تأليف : امل شانوحة
جزيرة الأثرياء
في جزيرة آسيويةٍ صغيرة ، ليس فيها سوى فندق الأثرياء الفخم .. بكى الحارس في مكتب المدير ، طالباً إجازة عاجلة لرؤية زوجته وطفله اللذيّن يحتضران بعد حادثٍ مروريّ .. لكن المدير بغطرسته رفض طلبه !
***
بعد يومين ، تلقّى الحارس نبأ وفاة عائلته ! لكنه لم يبكي او يثور غاضباً .. بل اكتفى بإبلاغ المدير : بتلغيمه بوّابة الفندق بعد تعطيله برج الإتصالات ، وإيقافه تدفّق المياه ، وإلغائه سفينة المؤن القادمة..
تاركاً المدير بموقفٍ حرج امام نزلائه الثلاثين من نخبة العالم : وزراء فاسدون ، ورجال أعمال متورّطون ، وسياسيون خانوا أوطانهم !
اما الحارس : فسرق يختاً فاخراً ، وغادر الجزيرة بصمت !
تاركاً النزلاء يواجهون موتاً بطيئاً مع الطعام المحدود بالفندق
***
في اليوم الأول الذي ابلغ فيه المدير : الخدم والموظفين والنزلاء بالحادثة ، حصل هرجٌ ومرج بينهم ! حيث لاموه على رفضه اعطاء الحارس إجازةٍ قصيرة ، مما جعلهم ضحايا لإنتقامه المتهوّر !
***
بعد اسبوع .. زاد الرعب بينهم ، لأن معظمهم قدِمَ للإجازة سرّاً .. مع علمهم أن لا احد تحت سلطتهم ، سيفتقد غيابهم !
ولأن الطعام بدأ ينفذ في مطبخ الفندق ، تحوّل الأثرياء لوحوشٍ حقيقية .. فلم تعد السكاكين أدوات طبخ ، بل أدوات تصفية للموظفين والخدم الذين لا يستحقوا مشاركة طعام السادة !
***
وفي الإسبوع الثاني .. اضّطروا لشرب مياه المسبح بطعم الكلور ، بعد نفاذ خزّانات المياه الموصلة الى غرفهم
وأصبحت الخدمات بينهم بالمقايضة بما تبقى من حصصهم الغذائية ، بعد ان فقد المال قيمته داخل جدران الفندق المغلق
وبسبب قلّة المياه ، إنتشرت رائحةٌ قذرة بكل الغرف ، وأصبح الجوّ ملوّثاً داخل الفندق .. مما اجبرهم على النوم في حديقة الفندق بجانب المسبح ، وهم يحاولون التدفئة في ليالي الجزيرة الساحليّة الباردة
***
بنهاية الشهر .. اندلعت حربٌ أخيرة بين الأثرياء المُنهارين (الذين لم يموتوا من نقص الأدوية ، فمعظمهم من كبار السن) وما تبقى من الموظفين ..
ليفوز بالنهاية : خادم وموظف الإستقبال والطبّاخ السمين الذين كتبوا على سطح الفندق بالصلصة :
((لم يبقى سوى 3 مساكين بالفندق))
^^^
بهذه الأثناء .. كان الحارس يقود قاربه المسروق ، لمعرفة مصير النزلاء.. وعندما لمح العبارة من بعيد ، قبل وصوله للجزيرة .. قرّر إنقاذ الناجين الثلاثة الذي أخبرهم بعدم تلغيمه البوّابة من الأساس .. وانه اوهم المدير بذلك ، للإنتقام منه ..
فلم يصدقوا بأن معاناتهم كانت خدعةً رخيصة ! وانهالوا ضرباً على الحارس ، حتى اردوه قتيلاً
بعدها قادوا سفينته ، عائدين للمدينة .. دون اكتراثهم بتحلّل الجثث بالفندق الذي تمّ اغلاقه لاحقاً من الحكومة التي قرّرت إخفاء الجريمة عن وسائل الإعلام والمواطنين الذين لم يتساءلوا عن رحيل الأثرياء المُفاجئ !
ليصبح الفندق مهجوراً ، مليئاً بصرخاتٍ مكبوتة لم يسمعها احد !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق