تأليف : امل شانوحة
مغامرة الأطفال
هرب صبيٌّ وسيم (٧ سنوات) من منزله ، وهو يبكي مُتألّماً من ضربٍ عنيف لزوجة والده .. وكان ينوي الوصول الى منزل والدته (المُطلّقة من ابيه) لكنه تاه بالطرقات الى أن وصل للميناء..
وهناك وجد سفينةً مُزيّنة بأنوارٍ ملوّنة ، تبدو كملاهي مُتنقّلة بموسيقاها الراقصة !
واثناء تأمّله جمالها ، سمع ولداً (بعمر ١٣) يناديه من فوق السفينة :
- تعال واركب معنا !!
فسأله باستغراب :
- أيمكنني ذلك دون تذكرة ؟!
- نعم !! فهي مجّانيّة للأطفال .. هيا اركب ، فنحن على وشك الإبحار
^^^
بعد صعوده السفينة ، إنصدم بأن جميع ركّابها من الأولاد والبنات دون سن البلوغ .. ومن بينهم اطفالٌ رضّع يضحكون بعلوّ صوتهم دون الخوف من وجودهم بلا امهاتهم على متن السفينة ، بل كانوا سعداء بألعابهم الصوفيّة التي تحيط بهم من كل جانب !
عدا عن المائدة الضخمة المليئة بشتّى انواع الحلوى اللذيذة .. بالإضافة لمسبحٍ صغير على سطح السفينة ، بعمقٍ يناسب اعمارهم!
وظلّ الصبي يراقب ما حوله بذهول ! الى ان اقترب منه قائد السفينة وهو يقول :
- انا المسؤول عن السفينة ، بما أنّي أكبركم .. وأسمح لك باللعب وتناول ما تشاء ، فالسفينة مُلكٌ للأطفال فقط
وسرعان ما توجّه الصبيّ نحو طاولة الطعام لإشباع نفسه ، بعد اعتياد زوجة ابيه على تجويعه كل يوم !
وكان بجواره فتاةٍ تراقبه ، وهو يشرب ابريق العصير كاملاً :
- تبدو عطِشاً ؟!
الصبيّ : أشعر بجفاف حلقي من كثرة الملح الذي تناولته الأيام السابقة .. ولا تسأليني عن السبب ، فأنا احاول النسيان ما عشته مع تلك الشيطانة
- جيد انك هربت منها بالوقت المناسب .. (ثم تمعّنت فيه) .. تبدو وسيماً للغاية
- مع أن زوجة ابي تراني مُتوحشاً وبلا تربيّة !
الفتاة : هذا لأنها لا ترى روحك الجميلة ..
الصبيّ وهو يضع صحنه الفارغ : الآن شبعت !!
- إذاً دعنا نلعب معاً بالملاهي
وأمضى يومه باللعب والضحك ، كأن جميع احلامه تحقّقت دفعةً واحدة !
***
عندما أصبحت رحلتهم في عرض البحر ، بدأوا يعيشون مغامراتٍ جديدة تُشبه ما شاهدوه بالرسوم المتحرّكة : بدّءاً بتسابق الحيتان مع سفينتهم.. ثم ظهور اخطبوطٌ ضخم كاد يقلب السفينة بأذرعه الكبيرة ، فتمسّكوا بقوّة لحين إفلاتهم من قبضته
وفي المساء .. ظهرت حوريّات البحر المضيئة اللآتي تبادلنّ الحديث اللطيف معهم ، قبل غوصهّن لإعماق البحر .. بالإضافة للحظاتٍ مثيرة عاشها الأطفال بعد مصادفتهم لإعصارٍ بحريّ ، وزوبعة كبيرة كادت تبتلعهم ..
كما وقوفهم بعدّة محطّاتٍ منها : جزيرة مهجورة ! حفروا في كهفها وتحت اشجارها ، مُستخرجين العديد من كنوزها التي خبّأوها في مخزن السفينة
ويبدو ان سفينة القراصنة شاهدتهم من بعيد ، فلحقوهم على الفور .. لتحدث معركة بالسيوف والمدافع .. انتهت بانتصار الأطفال الذين لم يصبّ منهم أحد !
بينما أجبر قائد الأولاد ، أسراه القراصنة على النزول في جزيرةٍ أخرى مليئة بالعمالقة والأقزام ..
عدا عن اكتشافهم منارةً مهجورة ، مسكونة بالجن والعفاريت .. قبل إبحارهم بعيداً عنها ..
ورغم المخاطر التي عاشوها في الشهر الماضي .. لكنهم سعداء بتجربة مغامراتٍ جميلة ، أشعرتهم بذكائهم وقوتهم .. حتى أن بعضهم كتبها في دفتر مذكّراته لتحويلها لاحقاً لقصةٍ خياليّة
***
وفي أحد الأيام .. تطوّع الصبيّ لمساعدة الفتيات على إطعام الأطفال الرضّع النائمين بسرائرهم الصغيرة في الغرفة السفليّة بالسفينة ..
وانزوى بعيداً عنهنّ مع طفلٍ جميل ، رضع زجاجة الحليب بسهولة ودون متاعب ..
وخلال ثوانيٍ ، بدأ الطفل يهزل شيئاً فشيئاً ! وشحب وجهه واسودّ اسفل عينيه ، كأنه تحوّل لمومياء بين يديّ الصبي .. قبل نطق الرضيع :
- انا ضحيّة المشاهير والأثرياء الذين يحقنون أنفسهم بدمائي ، ليزدادوا شباباً
وكاد الطفل يسقط من يد الصبيّ الذي سارع فزعاً لسطح السفينة !
ليُصدم برؤية القائد وزملائه تحوّلوا لوجوهٍ شاحبة ، واجسامٍ هزيلة مليئة بالكسور والرضوض المُزّرقة ، وبعضهم فقد اطرافه وعينيه!
وأوشك الصبيّ على القفز في البحر من شدّة رعبه ، قبل سماعه القبطان الصغير يقول :
- أنظر الى نفسك بالمرآة ، يا موسى !!
فصعق برؤية جسمه مليئاً بالرضوض ايضاً !
موسى بفزع : اولاً كيف عرفت إسمي ؟ فأنا لم أخبركم بشيءٍ عن حياتي!
الفتاة : أنت أصبحت مشهوراً في العراق ، وجميع الشعب تعاطف معك
موسى باستغراب : تعاطفوا على ماذا ؟! مالذي حصل لنا ، واين اختفى جمالنا ؟
فاقتربت طفلة وهي تنزف من بطنها ، قائلةً بحزن :
- اسمي لين من لبنان .. خالي اعتدى عليّ .. وامي وجدايّ تستّرا على جرمه ، وتركوني أنزف حتى الموت !
ثم قال ولدٌ يستند على عكّازه ، واضعاً العصبة على عينه اليمنى :
- لم أولد مُعاقاً .. لكني وقعت ضحيّة عصابة لبيع الأعضاء
ولدٌ آخر : وأنا ريّان من المغرب .. رُميت في البئر كقربان للشيطان!
موسى : سمعت عنك بالإعلام
القبطان : اما انا !! فضحيّة زوجة ابي التي تُجبرني على الدعارة مع الرجال ، للصرف على اولادها .. وعندما رفضّت ، هاجمتني بالسكين .. جيد انها فعلت قبل بلوغي ، حتى لا أصبح عاصيّاً لله
موسى : ولما اجتمعنا هنا ؟!
القبطان : لأننا ضحايا الكبار
موسى بقلق : ضحايا !
فأمسكت فتاةٌ يده : ألم تفهم بعد ؟ .. جميعنا موتى يا موسى
موسى بفزعٍ وعصبية : كاذبون !! أخبرتموني أن السفينة ذاهبة لعالم الأحلام
القبطان : ونحن بالفعل ذاهبين الى هناك .. لكن ليس على شاطىء إحدى البلدان .. بل الى فوق !!
وأشار للغيوم التي تجمّعت فوق سفينتهم .. ليظهر نورٌ اخترق السماء ، قبل نزول ادراج مضيئة باتجاههم ..
وحين نظروا للأعلى ، شاهدوا بوّابةً مُذهّبة ! وأطفالٌ بلباسٍ أخضر يلوّحون لهم بأجنحتهم ..
موسى بدهشة : المزيد من الأولاد ؟!
القائد : هم ايضاً ماتوا بعمرٍ صغير ، لكن بشكلٍ طبيعيّ .. او بسبب اخطائهم ، كعبورهم الشارع وحدهم .. او غرقهم اثناء لعبهم بالمسابح دون اذن اهلهم .. او افتعالهم لحريقٍ قضى عليهم .. اما نحن !! فمتنا تحت التعذيب ، لهذا مكانتنا أعلى منهم .. لكننا نُعدّ جميعاً من طيور الجنة .. فهيا نصعد اليهم ، لامتلاك أجنحة نطير بها بين طبقات الجنة ..
موسى : ومتى نجتمع مع احبابنا ؟
القائد : يوم الحساب ، بعد عقاب أهالينا وأقاربنا الذين تسبّبوا بموتنا .. فنحن أشبه بثمارٍ قُطفت قبل أوانها
لين بحزن : كنّا سنرفع رؤوسهم لوّ تركونا نعيش !
القائد : هذا صحيح ! إمتلكنا مواهب وشخصيّات رائعة ، لكنهم لم يسمحوا لنا بإظهارها .. (ثم قال بغيط).. هم الخاسرون .. والآن لنصعد الأدراج يا رفاق !!
موسى : ماذا بشأن سفينتنا ؟
القائد : ستعود للميناء لنقل المزيد من الأولاد الذين لقوا حتفهم بالتعذيب والإهمال ، فالأشرار سيتواجدون في كل زمانٍ ومكان .. الآن دعونا نذهب لحياةٍ سعيدة خالية من الجوع والألم والخوف
وانطلق الأولاد خلف قائدهم باتجاه السماء ، وكلّهم أمل بتعويضٍ إلهيٍّ عادل عن صبرهم على حياةٍ شاقّة تجاوزت براءتهم وأعمارهم اليافعة بأشواطٍ عديدة !
كلام الأطفال في مابينهم بالنهاية مؤثرجدا
ردحذفعدد المظالم على الارض فاق عدد البشر انفسهم اضعاف الاضعاف
ردحذفوهذا من اسباب عزلة البعض او استغناءهم عن البشر بالحيوانات الاليفه ومن اسباب اللجوء للمخدرات ايضا او الانغماس في الشهوات او اللجوء للاسقاط النجمي واحلام اليقظه المتطرفه ولعل الحسنة الوحيده للظلم هي ايجاد الادب والادباء والفنانين الحقيقيين وليس الراقصين والطبالين والزمارين فكما يقول العلماء يستحيل ان تجد فنان لم يعاني لم يتألم لم يظلم