الاثنين، 14 فبراير 2022

محبوب الجماهير

تأليف : امل شانوحة 

 

العاشق الحزين


صعد نجم نائل في عالم الغناء بوقتٍ قياسيّ ، لعذوبة صوته وصدق مشاعره بالأغاني الرومنسية الحزينة.. حيث تميّز بعينيه الدامعتين اثناء غنائه مقاطع عن غدر الحبيب وآلام القلب بنبرةٍ مُنكسرة لشخصٍ مقهور رغم كونه رجلاً وسيماً حصد العديد من الجوائز في بداية مشواره الفنّي ، وكسب ثروةً ضخمة ، وتزوج من عارضة ازياءٍ مشهورة ، وأنجب منها طفلةً جميلة .. واعتبره الناس محظوظاً على كافة الأصعدة ، لهذا تفاجأوا بخبر طلاقه ، رغم ظهورهما مغرمين في المجلّات والصحافة الإلكترونيّة! 


وبعد حصول زوجته على حضانة ابنته الوحيدة ، رفض الحديث عن حياته الشخصيّة بكافة المقابلات التلفازيّة .. لهذا تردّد بقبول دعوة مذيعة ماهرة بسحب إعترافات المشاهير ..

وبعد اصرارها على مقابلة النجم الصاعد وحبيب الجماهير ، وافق وهو قلق من اسئلتها التي ستُعرض على الهواء مباشرةً..


ومرّت المقابلة بسلام ، الى أن سألته عن إصراره باختيار الأغاني الحزينة ؟ وهل هي بسبب خلافاته السرّية مع طليقته قبل الإنفصال؟

فأجابها بقهر : إخترت الكلمات المناسبة لقصتي مع حبيبتي الأولى

فسألته بصدمة : أيعقل أن هناك من كسرت قلب معشوق النساء ؟!

فتنهّد بضيق : نعم ، واحدة


(( بهذه اللحظة .. عادت ذاكرته للماضي ، ومرّ شريط ذكرياته امام عينيه:

ففي بداية شهرته ، تمّ دعوته للغناء في حفلة ستار أكاديمي .. وبعد مشاهدته عدة حلقات من البرنامج .. لفتّت نظره مشتركة تدعى سلوى بابتسامتها البريئة وخفّة ظلّها .. فوافق على مقابلة النجوم الصاعدة ، وهو يأمل الفوز بعلاقةٍ سريعة مع الفتاة الجميلة


حين وصل الى هناك .. تجمّع الطلبة حوله وهم متحمّسين لرؤية فنانهم المميز الذي انشغل باله لعدم وجود سلوى في الإجتماع ! 

فأخبروه أنها خرجت قبل ساعة لرؤية والدها القادم من السفر .. 

فشعر نائل بخيبة امل ! دون إظهار مشاعره للطلاّب ، خاصة للفتيات المتحمّسات لرؤيته .. 


وبعد قليل ، وصلت سلوى مُعتذرةً عن التأخير .. فأراد المغني حضنها ، كما فعل مع البقيّة .. لكنها أبعدته بأدب ، مُكتفيةً بالسلام باليد .. ثم جلست بعيداً عنه .. 

فأخذ يراقب حركاتها الهادئة ، بعكس الفتيات المجتمعات حوله وهنّ يغنين بصوتٍ مرتفع ، ويرقصن بشكلٍ مغري للفت انظار الشاب الوسيم .. بينما التزمت سلوى بأدبها وابتسامتها الخجولة .. 

فسألها نائل : 

- أخبروني انك تألّفين الأغاني ؟

سلوى بخجل : بعض المقاطع القصيرة

- إسمعيني إحداها


فتوجهت للبيانو لعزف مقطعٍ قصير ، أعجبه على الفور ! فطلب شرائه منها .. فأخبرته أنه هديتها المتواضعة له


وطوال الزيارة ، حاول التقرّب منها .. لكنها تعمّدت الوقوف خلف الطلبة ، بعد ملاحظتها نظرات الغيرة من زميلاتها ..ولأنها لا تحب المشاكل ، أبقت مسافة بينهما

 

بعد انتهاء المقابلة .. نزل نائل الأدراج برفقة المشتركين ، بينما اكتفت سلوى بتوديعه من أعلى السلّم 

فنادها نائل :

- إلبسي معطفك يا سلوى ، فالجوّ بارد خارج الأكاديميّة 

فسألته إحداهن بغيرة : 

- هل ستخرجان في نزهة ؟!

نائل : اريدها أن تُسمع الإدراة مقطعها ، لربما حوّلناه لأغنية في البرايم 

 

وبعد توديع الفنان المشتركين ، خرج برفقة سلوى .. ليوقفها قبل دخولهما مكتب الإدارة ، بمكانٍ لا يوجد فيه كاميرات : 

- كذبت على رفاقك ، اريد إستئذان الإدارة لأخذك للعشاء في مطعمٍ قريب من هنا .. فهل توافقين ؟

سلوى بقلق : بشرط !! حضور المصوّرين معنا 

نائل : أفضّل البقاء وحدنا ، للحديث عن مستقبلك الفنّي

فردّت بارتباك : بصراحة لا أثق.. 

مقاطعاً : لا تثقين بي !

سلوى بإحراج : وجودنا بمفردنا ، سيُغضب عائلتي

نائل بضيق : حسناً ، سأطلب تصويرنا عن بعد ..

فوافقت بتردّد ..

***


في المطعم .. أخبرها انه قدم الأكاديميّة لرؤيتها بعد إعجابه بتصرّفاتها الّلبقة مع زملائها ومعلّميها .. وأخذ يحدّثها عن مشاريعه القادمة .. ويسألها عن ماضيها وأحلامها المستقبليّة ، وهو يراقب تصرّفاتها وطريقة أكلها واسلوب تفكيرها .. لتنجح بعد ساعتين بجميع إختباراته النفسيّة الذكيّة 


وحين سألها ممازحاً بالذهاب معه الى فلّته ؟ 

وقفت للبس معطفها ، وقد بدى الإنزعاج عليها ! قائلةً بعصبية : 

- تأخّر الوقت ، رجاءً أعدني .. 

مقاطعاً : هل أغضبتك ؟

فقالت بضيق : لست من الفتيات الرخيصات اللآتي تضيّع وقتك معهن 

فتضايق من كلامها : 

- إن كنت تريني من النوع اللعوب ، فدعي المصوّرين يعيدوك للأكاديميّة  

سلوى بتحدّي : كما تشاء !!

***


ومرّت ايام على الخلاف بينهما ، وقبل يوم من حفلة البرايم .. تفاجأت سلوى بعقاب الإدراة : بمنعها من المشاركة بالحفلة ، بحجّة طبخها آخر الليل ! 

فلم تردّ مجادلتهم ، لمعرفتها بأن المغني المغرور ضغط عليهم لعقابها بعد رفضها له !

وقد احزنها توزيع اغانيها على زميلاتها بعد تدرّبها عليها طوال الإسبوع ، رغم تفوّقها بالغناء على جميع المشتركين ! 


وبعد نزولهم الحفل ، بقيت وحدها بالأكاديميّة .. فقرّرت تأليف اغنية على البيانو .. 


وخلال ساعتين ، استطاعت تأليف الكلمات والّلحن .. وأخذت تغني الأغنية بطربٍ شديد (واضعةً عصابة حول عينيها ، مُتخيّلةً نفسها تغني اغنيتها الجديدة امام الجماهير) دون علمها بأن الإدارة تنقل عزفها مباشرةً امام الجمهور الذي يراقب نائل وهو يتوجّه اليها ، حاملاً الورود .. والذي اشار للكاميرا بعد إخبارها بوجوده ، رغبةً بسماع أغنيتها الجديدة 


وجلس على الكرسي لمشاهدة عزفها فوق المسرح .. قبل إزالتها العصابة عن عينيها ، بعد سماعها تصفيقه بنهاية الأغنية ! 


وما أن رأته حتى علمت بأن الإدارة دبّرت لقائهما ، بعد موافقتها على طلب نائل بعدم إذاعة حديثهما السرّي ..


واثناء استمرار عرض الحفل للجماهير ، طلب نائل الزواج من سلوى بعد اشتياقه لها في الأيام الماضية ..

فأجابت بارتباك : إن وافق اهلي ، فلا مانع لديّ يا نانو ..

- نانو ! أهذا لقبي الجديد 

فابتسمت بخجل .. وانتهى اللقاء بحضنٍ دافىء قبل وداعهما ..

***


لكن حلمهما انتهى ، بعد رفض والدها الزواج من مغني معروفاً عنه بأنه (زير نساء) .. ورغم تأكيد نائل بعدم خيانة سلوى طوال حياته ، إلاّ أن والدها أصرّ على تركها البرنامج رغم نجاحها الكبير فيه ! 

فودّعت رفاقها والمعلّمين بالدموع ، بعد أن أجبرها والدها على الزواج من ابن صاحبه والسفر معه للخارج !

 

وجاء الخبر صادماً لنائل الذي شعر بغدرها ، لعدم رفضها العريس والدفاع عن حبهما البريء ! 

ومن يومها تحوّلت اغانيه للحزينة البائسة ، رغم نجاحه السابق بالأغاني الرومنسيّة المرحة))  


وهنا عاد نائل للواقع بعد سؤال المذيعة :

- هل كان ستار أكاديمي نقطة تحوّل بحياتك العاطفيّة ؟ 

نائل بحزم : رجاءً غيّري الموضوع 

المذيعة بإصرار : هل سامحتها ؟ 

نائل بألم : لم يعدّ يهم .. 

المذيعة : سؤال اخير .. هل نسيتها ؟  

نائل بنبرةٍ حزينة : ولا يومٍ واحد .. أيمكننا التوقف قليلاً ؟ 

فأعلنت المذيعة للمشاهدين : وقفة مع الإعلان !! 

ليظهر نائل وهو يرتشف الماء بيدٍ مرتجفة ، محاولاً التماسك قدر المستطاع !

***


وانتشر المقطع على وسائل التواصل الإجتماعي ، وتضامن معجبيه مع تجربته الحزينة.. وتمنّوا لوّ باستطاعتهم جمعه مع حبيبته الأولى ، وهم غير واثقين إن كان يقصد سلوى ام غيرها !

***


بعد مرور عام على المقابلة .. وبعد انتهائه من إحياء حفلة زفاف بالفندق ، صعد الى غرفته لتغير ملابسه قبل العودة لمنزله .. 

فسمع طرقاً على بابه ، وظنّ انه مدير اعماله .. 

ليجد سيدة تقول له :

- كيف حالك يا نانو ؟

نائل بصدمة : سلوى ! اهذا انت ؟

- لا الومك لعدم معرفتي ، فقد كبرت عشرين سنة بزواجي من ذلك الوحش

نائل بقلق : هل اذاك ؟!

- كان رجلاً معقّداً نفسيّاً ، عشت معه اسوء سنوات حياتي ..وتطلّقنا قبل شهرين بعد حصوله على وصاية ابني الرضيع

- آسف ! لم اكن اعرف

سلوى : وانا ايضاً تفاجأت بطلاقك ، فقد بدوت سعيداً معها !

- كنّا نمثّل امام الصحافة ، فهي لا يهمّها سوى المال والشهرة


ثم عمّ الصمت بينهما ، فيما عدا نظراتهما الدامعة .. فقطعت السكون  بسؤاله عن مقابلته المشهورة :

- أكنت تقصدني ؟

نائل بقهر : نعم ، من غيرك كسر قلبي

- الم تسامحني بعد ؟!

- انت لم تدافعي عن حبنا !

سلوى : صدّقني ، قاومت لآخر لحظة .. أتعلم انني وقفت على حافّة الشرفة ، مُهدّدة والدي بالإنتحار إن لم اتزوجك ؟ ..لكنه سحبني بعنف ..ولولا وصول العريس واهله ، لما توقف عن ضربي .. رحمه الله ، كان اباً عنيفاً


نائل بصدمة : هل مات ؟!

- قبل عامين ، وللآن لم اسامحه على تدميره حياتي ...

- أتدري انني زرته في عمله لأترجّاه أن يغيّر قراره ، لكنه طردني امام الموظفين !

سلوى بحزن : حسابه عند ربه .. وإن كنت تراني ظالمة ، فالله انتقم لك بزواجي من رجلٍ ساديّ يهوى الضرب والشتائم

- لم اتمنى أذيّتك ابداً


وعمّ الصمت مجدّداً ، الى أن قالت :

- آسفة ..اعرف انك متعب من حفلة العرس ، اتيت فقط لتوديعك

نائل : لحظة لا تذهبي !!

- ماذا تريد ؟!

- طالما كلانا مطلّقين ، فلما لا نتزوج ؟

سلوى بقهر : لم اعد الفتاة المرحة يا نائل ، بل بقايا انسانة محطّمة بعد خسارة طفلي ، وخوفي الدائم من عيشه مع والدٍ متوحش

- لا تقلقي .. المحامي الذي اتعامل معه بارعاً في عمله ، ويستطيع إعادته لك 


سلوى : لوّ كان بارع ، لما خسرت وصاية ابنتك !

- انا اعطيتها لأمها ، لانشغالي بعملي .. وفي حال تزوجنا ، نُربّي طفلينا معاً  

سلوى بتردّد : لكنك مازلت وسيماً ، بينما اصبحت مشوّهة

- ماذا تقصدين ؟!

- كان اللعين يعاقبني بجلد ظهري وجرحي بال..

نائل مقاطعاً : اعرف طبيب تجميل محترف

سلوى بابتسامة حزينة : يبدو لن تتراجع عن قرارك !

- تراجعت في الماضي ، وندمت كثيراً 

- وانا ايضاً


نائل : رجاءً اعطني رقم جوّالك

- اخاف من كلام الناس والصحافة ، فأنا لم اعدّ سلوى التي عرفوها في الماضي 

نائل بإصرار : هذه المرة لا يهمّني احد .. هات الرقم حالاً!! 

سلوى وهي تكتم فرحها : كما تشاء ، عزيزي نانو

***


في البداية تزوجا بحفلٍ عائلي بسيط ، بناءً على طلبها .. وبعد نجاح المحامي بإعادة الولدين لهما .. اعلن نائل زواجه للملأ ، مُحذّراً متابعيه من نقد زوجته التي مازالت حبه الحقيقي .. 

ليتفاجأ الزوجان بردّة فعل المعجبين ! بعد حصولهما على آلاف التعليقات المباركة لعودتهما بعد طوال فراق .. 


وأدّى دعم الجمهور لتحسّن نفسيّة الحبيبن اللّذين اشتركا معاً بعدة اغاني من كلمات وألحان سلوى ، وغناء نائل.. والتي وصلت لملايين المستمعين لكونها اغاني رومنسية مرحة ، أشعلت الحفلات والأعراس .. حيث لاحظ الجميع عودة الإبتسامة لنائل الذي زادت شهرته ، بعد انجابه طفلاً من زوجته سلوى .. لتصبح عائلته المميزة محطّ انظار الجميع ، ومثالاً لانتصار الحب في وجه العوائق والظروف العصيبة ! 


هناك 7 تعليقات:

  1. بما أنه يوم الفلانتاين ، نشرت لكم قصة رومنسيّة

    ردحذف
  2. حسنا ...فالانتاين مبارك عليكم جميعا ...والعام القادم نكون يعني أي حاجه مش مهم هي إيه هههههههه
    المهم نكون حاجه غير كده وخلاص... أحسن كده عنب آوي بصراحه ...
    وزواج مبارك لنانو ولولو هههههههه
    إنتظرتك تفجريهم بنهاية القصه
    ولكن يلا هنعديهالهم عشان يوم الحب ...

    ردحذف
    الردود
    1. أضحكتني يا عاصم .. نعم فكّرت بنهاية مأساوية ، لكني انتبهت على التاريخ ، وقلت لا بأس من قصة استثنائية سعيدة بعيد الحب ..

      حذف
  3. من ابداعات استاذه امل
    اخيرا قصه بها نهايه سعيده
    ليس كرمال عي الحب
    بل من اجل التفائل والطاقه الايجابيه يكفينا واقع مؤلم بين قصص الم ووجع
    بعض الايجابيه بسيطه لنا
    مما علمني التاريخ انه دوما هنا خيط امل
    صحيح القصه خياليه ولكن بها واقع سلوى والمطرب وزوجته اولى
    استاذه امل احي فيك روح الامل رغم صعوبة الحال
    الحمد الله اولا واخرا
    ////
    بما اننا على ابواب حرب اكروانيا والدب الروسي اعتقد
    انه هناك قصص تلوح بلافق لانك تجدين قصص الحروب كحال القصص عن الحرب الروسيه
    جندي الماني وساشا
    وغيرها احب دائما اقرءها
    اكثر من ست سنوات وانا متابع لمدونتك حتى اني لااقرء الا الك
    مضى من العمر نصفه وعلمه عند الله
    ///
    اقول دائما الله يوفقك ويسعدك ويرضيك
    ول اختك استاذه اسمى ايضا
    ////
    يشد التاريخ انك كنتي من اول من تحدث عن اطفال والسويد
    وغيرها من القصص
    ///
    اتمنى ياتي يما تكتب تلك القصه التي اخبرتك بها
    حب زماله بالعمل وقبله كان مشاكل
    القصه واقعيه رغم صعوبتها

    ردحذف
  4. رومانسية وجميلة جدا ومناسبة لفيلم عربي رومانسي

    ردحذف
  5. ابو مازن اليماني20 يوليو 2023 في 1:08 ص

    لماذا دائما تظهري اي فنان بأنه زير نساء وتظهري الوالد في قصص الحب في صورة الوحش ارجوا الاجابه

    ردحذف
    الردود
    1. حسب القصة يا اخ ابو مازن ! انا سعيدة بقراءتك اكثر من قصة في مدونتي .. اتمنى دائماً ان ارى تعليقاتك ، فنقدك بنّاء ويساعدني بتحسين كتاباتي لاحقاً .. تحياتي لك

      حذف

المحطّة الأخيرة

كتابة : امل شانوحة    المصيّدة الدمويّة ركبت الصبيّة الحافلة بعد انتهاء عملها الليليّ في إحدى المطاعم ، وهي تشعر بالإنهاك والتعب الشديد.. وم...