الأحد، 14 مارس 2021

إختفاءٌ غامض !

 تأليف : امل شانوحة

البذرة الشيطانية


في ليلةٍ ماطرة .. إتصل ولدٌ بالشرطة ، قائلاً بحزن :

- أمي لا تردّ على جوالها ، وأبي أخبرني إنها في الجنة !  

الشرطي : هل كانت مريضة ؟

- لا ، ذهبا لإحضار العشاء .. وعاد دونها ! 

- متى حصل ذلك ؟

الولد : الإسبوع الماضي .. ما أقلقني انها أخبرتني قبل ذهابها : ((إن لم أعدّ سريعاً ، إتصل بالشرطة))

- هل كان والدك يضربها ؟

الولد : فقط حين يكون مخموراً 


الشرطي : ما اسمك بنيّ ؟

- جيمي 

-  وكم عمرك ؟

- 10 سنوات

- اين والدك الآن ؟

الولد : نائمٌ في غرفته 

- إعطني رقم جوّال امك 

فأعطاه رقمها ..

الشرطي : أحسنت ، هل يمكنك إعطائي رقم سيارة والدك ؟

- هي بالكراج .. إنتظرني قليلاً


بعد قليل .. أخبر الشرطي برقم لوحة سيارة ابيه البيضاء ونوعها .. 

الشرطي : حسناً جيمي .. هل أنت بإمانٍ الآن ، أمّ أرسل الشرطة لإخراجك من المنزل ؟

- كنت سأنام بعد قليل 

- حسناً .. عنوان منزلك ظاهرٌ عندي في الشاشة ، سنطمئن عليك لاحقاً ..الى اللقاء 

***


بعد انتهاء المكالمة .. شاهد الشرطي تسجيلات كاميرات الطرق القريبة من عنوان منزل الصبي طوال الإسبوع الماضي .. 


وكانت مراجعة الأشرطة سهلاً ، لأنهم يعيشون بحيٍّ هادىء ..الى أن لفت انتباهه سيارةً بيضاء متوجهة للغابة ، في الساعة العاشرة مساءً .. وحين قرّب الصورة : شاهد كأن المرأة تتشاجر مع السائق الذي سحب جوالها من يدها بعنف ، ورماه من النافذة ! ثم ابتعدت السيارة عن كاميرا الطريق 


وبعد تسريع الشريط .. خرجت السيارة ثانيةً من الغابة بعد ساعة ، باتجاه الطريق العام .. ولم تُظهر الكاميرا وجه السائق جيداً ، الذي أخفاه بالشال والقبعة والنظّارة السوداء .. كما لم تعد تتواجد المرأة بجانبه على المقعد الأماميّ !


فاتصل الشرطي بشركة الإتصالات ، وأعطاهم رقم جوّال الأم .. ليجد إن آخر مكالمة لها : هو إتصالها بالشرطة ، وهي تصرخ خائفة : 

((سيقتلني ، ساعدوني !!!)) ..

ليظهر صوت رجلٍ بجانبها :

((إتصلت بالشرطة يا غبية ؟! هاتي الجوّال))

وحصل شجاراً بينهما ، قبل انقطاع المكالمة !


وبتواصله مع فرع الشرطة الآخر : أخبروه انهم حاولوا تعقّب المكالمة ، لكن الإتصال كان قصيراً .. ولم يبلغ أحد عن إختفاء سيدة في الفترة الماضية !


فتوجّه الشرطي الى مكتب مديره ، لإطلاعه على المعلومات التي توصّل اليها .. فأمر بإرسال دوريّة الى بيت الوالد .. ووصلوا هناك مع تباشير الصباح (حيث كان منزله بأطراف المدينة)


وصُعق الوالد برؤية الشرطيين عند بابه في وقتٍ مبكّر ! 

وبعد جلوسهم في الصالة ، سأله أحدهما عن اختفاء زوجته ..

فأجابه بارتباك : 

- من أخبركم بذلك ؟!

فلم يرغبا بتوريط ابنه الذي راقبهم بجانب غرفته بخوف ..


الشرطي : أجب رجاءً على سؤالنا .. اين هي زوجتك ؟ 

- غائبة منذ اسبوع

- ولما لم تبلغ عن إختفائها ؟

الأب بحزن : خوفاً على ابني

- ماذا تقصد ؟

- إنتظرا قليلاً


ودخل غرفته .. ثم عاد ومعه صور لإبنه اثناء خروجه من المدرسة

وتنهّد بحزن : 

- كنت تشاجرت مع زوجتي عصر ذلك اليوم ، بعد عودتي من حفل صديقي مخموراً .. ونمت قليلاً .. لأستيقظ مساءً ، وأجدها مازالت حزينة .. فطلبت منها الذهاب معي لإحضار العشاء .. وما أن تحرّكنا بسيارتنا بضعة امتار ، حتى تفاجئنا بشخصٍ مقنّع يخرج من تحت المقاعد الخلفية ! واضعاً سكينه على رقبتي ، ويأمرني بالتوقف فوراً .. ظننته لصّاً .. وبعد نزولي ، قاد سيارتي مسرعاً نحو الغابة !


الشرطي : ولما لم تبلغ عن إختطاف زوجتك ؟!

- لأنه رمى هذه الصور في وجهي ، مُهدّداً بقتل ابني في حال أبلغت الشرطة .. كما أخبرني أن رجاله سيراقبون تحرّكاتي وهواتفي طوال الشهور الثلاثة القادمة .. وفي اليوم التالي وجدتُ سيارتي مركونة في موقف عملي ! وكانت تفوح منها رائحة المطهّرات التي يبدو انه استخدمها لمسح بصماته.. فعلمت انه قتلها ودفنها بالغابة .. لكني لم أجرأ على فعل شيء .. وأخبرت ابني بوفاة امه


الشرطي : سنتأكّد من كلامك .. الى ذلك الحين ، ممنوعٌ عليك السفر او الخروج من المنطقة .. كما سنراقب جوّالك وتحرّكاتك

- فهمت سيدي

***


لاحقاً .. إقترح مدير الشرطة مراقبة الطفل ايضاً .. 

وبعد ايام .. شاهد الشرطي (المراقب) الولد يكلّم رجلاً غريباً امام مدرسته ، ويعطيه صندوقاً من الشوكولا ! 

وفور رؤيته الشرطي يقترب منه ، حاول الفرار .. الا انه تمكّن من صعقه بالمسدس الكهربائي ، واقتياده الى مركز الشرطة  

***


في البداية أنكر الرجل علاقته بحادثة الإختطاف .. وأصرّ إن كلبه يحب اللعب مع جيمي ، وانه اعتاد إحضار الحلوى له من وقتٍ لآخر 

لكن بعد ظهور تقرير المختبر : بوجود سمٍّ قاتل محقوناً بكيك الشوكولا ، لم يعد باستطاعته نكران الأمر


المحقق : لما حاولت قتل الصغير ؟!

الرجل : ليشفى غليلي من والدته اللعينة

- وضّح أكثر !!

- كنّا حبيبين ، وألحّت عليّ بالزواج بعد حملها بإبني

المحقق باستغراب : لحظة ! هل جيمي ابنك ؟

- نعم .. ولأني فقير ، إضّطرت لسرقة مديري في المشغل .. لكن الكاميرات كشفتني ، فأبلغ الشرطة .. وترجّيتها كثيراً لإعادة المال ، لكيّ أساومه للعفو عني .. لكنها هربت بمال الخزنة الى هذه المدينة .. فسجُنت 10 سنوات .. وبعد خروجي ، بحثت عنها كثيراً الى أن عرفت انها تزوجت رجلاً غبياً ، إستطاعت إقناعه أن جيمي وُلد في شهره السابع ! 


المحقق : ألهذا قتلتها ؟

- كنت عاملاً نشيطاً ، وعلى وشك الترقية لأصبح رئيس العمّال .. فدمّرت سمعتي وسرقتني ، ونسبت ابني لغيري ! بالطبع سأفكّر بالإنتقام منها !!

المحقق : حسناً .. طالما اعترفت بذنبك ، ستذهب مع الشرطة الى الغابة لتدلّهم على مكان الجثة 

- رميتها قرب منطقة الدببة .. ستكون معجزة إن وجدتم اشلائها  

- رجالي أدرى بعملهم .. 


ثم نادى الشرطيان لأخذه الى مكان الجريمة .. وقبل خروجه من غرفة التحقيق ، قال بابتسامةٍ خبيثة :

- اساساً ما كانت لأنجح لولا مساعدة جيمي الصغير

فحاول المحقق الإستفسار عمّا قصده ، لكنه رفض الكلام !

*** 


وبعد ذهاب المجرم مع الشرطة ، إستدعى المحقّق الأب وابنه الصغير ..

وسأل الأب اولاً :

- لم نجد آثار خدشٍ في سيارتك ، فكيف برأيك إقتحمها الخاطف؟ 

الأب : ربما هو خبير بفتح الأقفال !

فسأل المحقق الولد : 

- جيمي ، كيف حصل المجرم على مفتاح سيارة والدك ؟

الأب باستغراب : سيدي ! ابني طفلٌ صغير


المحقق : دعه يجيب .. هل اعتاد زيارتك في المدرسة قبل اختفاء امك ؟ فالمراقب أخبرني انك ضحكت معه ، قبل أن يعطيك صندوق الشوكولا 

الولد بارتباك : أحببت اللعب مع كلبه الذي كان يُنزّههُ قرب مدرستي .. وفي يوم تبعني الى المنزل ، في الوقت الذي كان فيه ابي نائماً .. وطلب مني مفتاح سيارته .. لكني أحلف أنه أعاده إليّ سريعاً !! 


المحقق : تذكّر جيداً يا جيمي ، ماذا فعل بالمفتاح ؟

الولد : كان يحمل صندوقاً صغيراً .. ضغط المفتاح بداخله ، ثم أرجعه إليّ

المحقق : كما توقعت .. ضغط المفتاح في المعجون ، ليصُبّ عليه لاحقاً معدن الغاليوم المُنصهر لتحويله الى نسخة من المفتاح الأصلي


فصرخ الأب على ابنه معاتباً :

- ماذا فعلت يا غبي ؟!! أبعت امك لأجل علبة شوكولا ؟! هل حرمناك يوماً من الحلوى ! كمّ مرة أفهمناك الا تكلّم الغرباء !!!

 المحقق : بالحقيقة .. القاتل ليس غريباً عنه ، بل هو والده الحقيقي 

وأخبره عمّا فعلته زوجته قديماً ..


الأب بصدمة : يا الهي ! هي أقنعتني أنه وُلد قبل ميعاده ، وأنا الغبي لم اتأكّد من سجلاّت المستشفى .. (ثم وقف غاضباً).. اللعنة !! لا استطيع تحمّل كل هذا الغدر

المحقق : الى اين تذهب ؟!


الأب بحزن : اليوم عرفت إن زوجتي خائنة ، وإن جيمي ليس ابني ! ..وطوال الأسبوع الماضي لمتُ نفسي على خذلاني لها ، لأكتشف بأن القاتل هو عشيقها التي احتالت عليه سابقاً ! ..(ثم توجّه نحو الباب).. لا اريد علاقة بهذه العائلة اللعينة !!


المحقق : ماذا عن جيمي ؟!

الأب غاضباً : إرسلوا بذرته الشيطانية الى المدرسة العسكرية الداخلية ، فأنا لن أربّي إبن القاتل والخائنة !!

***


بعد سنوات .. وفي يوم تخرّجه من الجامعة العسكرية .. سأله صديقه:

- مبروك جيمي !! أخيراً تخرّجنا .. هل قرّرت أين ستتوظّف ، أم مازلت تفكّر بالأمر ؟ 

جيمي : سأعمل في السجن المركزي

- لماذا ؟!

جيمي بلؤم : لأتعرّف على قاتل امي عن قُرب

صديقه بقلق : إيّاك التورّط بشيءٍ غير قانوني ! 

- لا تخفّ ، سأحلّ مشكلةً عائلية قديمة 

- حسناً كما تشاء .. ألن تأتي للإحتفال معنا ؟

جيمي : لا ، سأرتّب أغراضي للعودة الى مدينتي 


وبعد ذهابه ، قال جيمي في نفسه :

((اولاً سأنتقم من ابي الحقيقي الذي حاول تسمّيمي ، بعد توريطي بمقتل والدتي .. ثم زوج امي الذي تخلّى عني ، بإزالة نسبهِ عن هويّتي (بعد فحص DNA)! ..وسأريهما كيف ستعذّبهما البذرة الشيطانية على نارٍ هادئة ، قبل التخلّص منهما للأبد !!!))

وابتسم بخبثٍ ومكر !

*****


ملاحظة :

طريقة صنع المفتاح بواسطة المعجون والغاليوم المنصهر :

https://www.youtube.com/watch?v=r47gJYPVKnk


هناك 5 تعليقات:

  1. قصه رائعه جدا
    جيمي ولد طيب شاب راح يغذب من عذبه
    غريب تصرف المراه
    وكل الاحترام لك استاذه امل
    نتمى قصص ذلت طابع رومانسي
    لاننا على ابواب الربيع مع المساعده منواختك اسمى

    ردحذف
  2. موفقة كالعادة أستاذة أمل شانوحة،
    قصة ممتعة و مشوقة بنكهة بوليسية
    أتمنى أن يأتي يوم وتتحول هذه القصص لسيناريوهات أفلام

    ردحذف
  3. اختي امل منذ امس وانا اقرأ قصصك الاقدم والاقدم حتا وصلت هون رغم انني قرأتهن بالسابق اثنا ماكنتي تنشري كل قصه .....ولكني استوقفت هون حتا اطالبك بجزء اخر للولد كيف سينتقم من ابوه ومن زوج والدته ....ولكني اعرف انك لن تكتبي جزء اخر إلا ان فكرتي من تلقاء نفسك

    ردحذف
    الردود
    1. احياناً حين أعجز عن إيجاد افكار جديدة ، اكتب جزء ثاني للقصص القديمة ذات النهايات المفتوحة .. فربما افعل يوماً ما بهذه القصة ، من يدري !

      حذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...