السبت، 14 مايو 2022

الطائر الإلكترونيّ

تأليف : امل شانوحة 

الحرب النوويّة


إستيقظ الإخوان الثلاثة باكراً على صوت مروحيّة وسيارات مُصفّحة تجوب قريتهم الروسية الصغيرة !

فنظرت الإخت (تاتيانا خرّيجة رياضيات) من نافذة الصالة العلويّة وهي تتساءل :

- مالذي حصل ؟! لما ارسلت الحكومة دوريات عسكريّة الى قريتنا؟

فردّ أخوها سيرغي (برمجة كمبيوتر) : كأنهم يبحثون عن شخصٍ ما !


وهنا لمحت شيئاً يتحرّك قرب سطح منزلهم ، فسألته :

- هل ذلك طائرٌ حقيقيّ ؟!

سيرغي : لا ! تبدو كلعبةٍ إلكترونيّة .. سأصعد السطح وأحاول مسكها


وبعد إحضارها منزلهم ، أخبر أخويّه بأنه وجد جهاز تنصّت في اللعبة المتطوّرة ! 

فأخذ أخوه الثاني (ديمتري ، خرّيج هندسة إتصالات) الطائر الإلكترونيّ لفحصه :

- يا الهي ! انه مُوصّل بالأقمار الصناعيّة

تاتيانا بقلق : أمتأكّد من ذلك ؟!


ديمتري : أظن العساكر تبحث عن اللعبة ، لقدرتها على تحديد الأماكن بدقة ، تماماً كرادار المخابرات

تاتيانا : إن كان كلامك صحيحاً ، فلما أرسلوها الى قريتنا الزراعيّة؟ 


فردّ أخوها سيرغي :

- وما يدريكِ إن اللعبة لم تتعمّد الوصول الينا بعد انتهاء بطاريتها .. فنحن المتعلّمين الوحيدين في هذه المنطقة النائية .. ولوّ لم نقرّر العودة لزيارة قبر والدينا ، لما حصلت هذه الصدفة ! 

ديمتري : لا ادري إن كان كلامك صحيحاً ! .. بجميع الأحوال دعونا نفحص اللعبة جيداً .. فهل تستطيع توصيلها بحاسوبك ، لمعرفة المعلومات المحتفظة في ذاكرتها ؟ 

سيرغي بحماس : سأفعل ذلك الآن 


في هذه الأثناء .. راقبت تاتيانا الوضع المتوتّر من النافذة ، قبل أن تقول بقلق :  

- تتوجّه الدبّابات الى هنا ! أتظنان إنهم يلاحقوا اللعبة بأجهزتهم اللاّسلكية ؟! 

سيرغي : إن كان كذلك ، فالأفضل الإستعجال بكشف المعلومات قبل وصولهم الينا !


لكن المعلومات لم تظهر على الحاسوب ، لوجود مسألةٌ رياضيّة مُعقّدة كمفتاح دخول (كلمة السرّ) .. 


وهنا جاء دور اختهم التي قامت بحلّ المسألة ببراعة ، وبزمنٍ قياسيّ ! 

ليكتشفوا بعدها السرّ الخطير الذي يحمله الطائر الإلكترونيّ : وهي إحداثيات القنبلة النوويّة الروسيّة ، الأضخم في العالم !


وقبل إستيعابهم ما حصل ! .. رأوا نوراً احمراً يخترق شرفة منزلهم ، ليصرخ الأخ الأكبر بفزع : 

- القنّاصة ! لنهرب للقبو فوراً !!


وماهي الا ثواني .. حتى تطايرت اغراض منزلهم ، بوابلٍ من الرصاص إنهال عليهم من جميع الجهات ! كسّرت معها النوافذ والأبواب .. وبالكاد هربوا وهم يحملون اللعبة والحاسوب المحمول الى القبو !

*** 


وما أن وصلوا هناك ، حتى سمعوا اقدام الجنود تجوب منزلهم الخشبيّ ! وهنا اشارت اللعبة بشعاعٍ اخضر نحو خزانةٍ حديديّة ، وهي تقول :

- بابٌ سرّي خلف الخزانة 


ولم يكن هناك وقتاً للتفكير ! وأسرع الأخوان بجرّ الخزانة .. ليتفاجأوا جميعاً بوجود سردابٍ تحت الأرض ، رغم سكن اهلهم في الكوخ منذ زواجهما (فهل علما بوجود السرداب ، ام حفراه لسببٍ ما ؟!).. 


وأنار الإخوة جوّالتهم ، قبل ركضهم في السرداب (بعد إعادة الخزانة مكانها) .. 

وفي منتصف الطريق ، تذكّر سيرغي انه نسيّ حاسوبه بالقبو ! لكنه مُضطّر لمتابعة المسير ، بعد إقتحام الجنود المكان ..

***


بحلول الظهر ، خرجوا من باب السرداب الطويل الى منتصف الغابة .. وقرّروا الإختباء فيها حتى المساء ، قبل هروبهم من القرية المحاصرة بالجنود والعسكر .. وسط رعب الأهالي ، والتكتّم الكبير من قبل المسؤولين والصحافة عمّا يجري هناك !

***


ما أن حلّ المساء ، حتى أشارت اللعبة بليزرٍ اخضر الى عمق الغابة .. فتتبّعوها وهي تحلّق فوق رؤوسهم ، الى أن حطّت على الأرض !

وحين اقتربوا منها ، شعروا أن الأرضيّة اسفل منهم حديديّة وليست ترابيّة! 

فأخذوا يحفرون ، ليجدوا بوّابة اخرى سرّية : بداخلها غرفةٍ صغيرة تحوي اجهزة كمبيوتر قديمة ! 

وهناك نطقت اللعبة : أوصلوني بالجهاز  !!


وفور توصيلها ، ظهر فيديو مُسجّل لرجلٍ في منتصف العمر يقول: 

((انا مدير المحطّة النوويّة الرئيسية لروسيا .. في حال لم يصل الطائر الإلكتروني لحرّاس الحدود ، فهذا يعني إن بطاريتها فرغت قبل إتمامها المهمّة .. وعليكم شحنها بالحال ، وإطلاقها من جديد .. وإن وجدتموها مُعطّلة ، فعليكم نسخ معلوماتها ورقيّاً .. قبل انتشار الفيروس الذي سيدمّر جميع الحواسيب العالميّة ، فيضيع مجهودنا لأعوامٍ طويلة)) 


وانتهت الرسالة ، لتقول اللعبة : 

- إضغطوا كلمة ابدأ (التي ظهرت على الشاشة) ..


وما أن فعلوا .. حتى ظهر العدّ التنازلي ، لمدة أقل من ساعةٍ واحدة! 

سيرغي بخوف : ماذا يعني هذا ؟ هل سينفجر شيء ؟!


وبعد مرور دقيقتين ، ظهر بثٌّ مباشر لرجلٍ يبتسم بخبث : 

((انا جاسوس امريكي ، فشلت في اقتحام المفاعل الروسيّ الرئيسي .. لهذا تعرّفت على مديرها العجوز وعزمته على بار .. وأهديته الطائر التقنيّ ، ونصحته بنقل جميع المعلومات المتعلّقة بالقنبلة النوويّة على ذاكرتها ، خوفاً من الإشاعة الكاذبة التي نشرها إعلامنا حول العالم عن فيروس الهكرز المدمّر .. ومن مراقبتي لتحرّكات الطائر ، علمت إن الغبي لم يشحنه جيداً ! لهذا لم يصل لعميلنا الخائن على الحدود .. لهذا وجّهت الطائر نحو بيتكم ، بعد أن أجريت بحثاً سريعاً لمعرفة المتعلّمين في القرية المتخلّفة .. وقد أدّيتم المهمّة جيداً بعد تشغيلكم المنصّة الروسية التي ستُطلق عدة صواريخ نوويّة دفعةً واحدة باتجاه مصانع النوويّ حول العالم مثل : كوريا الشمالية والهند والصين ، وبعض الدول الأوربيّة.. لتصبح روسيا المذنبة الوحيدة بتدميرها القارّة الآسيويّة والأوربيّة معاً ، والتي حتماً سيُعلن حكّامها الحرب البرّية والبحرية والجوّية على دولتكم ، بينما تبقى اميركا على الحياد .. وبعد تدميرهم روسيا تماماً ، نُصبح الدولة الوحيدة العظمى في العالم .. وآخر ما اريده منكم هو ...)) 


وقبل إكمال كلامه ، فصل ديمتري الطائر عن الشاشة .. لينقطع الإتصال 


تاتيانا باستنكار : لما فعلت ذلك ؟!

ديمتري بغيظ : سأسلّم اللعبة اللعينة لجيشنا !!

سيرغي بخوف : سيقتلوننا !

ديمتري : على الأقل نحمي العالم من حربٍ نوويّة مُدمّرة


وإذ بغازٍ سام يخرج من اللعبة دون علمهم ، لكونه غازٌ شفّاف !

وخلال ثواني ، سقط الإخوة الثلاثة موتى على الأرض .. 


وفور تأكّد الجاسوس الأمريكي بأن الصواريخ أُطلقت فعلاً من المصنع النوويّ الروسي باتجاه آسيا واوروبا ، حتى قام بتفجير الطائر الإلكرتوني داخل الحجرة السرّية في الغابة ، لتدمير الأدلّة المُدينة لأميركا .. دون علم الدول الكبرى بأنهم على موعدٍ مع الإبادة الجماعيّة خلال دقائق معدودة !


هناك 3 تعليقات:

  1. كان حلماً غريباً شاهدته قبل يومين : ((كأني ارى الدبابات والعساكر تتوجه الى بيتنا ، وبيدي طائر إلكترونيّ .. واخي يقول : ان في ذاكرته احداثيات القنبلة النوويّة الروسية)) فأردّت تحويل المنام لقصة خيال علمي ، أتمنى ان اكون نجحت في ذلك !

    ردحذف
  2. لافيكيا سنيورا

    قصه رائعه
    من كاتبه رائعه

    حتا احلامك صارت رائعه مخيفه

    .
    اه ونسيت اخبر
    مثلما احيانا تكتبين قصه من فكرة اختك اسما

    اكتبي هذه القصه من فكرة حلمي بالمنام .ههه


    لافيكيا سنيورا

    ردحذف
  3. حقا ووواو نعوذ بالله انه القهار

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...