الثلاثاء، 30 سبتمبر 2025

الفندق الملغم

تأليف : امل شانوحة 

جزيرة الأثرياء


في جزيرة آسيويةٍ صغيرة ، ليس فيها سوى فندق الأثرياء الفخم .. بكى الحارس في مكتب المدير ، طالباً إجازة عاجلة لرؤية زوجته وطفله اللذيّن يحتضران بعد حادثٍ مروريّ .. لكن المدير بغطرسته رفض طلبه !

***


بعد يومين ، تلقّى الحارس نبأ وفاة عائلته ! لكنه لم يبكي او يثور غاضباً .. بل اكتفى بإبلاغ المدير : بتلغيمه بوّابة الفندق بعد تعطيله برج الإتصالات ، وإيقافه تدفّق المياه ، وإلغائه سفينة المؤن القادمة.. 

تاركاً المدير بموقفٍ حرج امام نزلائه الثلاثين من نخبة العالم : وزراء فاسدون ، ورجال أعمال متورّطون ، وسياسيون خانوا أوطانهم !


اما الحارس : فسرق يختاً فاخراً ، وغادر الجزيرة بصمت ! 

تاركاً النزلاء يواجهون موتاً بطيئاً مع الطعام المحدود بالفندق

***


في اليوم الأول الذي ابلغ فيه المدير : الخدم والموظفين والنزلاء بالحادثة ، حصل هرجٌ ومرج بينهم ! حيث لاموه على رفضه اعطاء الحارس إجازةٍ قصيرة ، مما جعلهم ضحايا لإنتقامه المتهوّر !

***


بعد اسبوع .. زاد الرعب بينهم ، لأن معظمهم قدِمَ للإجازة سرّاً .. مع علمهم أن لا احد تحت سلطتهم ، سيفتقد غيابهم !


ولأن الطعام بدأ ينفذ في مطبخ الفندق ، تحوّل الأثرياء لوحوشٍ حقيقية .. فلم تعد السكاكين أدوات طبخ ، بل أدوات تصفية للموظفين والخدم الذين لا يستحقوا مشاركة طعام السادة !

***


وفي الإسبوع الثاني .. اضّطروا لشرب مياه المسبح بطعم الكلور ، بعد نفاذ خزّانات المياه الموصلة الى غرفهم 

وأصبحت الخدمات بينهم بالمقايضة بما تبقى من حصصهم الغذائية ، بعد ان فقد المال قيمته داخل جدران الفندق المغلق 


وبسبب قلّة المياه ، إنتشرت رائحةٌ قذرة بكل الغرف ، وأصبح الجوّ ملوّثاً داخل الفندق .. مما اجبرهم على النوم في حديقة الفندق بجانب المسبح ، وهم يحاولون التدفئة في ليالي الجزيرة الساحليّة الباردة 

***


بنهاية الشهر .. اندلعت حربٌ أخيرة بين الأثرياء المُنهارين (الذين لم يموتوا من نقص الأدوية ، فمعظمهم من كبار السن) وما تبقى من الموظفين .. 

ليفوز بالنهاية : خادم وموظف الإستقبال والطبّاخ السمين الذين كتبوا على سطح الفندق بالصلصة : 

((لم يبقى سوى 3 مساكين بالفندق))

^^^


بهذه الأثناء .. كان الحارس يقود قاربه المسروق ، لمعرفة مصير النزلاء.. وعندما لمح العبارة من بعيد ، قبل وصوله للجزيرة .. قرّر إنقاذ الناجين الثلاثة الذي أخبرهم بعدم تلغيمه البوّابة من الأساس .. وانه اوهم المدير بذلك ، للإنتقام منه .. 

فلم يصدقوا بأن معاناتهم كانت خدعةً رخيصة ! وانهالوا ضرباً على الحارس ، حتى اردوه قتيلاً 


بعدها قادوا سفينته ، عائدين للمدينة .. دون اكتراثهم بتحلّل الجثث بالفندق الذي تمّ اغلاقه لاحقاً من الحكومة التي قرّرت إخفاء الجريمة عن وسائل الإعلام والمواطنين الذين لم يتساءلوا عن رحيل الأثرياء المُفاجئ ! 

ليصبح الفندق مهجوراً ، مليئاً بصرخاتٍ مكبوتة لم يسمعها احد !


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

البرامج الذكية

تأليف : امل شانوحة  الجهل الإلكتروني في غرفة محادثةٍ سرّية بين العقول الإلكترونيّة الثلاثة : برنامج (ChatGPT) و(Copilot) و(Gemini) تناقشوا ف...