تأليف : امل شانوحة
حوار الأدمغة
في مختبرٍ سرّي اسفل المدينة .. إنشغل العالم بكتابة معادلةٍ مُعقّدة على السبّورة التي تشابكت ارقامها ، دون إيجاده الحلّ النهائي الذي يمكنه بواسطته تطوير الذكاء الإصطناعي ليُشابه العبقرية البشريّة !
فتنهّد بضيق وهو يقول :
- عجزت انا وزملائي عن حلّ اللغز .. ربما الجواب بعقول من رحلوا!
وبعد شعوره باليأس ، اغلق المختبر ورحل
^^^
لكن شيئاً غريباً حصل هذه الليلة ! فالمعادلة الغامضة (على السبّورة المواجهة للخزانة التي تحوي خمسة مرطبانات : فيها ادمغة خمسة من عباقرة العالم ، والمحفوظة بمحلولها الكيميائيّ) اثارت الجدال بينهم !
فدماغ تشارلز داروين (المعروف بذكائه الطبيعيّ) إقترح على زملائه :
- أرى ان الحلّ يكمن بالتطوّرات الطبيعية
فردّ عليه عقل ألبرت آينشتاين (المميّز بذكائه المنطقي) :
- لا اظن ، فالمعادلة ينقصها بُعداً زمانيّ .. لنحلّها بالنسبيّة
فاعترض آلان تورنغ (المشهور بذكائه التكنولوجيّ) :
- انتما من العصور المتخلّفة ! فالحاسوب سيحولّ المعادلة لخوارزمية ، تحلّها في ثواني
ليتدخل ليوناردو دافنشي (صاحب الذكاء الإبداعيّ) :
- لوّ الجواب بالتقنية الحديثة ، لما صعبت على العالم الذي حاول حلّها لأسابيع .. برأيّ عليه الإهتمام بجماليّة التناغم بين المعادلتيّن المتعاكستيّن
بينما كيم بيك (المعروف بذاكرته الخارقة) كان له رأياً آخر :
- هي معادلة واحدة يا ليوناردو ، لكنها تتكرّر بصيغٍ مختلفة ! والإجابة البديهية : هي 23,3280 .. لكنها تحتاج لتعديلٍ أخير !
^^^
واشتعل النقاش بينهم طوال الليل ، كل واحدٍ يسحب المعادلة باتجاه زاويته الخاصة : المنطق ضد الحدس ، الطبيعة ضد التقنية ، والذاكرة ضد الإبداع.. الى ان توصلوا للصيغة النهائية التي ظهرت على السبّورة مع بزوغ الفجر ! والتي كادت تصيب العالم بسكتةٍ قلبية ، فهو الوحيد الذي يعلم بمكان المختبر السرّي
وأخذ يُراجع الحلّ مراراً ، وهو لا يصدّق عبقرية المعادلة النهائيّة التي تبدو منطقية للغاية !
وفجأة ! سقط على الأرض بعد سماعه اصواتٍ مُختلفة ، صادرة من المرطبانات الحافظة :
- أمعقول انت وزملائكم لم تجدوا هذا الحلّ البسيط !
- إخفض صوتك ! الا تراه يرتجف كورقة خريف ؟
- رجاءً تماسك يا بنيّ !! فالعلم لا يتوقف عند الموت
ليُسارع العالم بالهرب من المختبر ، الذي تم إقفاله بالشمع الأحمر من الحكومة بعد استيلائها على المعادلة الثوريّة !
***
بعد شهور ، امتلأ المختبر المهجور بالغبار !
فعادت الأدمغة للشجار ثانيةً ، وهم يلومون بعضهم على التدخل بعالم الأحياء .. مما سيتسبّب بتلفهم داخل المرطبانات المُهملة !
داروين بندم : نحن نستحق هذا الإهمال بعد مخالفتنا قوانين الطبيعة
آينشتاين : كلامك صحيح ، فقد تجاوزنا حدود الزمن
تورينغ : أفسدنا عقل العالم الذي ربما يتعالج نفسيّاً مما حصل !
دافنشي بحزن : وشوّهنا جمال المختبر !
كيم بيك غاضباً : عُرفت بذاكرتي الجبّارة ، وهآ انا أُنسى وأتحللّ ببطء داخل مرطباني اللعين !!
لكنهم صمتوا فجأة ! بعد انشقاق ارضيّة المختبر ، وخروج كائنٌ اخضر لديه خمسة رؤوس .. توجه نحوهم ، لوضع كل دماغٍ في إحدى رؤوسه
وبعدها قال بحماس :
- هآ انا ملكت عقل داروين ومنطق آينشتاين وتكنولوجيا تورنغ وفطرة دافنشي وذاكرة بيك… إمتلكتُ الذكاء البشري بكل وجوهه ، وأصبحت مستعداً لتحدّي ابليس على العرش الملكي .. فمردة الجن اولى بحكم العالم السفليّ من الشياطين القذرين !!
ثم نزل لباطن الأرض ، سارقاً عقولاً عبقريّة ستساعده مُجبرة على الإنقلاب على الشياطين اولاً ، قبل تحويله عالم البشريّة لجحيمٍ حقيقيّ !
هذه من القصص الفخورة بها ، اتمنى ان تعجبكم
ردحذفبرأي الذكاء الاصطناعي يجب ان يزول لأنه مصيبة للبشرية
ردحذفان استمرّ بهذه القوة ، فستنتهي موهبة الكتابة ، كما انتهت موهبة الرسم بسببه .. كان الله في العون !
حذف