السبت، 1 يونيو 2024

البطولة الزائفة

تأليف : امل شانوحة 

النياشين الملعونة ! 


بعد إنهاء الشاب دراسته في إنجلترا ، عاد لأميركا للعيش في قصر العائلة .. فأخبرته الجدة عن تصرّفات زوجها التي تزداد غرابة كل يوم ! فهو يرفض البقاء في غرفته الواسعة ، ويصرّ على النوم بالخزانة او بيت الشجرة رغم صعوبة صعوده السلّم ! ودائماً يصرخ اثناء نومه وهو يطلب السماح من احدهم ، او يتوسّل لعدم إيذائه.. كما يقضي معظم وقته برسم رجلٍ آسيويّ في العلّية دون فهمها مشكلته ، لرفضه الحديث عن ماضيه !

ثم أمسكت يد حفيدها :

- بما انك المُفضّل لديه ، حاول معرفة ما يضايقه بالآونة الأخيرة.. ولما يرسم ذلك الرجل الآسيويّ أكثر من مرة ، حتى امتلأت العلّية بصور الشخص المجهول ؟!

- سأحاول يا جدتي

^^^


وصعد العلّية ، دون عثوره على جده .. وصار يتمعّن بالصور ، ليلاحظ انها ليست لنفس الشخص ! بل هناك فارق عمر بين الشباب الآسيويين المرسومين في الّلوحات.. يبدو اكثرهم من الجنود مع رسمة ضابطين ونقيب ، حسب الرتب المرسومة على بدلاتهم العسكريّة .. كما أن بعضهم لديه جروح في وجهه ، او عيوب خلقيّة تميّزه عن غيره !

فتمّتم بصوتٍ منخفض : هل جميعهم ضحايا حرب ؟! 


ليسمع صوت جده يقول من الخلف : 

- أحسنت !! انت الوحيد الذي لاحظ أنهم أكثر من شخص 

- آه جدي ! لم انتبه لقدومك .. (ثم اقترب منه).. هل بإمكانك إخباري عن الخمسين آسيويّ الذين رسمتهم ؟!

فتنهّد الجد بحزن : بل ٤٧ ، وهم الفيتناميين الذين قنّصتهم اثناء الحرب

الحفيد بصدمة : أكنت قنّاصاً يا جدي ! لم أكن اعرف انك خُضّت الحرب الأمريكيّة مع الفيتنام 

- لا احد يعلم ، ولا حتى جدتك

- اذاً انت قنّاصٌ بارع ورسامٌ محترفٌ ايضاً

الجد : مواهبي هي لعنتي ، بالإضافة لذاكرتي القويّة

الحفيد باستغراب : هي بالفعل قوية ، لتتذكّر ملامحهم المُتشابهة طيلة خمسين سنة !

- لأنهم بدأوا الظهور بالآونة الأخيرة ، كأنني قاربت من الوفاة ! والأسوء انهم يذكّرونني بموعد انتقامهم مني في عالم الأرواح

- لا تقلّ هذا يا جدي ..أطال الله عمرك


وهنا انتبه الحفيد على نياشين جده المُغبرّة في إحدى الصناديق..

- لما تهمل جوائزك يا جدي ؟! انت استحقّيتها بجدارة ، بعد قيامك بواجبك الوطني على أتمم وجه

الجد بقهر : بل هم الأبطال الحقيقيين الذين دافعوا عن مدنهم وقِراهم بكل شجاعة وبسالة ، ونحن من تطفّلنا على بلادهم المُسالمة

- الهذا تُخبئ نياشينك ، بدل التفاخر بها ؟!

الجد : وبماذا اتفاخر ؟ أبقتليّ الأبرياء ! مازلت أذكر كيف هجمت كتيبتي على قرية مليئة بالنساء والأطفال والعجائز ، إعتدوا عليهم جميعاً قبل تعذيبهم حتى الموت ..نحن الجنود الغوغائيين ، وليسوا هم .. ورغم ان ضميري يؤنّبني حتى اليوم ، إلاّ ان هذا لم يشفع لي عند اشباح هؤلاء الأبطال ..(وأشار الى لوحاته) .. الذين يُظهرون غضبهم في كوابيسي !  


الحفيد : ألهذا تنام بالخزانة وبيت الشجرة ؟!

- أختار اماكن ضيّقة ، كيّ لا يجتمعوا حولي.. فهم يتوعّدون بحرقي بتلك النياشين التي حاولت بالأيام الماضية التخلّص منها ، لأتفاجأ بعودتها للعلّية !

الحفيد بصدمة : أتقصد انك رميتها من قبل ؟!

- بل أحرقتها بالمدفأة ، ورميتها بالنهر ، ودفنتها بالحديقة ..لكنها تعود للظهور هنا ! وكأنها ادوات تعذيبي بالآخرة .. لهذا اريدك ان تتخلّص منها فور وفاتي .. لا تسمح لأحد ان يراها ، أوعدني بذلك !!

- أعدك يا جدي

***


لم تمضي اسابيع ، حتى توفيّ الجد بنوبةٍ قلبيّة .. وأقيمت الجنازة بتجمّع الأهل والأصدقاء في المقبرة ، لحضور مراسم الدفن.. 

وقبل طمره .. فاجأتهم الجدة برميها النياشين فوق تابوت زوجها ، وهي تقول بفخر:

- كان والدكم وجدكم مُقاتلاً بحرب الفيتنام .. وهذا سرّه الذي علمته من صديقه قبل سنوات وأخفيته عنه ، لتواضعه بالحديث عن بطولاته.. وأظنه بحاجة ميداليّاته عند حسابه بالآخرة 

فقال الحفيد في نفسه ، بضيق : 

((ماذا فعلتي يا جدتي ! لقد رميّت ادوات التعذيب لأشباح اعدائه))

ولم يستطع فعل شيء ، سوى متابعة الحانوتي وهو يدفن التابوت !


وبعد ذهابهم جميعاً ، إنحنى الحفيد فوق القبر .. ليسمع اشخاصاً تتحدّث بلغةٍ غريبة ، تبدو فيتناميّة ! وأحدهم (يبدو قائدهم) يتكلّم مع جثة جده بلغةٍ إنجليزية رقيقة ، وهو يقول غاضباً :

- وعدناك ان تكون تلك النياشين لعنةً عليك .. هيا يا رفاق !! سخنّوا الميداليات الذهبيّة لكويّ اصابع وعيون القنّاص اللعين الذي لولا قتله لنا ، لما سقطت قُرانا بأيدي زملائه القذرين !!


لتعلو معها صرخة الجد المتألمة التي ارعبت كيان الحفيد الذي ركض عائداً للقصر ، وهو قلقٌ على مصير جده العالق بين ارواحٍ غاضبة !


هناك 13 تعليقًا:

  1. ظلوا يزيفون التاريخ مءات السنين ..لولا ما كتبه الكتاب والشهود ..ما علمنا شيء ..كمجازر الكيماوي بالخليج .. وكثير غيرها ..
    وهذا حمل اصحاب المحابر الثقيل ..
    فاحفظي ودوني لمن لم يشهد..

    ردحذف
    الردود
    1. الله وحده يعلم كم من الحقائق زيّفوها حتى الآن .. قرأت البارحة معلومة : ان معظم المعلومات العلميّة في المدارس حول العالم خاطئة .. وأن 5 بالمئة من الناس فقط ، درسوا العلوم الحقيقية ! كم هذا محزن

      حذف
  2. كان مفروض على الحفيد أن يعيد حفر القبر ويزيل النياشين لإنقاذ جده من العذاب

    ردحذف
    الردود
    1. بالنهاية هو مجرم حرب ، وعليه نيل عقابه

      حذف
  3. بالضبط أخذ جزائه لا أعرف لماذا كل الأجانب يحاولوا أجبارنا على التعاطف مع وحوش قذرا شخص يستمتع بعذاب الأخرين ليس شئ يمكن التغاضي عنه أبدا البطل الذي يفعل الصواب دون أهتمامك للعواقب
    مثل جندي قال على ريديت أنه قتل أحد زملائه بسبب أنه مغتصب

    ردحذف
  4. عندي سؤال أنسة أمل شانوحة أحاول أن أكتب قصة على موقع الكابوس لاكني لا. أجد الكلمات المناسبة حيث أخشى أن ترفض بسبب أنها سيئا لغوية كما أنه كوميديا أسمها
    قرية الملاعين
    هي قصة بقاء على قيد الحياة حيث يجبر شاب عربي على مواجهة قرية من القتلة المجانيين الأمريكيين
    وضعت في القصة الكثير من التكتيكات الواقعية الذكية والقتال الواقعية ألذي يسمح للجميع بالقتل بتساوي كما أخطط لجعلها لجزئين بيت العائلة السعيد والحصار
    بأختصار أمسيت أيام وأنا أبحث وأقراء ولا أسوء شعور أن يرفض عملك
    فماذا أفعل وهل حتى القصص الكوميديا ترفض على موقع الكابوس

    ردحذف
    الردود
    1. اظنهم نشروا مرة قصة كوميدية ، وأعجبت القرّاء .. هم يهمّهم ان تكون حبكتها والحوار مُقنعة ، وفكرتها جديدة وغير مستهلكة .. إرسلها لهم .. وفي حال رفضوها ، اسألهم عن السبب .. لا اظنهم سيرفضوها فقط لأنها كوميدية .. حاول ، لن تخسر شيئاً

      حذف
  5. ليش تزعليني منك ..؟
    يعني شو قصدك هلئ ، الفيتناميين والكوريين والصينين واليابانين متشابهين؟😠
    طيب هاني مغنيه فيتناميه من فرقة نيوجينز ، فيها ذرة شبه من بقية الدول الاسيويه🤨
    ومينجو من فرقة ايليت كوريه تشبه هاني؟
    او جيني من بلاك بينك ، او وونيونغ من آيف او سانا من توايس .. ايدول من مختلف الجنسيات .. يتشابهون؟؟ لااا
    لعد ليش تقولون عليهن يتشابهون؟؟
    زعلت منك وما اقبل باعتذراك الا بهديه ، بدي قصة رعب عشان اسامحك🥺

    ردحذف
    الردود
    1. عند مشاهدة مسلسلاتهم ، الفرق الوحيد بين البطل وعدوه هو صبغة الشعر !
      لم اتابع سوى مسلسل ياباني قديم بالثمانينات ، اسمه اوشين .. عن طفلة عملت خادمة طوال حياتها الى ان اصبحت من اثرياء اليابان ، وهي قصة حقيقية في منتهى الروعة ..

      المهم .. سأحاول غداً بإذن الله نشر قصة عن الخيال العلمي .. لا ادري ان كانت القصة التي تليها مخيفة ام لا

      حذف
    2. ضحكتيني😂 .. يعني هسه هذا الفرق الوحيده الي بينهم🙂
      سامعه عنها اوشين .. بس ما شايفه المسلسل ..
      شنوو؟؟!! هيك زعلي ما مهم عندك؟
      طيب خلي الي بعدها قصة رعب
      ما ، ما اقبل بغير شي ، بدي قصة رعبب
      بدييي قصةةة رعببب😭😭 ، ولا راح احرمكم من طلتي البهيه😂

      حذف
    3. سأحاول ان شاء الله ان تكون القصة التي بعدها رعب .. تكرمي عيونك (كما يقولون باللبناني)

      حذف
  6. اوشين يا امل .. 😭لله درك ..كان هذا المسلسل نواة الاساس لاكتءاب الجيل كله ..
    الان فقط بطل العجب ..
    واطمءننت على مستقبلنا الحالك لا محاله ..مادمتي تجترين لنا بؤس الثمانينات والتسعينات 😭

    ردحذف
    الردود
    1. يبدو ان مسلسل اوشين عُرض بكافة القنوات العربية ! ورغم كل الكآبة بمسلسلات الثمانينات ، الا اننا عشنا اجمل طفولة بألعابنا البسيطة وبمجموعة من الرسوم المتحركة وبرامج الأطفال الهادفة ، بعكس هذه الأيام التي انحصرت طفولتهم بالجوالات والحواسيب !

      حذف

كيك المستقبل

كتابة : امل شانوحة توأم الروح إعتاد شاب (في الثلاثين من عمره ، والمُتخرّج من معهد الكمبيوتر) على الإستيقاظ ظهراً بعد انتقاله لشقته الصغيرة ،...