الثلاثاء، 25 يناير 2022

إمتحان الصبر

تأليف : امل شانوحة 

 

الله يبلي ويُعين


جلس مروان على الشاطىء في عطلة نهاية الإسبوع وهو يتأمّل البحر ، قبل ملاحظته بصّارة تراقبه من بعيد بتمعّن ! 

فابتسم لها ، ليجدها تشير بيديها بإشارة الصمّ والبكم ! 

فحرّك شفتيه لإخبارها إنه لا يفهم لغة الإشارة ، لكنه تفاجأ بنفسه يُحرّك يديه بطريقة مُشابهة للبصّارة ! 

ليس هذا فحسب .. بل سمع ما تقوله بمجرد مراقبته يديها ، وكأنه يتقن لغة الإشارة منذ سنوات !


ليدور بينهما هذا الحديث الصامت :

- آسف يا سيدة ، لا أفهم لغتكم

البصّارة : لكنك تتقنها بالفعل

- لما أحرّك يدايّ هكذا ؟!

- يبدو إن الله وهبك المعرفة ، لتصبر على البلاء القادم

مروان بقلق : عن أيّ مصيبةٍ تتحدثين ؟!


وقطع حديثهما مرور رجلٌ بثيابه السوداء وهو ينظر بحديّة الى مروان الذي شعر بالقشعريرة المرعبة تسري في جسده ! مُكتفياً بقول عبارةٍ واحدة ، قبل إكمال طريقه :

الرجل بصوتٍ رخيم : الله يبلي ويعين


وبعد ذهابه ..التفت مروان للبصّارة ، ليجدها ترتعش بخوف ! بعد رؤيتها الرجل الغامض ، وهي تشير بيديها لمروان :

- لقد نزل القدر ولا يمكنك تجنّبه ، كان الله في عونك يا مروان


فأفزعه معرفتها لإسمه ، قبل إختفائها بين المصطافين المتواجدين على البحر !

وبدوره غادر المكان بعد شعوره بالضيق مما حصل .

***


في طريقه الى منزله ... شاهد ولداً اخرساً يشير بيديه لمجموعة من الأولاد الذين لم يفهموا ما يريد !

والغريب إن مروان استطاع بسهولة فهم لغة الإشارة ، وأخبر الأولاد بأن الصبي يريد اللعب معهم لبراعته بتسديد الكرات .. فوافقوا على مشاركته المبارة .. فالتفت الصبي لمروان ليشكره على الترجمة 

وأكمل مروان طريقه ، وهو لا يفهم كيف أتقن هذه اللغة الخاصّة دون تعلّمها !

***


بعد ايام ... زار مروان قريبه الذي يعمل بدار المعاقين لإخباره بما حصل ، والذي اعتبرها صدفةً غريبة دون تفسيرٍ لها !


وقبل خروج مروان من الدار ، دخل بالخطأ الى غرفة تدريس الصمّ والبكم ، ووجد نفسه يُشارك المعلمة بتدريسهم ..


وبعد الحصة سألته : إن كان احد اقاربه أبكماً ، وتعلّم اللغة لأجله ؟

فأخبرها بما حصل عند الشاطىء..

فقالت بدهشة :

- صحيح لغة الإشارة ليست صعبة ، لكن أن تتعلّمها في لحظة لهو شيءٌ غريب بالفعل !.. (ثم سكتت قليلاً)..ربما أعطاك الله هذه القدرة للإستفادة منها بعملك ؟

مروان : أعمل مذيعاً للنشرة الرياضيّة ، فكيف ستفيدني لغة الصمّ؟!

وتحدثا قليلاً ، قبل عودته للمنزل

***


في اليوم التالي ..وبعد انتهاء نشرة الأخبار ، تعثّر احد العاملين بشريط الإنارة التي وقعت بقوة على رأس مروان ، مما أفقدته الوعيّ


واستيقظ بعد ساعتين في المستشفى .. وحين سأله الطبيب : كيف يشعر بعد خياطة 5 غرز في رأسه ؟

أجاب مروان بلسانٍ ثقيل ، وهو يجد صعوبة بنطق الحروف !

فقال الطبيب :

- يبدو إن الإصابة أضرّت مركز النطق في الدماغ ! سنصوّر رأسك بالأشعة لنتأكّد من الموضوع


وكان توقع الطبيب في محله ، حيث بات كلام مروان صعباً وغير مفهوم

***


بعد خروجه من المستشفى .. أخبره مدير الإذاعة باضّطراره لإحضار موظفاً غيره للنشرة الرياضيّة

فقال مروان (بلسانٍ ثقيل) : انه على استعداد للعمل بترجمة نشرة الأخبار بلغة الصمّ والبكم ..

فسأله المدير :

- وهل تجيد لغة الإشارة ؟!

مروان : تعلّمتها الإسبوع الفائت

- حسناً سأحضر شخصاً من دار المعاقين لامتحانك .. وإن نجحت ، أعيّنك في نشرة الأخبار .. فأنت موظفٌ قديم ويعزّ عليّ طردك


وبالفعل نجح بالإمتحان وعُيّن بوظيفته الجديدة

***


بعد شهر.. اراد مرشحٌ جديد للحكومة بإلقاء خطبته السياسيّة لحملته الإنتخابية في مستشفى افتتحت حديثاً ..

فأرسله مدير الإذاعة في مهمّة لترجمة كلام الرئيس للصمّ والبكم من الحضور والمشاهدين في بثٍ مباشر من القاعة السفليّة للمستشفى


وأثناء انشغال مروان بعمله ، لمح ولداً معاقاً يدخل القاعة وهو يشير بيديه لمروان لترجمة كلامه ، وهو يقول برعب :

((هناك رجلٌ يضع المتفجّرات على بطنه .. شاهدته بالحمام قبل قليل ، وهو قادمٌ الى هنا))


وما أن لمح مروان الشخص المشبوه يقتحم القاعة ، حتى سحب الرئيس من يده ..ثم دفعه لداخل المصعد ، ليلحقه حارساه الشخصيان ..

وما أن أُغلق باب المصعد ، حتى دوّى انفجارٌ هائل !


بعد هدوء الوضع وإنارة اضواء المصعد الخاصة بالطوارىء ، سأله الرئيس عن كيفية معرفته بالقنبلة ؟

فأخبره مروان (بلسانه الثقيل) عن الولد الصغير الذي يبدو انه مات مع المتواجدين في قاعة المستشفى !


من بعدها حاول الحارسان بكل قوتهما كسر باب المصعد العالق ، ليتفاجؤا جميعاً بحجم الدمار والركام الذي يفصلهم عن بوّابة الخروج من المبنى المنهار !


ومشوا خلف بعضهم محاولين تجاوز شظايا الزجاج او التعثّر بالأحجار ، الى أن بات مستحيلاً رؤية طريقهم بعد تعمّقهم في الظلام


وحين توقفوا لانعدام الرؤية ، تفاجأ مروان بقدرته على مشاهدة كل شيء باللون الرمادي ، كأنه يضع جهازاً على عينيه للأشعة تحت الحمراء او إن عينيه تحوّلتا لرادار الوطواط ! وطلب منهم بثقة الّلحاق به


وبالفعل تمكّن من إخراجهم بسلام لخارج المبنى المنفجر ، ليُسرع رجال الرئيس بأخذه في سيارته المظلّلة..


وقبل ابتعاد مروان عن موقع الدمار ، لمح البصّارة ذاتها واقفة بين الحشود (الذين قدموا لرؤية مكان الإنفجار) وهي تقول بلغة الإشارة :

- هآقد منحك الله موهبة ثانية ، قبل إعاقتك التالية

فأشار مروان بيديه مُستفسراً بخوف :

- أيّةِ إعاقة ؟!


وفجأة ! سقطت حجرة على رأسه ، أوقعته ارضاً .. وحين فتح عينيه ، تحوّل العالم لظلامٍ دامس !


ورغم ارتفاع صُراخ الناس المطالبين بإنقاذه ، إلاّ أنه تمكّن من تميّز صوت الرجل الغامض الذي همس في إذنه :

- الله يبلي ويعين


فعلم إن الله وهبه القدرة على الرؤية في الأماكن المُعتمة (فقط) بعد إصابته بالعمى الدائم ، ليمتحن صبره على إعاقتين قي غاية الصعوبة !


هناك 5 تعليقات:

  1. قصة ذات أحداث مشوقة لكن رغم ذلك بلا هدف وليس لها نهاية الا اذا كان لها جزء ثانى واحداث غامضة وشخصيات غير واضحة جمله قصة ذات مستوى فنى ضعيف
    أرجو تقبل نقدى المتواضع بصدر رحب فهو نابع من حبى وتقدير لأبداعك

    ردحذف
    الردود
    1. كان مناماً غريباً !كأني اراقب ما يحصل لهذا الرجل من بعيد ، فأردّت تحويلها لقصةٍ خيالية..

      والمغزى من القصة : إن كل بلاء يسبقه أحداث تخفّف من وقعه وتأثيره علينا .. مثال من قصة حقيقية حصلت في السعودية على ما أذكر ..حيث شاهد رجلٌ مناماً : ((أن اطفالاً صغار يأخذون بيد آبائهم الى الجنة ! وحين سأل الملاك عنهم ، أخبره : انهم حفظة القرآن ماتوا وهم صغار ، فأصبحوا شفعاء لآبائهم ..وتذكّر ان ابنه الصغير من حفظة القرآن ، لكنه لم يكن معهم))
      وحين استيقظ من المنام ، تمنى للحظة أن يكون ابنه شفيعاً له في الآخرة ..
      وفي وقت الظهيرة أخبره مدير المدرسة : ان ابنه تعثر بالأدراج بعد تدافع الطلاب للخروج من المدرسة ، فسقط على رأسه ومات .. فحمد الأب ربه ان جعله يشاهد المنام اولاً ، الذي خفّف عليه من وقع المصيبة ..
      وهذه هي الفكرة البسيطة للقصة : (إن الله يبلي ويعين)
      تحياتي لك

      حذف
    2. سبحان الله.
      قصصك دائما جميلة وذات معنى ومغزى استمري.

      حذف
  2. حسنا ... لما لا تقطعين البطل بالساطور وتعبئينه في اكياس وليعرض هنا في مشرحة المدونه والرطل بدرهم ؟
    ارحم من هذا !
    هههههههه ...طبعا امازحكم ليس إلا وكل القراء
    شعرت فقط بأن القصه لو طالت قليلا لفقد مروان كل أعضائه ولرأيناه يزحف في الشوارع ممسكا لافته بأسنانه .. هذا يعني لو أستبقيتي له بعض الأسنان ..كرما ولطفا من عندك ..ههههه. ..ومكتوب على اللافته ... أين أعضائي ؟

    ردحذف
    الردود
    1. اضحكني تعليقك أخ عاصم .. كما قلت بتعليقي السابق ، كان مناماً غريباً وأردّت تحويله لقصة خيالية .. على كلٍ ، سأحاول تقليل الدراما بالقصص القادمة

      حذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...