابقة !
ورغم استغرابه من معرفة تلك الكائنات الغريبة لحياته الخاصة ! الا انه اعتذر منهم عن سوء معاملة حبيبته ، خوفاً من اقتحامهم سيارته!
***
وبعد تلك التجارب الغريبة ! بدأت الضحايا 12 بالإستيقاظ الواحد تلوّ الآخر .. بعد قيام اعدائهم بإزالة خوذة الواقع الإفتراضي عن رؤوسهم (التي جعلتهم يعيشون تلك الحوادث الغامضة ، باستخدام الذكاء الإصطناعي) ..
فكل ما حصل للضحايا (المُقيدين على كراسيهم ، داخل مستودعٍ مهجور) كان فيلماً نفسيّاً من اختيار اعدائهم ، حسب الإنتقام الملائم لأبراجهم 12 !
وبعد إزالة الحواجز كاتمة الصوت بين الضحايا 12(كيّ لا يسمعوا صراخ بعضهم اثناء المسابقة) سمعوا رجلاً غامضاً من مكبّر الصوت :
- كنت وضعت اعلاناً بالإنترنت : عن تصميمي خوذةً ذكيّة تُعاقب نفسيّاً المُذنبين ، حسب برج من ظلموه .. وبالفعل استطعت ايجاد 12 شخصاً من ابراجٍ مختلفة ، لديهم مشاكل معكم .. فقام حرّاسي بخطفكم وتخديركم .. ثم وضعوا الخوذات على رؤوسكم ، التي جعلتكم تعيشون تلك الآلام والمخاوف الخيالية .. والآن سأدع كل برج يعاتب غريمه .. فلنبدأ بك ، يا برج الحمل !!
فأزال الرجل القناع عن وجهه ، امام ظالمه ..وهو يسأله بغيظ :
- هل تذكّرتني ؟
الرجل المقيّد على الكرسي : طبعاً ! انت صديقي الذي سعى لإنجاح شركتي
عدوه بعصبية : تقصد شركتنا !! فما عشته داخل خوذتك (الواقع الإفتراضي) لم يكن كابوساً عادياً.. بل اخترته بنفسي ، ليكون عقابك النفسيّ على ما فعلته بي .. فقد أمضيت عاميّن بالتنقّل بين مكاتب التجّار الأثرياء ، للحصول على دعمهم الماديّ لشركتنا الحديثة.. وماذا فعلت انت ؟!! طردتني من الإدارة ، فور نجاح منتجنا بالسوق ! رغم معرفتك بصفاتي كبرج الحمل ، وكرهي الشديد للتجاهل.. لهذا اخترت النار كعقابٍ لك
- وكدّتُ اموت رعباً ، بعد شعوري بحرارة الغابة المحترقة !
- النار تُشبه غضبي بعد استهانتك بجهودي .. ورغم رؤيتي لمعاناتك النفسيّة (بالواقع الإفتراضي) من خلال الشاشة العملاقة ، إلاّ ان ذلك لم يشفي غليلي .. فعقاب الحمل يكون مباشراً وعلنيّاً !! لهذا سأفضح شركتك بالأوراق الرسميّة التي مازالت معي ، والتي تؤكّد إختراعي للمنتج الناجح بالسوق
- رجاءً لا تفعل ! سأعيد شراكتنا من جديد
- اذاً فليكن ، النصف بالنصف !!
- بل الثلث لثلثيّن .. فأنا طوّرت الشركة كثيراً ، بالعام الذي غبت فيه
ففكّر عدوه قليلاً :
- حسناً ، موافق .. سيكون لي ثلث الأرباح.. وغداً نوقّع اوراق العقد.. وإلا أحلف ان ما شاهدته بالخوذة الإلكترونيّة سيتحوّل لحقيقة ، وأحرقك حيّاً !!
- سأفعل كل ما يرضيك.. رجاءً فكّ وثاقي
وبذلك انتهى عذاب الضحيّة الأولى بسلام ، داخل المستودع المهجور
^^^
اما المرأة التي كادت تُسحق بكرة الثلج ، فكان طليقها هو من اختار عقوبتها .. والتي ما ان رأته يبتسم بلؤم ، حتى صرخت غاضبة :
- أهذا انت ايها الحقير ؟!! لما جعلتني اعيش ذلك الرعب الذي بدى حقيقياً ؟ حتى انني شعرت بالبرد ، رغم كوننا بفصل الصيف !
طليقها بحنق : أتسألين ايضاً ؟! ..انا برج الثور ، واهم شيئاً عندي هو الإستقرار.. وماذا فعلتي انت ؟! خنتني مع شابٍ بعمر ابننا الكبير ، ايتها الفاسقة !! لهذا اخترت كرة الثلج ، لغضبي المُتراكم عليك منذ اسابيع !!
- أهذا سبب طلاقك لي ، قبل شهرين ؟! لم اكن اعرف انك كشفت السرّ!
طليقها بعصبية : ورغم فراقنا ، لم استردّ سمعتي المُهانة.. وكنت نويت عدم فضحك امام اولادنا الثلاثة .. لكن طالما توظّفتي قبل ايام ، فسأحرمك من مصروف النفقة
طليقته بقلق : لكن ابنائك بحاجة لمال الدراسة ، ومصاريف النادي و..
مقاطعاً بحزم : اولادي سيتربّون معي !!
طليقته باكية : لا رجاءً ، لا استطيع العيش دونهم
- يمكنك الإنجاب ثانيةً من صديقك المراهق
- قطعت علاقتي به ، احلف لك !!
- انت الآن بين قراريّن : اما التنازل عن حضانة اولادي ، او فضحك امام عائلتك واصدقائك
فوافقت على طلبه ، وهي منهارة بالبكاء
^^^
اما الشخص الذي ارعبه معرفة اهل القرية بماضيه ! فوجد نفسه بمواجهة مع زميله (من برج الجوزاء) الذي قال بضيق :
- انت تعلم ان اكثر شيءٍ يستفزّني هو الإستهانة بذكائي .. وانت أهنتني امام مديري .. وادّعيت سرقتي لقصتك ، كونها أحد عاداتي السيئة منذ صداقتنا المدرسيّة ! وبسببك طُردّت من دار النشر .. وطالما ألفت اشاعةً مسيئة بحقي ، قرّرت عقابك بفضح ماضيك الذي لا يعرفه احدٌ سوايّ.. إخبرني الآن ، كيف هو شعور الظلم ؟.. لا يُطاق ، اليس كذلك ؟
- سامحني يا صديقي
فردّ غاضباً : لست صديقك !! ولا اريد معرفتك بعد الآن .. انا اتأسّف على سنوات دراستنا معاً .. فأنت قضيت على ذكريات مراهقتنا ، بعد نسب كتابي بإسمك ! اتمنى ان يكون ما عشته من الم الفضيحة بالواقع الإفتراضي ، رادعاً من تشويهك سمعة الآخرين وسرقة مجهوداتهم الفكريّة
- اعدك بأن لا اظلم احداً بعد اليوم
واكتفى برج الجوزاء بسماع توبة ضحيّته .. مع رفضه اعادة اواصر الصداقة ، بعد فقد ثقته به تماماً
^^^
بينما استيقظ الشاب الرابع بعد رشّ الصبيّة الماء على وجهه ، وهي تسأله ساخرة :
- أمازلت ظمِئاً يا عزيزي ؟
- حبيبتي ! أهذه انت ؟ كنت الهث خلفك كسرابٍ بالصحراء ، حتى اوشكت على الموت عطشاً
الصبية بحنق : وهكذا ستعيش لما تبقى من حياتك .. ستبحث عني في كل امرأة تقابلها ، دون ان تجدني .. فلا مثيل لعاطفة السرطان الحنونة .. وهذا عقابك على اهانتي امام عائلتي .. لذلك اخترت لك ، عطشاً لا يُروى !!
وتركته يبكي ، وخرجت من المستودع مقهورة
^^^
واستفاق الرجل الآخر ، وهو يرى عدوه امامه :
- أهذا انت ؟!
فردّ غاضباً : انت سرقت فكرتي المبدعة ، مُدّعياً انك صاحب الإعلان الناجح ! وانا من برج الأسد !! وأعشق الأضواء .. والأسوء انك لم تكتفي بسرقة جهودي ، بل استهنت بخطابي امام العملاء ! لهذا عاقبتك بالعرقلة في الكواليس ، وانت تسمع المذيع يُسلّمني الجائزة بدلاً منك .. والآن ما شعورك عندما يتعدّى الآخرون على حقوقك ؟
- اعتذر يا صديقي
- لم نعد اصدقاء !! وسأكون حذراً بالتعامل معك .. وغلطةٌ اخرى ، سأحبسك بالظلام للأبد .. أسمعت ؟!!
فسكت وهو يشعر بالقلق ، امام تهديد زميله الذي مازال يشتعل غضباً !
^^^
وهنا استيقظ الشاب الآخر : وهو يشعر بالقذارة بعد امضائه جزءاً من عقوبته ، وهو ينظّف حمامات السجن (بالعالم الإفتراضي) التي لوّثت كرامته.. ليجد مديره السابق يعاتبه قائلاً :
- بسبب اهمالك بتنظيف غرفة مسؤولٍ مهم ، تمّ ازالة نجمتيّن من فندقي المعروف لسنوات بنظافته المميزة ، واهتمامي بكل تفاصيله .. فأنا برج العذراء ، واهم شيئاً عندي هو النظافة والترتيب .. لتأتي انت وتشوّه سمعتي بدقائق !! لهذا عاقبتك بتنظيف السجون ، لتعرف معنى القذارة الحقيقية
- سامحني سيدي ، كنت مريضاً ذلك اليوم .. وكان العجوز السياسيّ سكراناً ، ولم يكن لديّ طاقة لتنظيف اوساخه
المدير : كان عليك طلب المساعدة من عاملٍ آخر ، لا ان تشتمه على قذارته وتضربه بالممسحة على رأسه ! ولولا هروبك من الفندق ، لزجّ بك في السجن بعد استيقاظه من سكره .. لأعاقب انا بذنبك ، وينخفض عدد الزوّار المهمّين لفندقي بسبب تصرّفك المتهوّر !! لذا احمد ربك انني اكتفيت بعقابك النفسيّ بالواقع الإفتراضي ، والا لأجبرتك على تنظيف دورات مياه فندقي لشهورٍ طويلة بالمجّان!!
فسكت العامل وهو يشعر بالإحراج امام مديره القديم
^^^
اما الرجل الآخر ، فوجد زوجته السابقة تقول :
- كيف شعورك وانت عالق بمتاهة المرايا ، بعد تشويهك سمعتي امام عائلتي ؟
- لا تلوميني ! فأنت لم تتحمّلي زوجتي الثانية ، وطلبت الطلاق
- كنت اشترطّت عليك منذ البداية ، العدل بيننا.. فأنا برج الميزان ، ولا أتحمّل الظلم .. لكنك أصرّيت على النوم عندها ، بعطل الإسبوع!
- وبقيّة الأيام لك
طليقته غاضبة : وما نفع ايام الدوام ؟ فأنت تعود مرهقاً بأخر النهار ، تأكل وتنام .. حتى انك لا تتحمّل حواري معي ، لأكثر من ساعة ! بينما تستمتع بعطلتك مع زوجتك الجديدة ، بين المنتزهات والمطاعم ! ..وهذا ليس عدلاً !! .. ولم تكتفي بذلك ! بل اخبرت عائلتي بأني نكديّة ، مع اني لم اجادلك يوماً او اضغط عليك بالطلبات .. لهذا اخترت عقوبتك : بتشويه انعكاسك ، لرؤية ما عانيته معك .. ايها الظالم المستبدّ!!
فطأطأ رأسه مُتأسّفاً !
^^^
اما المرأة الأخرى : فوجدت طليقها امامها ، وعيونه تشتعل غضباً!
فارتعدت رعباً ، لمعرفتها بقساوته العنيفة .. فهو من برج العقرب .. وقد رأت عقابه المخيف من خلال الواقع الإفتراضيّ : فهو لم يكتفي برميها في بئرٍ مظلم ، بل حاول دفنها حيّة !
وعندما سأله الصوت :
- لما انت صامتٌ هكذا ؟ الن تعاتبها على خطئها معك ؟
فقال الرجل وهو يحاول كتم غضبه بصعوبة :
- أجّلني لنهاية المسابقة ، لوّ سمحت
الصوت : كما تشاء.. اذاً سننتقل للتجربة التي بعدها
^^^
وأزال الشاب الآخر الخوذة عن رأسه وهو يتفحّص جسمه ، خوفاً من اختراقها بالأسهم الحادة ..
لتقول الصبية التي امامه :
- لا تقلق ، كانت خدعةً إلكترونيّة
- أهذا انتِ ؟!
- انا برج القوس ، وأهم شيءٌ عندي هو الحرّية.. فنحن تعرّفنا على الطائرة ، اثناء عملي كمضيفة طيران.. ووعدتني بعد الزواج ، بمتابعة عملي .. لكنك حبستني بمنزلك لشهورٍ طويلة !
زوجها : بسبب خروجك المتكرّر دون اذني
- لأني اختنق بين جدران المنزل !! انت كبتّ حرّيتي .. لهذا عاقبتك بالسهام التي اخترقت درعك المتين ، المُصنّع من العادات التقليدية .. ما شعورك وانت مُكبّلٌ هناك ، بانتظار سهمٍ يخترق قلبك ؟ أمرٌ مُحبطٌ ولا شكّ.. فأنا عشت معك ، كعصفورٍ سجين !
- حسناً ، كما تشائين .. عندما نخرج من هنا ، سنحدّد موعداً للطلاق
فأخرجت اوراقاً رسميّة من حقيبتها ، وهي تقول :
- المحامي كتب عقد طلاقنا ، كل ما عليك فعله هو التوقيع هنا .. هيا امسك القلم
وحاول تأجيل الموضوع ، ريثما يخرجان من المستودع المهجور .. لكنها هدّدته بتجربةٍ نفسيّةٍ اخرى ، أشدّ قسّوة من السهام.. مما اجبره على التوقيع .. لتخرج مسرورة من المستودع ، بعد حصولها على حرّيتها اخيراً
^^^
ثم استفاقت الصبية الأخرى ، لتجد حبيبها القديم امامها :
- أأنت من بنيت السور حولي ، لقتلي خنقاً ؟!
فأجابها بلؤم : او جوعاً وعطشاً ، ايهما اقرب
- ولما كل هذا الحقد ؟!
- انا برج الجدي ، واهم شيئاً عندي هو كرامتي .. ومع ذلك فضحتِ اسراري الخاصة امام اصدقائنا ، بحفل رأس السنة !
- كنت سكرانة ، لم انتبه على لساني
- وشاركتهم الضحك الساخر عليّ !.. لذلك اخترت معاقبتك ، بالحبس في حصنٍ لا يُكسر
- اعتذر منك ، لن اكرّرها ثانيةً
- ومن قال انني سأسمح بتكرارها ؟!!
- ماذا تقصد ؟!
- سنخرج من هنا ، كعدويّن .. لا اريد رؤيتكِ ثانيةً !!
فوافقت على الإنفصال رغم حبها له ، بعد خوفها من الإنتقام الذي اختاره بهذه اللعبة الإلكترونية !
^^^
بهذا الوقت ..إستيقظ الشاب الآخر ، ليجد زوجته تقول :
- هل قبضت الشرطة عليك ، ايها المتحرّش الهارب ؟
- ماهذه اللعبة السخيفة ؟!! كيف سمحت لهم بتخديري ، وتقيدي بهذا المستودع العفن ؟!!
زوجته بلؤم : بل خدّرتك بنفسي ، وأحضرتك نائماً الى هنا .. بعد قراءتي إعلان المسابقة بالإنترنت
- ولما كل هذا الحقد ؟!
- انا برج الدلو !! وأكره الغرور والظلم الذي تُعامل به كل من حولك : سواءً الخدم او والديّك العاجزين ، او استحقارك لشحاذي الشارع .. وطالما انا هاكر محترفة ، فاخترت عقابك الكترونياً .. كيف شعورك الآن ، بعد انقلاب الجميع عليك ؟ الم تشعر بالظلم من اشاعةٍ كاذبة ؟ ربما سيجعلك ذلك تفكّر مرتين ، قبل اساءتك للضعفاء
زوجها مُهدّداً : هذه اللعبة ستكون سبب فراقنا
- وهذا ما اردّته بالضبط ، ايها الظالم المُتعجرف !!
^^^
اما المتسابق الأخير ، فوجد نفسه امام زوجته السابقة :
- أهذا انتِ ؟! اشتقت لك..
مقاطعة بعصبية : إجلس مكانك !! مستحيل السماح لك باحتضاني بعد ان اخبرت الجميع بأني عاقر ، رغم انه قرارك بتأجيل الخِلفة .. مع علمك بعشقي للأطفال ، وهو سبب خلافاتي المتكرّرة معك
- انا آسف .. كنت مُغتاظاً من انفصالك عني ، رغم عشقي الكبير لك
فأخذت نفساً عميقاً ، قبل ان تقول بقهر :
- أتدري ؟ كان قرارك صائباً بعدم انجاب الأطفال .. فبخلك وطباعك القاسية صعبٌ تحمّلها .. عدا عن استخفافك بعطائي الحنون ! فأنا برج الحوت ، وأكره النقد اللاذع .. لهذا جعلتك تعيش تجربة الضباب وملاحقة العيون الحادّة ، كما حصل مع محيطي بعد تصديقهم كذبتك اللعينة التي أضاعت فرصة زواجي الثاني ، وولادة طفلٍ بعد تجاوزي الأربعين !
- سامحيني رجاءً .. انا مستعد للإعتذار لك امام الجميع
- بعد خسارتي الأمومة ، لا شيء يعوّضني .. وعقابك سيكون ، ببحثك عن بديلٍ لي طوال حياتك .. وسأخبرك منذ الآن ، انه مستحيل إيجادك أحنّ وألطف من برج الحوت
وخرجت من المستودع .. تاركةً زوجها السابق يشعر بمرارة فقده لإنسانةٍ مُخلصة ، قهرها بسوء إدراكه لحساسيتها المُرهفة !
^^^
وهنا ظهر الصوت من جديد :
- وهكذا تمّ عقابكم ، حسب إنتقام الأبراج
العقرب مقاطعاً :
- انا لم أُنهي عملي بعد !!
الصوت : آه ! نسيتك .. تفضّل !! هاهي زوجتك امامك ، والتي اخترت رميها ببئرٍ عميق
فاقترب من زوجته بعيونه الحادة :
- أتعلمين لما اخترت دفنك حيّة باللعبة الإلكترونيّة ؟
زوجته بقلق : لماذا ؟!
فأخرج جواله ، ليريها صورتها مع عشيقها في غرفة نومه !
فارتعدت خوفاً :
- هو كان حبيبي ، قبل زواجي بك .. وفاجأني بزيارته اثناء سفرك
صارخاً بغضبٍ شديد : وفوراً خنتني ، دون التفكير بعواقب فعلتك !!
- سامحني رجاءً .. سأعتذر منك امام الجميع .. وان اردّت الإنفصال ، نتطلّق بالحال.. لكن دعني اذهب من هنا
وحاولت النهوض عن كرسيها .. لكنه أجلسها بعنف ، وهو يقول بلؤم:
- العقرب لا يغفر ابداً !!
ليرتفع أزيز ستة طلقاتٍ من مسدسه ، اخترقت جسدها.. كاسراً قواعد التجربة النفسيّة التي تحوّلت لجريمةٍ حقيقية .. وسط صدمة المشتركين ! بما فيهم المسؤول (صاحب الصوت) الذي سمح للقاتل بالخروج من مستودعه ، تاركاً جثة زوجته الخائنة ورائه !
واكتفى الصوت بالقول :
- عودوا الى بيوتكم ، وسيقوم مساعدي بدفن الجثة
فأسرعوا جميعاً بالخروج من المستودع المهجور .. بينما قال صاحب المسابقة لمساعده ، وهو يُطفئ الكاميرات :
- في المرة القادمة ، فتّشوا المشتركين جيداً .. فنحن هنا لتأديب المُخطئين ، لا لارتكاب الجرائم !
- حاضر سيدي
- والآن إذهب لدفن السيدة خلف المستودع .. ودعنا نهرب من هنا ، قبل وصول الخبر للشرطة
وبذلك انتهت اغرب مسابقة إنتقاميّة ، حسب عقليّة الأبراج ال12 !