الأحد، 29 مايو 2022

رصاصةٌ طائشة

فكرة : أختي اسمى
كتابة : امل شانوحة 

 

زميل الدراسة


إستيقظت الأختان باكراً على صوت شجار الجار مع زوجته في الطابق العلويّ للعمارة ! 

فقالت الأخت الصغرى (مروى) للكبرى (سمى) بضيق :

- شجارهم اليوميّ مستمرّ لشهور ! فليتطلّقا وينهوا الأمر

- معك حق 

مروى : ليتنا لم ننتقل لهذا المبنى الكئيب

- وكيف لنا أن نعرف بحال جيراننا ؟!


وفجأة ! سمعتا طلقاً ناريّاً ..

مروى بخوف : هل قتلها ؟!

سمى بقلق : ربما هي القاتلة ، سأصعد لأرى 

- لا تتهوّري !! إبقي مكانك ..الرجل مسلّح

 

لكنها لم تستمع لنصيحة اختها ، وصعدت الأدراج .. لترى جثة الزوجة على عتبة الباب الخارجيّ ، والمسدس بيد الزوج الذي وقف مذهولاً مما حصل ! 

وحين التفت الى سمى ، قالت له :

- أهرب بسرعة !!


وما أن قالت ذلك ، حتى أسرع بنزول المصعد.. بينما عادت الى شقتها ، لتجد مروى أبلغت عن الجريمة.. فعاتبتها :

- لما اتصلت بالشرطة ؟!

مروى : كان عليّ الإبلاغ عنهم ، هل قتلها بالفعل ؟

فأخبرتها بما حصل..


مروى بعصبية : هل جننتِ !! لما طلبت منه الهرب ؟!

- خفت أن يقتلني ، فأوهمته انني في صفّه..

- لا تخبري الشرطة بذلك

سمى : أكيد 

***


حين وصلت الشرطة ، نقلوا الجثة الى المشرحة .. وحقّقوا مع الجيران وحارس العمارة الذين شهدوا بخلافات الزوجين المتكرّرة..

*** 


لم تمضي ايام ، حتى قبضوا على القاتل مُختبئاً في قريته .. واقتادوه الى مركز الشرطة في المنطقة التي حصلت فيها الجريمة.. 

ولأن الجارة (في الشقة المجاورة للقاتل) شهدت برؤيتها سمى وهي تنزل من طابقهم لحظة الجريمة ، تمّ استدعائها للشهادة..

***


وفي مركز الشرطة .. وفور رؤية القاتل لسمى ، قال للمحقّق : 

- ما كنت لأهرب لوّ لم تشجّعني على ذلك ! 

المحقّق : هل فعلاً طلبتِ منه الهرب ؟

سمى بحزم : كاذب !! عدّت الى شقتي فور رؤيتي الجثة ، دون التفوّه بكلمة..

القاتل بقهر : اساساً ما كنت لأُشهر مسدسي على زوجتي ، لولا نصيحتك الماكرة قبل يومين من الحادثة 

المحقّق باهتمام : وماذا قالت لك ؟


القاتل : يومها خرجت من شقتي غاضباً بعد شجارنا المعتاد .. والتقيت بسمى في المصعد ، ونصحتني بالتخلّي عن زوجتي النكديّة 

سمى : كنت أقصد أن تطلّقها يا رجل ، لا أن تقتلها !  

القاتل : لم أكن انوي قتلها !! أطلقت الرصاصة على الباب الخارجيّ لأخيفها ، فارتدّت لتصيب عنقها ! .. سيدي كانت رصاصة طائشة ، أحلف لك .. 


لكن المحقّق لم يصدّق كلامه ، وأعاد سمى الى منزلها بعد إنكارها تهمة التحريض الموجّهة إليها ..

*** 


عند إجراء تحقيقات أضافيّة للجريمة ، عرف المحقّق إن القاتل حصل على المسدس كهديّة من زميله الذي تعرّف عليه في موسم الصيد ، قبل شهرين من الحادثة.. 

لكن المعلومة لم تفدّ قضيّته ! لأن السلاح مُرخّص للصيد ، ورصاصاته الصغيرة مُخصّصة لقتل الطيور .. ومستحيل بواسطته قتل زوجته لولا إصابته الشريان السباتي .. والأسوء إن الرصاصة التي اخترقت رقبتها ، لم يُعثر عليها امام شقته او على طول الدرج! 

*** 


في المحكمة .. أدين الزوج بالقتل الخطأ ، وحُوكم بالسجن ثلاث سنوات ..


والغريب في الموضوع إن سمى كانت الوحيدة التي زارته طوال المحاكمة بعد تخلّي اهله وعائلة زوجته عنه ، بل وتطوّعت للإهتمام بإبنه الصغير لحين خروجه من السجن ! 

***


وأمضى الطفل شهوراً في شقة سمى ، الى أن تشاجرت مع اختها مروى التي قالت بعصبية :

- لما ورّطتنا بهذه المسؤوليّة ؟!

سمى : وما ذنب الصغير أن يُرمى بدار الأيتام ؟

- ليست قضيّتنا !!

- نحن جيرانه

مروى بعصبية : لا تتصنّعي البراءة !! فأنت من شهّدتِ ضدّه ، فلما تهتمين بإبنه ؟!

- لأني احب جاري

مروى بصدمة : ماذا !


فسكتت سمى مطوّلاً ، قبل قولها بقهر : 

- كان زميلي في الجامعة ، وكنت على وفاقٍ معه.. لحين قدوم الحمقاء التي سلبت عقله ، وتزوّجها رغماً عن اهله 

- الهذا انتقلنا الى هنا ؟!

سمى : بحثت عنه سنوات ، الى أن وجدّتُ عنوانه 

- لحظة ! هناك شيء لا أفهمه .. إن كانا تزوجا عن حب ، فما سبب شجارهما المتكرّر ؟! 

فابتسمت سمى بمكر ..


مروى بقلق : لا تقولي انك استعنتِ بعمتي المشعوذة ؟.. الهذا كنت تخرجين ليلاً ، بحجّة رميّك النفايات ؟ أكنت تصعدين لطابقهم ، لوضع السحر على بابهم ؟ 

- الغاية تبرّر الوسيلة 

مروى بعصبية : هل جننتِ ؟!! سحرك قضى على سمعة الرجل .. ثم كيف ستتزوجينه بعد أن اصبح مجرماً ؟! ماذا سيقول الناس .. 

سمى مقاطعة بلؤم : لا يهمّني رأيّ أحد ، ولا حتى انت !! وطالما انا من يدفع أجار الشقة ، فأنا أقرّر من يعيش معي 


مروى بغضب : لكني أربّي الطفل بغيابك ، ولا اريد هذه المسؤوليّة 

سمى بعصبية : اذاً وافقي على العريس المتقدّم لك ، واخرجي من بيتي !!

مروى بصدمة : أهذا قرارك ؟!

- نعم

- كما تشائين 

***


وبسبب الطفل إنفضلت الأختان بعد سنوات من عيشهما معاً ، عقب وفاة والديهما بحادث سير .. 

وتزوجت مروى من العريس على عجل ، وسافرت معه للخارج دون توديع سمى التي وظّفت خادمة لمساعدتها بتربية الصغير الذي تعلّق بها جداً

***


بعد خروج الجار من السجن ، قدم الى شقة سمى لأخذ ابنه الذي رفض تركها ! 

فأخذت الرجل جانباً لتخبره : إن الصغير يظنّها امه ، كما أخبرته انه مسافر للعمل ..


الجار : ولما ورّطت نفسك بهذه الكذبة ؟! فيوماً ما سيكبر ليعرف إن والده هو من قتل امه الحقيقيّة .. 

سمى : قتلتها عن طريق الخطأ ، وهي كانت امرأة نكديّة واستحقّت ذلك

- ألا ترينني ظالماً ؟!

- كان حادثاً عرضيّاً ، وعُوقبت عليه لسنوات ، وعليك متابعة حياتك 


الجار بارتباك : ومالعمل الآن بعد أن أوهمت ابني بأنك زوجتي ؟!

سمى بجرأة : وانا لا أمانع ذلك .. وإن اردّت ، نكتب كتابنا غداً اثناء وجوده في المدرسة ، ونعيش معاً كعائلة .. كما أفكّر بتعيّنك في شركتي الصغيرة ، لحاجتي الى محاسبٍ ذكيّ مثلك ..

الجار باستغراب : لا افهم سبب اهتمامك بي !

- رغم تخرّجنا قبل عشر سنوات من الجامعة ، لكني لم أنسك يوماً


وهنا تذكّر انها كانت ضمن فريق دراسته ، وتذكّر إهتمامها الزائد الذي كان يثير غيرة حبيبته (زوجته السابقة) .. واستوعب سبب إهتمامها بإبنه طوال سنوات سجنه .. 

ولأنه عاطل عن العمل ، إضّطر للموافقة على عرضها دون اعتراض 

***


بعد اسبوعين من زواجهما .. إلتقت سمى بالصيّاد في المطعم ، لإعطائه ظرفاً من المال..

- تأخّرتي !! 

سمى : قطعت شهر العسل لألقاك ، فأنا وعدّتك بالمال بعد زواجي من حبيبي.. 

الصيّاد : كنت قلقاً أن تقبض الشرطة عليّ ، بعد وضعي رصاصات حقيقية في مسدس زوجك !


سمى بعصبية : كنت ستفضحنا !! أخبرتك أن تضع رصاصة واحدة ، لا خمسة .. جيد انني صعدت لإزالة بقيّة الرصاصات فور هروبه ، ووضعت بدالها رصاصات الصيد الصغيرة ، قبل أن تراني جارته الفضوليّة ..

الصيّاد : لم اكن اعرف انك جريئة لدرجة سحبك الرصاصة من رقبة القتيلة !


سمى بحزم ولؤم : 

- لم يكن صعباً ، فنصف الرصاصة خرجت من جلدها.. المهم إسمعني جيداً !! إن عرف احد انني تسبّبت بمقتل زوجته او علاقتي بك ، سأوكّل قاتلاً مأجوراً لقتلك 

- لا تقلقي ، سرّك في بئر يا عروس

وابتسما بمكر !


هناك تعليقان (2):

مسابقة الجدارة

تأليف : امل شانوحة منصبٌ رفيع إستوفى خمسة شباب شروط الوظيفة في شركةٍ مرموقة .. واجتمعوا في مكتب المدير العام (أغنى تجّار البلد) الذي قال لهم...