الخميس، 25 سبتمبر 2025

المسابقة الفلكية

تأليف : امل شانوحة 

 

إنتقام الأبراج 12


إستيقظ رجلٌ في غابةٍ مهملة ، دون علمه كيف ومتى وصل اليها ؟! واثناء تخبّطه بالظلام وهو يسير فوق الأعشاب اليابسة ، رأى شرارة نارٍ من بعيد ! فظن انها رحلةً كشفيّة .. فتوجه صوب النور.. ليتفاجأ بالنار تشتعل بثواني في كل مكان ، كأن احدهم صبّ بنزينٍ هناك.. وقبل استيعابه ما حصل ! حاصرته النيران من كل جهة ، بعد ان أُضيئت الغابة بلهيبها المُستعرّ .. فصار يستنجد بعلوّ صوته ، قبل احتراقه حيّاً ! 

^^^


في مكانٍ آخر .. وجدت امرأة نفسها ، مُقيّدة بالسلاسل في وادٍ بارد! 

وكرةٌ ثلجيّة تتدحرج باتجاهها.. وكلما نزلت من الجبل الجليديّ ، تضاعف حجمها ! 

فصرخت السيدة بهستيريا ، خوفاً ان تُسحق اسفل الكرة الضخمة !

^^^


وفي مكانٍ آخر.. وجد شخصٌ نفسه يمشي في قريةٍ شعبيّة ، وهو يسمع همساتٍ في كل زاوية من اكواخها المتهالكة ! وعندما دقّق النظر (من الإضاءة الخافتة بالشارع) وجد الأهالي يشيرون اليه من بعيد ، وهم ينادونه باستحقار :

- مالذي اتى باللقيط الى هنا ؟!

ولدٌ صغير : امي !! اليس ذلك الشخص هو الطفل الذي وجدوه بحاوية النفايات ؟

- كان ينقصنا ابن الحرام ليزور قريتنا الشريفة


وتعليقاتٌ اخرى مسيئة ، بينما هو يتمّتم باستغراب :

- كيف عرفوا عن نشأتي في دار الأيتام ، بنسبٍ غير معروف ؟! ..لم اخبر احداً بماضيّ ، فكيف انتشرت بهذه القرية التي لم ازرّها بحياتي !


ثم سارع بالتغلّغل بين سنابل الذرة هرباً من الحارس الذي لاحقه ، لطرده من القرية التي ترفض وجوده بينهم !   

^^^


وشابٌ آخر وجد نفسه بالصحراء ، وهو يشعر بعطشٍ شديد.. وبهذه اللحظات العصيبة ، شاهد حبيبته القديمة (من بعيد) تشرب من ماء الواحة .. وكلما ركض اليها ، ابتعدت مع الواحة عنه ! 

فظنّ برؤيته سراباً ، بعد إصابته بهلوسةٍ عاطفيّة من حرارة الشمس.. ومع ذلك ظلّ يناديها بيأس : 

- رجاءً لا تتركيني !! آسف لقطع علاقتي بك ؟ .. عودي اليّ !! اكاد اموت من دونك 

^^^


بينما رجلٌ آخر : وجد نفسه عالقاً بكواليس مسرحٍ مليء بأسلاكٍ كهربائيّة لأنوار الإضاءة والكاميرات.. وهو يسمع المذيع ينادي اسمه ، لاستلام جائزته التكريميّة امام جمهورٍ يُصفّق بحرارة .. لكنه عالقٌ في مكانه ! كأن الأسلاك لُفّت حول قدميه ، لعرقلة حركته .. 

ثم سمع المذيع يقول : 

- يبدو انه لم يأتي لحفلتنا ، إذاً سنُسلّم جائزته للسيد ... 

وما أن سمع اسم الشخص الآخر ، حتى كاد يُصاب بالجنون !

^^^


وشابٌ آخر ، وجد نفسه امام قاضي المحكمة ! وهو لا يدري ما ذنبه ، ولما هو بقفص الإتهام ! .. قبل سماعه الحكم النهائي : بتنظيفه السجن كل يوم ، دون تحديد موعد لإطلاق سراحه   

فصرخ غاضباً ، وهو يُخاطب القاضي :

- انا لم افعل شيئاً ، لأستحق هذا العقاب القذر !! سيدي رجاءً ، هناك خطأ في الموضوع .. اريد محامياً ، لإستئناف الحكم الجائر!!!


وظلّ يعترض ..الى ان زُجّ في زنزانته الوسخة ، بجانب ادوات التنظيف التي سيستخدمها منذ الغد وحتى آخر عمره ! 

^^^


رجلٌ آخر : وجد نفسه بمتاهة مليئة بالمرايا المختلفة ، كل مرآةٍ تعكس شكله بهيئةٍ مشوّهة ! وهو لا يذكر آخر مرة ذهب فيها للملاهي .. 

وازداد رعبه بعد سماعه مسؤول الملاهي ينادي لآخر مرة قبل إغلاقه البوّابة ، وهو مازال عالقاً بالمتاهة الزجاجيّة ! 

قبل صراخه الهستيريّ ، بعد إنطفاء الأنوار الداخليّة .. لتتحوّل انعكاسات المرايا الى اشكالٍ غير بشريّة ، كادت تصيبه بسكتةٍ قلبية! 

^^^


اما السيدة : فاستفاقت داخل حفرةٍ عميقةٍ مظلمة ، تبدو كقبر او بئرٍ قيد الإنشاء على بُعد امتارٍ عميقة من السطح ! 

فصرخت بعلوّ صوتها ، لإنقاذها من ورطتها .. لتُفاجأ بترابٍ يُرمى عليها ، من مجرفة شخصٍ مُقنّع بالأعلى .. كأنه يحاول دفنها حيّة ! 

دون علمها بكيفيّة وقوعها ضحيّةً له ، وسبب رغبته الملحّة بقتلها دون رحمة ؟!

^^^


شابٌ آخر : وجد نفسه مُقيّد بشجرة ، وهو يلبس درعاً سميكاً (كالمُستخدم بالحروب الصليبيّة) ..فحاول فكّ قيوده ، ليتفاجأ بعشرات الأسهم تُطلق عليه من فوق الجبل .. كل سهمٍ اصاب بذلته الحديديّة ، كاسراً جزءاً من درعه .. الى ان حطّم إحداها قناعه الصلب الذي يحمي وجهه ! 

ثم توقف كل شيء ، كأنهم يستعدون لإطلاق دفعةٍ ثانية من الأسهم الحادة .. فصرخ بعلوّ صوته ، طلباً للنجدة .. بعد ان اصبح موته وشيكاً ، دون درعه الواقي 

^^^


اما الصبيّة : فوجدت نفسها مُقيدة فوق أرضٍ جافة ، وهي مُكمّمة الفم .. وحولها شخصٌ مُقنّع يقوم ببناء حجزٍ دائريّ ! بوضعه الطوب حول ضحيّته ، مع طبقة من الإسمنت ، لجعله حصناً منيعاً .. 

فحاولت فكّ وثاقها والصراخ من خلف القماشة التي تُغلق فمها ، قبل إكتمال بنائه الذي سيكتم انفاسها تماماً .. دون فهمها سبب حقده عليها لهذه الدرجة!

^^^


في مكانٍ آخر .. تفاجأ شاب برسائل كثيرة على ايميله ، مليئة بالشتائم والتهديدات : مُرسلة من الأقارب والغرباء ، يدّعون تحرشّه بالأطفال ! 

ورغم الإشاعة الكاذبة ! الا انه حاول القفز من نافذة شقته (بالطابق العاشر) بعد سماعه الشرطة تُحاول اقتحام بيته ، عقب علمهم بالتهمة المنسوبة اليه .. رغم غموض مصدر الإشاعة والهدف منها !  

^^^


رجلٌ آخر ، تعطّلت سيارته بمنتصف الطريق العام .. ليتفاجأ باختفاء جميع السيارت من حوله ، بعد محاصرته بالضباب الذي حوّل النهار لظلمةٍ مخيفة ! 


ومن بعدها ، ظهرت اعينٌ حمراء حول سيارته التي اهتزّت بعنف ، كأنهم يحرّكونها بأيديهم الخفيّة .. وهم يلومونه على ذنبه مع خطيبته السابقة ! 

ورغم استغرابه من معرفة تلك الكائنات الغريبة لحياته الخاصة ! الا انه اعتذر منهم عن سوء معاملة حبيبته ، خوفاً من اقتحامهم سيارته!

***


وبعد تلك التجارب الغريبة ! بدأت الضحايا 12 بالإستيقاظ الواحد تلوّ الآخر .. بعد قيام اعدائهم بإزالة خوذة الواقع الإفتراضي عن رؤوسهم (التي جعلتهم يعيشون تلك الحوادث الغامضة ، باستخدام الذكاء الإصطناعي) .. 

فكل ما حصل للضحايا (المُقيدين على كراسيهم ، داخل مستودعٍ مهجور) كان فيلماً نفسيّاً من اختيار اعدائهم ، حسب الإنتقام الملائم لأبراجهم 12 !


وبعد إزالة الحواجز كاتمة الصوت بين الضحايا 12(كيّ لا يسمعوا صراخ بعضهم اثناء المسابقة) سمعوا رجلاً غامضاً من مكبّر الصوت : 

- كنت وضعت اعلاناً بالإنترنت : عن تصميمي خوذةً ذكيّة تُعاقب نفسيّاً المُذنبين ، حسب برج من ظلموه .. وبالفعل استطعت ايجاد 12 شخصاً من ابراجٍ مختلفة ، لديهم مشاكل معكم .. فقام حرّاسي بخطفكم وتخديركم .. ثم وضعوا الخوذات على رؤوسكم ، التي جعلتكم تعيشون تلك الآلام والمخاوف الخيالية .. والآن سأدع كل برج يعاتب غريمه .. فلنبدأ بك ، يا برج الحمل !!


فأزال الرجل القناع عن وجهه ، امام ظالمه ..وهو يسأله بغيظ :

- هل تذكّرتني ؟

الرجل المقيّد على الكرسي : طبعاً ! انت صديقي الذي سعى لإنجاح شركتي

عدوه بعصبية : تقصد شركتنا !! فما عشته داخل خوذتك (الواقع الإفتراضي) لم يكن كابوساً عادياً.. بل اخترته بنفسي ، ليكون عقابك النفسيّ على ما فعلته بي .. فقد أمضيت عاميّن بالتنقّل بين مكاتب التجّار الأثرياء ، للحصول على دعمهم الماديّ لشركتنا الحديثة.. وماذا فعلت انت ؟!! طردتني من الإدارة ، فور نجاح منتجنا بالسوق ! رغم معرفتك بصفاتي كبرج الحمل ، وكرهي الشديد للتجاهل.. لهذا اخترت النار كعقابٍ لك 

- وكدّتُ اموت رعباً ، بعد شعوري بحرارة الغابة المحترقة !

- النار تُشبه غضبي بعد استهانتك بجهودي .. ورغم رؤيتي لمعاناتك النفسيّة (بالواقع الإفتراضي) من خلال الشاشة العملاقة ، إلاّ ان ذلك لم يشفي غليلي .. فعقاب الحمل يكون مباشراً وعلنيّاً !! لهذا سأفضح شركتك بالأوراق الرسميّة التي مازالت معي ، والتي تؤكّد إختراعي للمنتج الناجح بالسوق 

- رجاءً لا تفعل ! سأعيد شراكتنا من جديد

- اذاً فليكن ، النصف بالنصف !!

- بل الثلث لثلثيّن .. فأنا طوّرت الشركة كثيراً ، بالعام الذي غبت فيه

ففكّر عدوه قليلاً :

- حسناً ، موافق .. سيكون لي ثلث الأرباح.. وغداً نوقّع اوراق العقد.. وإلا أحلف ان ما شاهدته بالخوذة الإلكترونيّة سيتحوّل لحقيقة ، وأحرقك حيّاً !!

- سأفعل كل ما يرضيك.. رجاءً فكّ وثاقي


وبذلك انتهى عذاب الضحيّة الأولى بسلام ، داخل المستودع المهجور

^^^


اما المرأة التي كادت تُسحق بكرة الثلج ، فكان طليقها هو من اختار عقوبتها .. والتي ما ان رأته يبتسم بلؤم ، حتى صرخت غاضبة :

- أهذا انت ايها الحقير ؟!! لما جعلتني اعيش ذلك الرعب الذي بدى حقيقياً ؟ حتى انني شعرت بالبرد ، رغم كوننا بفصل الصيف !

طليقها بحنق : أتسألين ايضاً ؟! ..انا برج الثور ، واهم شيئاً عندي هو الإستقرار.. وماذا فعلتي انت ؟! خنتني مع شابٍ بعمر ابننا الكبير ، ايتها الفاسقة !! لهذا اخترت كرة الثلج ، لغضبي المُتراكم عليك منذ اسابيع !!

- أهذا سبب طلاقك لي ، قبل شهرين ؟! لم اكن اعرف انك كشفت السرّ!

طليقها بعصبية : ورغم فراقنا ، لم استردّ سمعتي المُهانة.. وكنت نويت عدم فضحك امام اولادنا الثلاثة .. لكن طالما توظّفتي قبل ايام ، فسأحرمك من مصروف النفقة

طليقته بقلق : لكن ابنائك بحاجة لمال الدراسة ، ومصاريف النادي و..

مقاطعاً بحزم : اولادي سيتربّون معي !! 

طليقته باكية : لا رجاءً ، لا استطيع العيش دونهم

- يمكنك الإنجاب ثانيةً من صديقك المراهق

- قطعت علاقتي به ، احلف لك !!

- انت الآن بين قراريّن : اما التنازل عن حضانة اولادي ، او فضحك امام عائلتك واصدقائك

فوافقت على طلبه ، وهي منهارة بالبكاء

^^^


اما الشخص الذي ارعبه معرفة اهل القرية بماضيه ! فوجد نفسه بمواجهة مع زميله (من برج الجوزاء) الذي قال بضيق :

- انت تعلم ان اكثر شيءٍ يستفزّني هو الإستهانة بذكائي .. وانت أهنتني امام مديري .. وادّعيت سرقتي لقصتك ، كونها أحد عاداتي السيئة منذ صداقتنا المدرسيّة ! وبسببك طُردّت من دار النشر .. وطالما ألفت اشاعةً مسيئة بحقي ، قرّرت عقابك بفضح ماضيك الذي لا يعرفه احدٌ سوايّ.. إخبرني الآن ، كيف هو شعور الظلم ؟.. لا يُطاق ، اليس كذلك ؟

- سامحني يا صديقي

فردّ غاضباً : لست صديقك !! ولا اريد معرفتك بعد الآن .. انا اتأسّف على سنوات دراستنا معاً .. فأنت قضيت على ذكريات مراهقتنا ، بعد نسب كتابي بإسمك ! اتمنى ان يكون ما عشته من الم الفضيحة بالواقع الإفتراضي ، رادعاً من تشويهك سمعة الآخرين وسرقة مجهوداتهم الفكريّة 

- اعدك بأن لا اظلم احداً بعد اليوم 


واكتفى برج الجوزاء بسماع توبة ضحيّته .. مع رفضه اعادة اواصر الصداقة ، بعد  فقد ثقته به تماماً

^^^


بينما استيقظ الشاب الرابع بعد رشّ الصبيّة الماء على وجهه ، وهي تسأله ساخرة : 

- أمازلت ظمِئاً يا عزيزي ؟

- حبيبتي ! أهذه انت ؟ كنت الهث خلفك كسرابٍ بالصحراء ، حتى اوشكت على الموت عطشاً 

الصبية بحنق : وهكذا ستعيش لما تبقى من حياتك .. ستبحث عني في كل امرأة تقابلها ، دون ان تجدني .. فلا مثيل لعاطفة السرطان الحنونة .. وهذا عقابك على اهانتي امام عائلتي .. لذلك اخترت لك ، عطشاً لا يُروى !! 

وتركته يبكي ، وخرجت من المستودع مقهورة

^^^


واستفاق الرجل الآخر ، وهو يرى عدوه امامه :

- أهذا انت ؟!

فردّ غاضباً : انت سرقت فكرتي المبدعة ، مُدّعياً انك صاحب الإعلان الناجح ! وانا من برج الأسد !! وأعشق الأضواء .. والأسوء انك لم تكتفي بسرقة جهودي ، بل استهنت بخطابي امام العملاء ! لهذا عاقبتك بالعرقلة في الكواليس ، وانت تسمع المذيع يُسلّمني الجائزة بدلاً منك .. والآن ما شعورك عندما يتعدّى الآخرون على حقوقك ؟

- اعتذر يا صديقي 

- لم نعد اصدقاء !! وسأكون حذراً بالتعامل معك .. وغلطةٌ اخرى ، سأحبسك بالظلام للأبد .. أسمعت ؟!!


فسكت وهو يشعر بالقلق ، امام تهديد زميله الذي مازال يشتعل غضباً !

^^^


وهنا استيقظ الشاب الآخر : وهو يشعر بالقذارة بعد امضائه جزءاً من عقوبته ، وهو ينظّف حمامات السجن (بالعالم الإفتراضي) التي لوّثت كرامته.. ليجد مديره السابق يعاتبه قائلاً :

- بسبب اهمالك بتنظيف غرفة مسؤولٍ مهم ، تمّ ازالة نجمتيّن من فندقي المعروف لسنوات بنظافته المميزة ، واهتمامي بكل تفاصيله .. فأنا برج العذراء ، واهم شيئاً عندي هو النظافة والترتيب .. لتأتي انت وتشوّه سمعتي بدقائق !! لهذا عاقبتك بتنظيف السجون ، لتعرف معنى القذارة الحقيقية

- سامحني سيدي ، كنت مريضاً ذلك اليوم .. وكان العجوز السياسيّ سكراناً ، ولم يكن لديّ طاقة لتنظيف اوساخه  

المدير : كان عليك طلب المساعدة من عاملٍ آخر ، لا ان تشتمه على قذارته وتضربه بالممسحة على رأسه ! ولولا هروبك من الفندق ، لزجّ بك في السجن بعد استيقاظه من سكره .. لأعاقب انا بذنبك ، وينخفض عدد الزوّار المهمّين لفندقي بسبب تصرّفك المتهوّر !! لذا احمد ربك انني اكتفيت بعقابك النفسيّ بالواقع الإفتراضي ، والا لأجبرتك على تنظيف دورات مياه فندقي لشهورٍ طويلة بالمجّان!!


فسكت العامل وهو يشعر بالإحراج امام مديره القديم 

^^^


اما الرجل الآخر ، فوجد زوجته السابقة تقول :

- كيف شعورك وانت عالق بمتاهة المرايا ، بعد تشويهك سمعتي امام عائلتي ؟ 

- لا تلوميني ! فأنت لم تتحمّلي زوجتي الثانية ، وطلبت الطلاق

- كنت اشترطّت عليك منذ البداية ، العدل بيننا.. فأنا برج الميزان ، ولا أتحمّل الظلم .. لكنك أصرّيت على النوم عندها ، بعطل الإسبوع!

- وبقيّة الأيام لك

طليقته غاضبة : وما نفع ايام الدوام ؟ فأنت تعود مرهقاً بأخر النهار ، تأكل وتنام .. حتى انك لا تتحمّل حواري معي ، لأكثر من ساعة ! بينما تستمتع بعطلتك مع زوجتك الجديدة ، بين المنتزهات والمطاعم ! ..وهذا ليس عدلاً !! .. ولم تكتفي بذلك ! بل اخبرت عائلتي بأني نكديّة ، مع اني لم اجادلك يوماً او اضغط عليك بالطلبات .. لهذا اخترت عقوبتك : بتشويه انعكاسك ، لرؤية ما عانيته معك .. ايها الظالم المستبدّ!!

فطأطأ رأسه مُتأسّفاً !

^^^


اما المرأة الأخرى : فوجدت طليقها امامها ، وعيونه تشتعل غضباً! 

فارتعدت رعباً ، لمعرفتها بقساوته العنيفة .. فهو من برج العقرب .. وقد رأت عقابه المخيف من خلال الواقع الإفتراضيّ : فهو لم يكتفي برميها في بئرٍ مظلم ، بل حاول دفنها حيّة ! 

وعندما سأله الصوت :

- لما انت صامتٌ هكذا ؟ الن تعاتبها على خطئها معك ؟ 

فقال الرجل وهو يحاول كتم غضبه بصعوبة : 

- أجّلني لنهاية المسابقة ، لوّ سمحت

الصوت : كما تشاء.. اذاً سننتقل للتجربة التي بعدها

^^^


وأزال الشاب الآخر الخوذة عن رأسه وهو يتفحّص جسمه ، خوفاً من اختراقها بالأسهم الحادة ..

لتقول الصبية التي امامه :

- لا تقلق ، كانت خدعةً إلكترونيّة

- أهذا انتِ ؟!

- انا برج القوس ، وأهم شيءٌ عندي هو الحرّية.. فنحن تعرّفنا على الطائرة ، اثناء عملي كمضيفة طيران.. ووعدتني بعد الزواج ، بمتابعة عملي .. لكنك حبستني بمنزلك لشهورٍ طويلة !

زوجها : بسبب خروجك المتكرّر دون اذني 

- لأني اختنق بين جدران المنزل !! انت كبتّ حرّيتي .. لهذا عاقبتك بالسهام التي اخترقت درعك المتين ، المُصنّع من العادات التقليدية .. ما شعورك وانت مُكبّلٌ هناك ، بانتظار سهمٍ يخترق قلبك ؟ أمرٌ مُحبطٌ ولا شكّ.. فأنا عشت معك ، كعصفورٍ سجين !   

- حسناً ، كما تشائين .. عندما نخرج من هنا ، سنحدّد موعداً للطلاق

فأخرجت اوراقاً رسميّة من حقيبتها ، وهي تقول :

- المحامي كتب عقد طلاقنا ، كل ما عليك فعله هو التوقيع هنا .. هيا امسك القلم


وحاول تأجيل الموضوع ، ريثما يخرجان من المستودع المهجور .. لكنها هدّدته بتجربةٍ نفسيّةٍ اخرى ، أشدّ قسّوة من السهام.. مما اجبره على التوقيع .. لتخرج مسرورة من المستودع ، بعد حصولها على حرّيتها اخيراً

^^^


ثم استفاقت الصبية الأخرى ، لتجد حبيبها القديم امامها :

- أأنت من بنيت السور حولي ، لقتلي خنقاً ؟!

فأجابها بلؤم : او جوعاً وعطشاً ، ايهما اقرب

- ولما كل هذا الحقد ؟!

- انا برج الجدي ، واهم شيئاً عندي هو كرامتي .. ومع ذلك فضحتِ اسراري الخاصة امام اصدقائنا ، بحفل رأس السنة !

- كنت سكرانة ، لم انتبه على لساني

- وشاركتهم الضحك الساخر عليّ !.. لذلك اخترت معاقبتك ، بالحبس في حصنٍ لا يُكسر

- اعتذر منك ، لن اكرّرها ثانيةً

- ومن قال انني سأسمح بتكرارها ؟!!

- ماذا تقصد ؟!

- سنخرج من هنا ، كعدويّن .. لا اريد رؤيتكِ ثانيةً !!


فوافقت على الإنفصال رغم حبها له ، بعد خوفها من الإنتقام الذي اختاره بهذه اللعبة الإلكترونية !

^^^


بهذا الوقت ..إستيقظ الشاب الآخر ، ليجد زوجته تقول :

- هل قبضت الشرطة عليك ، ايها المتحرّش الهارب ؟

- ماهذه اللعبة السخيفة ؟!! كيف سمحت لهم بتخديري ، وتقيدي بهذا المستودع العفن ؟!! 

زوجته بلؤم : بل خدّرتك بنفسي ، وأحضرتك نائماً الى هنا .. بعد قراءتي إعلان المسابقة بالإنترنت

- ولما كل هذا الحقد ؟!

- انا برج الدلو !! وأكره الغرور والظلم الذي تُعامل به كل من حولك : سواءً الخدم او والديّك العاجزين ، او استحقارك لشحاذي الشارع .. وطالما انا هاكر محترفة ، فاخترت عقابك الكترونياً .. كيف شعورك الآن ، بعد انقلاب الجميع عليك ؟ الم تشعر بالظلم من اشاعةٍ كاذبة ؟ ربما سيجعلك ذلك تفكّر مرتين ، قبل اساءتك للضعفاء

زوجها مُهدّداً : هذه اللعبة ستكون سبب فراقنا 

- وهذا ما اردّته بالضبط ، ايها الظالم المُتعجرف !!

^^^


اما المتسابق الأخير ، فوجد نفسه امام زوجته السابقة : 

- أهذا انتِ ؟! اشتقت لك..

مقاطعة بعصبية : إجلس مكانك !! مستحيل السماح لك باحتضاني بعد ان اخبرت الجميع بأني عاقر ، رغم انه قرارك بتأجيل الخِلفة .. مع علمك بعشقي للأطفال ، وهو سبب خلافاتي المتكرّرة معك 

- انا آسف .. كنت مُغتاظاً من انفصالك عني ، رغم عشقي الكبير لك 


فأخذت نفساً عميقاً ، قبل ان تقول بقهر : 

- أتدري ؟ كان قرارك صائباً بعدم انجاب الأطفال .. فبخلك وطباعك القاسية صعبٌ تحمّلها .. عدا عن استخفافك بعطائي الحنون ! فأنا برج الحوت ، وأكره النقد اللاذع .. لهذا جعلتك تعيش تجربة الضباب وملاحقة العيون الحادّة ، كما حصل مع محيطي بعد تصديقهم كذبتك اللعينة التي أضاعت فرصة زواجي الثاني ، وولادة طفلٍ بعد تجاوزي الأربعين ! 

- سامحيني رجاءً .. انا مستعد للإعتذار لك امام الجميع

- بعد خسارتي الأمومة ، لا شيء يعوّضني .. وعقابك سيكون ، ببحثك عن بديلٍ لي طوال حياتك .. وسأخبرك منذ الآن ، انه مستحيل إيجادك أحنّ وألطف من برج الحوت 


وخرجت من المستودع .. تاركةً زوجها السابق يشعر بمرارة فقده لإنسانةٍ مُخلصة ، قهرها بسوء إدراكه لحساسيتها المُرهفة ! 

^^^


وهنا ظهر الصوت من جديد : 

- وهكذا تمّ عقابكم ، حسب إنتقام الأبراج

العقرب مقاطعاً :

- انا لم أُنهي عملي بعد !!

الصوت : آه ! نسيتك .. تفضّل !! هاهي زوجتك امامك ، والتي اخترت رميها ببئرٍ عميق


فاقترب من زوجته بعيونه الحادة :

- أتعلمين لما اخترت دفنك حيّة باللعبة الإلكترونيّة ؟

زوجته بقلق : لماذا ؟!


فأخرج جواله ، ليريها صورتها مع عشيقها في غرفة نومه !

فارتعدت خوفاً :

- هو كان حبيبي ، قبل زواجي بك .. وفاجأني بزيارته اثناء سفرك  

صارخاً بغضبٍ شديد : وفوراً خنتني ، دون التفكير بعواقب فعلتك !!

- سامحني رجاءً .. سأعتذر منك امام الجميع .. وان اردّت الإنفصال ، نتطلّق بالحال.. لكن دعني اذهب من هنا


وحاولت النهوض عن كرسيها .. لكنه أجلسها بعنف ، وهو يقول بلؤم:

- العقرب لا يغفر ابداً !!


ليرتفع أزيز ستة طلقاتٍ من مسدسه ، اخترقت جسدها.. كاسراً قواعد التجربة النفسيّة التي تحوّلت لجريمةٍ حقيقية .. وسط صدمة المشتركين ! بما فيهم المسؤول (صاحب الصوت) الذي سمح للقاتل بالخروج من مستودعه ، تاركاً جثة زوجته الخائنة ورائه ! 


واكتفى الصوت بالقول :

- عودوا الى بيوتكم ، وسيقوم مساعدي بدفن الجثة


فأسرعوا جميعاً بالخروج من المستودع المهجور .. بينما قال صاحب المسابقة لمساعده ، وهو يُطفئ الكاميرات : 

- في المرة القادمة ، فتّشوا المشتركين جيداً .. فنحن هنا لتأديب المُخطئين ، لا لارتكاب الجرائم !

- حاضر سيدي

- والآن إذهب لدفن السيدة خلف المستودع .. ودعنا نهرب من هنا ، قبل وصول الخبر للشرطة 


وبذلك انتهت اغرب مسابقة إنتقاميّة ، حسب عقليّة الأبراج ال12 ! 


هناك 3 تعليقات:

  1. هذه من القصص الفخورة بها ، اتمنى ان تعجبكم

    ردحذف
  2. نهاية برج العقرب معقولة لكن برجي هو العقرب ومع ذلك أجد نفسي حنونة وعطوفة حتى على من يسيء إلي وأسامحه بسرعة دون أن أشعر
    أمر متناقض 🤔

    ردحذف
    الردود
    1. اعتقد الرجل العقرب (المذكور بالقصة) هو اشد قسوة من المرأة العقرب .. حسب طبائع الأشخاص الذين اعرفهم من هذا البرج

      حذف

البرامج الذكية

تأليف : امل شانوحة  الجهل الإلكتروني في غرفة محادثةٍ سرّية بين العقول الإلكترونيّة الثلاثة : برنامج (ChatGPT) و(Copilot) و(Gemini) تناقشوا ف...