الخميس، 18 نوفمبر 2021

الظلال المخيفة

تأليف : امل شانوحة

الروح المظلومة 


في تلك الأمسية الهادئة ، إجتمع الأهالي لحضور الحفلة السنويّة للحصاد الزراعيّ .. 

وقبل بدء الرقص الجماعيّ لشباب وصبايا القرية ، نادى جيم بعلوّ صوته: 

- لديّ إعلان اريد مشاركته معكم !! 


وتوجّهت الأنظار نحوه وهو يقترب ببطء من الصبية الجميلة مادلين .. 

ثم جثا على ركبته وهو يرفع خاتماً فضّياً ، ويسألها بحماس :

- هل تتزوجينني يا مادو ؟  


فنظرت بارتباك الى الوسيم اريك الذي راقبها من بعيد بغيرةٍ وغضب ، لكونه حبيبها السرّي .. بينما جيم بالنسبة لها : شابٌ فقير يرعى الغنم ! 

وخوفاً من غضب حبيبها ، إختلقت كذبة للهرب من الموقف المحرج ، حيث الجميع ينتظر إجابتها.. 


فقالت مادلين بعصبية :

- لوّ سمحت ، لا تناديني هكذا !!  

جيم باستغراب : ناديتك مادو منذ صغرنا ، مالذي تغير ؟! 

مادلين غاضبة : طلبك مرفوض !! لن أقبل الزواج من قاتل جاكلين

فشهق الجميع بدهشة ! 


((فجاكلين هي الفتاة المنغولية المحبوبة من سكّان قريتها لطيبة قلبها وابتسامتها الدائمة ، والتي وُجدت ميتة في قعر البئر المهجور في الغابة المهملة قبل سنة)) 


فوقف جيم وهو يحاول إستيعاب ما قالته : 

- انا لم اؤذي جاكلين طوال حياتي !

فأكملت مادلين إتهامها : 

- رأيتك تأخذها الى الغابة قبل إختفائها .. وأظنك إعتديت عليها ، ورميتها في البئر حتى لا تفضحك اليس كذلك ؟ 


وقبل تبرير موقفه ، ساندتها جارتها ديانا :

- نعم !! جاكلين أخبرتني إنها تعشقك .. فماذا فعلت بها ايها المنحرف ؟!!

وأسرع الوسيم اريك برميه بالتفاحة ، صارخاً :

- أعدموا السافل !!

لتضجّ الحفلة بالهتافات المطالبة بعقابه !


ولأنهم لم يسمحوا له بالدفاع عن نفسه ، حاول الهرب من الحفلة .. ليُصعقوا جميعاً بطلقةٍ أسقطته جثةً هامدة ، من بندقية والد جاكلين الذي قال مقهوراً :

- حلفت أنني سأنتقم لها ، وقد فعلت !! 


ثم سحب جثة جيم من قدميه ، امام أنظار الشرطي ورئيس بلدية القرية الذي سأله:

- الى اين تأخذه ؟

الوالد بعصبية : سأرمي اللعين في البئر المهجور ، لإحلال السلام على روح ابنتي .. ومن يحاول إيقافي ، أقذفه فوقه !! 


فتجمّد الجميع مكانه ! اثناء حمل الوالد المكلوم الجثة ، ووضعها في صندوق شاحنته التي قادها باتجاه الغابة المظلمة.. دون ملاحظتهم إرتجاف مادلين التي شعرت بتأنيب الضمير لما فعلته بصديق طفولتها ! 

***


بعد سنوات .. أصبح لمادلين ولداً وبنتاً من حبيبها اريك الذي تزوّجها بعد شهر من مقتل جيم .. 

ولأن عمله في المدينة ، لم يعدّ للقرية إلاّ بعطلة الإسبوع .. لتعاني زوجته كل ليلة بتنويم طفليها المشتاقين لوالدهما ، واللذان إعتادا سماع قصة كل مساء ..  

***


وفي تلك الليلة ، نام طفلها كعادته قبل نهاية القصة .. بينما أصرّت ابنتها الكبرى على اللعب معها ..ولأن امها لم تردّ إيقاظ الصغير ، أخذت تشكّل حيوانات بيديها امام المصباح اليدويّ التي تمسكه إبنتها وهي تراقب بفضول الظلال على الحائط 


وبعد دقائق ، لاحظت مادلين أن الأشكال التي تظهر على الحائط تختلف عما تقوم به ! حيث بدى كأن شخصاً محترفاً يقلّد اشكال الحيوانات بأظافره الطويلة !

فنظرت لإبنتها التي تراقب الحائط باهتمام ، دون تحريك يديها ! 


فانتابها الخوف وهي تتلفّت حولها ، لتأكّد أن لا احد غيرهم في الغرفة ..

وحين حاولت الخروج من سريرها لإضاءة نور الغرفة ، شعرت بتنميلٍ قويّ بقدمها منعها من تغير مكانها ! 

وهنا سمعت ابنتها تقول : هذا حرف الألف يا امي ..وهذا حرف الهاء


فنظرت مادلين للحائط ، لتجد اليدين المجهولتين تُظهر أحرفاً هجائيّة بطريقةٍ لا يمكن فعلها باليد البشريّة !

فأخذت تجمع الحروف التي كوّنت جملة : 

((اهلاً مادو ، هل اشتقت اليّ ؟))


فوضعت يدها على فمها كيّ لا تصرخ وتخيف ابنتها ، فالوحيد الذي ناداها هكذا هو جيم الذي قُتل بسبب كذبتها ..  

وقبل إستيعابها ما يحصل ! إستفاق طفلها الذي أدار رأسه نحوها وهو يقول بصوت جيم ، وبابتسامةٍ مرعبة :

- أتريدين تجربة الموت ؟ 

*** 


في اليوم التالي .. إستيقظ اهالي القرية على خبر إختفاء مادلين ، بعد أن وجدت الجدة حفيديها وحدهما في المنزل ! 

وشارك الجميع البحث عنها بمنازل القرية وفي أرجاء الغابة المهملة ، دون أن يجدوا أثراً لها ! 


فأرسل الشرطي برقية لزوجها لإخباره بما حصل ، والذي أسرع بالعودة .. ليصل مساءً الى القرية ، ويجد الأهالي يائسين من العثور عليها بعد إختفائها المفاجىء ! 

***


لم يمضي اسبوع ، حتى وجدوا والد جاكلين (الفتاة المنغولية) مُحترقاً وسط حقله ! فحصل أرتباكٌ بين اهالي القرية الذين شعروا بوجود سفاّحٍ بينهم ، او غريباً تسلّل اليهم لإثارة الخوف والبلّبة في قريتهم الهادئة .. وطالبوا الشرطي بمضاعفة جهوده للإمساك به ..

***


بعد اسبوعين .. وجدوا الشرطي مشنوقاً من قدميه في ساحة السوق ! وبعد دفنه ..تطوّع أقوى شبابهم لحراسة القرية ليلاً ، بعد موت شرطيهم الوحيد دون سببٍ مقنع !

***


بعد شهر من هدوء الوضع ، عادت الناس لحقولها ورعيّ أغنامها .. وبينما الأولاد يلعبون بالشارع ، لاحظ مايكل (10 سنوات) أنه لا ظلّ له او لبقية الأطفال !


وحين مرّ رئيس البلدية بجانبهم ، لحقه ليسأله :

- سيدي !! لما لديك ظلّ ، ونحن الصغار إختفت ظلالنا ؟

فضحك الرئيس ، وهو يقول بغرور : 

- لأن الناس مقامات يا بنيّ

  

وأكمل سيره باتجاه منزله الكبير القريب من الغابة .. فمشى مايكل خلفه (دون أن يراه) وهو يراقب ظلّه الذي ازداد ضخامة كلما اقترب من الغابة! 

وما أن تجاوز رئيس البلدية بضعة أشجارٍ ضخمة ، حتى لمحه مايكل يقع على وجهه .. ويسحبه الظلّ بسرعةٍ هائلة الى عمق الغابة !


ولم يستطع الرئيس العجوز الصراخ ، بعد أن عُقّد لسانه من غرابة الحادث !

وتمكّن مايكل اللحاق به وشدّ ذراعه ، محاولاً إنقاذه .. قبل أن يرفعه الظلّ للأعلى ، ويرميه الى داخل البئر المهجور بعد إرتطام رأسه بالحافّة !

***


في السوق الشعبيّ ، تفاجأ الأهالي بصرخة مايكل الخائفة :

- الظلّ قتل رئيس البلدية !!!

- ماذا تقول يا ولد ؟!

مايكل بصوتٍ مرتجف : رأيته بنفسي .. الظلال السوداء سحبت الرئيس الى البئر المهجور .. صدّقوني ، انا لا اكذب !! 

- دعكم منه .. رأيت الرئيس قبل قليل ، متوجّهاً الى منزله

مايكل بعصبية : اذاً إبحث عنه هناك ، إن كنت لا تصدّقني !!

- الظلال لا تقتل يا مايكل ، هي مجرّد إنعكاس الشمس على .. 

مايكل مقاطعاً : واين هي ؟!! أنظروا للأرض ، لما اختفت ظلالنا ونحن بالنهار ؟


فنظروا للأرض ، ثم للشمس خلفهم .. قائلاً أحدهم :

- ربما حجبت السحب الشمس !  

فاعترضت سيدة :

- الظلال لا تختفي الا مساءً ، وما يحصل غريبٌ فعلاً !

- لا تهتموا بكلام الصبيّ .. غداً عند الظهيرة تشاهدون ظلالكم بوضوح ، فالشمس الآن على وشك المغيب .. اما الرئيس ، فسنراه لاحقاً 

مايكل بإصرار : عليكم الذهاب للبئر لإنقاذه ، ربما لم يمتّ بعد !! 


فقال مساعد مكتب رئيس البلدية : 

- اهدأ بنيّ .. سأذهب حالاً الى بيت الرئيس ، لأريّح بالك 

سيدة بقلق : نعم إذهب وطمئنّا عليه

ثم عادوا للإنشغال بالتسوّق ، ريثما يعود المساعد بالخبر اليقين

***


بعد دقائق ، عاد المساعد مرتعباً وهو يصرخ وسط السوق :

- لا احد بمنزل الرئيس ! ورأيت اجزاءً من ثيابه على طول الغابة .. وآثار أصابعه في التربة ، كأن شخصاً جرّه بعنف الى هناك


فحصل هرجٌ ومرج بين الأهالي الذين سارعوا الى الغابة ..وتجمّعوا حول البئر المهجور .. ليجدوا دماءً حديثة على حوافه ، ونظّارة الرئيس واقعة قرب جداره .. فانتابهم الخوف !


فقال مايكل : الوحش يسكن البئر ، ويظهر على صورة ظلٍّ اسود 

سيدة : إن كان كلامك صحيحاً ، فالأفضل عدم خروجنا من المنزل ظهراً 

عجوز : هل جننت يا امرأة ؟ الحقول والدواب بحاجة لاهتمامٍ دائم ، وذروّة عملنا وقت الظهيرة .. 


امرأة اخرى : وماذا عن الرئيس ؟

مساعد مكتبه بحزن : ربما انتحر لسببٍ ما !

الجميع بدهشة : إنتحر ؟!!

المساعد باستنكار : يعني تفاجأتم بموضوع الإنتحار ، وصدّقتم موضوع الظلّ الضخم الذي سحبه للبئر ؟! 


رجل : برأيّ هناك سفّاح متخفّي بيننا ..وما رآه مايكل هو المجرم بثيابٍ سوداء تنكّرية 

مايكل بعصبية : أنا لست غبياً !! وأستطيع التفرقة بين الظلّ والإنسان  

الرجل : بجميع الأحوال ، علينا أخذ الحذر في الأيام القادمة  

وأسرعت الأمهات بإعادة الأولاد الى منازلهنّ !

***


بسبب إنشغال الوسيم اريك بعمله لقرابة شهرين في المدينة ، لم يعلم شيئاً عن الحوادث التي تلت إختفاء زوجته مادلين .. 


وقرّر العودة لرؤية ولديه في منزل جدتهما (ام مادلين) ، ليتفاجأ بخلوّ الشوارع والأسواق من اهالي القرية ! 

حتى الرجال الغير مصدّقين بخرافة الظلّ ، لم يجرأوا على الخروج من منازلهم ظهراً بعد أن منعتهم نسائهم ، خوفاً عليهم من الوحش الغامض !


لهذا حين سمعوا صوت اريك يناديهم ظهراً وسط الساحة :

- اين الجميع !! لما القرية هادئة هكذا ؟ ولما أغلقتم الأسواق؟! 

صرخت النساء من خلف النوافذ :

- عدّ الى بيتك !!

- الظلال ستقتلك !!

- أهرب بسرعة !!


ليلاحظ الجميع ظهور ظلٌّ ضخم أسفل قدميّ اريك (الذي كان يلوّح لهم من بعيد ، دون سماعه ما يقولون).. 

فصاروا يطرقون على نوافذهم بفزعٍ شديد :

- أهرب يا اريك !!


ليروه يتعثّر ، ويسقط على وجهه .. قبل أن يسحبه الظلّ بسرعة باتجاه الغابة ،  وسط رعب الأهالي وصرخاته المرعبة التي اختفت بعد دقائق ! 

ولم يجرأ احد على إنقاذه او الخروج من منزله اثناء النهار !

*** 


بحلول المساء .. توجّه الرجال وهم يحملون القناديل باتجاه البئر المهجور ، ليلاحظوا دماءً حديثة تسيل على جدرانه .. وبذلك تأكّدت خرافة وحش البئر الذي يخرج نهاراً ، على هيئة ظلالٍ قاتلة !


ومن يومها لم يخرج أحد من منزله قبل غروب الشمس .. مما أدّى لموت محاصيلهم الزراعية ، ومرض دوابهم التي تحتاج لاهتمامٍ دائم

***


بعد شهرين ..تشاجر زوج ديانا ، بعد نفاذ الطعام .. وغضب منها لأنها وعدته باستلاف الخبز من جارتها ، قبيل شروق الشمس .. 

وشدّها من يدها ، وهو ينوي رميها خارج المنزل !


فصرخ ابنه مايكل بخوف :

- إذا أخرجتها ظهراً ، سيأكلها الظلّ !!

الأب : انا لا أصدّق هذه الخرافة

ديانا باكية : وماذا عن مقتل والد جاكلين والشرطي ورئيس البلدية ومادلين وزوجها ؟ ارجوك سأستلف الخبز عند غياب الشمس

زوجها بعصبية : انا جائعٌ جداً ، ولن أحتمل كل هذا الوقت .. إذهبي الآن وأحضري الخبز من جارتك ، وإلاّ لن تري اولادك ثانيةً !!


وأخرجها بالقوة من بيته ، وسط بكاء اولاده الأربعة ..وحاول مايكل مساعدة امه ، قبل أن يرميه والده فوق الكنبة بعنف .. 

وبعد خروجها ، أسرع مايكل الى النافذة لمراقبة امه التي كانت ترتجف ، وهي تتلفّت بخوف اثناء توجّهها لمنزل جارتها 


وما أن قطعت نصف المسافة ، حتى ظهر الظلّ الضخم من خلفها! 

فصرخ مايكل لوالده فزعاً :

- الظلّ يلاحق امي ، إفتح الباب فوراً !!


فتوجّه الأب نحو النافذة ، ليتحقّق من كلام ابنه .. ليرى زوجته واقعة على وجهها ، وهي تصرخ خائفة اثناء سحبها من الظلّ باتجاه الغابة ! 


فتجمّد الأب مكانه ! بينما أسرع مايكل الى خارج المنزل لمساعدة امه ، وسط بكاء اخوته ..

ولحق بوالدته الى الغابة ، ليشاهد الظلّ يسحبها بسرعة نحو البئر ! 

***


بعد دقائق ، عاد مايكل راكضاً الى بيته .. وحين سأله والده عن امه ، ردّ بعصبية :

- ولما تسأل ؟!! انت رميتها للوحش من أجل طعامك 

 

وفتح خزانة الصالة لأخذ الحبل الطويل .. ثم دخل المطبخ ، وخرج معه سكينة كبيرة ، وضعها على خاصرته .. 

وقبل خروجه من المنزل ، أوقفه والده :

- الى اين انت ذاهب ؟

مايكل : سأنزل البئر لقتل الوحش وإنقاذ امي 

- هل جننت ؟!! لن أدعك تذهب 

مايكل غاضباً : أترك يدي !!


واستطاع الإفلات من يد والده ، والإسراع الى الغابة .. فلحقه ابوه وهو يناديه بعلوّ صوته ، ليسمعه الرجال الذين بدأوا بالخروج الواحد تلوّ الآخر للّحاق بهما ، رغم اعتراض زوجاتهم ..

***


حين وصلوا اليهما .. وجدوا مايكل ربط نفسه بالشجرة ، وعلى وشك النزول للبئر .. 

فحاولوا إيقافه ، قبل سماعهم صرخة امرأة اسفل البئر : 

- ساعدوني !!


فقال مايكل بارتياح : هل سمعتم !! امي مازالت حيّة .. دعوني أساعدها!!

فتركوه ينزل وحده في البئر الضيّق ..

***


بعد دقائق ، سمعوه يقول من قعر البئر :

- الظلام حالكٌ هنا.. وأمي لا تتحرّك ، أظنها غائبة عن الوعيّ .. لقد ربطت خاصرتها بالحبل ، إرفعوها اولاً .. ثم إرموا لي الحبل!!

فسأله أحدهم : هل رأيت الوحش بالأسفل ؟

صوت مايكل : المكان ضيّق ، ولا يوجد سوى الأعشاب الجافة  .. هيا شدّوا الحبل !!


وبعد أن رفعوها ، تفاجأوا أنها مادلين التي تحوّلت لهيكلٍ عظمي بعد قضائها 4 أشهر في البئر ! 

وحملها شابان الى منزل الطبيب لإنقاذ حياتها

 

وبعد إخراجهم مايكل ، سألهم بقلق :  

- هل امي بخير ؟

فسأله أحدهم : الم تجد غيرها ؟ ماذا عن الجثث الأخرى ؟

مايكل : لم أجد سوى امي ، اين هي الآن ؟


فقال والده بحزن :

- لم تكن امك ، بل الصبيّة مادلين

مايكل بصدمة : لا مستحيل ! مادلين ماتت منذ مدة طويلة ، اما امي فوقعت بالبئر قبل قليل 

رجل : يبدو امك إختفت كبقيّة المفقودين 

وجاء الخبر صادماً للصغير !

***


إنتظر الجميع إستفاقة مادلين لمعرفة ما حصل ، والتي استعادت وعيها في الصباح التالي بعد قضائها يوماً كاملاً على المحلول الطبّي..

وتجمّع حولها كبار القرية لسؤالها عن الوحش ، وكيفية بقائها حيّة طوال مدّة إختفائها دون طعامٍ او ماء ؟!


فأجابتهم باكية (بعد علمها بوفاة زوجها) : 

- كنت أجد كوباً من الحليب بجانبي ، كل ليلة !  

- ولما حرص الوحش على حياتك ؟

مادلين : لأنه أراد فقط تعذيبي 

- ولما لم يقتلك كغيرك ؟! 


مادلين : لأنه لم يكن وحشاً ، بل روح جيم التي ظهرت على هيئة ظلٍّ اسود

- جيم ، قاتل جاكلين !

مادلين بندم : هو لم يقتلها ، بل وقعت أثناء مشيها على حافّة البئر .. لمحت الحادثة بالصدفة وأخفيت الأمر عنكم ، خوفاً أن تلوموني لأني لم أمنعها من اللعب في المكان الخطر  


ثم أخبرتهم عن كذبتها التي أودت بحياة جيم ، لعدم رغبتها الزواج من يتيمٍ فقير .. ولأنها أخفت حملها من حبيبها اريك الذي ساعدها بتلفيق التهمة له ..ولهذا أحرق الظلّ والد جاكلين الذي قتله ظلماً .. وقتل الشرطي ورئيس البلدية اللذين لم يدافعا عنه .. وقتل الجارة ديانا التي ساندتها بالرأيّ .. وقتل زوجها اريك الذي حرمه من حبّ حياته .. أما هي فأبقاها عنده لشهور ، لتعذيبها نفسيّاً بذنبها اتجاهه !

 

فخرجوا من عندها ، وهم يشعرون بالإشمئزاز لفعلتها التي راح ضحيّتها الراعي  الطيب (جيم) ! 

بينما عادت مادلين الى منزل امها ، لاحتضان ولديها اللذين سعدا برؤيتها بعد غياب 4 أشهر !

***


وفي تلك الليلة ، أصرّت على تنويم ولديها رغم تعبها .. فتركتهما الجدة في غرفتها وذهبت لتنام .. 

وكالعادة رفضت ابنتها النوم قبل سماعها قصة ..

فأخبرتها قصة جميلة وهي تحتضنها بقوة ، بعد أن أصبح لديها رهاب الظلام

 

وبعد نوم ابنتها ، إستيقظ ابنها الصغير وهو ينظر اليها بعينين مضيئتين ويقول : 

- طالما عرفوا ببراءتي ، لا داعي من بقائك حيّة !!


وتسلّل الظلّ من النافذة المفتوحة ..وسحب مادلين من قدميها الى خارج المنزل ، لتختفي للأبد مع الوحش الذي ردم البئر فوقهما ، بعد إنتقامه من جميع أعدائه الظالمين ! 


هناك 4 تعليقات:

  1. جمعة مباركة وأوقاتا طيبة للناس الطيبين
    كنت اتمنى ان القصة لا تنتهي بهذه السرعة فرغم أنها قصيرة إلا أنها لا تخلو من نكهة الخيال وأجواء الرعب فقد التهمتها كالوجبة السريعة فلو كنت مخرجة أفلام يا أخت أمل لتربعتي على عرش الانتاج السينمائي فأنت تملكين أفكارا جديدة تشد القارئ وتدخله الى تفاصيل واحداث القصة كما أنك تجيدين الادوار وتبادل الحوار بين شخصيات القصة بطريقة سلسلة وهذا ما يميز قصصك ويجعلها مشوقة وأكثر أثارة للقارئ سواء كانت قصة خيالية او رومانسية او فنتازيا او أيما تكتبين فأنت مبدعة ورائعة ولا ننسى الأخت أسماء التي لها عنوان في التألق والتميز والابداع فقصصها الرومنسية تجعل من القارئ رومانسيا أيضا فكلما أقرأ لها قصة أريد أخرى كالذي كلما شرب زاد ظمأه برابو أمل برابو أسماء فلا يسعني الا أن اقول شكرا يأ اروع واجمل الشقائق

    ردحذف
    الردود
    1. تعليقك أسعدني انا وأختي ، سعيدة ان قصصنا تعجبك .. شكراً لك

      حذف
  2. فعلا لديك حبكه قويه وقصص رائعه
    تحياتي جوجو من مصر

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...