الخميس، 25 فبراير 2021

الفارس المُقنّع

 فكرة : أختي أسمى
كتابة : أمل شانوحة

معركة الحب


حميّ وطيس المعركة .. وبلغت القلوب الحناجر .. وطغى صليل السيوف على صهيل الخيول وصخب المحاربين بعد التحام الجيشين المتحاربين : جيش الملك الأسكتلنديّ (روبرت بروس) ضدّ جنود ملك إنجلترا (إدوارد الثاني) 


وأوشك روبرت على الفوز ، قبل ظهور الفارس المُقنّع للمرة الثالثة لقلب موازين المعركة لصالح الملك .. واختفى كعادته قبل إعلان وقف الحرب

***


في المساء .. عاد الملك إدوارد وجنوده الجرحى الى مملكته ، لتتفاجأ ابنته (ماري) بنتيجة التعادل بين الجيشين !

الأميرة بدهشة : لكن الأخبار التي وصلتنا عصراً : أنك فزت المعركة ! فلما وافقت على الهدنة ؟! 

الملك : الفارس المقنّع ..

الوزير مقاطعاً : هل ظهر ثانيةً ؟

الملك : نعم ، وأنقذنا باللحظة الحاسمة .. لكن جزءاً من جيشي فرّ هارباً ، وأعطيت الأوامر لقتلهم لاحقاً لأنهم .. 

ابنته مقاطعة : المهم ماذا حصل ؟


الملك : إستغلّ روبرت رحيل الفارس المجهول ، ليفاجأنا بفرقةٍ إضافية مُخبأة خلف التلال ، حاصرت جيشي في الوسط .. لهذا اضّطرت لتوقيع معاهدة السلام بيننا

الوزير بقلق : وماهي بنود الهُدنة ؟

الملك : إنقاص قيمة الجباية (الضرائب) .. ومنع جنودي من سرقة محاصيلهم الزراعية .. وعدم المشاركة في مناسباتهم وأعيادهم الشعبيّة ..

الوزير : وماهي طلباتك في المقابل ؟

الملك بعصبية : الم تسمعا ما قلته ؟ لقد حاصر خيمتي ، ووضع سيفه على رقبتي !!

ابنته : اذاً جيشنا لم يتعادل ! بل خسر المعركة 

الملك : لا تُخبرا أحداً بذلك ، فأنا أغريّته كيّ يُعلن نتيجة التعادل


الوزير : تُغريه بماذا سيدي ؟ 

الملك : بزواجه من ابنتي 

ابنته بدهشة : أبي ! هل بعتني لعدوك ؟!

والدها : حبيبتي .. إن تزوجته ، فهذا يعني إنتهاء الخلاف بين المنطقتين .. الا تريدين حفظ دماء شعبنا ؟ 

ماري بعصبية : لا يحقّ لك تزويجي دون سؤالي ..


فوضع والدها خنجره على رقبتها ، مُهدّداً بلؤم :

- أنسيتي إنني الملك !! وأنا آمرك بالزواج منه لإنهاء المعارك

ثم نادى خادمتها : 

- أيتها الوصيفة !! ابدأي بتجهيزها ، فغداً نُرسلها لعريسها في اسكتلندا


فأسرعت ماري الى غرفتها باكية ، وهي لا تصدّق أنه تخلّى عنها بهذه السهولة !

وحاولت وصيفتها (إليزابيث) التخفيف عنها ، قبل أن تنهار معها بالبكاء امام هذه الفاجعة الغير متوقعة ! 

***  


في عصر اليوم التالي .. وصلت الأميرة ماري الى اسكتلندا داخل عربةٍ  مغلقة ، وهي تشاهد من نافذتها المزارعين الأسكتلنديين وهم يرمون الورود إحتفالاً بها .. الى أن وصلت الى قلعة الملك روبرت

***


في المساء .. دخل الملك الى غرفتها ، ليتفاجأ بعروسته تأكل بكلتا يديها فوق السرير الضخم ، ووجهها مُلطخٌ بالسمن .. وكانت سمينةٌ جداً ! 

فقال في نفسه باستياء :

((طبيبعي أن تكون قبيحة كوالدها ، لهذا ورّطني بها))


وخرج من عندها , باتجاه غرفة نومه الرئيسية .. ليُقابل في الرّواق رئيسة الجواري التي قالت :

- سيدي ! عروستك في الغرفة الثانية 

فأجابها بضيق : لن أتزوجها

- ماذا عن إتفاقك مع والدها ؟

- إخبري مرساله غداً : إن كل شيء على ما يرام .. واحسنوا ضيافتها .. (ثم قال مُتمّتماً) .. هذا إن أبقت لنا شيئاً في مخزن الطعام!  

ودخل غرفته غاضباً ..

***


في هذه الأثناء .. دخلت ماري الى غرفة العروس ، لتشكر وصيفتها على استبدال الأماكن :

إليزابيث : لا تقلقي سيدتي ، أفجعته بمنظري الهمجيّ

- شكراً جزيلاً لك 

إليزابيث (الوصيفة) : وهل سنتابع التمثيلية غداً ؟

- نعم !! ستبقين زوجة الملك ، الى أن أجد طريقة للهرب من هنا 

- لكن الجميع سيعاملك على انك الوصيفة !


ماري : يبقى أفضل من زواجي من شخصٍ لا أعرف عنه سوى معاداته لوالدي .. (ثم توجهت للباب) ..الآن عليّ الذهاب الى قبو القلعة

- لكن سيدتي..

الأميرة مقاطعة : إيّاك يا إليزابيث أن يشعر أحد بأننا تبادلنا الأدوار ، والاّ سنُعرّض حياتنا للخطر 

فأومأت الوصيفة برأسها إيجاباً ..

ماري بابتسامة : تصبحين على خير يا أميرتي

وأخفضت رأسها باحترام ، قبل ذهابها مع الحارس الى غرفة الخدم

***


بمرور الأيام .. اضّطر روبرت لمرافقة عروسته ووصيفتها الى مناطق اسكتلنديّة متعدّدة ، حيث تهامس الناس على قباحة الملكة التي أكلت كلّ ما قُدم لها .. وكان واضحاً استياء روبرت من تصرّفاتها الغير لائقة ! 

بينما أخفت ماري وجهها بالنقاب الحريريّ ، رغم انها لفتت أنظار الملك الى جمال عينيها الزرقاوين .. 


وخلال مسيرتهم الشعبية : لاحظت ماري حب الشعب له ، بعكس مواطنيّ الإنجليز الذين يجبرون على التجمّع في الشوارع لتحيّه والدها في الأعياد الرسمية !

كما انتبهت لبؤس حياة المزارعين ، التي لا تشابه وصف وزيرهم عن حصادهم الوافر الذي يكفي لدفع ضرائب الملك العادلة ! 

فهم يلبسون ثياباً مُهلّلة لا تحميهم من برد الشتاء القارص ، واطفالهم يكتفون بتناول كسرات الخبز القاسية على أسنانهم ! 

***


في طريق العودة .. غطّت إليزابيث في نومٍ عميق ، بينما حاول الملك تجاهل شخيرها المزعج .. 


فاستغلّت ماري الوضع لتسأله عن أحوال شعبه ، فأجابها بعد تنهيدةٍ حزينة:

- بالطبع هم فقراء .. وانا أحارب لتخفيف الضرائب عنهم ، فهم بالكاد يجدون قوت يومهم كما رأيتي 

ماري : ما رأيك أن أطلب من زوجتك أن تُراسل والدها ليساعدهم..  

روبرت مقاطعاً بعصبية : لا نريد معوناتٍ منه ، بل سنظلّ نقاومه لحين حصول اسكتلندا على استقلالها  

ماري بارتباك : لم أقصد مضايقتك سيدي !


فسكت قليلاً ، قبل أن يسألها وهو يشير الى زوجته النائمة : 

- منذ متى تعملين عندها ؟

- منذ مراهقتي 

- وهل هي هكذا طوال حياتها ؟ 

ماري : تقصد إهمالها لنفسها ؟ 

- نعم 

- لا ، هي أحبت شخصاً عمل في القصر .. وبعد موته في إحدى المعارك ، أفرغت حزنها بتناول الطعام بشراهة !


الملك : لم أعلم ذلك ! تبدو حياة الأميرات ليست سهلة كما ظننت

- حياة النساء في عصرنا صعبةٌ للغاية .. فنجاتنا من الموت عند الولادة هي معجزة بحدّ ذاتها ..ألم تسمع بحمّى النفاس التي قتلت مئات الأمهات ؟

- بلى ، كان الربّ في عونكنّ .. (ثم قال بصوتٍ منخفض) ..هل ستبقي على نقابك دائماً ؟

- هذه اوامر الأميرة 

الملك : لأنها تغار منك ، فأنا أراهن انك أجمل منها بكثير


وحين حاول إزالة نقابها الحريريّ ، فاجأته بإخراج خنجرها الحادّ : 

- الموت أهون من مخالفة اوامر أميرتي !!

فتراجع الملك للخلف : آسف ، لن أفعلها ثانيةً !

وأكملا طريقهما بصمت !

***


بعد شهر ، وفي إحدى المناسبات الشعبية الأسكتلندية .. توجّب على الرجال الأشدّاء التبارز بالسيوف الخشبية .. 


وشاهد الملك روبرت جميع المباريات ، برفقة زوجته ووصيفتها .. 

وحين فاز أقواهم بالمباراة النهائية .. فاجأهم الملك بدخول الحلبة لمبارزته ، بعد خلعه القميص لتظهر عضلاته المفتولة ..


وحاول البطل الريفيّ مقاومته خلال الجولات الثلاثة ، الى أن تمكّن روبرت من كسر سيفه الخشبيّ بضربةٍ قاضية 

ثم رفع صوته منادياً بفخر : من يجرأ على منافستي !!


ليشهق الجميع فور دخول الوصيفة ماري الى الحلبة ! بعد أخذها سيفاً خشبياً من أحد الخاسرين

فابتسم الملك ساخراً : هل ستحاربيني بنقابك الطويل ؟

 

فإذا بها تزيله ، لينصدم من جمالها الأنوثيّ الصارخ ! الذي كان سبباً  لإطاحة سيفه بضربةٍ سريعةٍ منها .. 

قائلةً له باستهزاء :

- هيا احمله ، وبارزني .. إن استطعت !!

فقال بسخرية : أخاف ان أُذيك يا صغيرة

فأطاحت سيفه للمرة الثانية ، قائلةً :

- انا أقوى ممّا تتصوّر بكثير .. هيا ايها الملك ، الجميع بانتظارك ..لا تدع فتاةٌ صغيرة تربح على قائدٍ عظيم مثلك


وكلامها المستفزّ جعله يهجم عليها بقوة ، ليحتدم العراك بينهما .. لكنها تمكّنت من إطاحة سيفه للمرة الثالثة ! 

فضحكت النساء من الحضور ، بينما التزم الرجال الصمت خوفاً من غضب الملك الذي قال لمنافسته :

- لن أسمح لك بجعلي أضحوكة بين الناس 

ماري بتحدّي : إذاً أرني قوتك الحقيقية 


وهذه المرة بارزها كرجل ، الى أن أوقع سيفها أرضاً .. 

فصفّق له الجمهور .. 

فقال لماري بابتسامةٍ لئيمة : 

- هآ نحن تعادلنا 

ماري بغضب : ليس بعد !!


وهجمت عليه بقوة .. لكنهما توقفا بعد سماعهما صوت المرسال ينادي من بعيد :

- الملك روبرت !! رسالةٌ لك من أمير إيرلندا


وانتهى الحفل بذهاب الملك مع المرسال الى قلعته .. وتبع جوادهما ، عربة الملكة ووصيفتها ماري

***


في القلعة .. علمت ماري بعد تنصّتها على مجلس روبرت : أن أمير ايرلندا يطلب حمايته ، بعد حرق جنود ملك انجلترا (إدوارد الثاني) لأراضي المزارعين الذين رفضوا دفع الضرائب الإضافية .. وطلب في رسالته : المساندة العسكريّة


وما فعله جنود والدها كان نقضاً صريحاً لمعاهدة السلام بينه وبين روبرت الذي كان واضحاً بشأن عدم المساسّ بممتلكات أمير ايرلندا وأمير ويلز .. لذلك أخبر ملك إنجلترا في رسالةٍ عاجلة عن حربٍ جديدة ، تقام بعد شهر ! مما أفزع ماري التي انتظرت ذهاب المرسال وحرّاسه لدخولها المجلس ، ونُصحته بقلق :

- جنود ملك إنجلترا بالآلاف ، معظمهم من الفرسان المُدجّجين بالسلاح .. وأنتم عددكم قليل ، حتى لوّ انضمّ الإيرلنديون لجندك 

روبرت : لا تخافي .. طالما نُحارب الظلم ، فالربّ معنا

ولأوّل مرة تشعر بالخوف عليه ، بعد تأكّدها من ظلم والدها لشعبه 

***


في الموعد المحدّد ، إلتقى الجيشان في سهلٍ واسع .. وكان واضحاً تفوّق الجيش الإنجليزيّ على المزارعين الفقراء الذين أحضروا معهم العصيّ المُسننّه على هيئة رماحٍ خشبية ، في مقابل الرماح الحديدية الطويلة والسهام والنبال والسيوف ومئات الجياد السريعة المدرّبة على المعارك ! 


ورغم ذلك هجم الجنود الفقراء بكل قوتهم باتجاه الجيش المسلّح .. 

وفي غضون دقائق .. امتلأت الساحة بالجثث ، معظمهم من الأسكتلنديين! 


وفجأة ! ظهر الفارس المقنّع من جديد .. واستبشر إدوارد الثاني برؤية حليفه الغامض .. لكنه انصدم عند توجّهه بحصانه الأسود صوب الصفوف الخلفية ، مُشهراً سلاحه اليه مباشرةً ! بعد إطاحته أعتى قادته عن جيادهم ، بضربةٍ واحدة من سيفه الفضيّ الحادّ


ولأوّل مرة شعر إدوارد بالرعب من الفارس الأهوج ، جعلهُ يفرّ هارباً مع قادته باتجاه القصر.. تاركين جندهم يحاربون وحدهم المزارعين الذين ازدادوا قوةً بهذا النصر المفاجىء الذي وهبهم إيّاه الفارس المقنّع الذي اختفى ايضاً وسط المعمعة الى جهةٍ مجهولة ، بعد تعرّضه لجرحٍ غائر في خاصرته !  

***


لاحقاً عمّت الإحتفالات قلعة روبرت ، التي حضرها كبار قادته وعائلات الشهداء ..

***


بعد شهرين .. دخلت رئيسة الجواري الى مجلسه ، لتخبره عن أمرٍ خطير 

فنزل معها الى المطبخ ، ليتفاجأ بزوجته تغازل الطبّاخ وتشكره على طعامه اللذيذ .. 


فأشهر سيفه ، ووضعه على عنقها ..صارخاً بغضب :

- الا يكفي انني قبلت الزواج من امرأةٍ قبيحة مثلك ، وتخونيني ايضاً مع الطباخ !!

إليزابيث وهي ترتجف بقوة : سيدي ، انا لم أخنك يوماً

- رأيتك بعيني وأنت تمسكين يده بشغف .. (ثم نظر لطبّاخه الذي كان أشد رعباً منها) .. وأنت !! سأجعلهم يعذّبونك قبل قتلك 


فلم يعد بإمكان إليزابيث إخفاء السرّ أكثر من ذلك ، فقالت باكية : 

- انا لست زوجتك !! بل وصيفة الأميرة ماري

الملك بصدمة : ماذا قلتِ ؟!

وأخبرته بموجز ما حصل ..


روبرت بدهشة : إذاً ماري هي ابنة ملك انجلترا ؟!

إليزابيث : نعم ، انا خادمة زوجتك .. هذه هي الحقيقة ، أحلف لك !!

- واين هي ماري ؟ لم أرها منذ فترةٍ طويلة !

- تقدّم الطعام لشعبك كل يوم

- أحقاً ! لم أكن أعلم

إليزابيث : أحبها الجميع ، لكنهم لا يعلمون انها ملكتهم 


بهذه اللحظة .. دخلت ماري مع الحارسين ، ومعهم سلال الطعام الفارغة وهي تقول بسعادة : 

- وزّعت الخبز على جميع الفقراء في المنطقة الشمالية .. آه سيدي ! لم أعلم انك هنا

إلزابيث : آسفة سيدتي ، أخبرته بالحقيقة 

ماري بقلق : لماذا ليز !

فأمسك الملك يدها ، وسحبها بقوة : تعالي معي !!

***


وأخذ ماري الى غرفته .. وهناك صرخ في وجهها :

- لماذا كذبتي عليّ ؟!!

ماري بحزن : لأن والدي فاجأني بشروط الهدنة ، ولم أكن أرغب الزواج من شخصٍ لا أحبه 

روبرت : والآن بعد أن عشتِ معي سنةً كاملة ، ألم تغيّري رأيك ؟

- كانت سمعتك سيئة في إنجلترا ، فهناك يصفونك بالطمّاع الذي يستغلّ شعبه للوصول لسدّة الحكم .. لكن رأيّ تغير بعد قراراتك الرحيمة بالفقراء .. المشكلة انني لم أجد الطريقة المناسبة لإخبارك أنني زوجتك


زوجها بلؤم : ليس بعد الآن 

- ماذا تقصد ؟!

- انت كذبتي عليّ ، ولم أعدّ أثق بك

- روبرت !

صارخاً بقسوة : الملك روبرت ايتها الوصيفة !! انت أفسدتي بنود الهدنة بين بلدينا .. والإشاعات التي سمعتها عني صحيحة ، فأنا أتطلّع للإستيلاء على عرش والدك ..


ثم نادى حارسه الذي أمره بحزم :

- غداً صباحاً ، تُعيد إليزابيث ووصيفتها ماري الى قصر الملك إدوارد 

الحارس : حاضر سيدي !!


ثم قال لماري : وأنتِ !! جهزي أغراضك ، لا اريد رؤية وجهك في قلعتي ثانيةً 

وخرج غاضباً من الغرفة ، تاركاً ماري في انهيارٍ شديد 

***


بعد عودتها الى قصر والدها ، إنزوت في غرفتها القديمة .. ولم تستطع وصيفتها إليزابيث إخراجها من كآباتها بعد صدمتها بحبها الأول

***


بعد شهور .. إحتدّت المشاكل بين الملك وروبرت الذي أقنع شعبه بالإمتناع كلياً عن دفع الضرائب ، مما أجبر إدوارد الثاني على تحديد موعدٍ لمعركةٍ حاسمة بينهما 

***


واجتمع جيش الملك مع الجيش المشترك بين ايرلندا واسكتلندا الذين بدوا أكثر إستعداداً ، بعد ازدياد عدد الخيّالة والأسلحة الجديدة !

وسرعان ما تساقط الضحايا من الفريقين .. 

وإذ بأحدهم يصرخ :

- الفارس المقنّع !!


وتوقف الجميع لرؤيته فوق جواده الأسود ، واقفاً بثبات فوق التلّ .. 

لكنه هذه المرة ، رمى سيفه بعيداً وتراجع للخلف .. كأنه يعلن عدم مساندته لكلا الطرفين !


فإذّ بروبرت يترك المعركة لملاحقته ، فهو يصرّ على معرفة هويّة الفارس الغامض الذي حاول بكل قوته الهرب مُتوغلاً في الغابة .. 

الا ان الملك الإسكتلندي العنيد إستطاع القفز ببسالة على حصان الفارس وإسقاطه ارضاً .. 


وحين أزال قناعه ، تراجع للخلف بصدمة بعد رؤيته ماري !

- أهذا انتِ ؟!

ماري بغضب : نعم انا !! ولأجلك أصبتُ بجرحٍ بليغ في خاصرتي  بالمعركة الماضية 

- ألهذا اختفيتي طوال تلك الفترة ؟

- عالجني طبيبك بعد أن أمرته بكتمان الأمر عن الجميع 

روبرت : ولما لم تحاربي معي هذه المرة ؟!

- لأنك لا تختلف كثيراً عن ابي ، فكلاكما كسرتما قلبي بتخليّكما عني بهذه السهولة !

- مالاتعرفينه يا ماري ..إنني ندمت على قراري فور رحيلك عن قلعتي ، لكني لم أستطع التراجع .. 


وهنا سمعا صوت انفجارٍ قويّ من بعيد ! 

روبرت : اللعنة ! والدك يستخدم المنجنيق ضد جنودي .. عليّ الذهاب فوراً 

وركب حصانه عائداً الى المعركة .. 


لكن بعد دقائق : تفاجأ المحاربون بصراخ الفارس المقنّع من فوق التلّ

- توقفوا جميعاً !!

وتوجهت الأنظار نحوه .. لتقول ماري بصوتٍ أجشّ :

- أتريدون معرفة من هو الفارس المقنّع ؟!!


ثم أزالت قناعها ، ليشاهدوا فتاةً جميلة ورقيقة !  

فصرخ والدها بغضب : 

- ماري ! أتريدين جلب العار لوالدك ؟!!  


فعلم الجميع أنها اميرة انجلترا ! التي أردفت قائلةً :  

- ابي !! إن لم توقف المعركة حالاً ، سأطلعهم على مخزنك السرّي المليء بالعملات الذهبية التي جمعها رجالك من ضرائبك الجائرة  

- هل جننت ؟!!

- انت ملكٌ ظالم !! لم تهتم بشعبك مطلقاً .. وأنا عشت بينهم ، ورأيت بؤسهم وفقرهم ، وقساوة جنودك بالتعامل معهم .. وبرأيّ !! الملك روبرت هو الأجدر بحكم البلاد 


والدها : أنت لم تعودي زوجته ، فلما تدافعين عنه ؟!!

وهنا قال روبرت بصوتٍ عالي : بل هي زوجتي !! انا لم أطلّقها بحضور الراهب ، واريد استرجاعها 


فسكت الملك قليلاً ، قبل رميه السيف امام الجميع ! ..ثم فتح ذراعيه (وهو فوق جواده) قائلاً بنبرةٍ حنونة :

- تعالي يا ابنتي الى حضني ، لأعلن لهم إعتزالي عن الملك !! 

فانطلقت بجوادها نحوه ، وهي لا تصدّق ما سمعته ! 


وما أن وصلت اليه ، حتى صُدم الجميع بوضعه الخنجر على رقبتها ! صارخاً بلؤم : 

- روبرت !! استسلم فوراً والا قتلت زوجتك

ماري بصدمة : ابي ! ماذا تفعل ؟

- أنا لم أنسى محاولتك قتلي المرة الماضية .. وطالما انك وقفتِ مع العدو ضدّي ، فأنا أتبرّأ منك 


فرفع روبرت يديه مًستسلماً ، بعد رميّ سيفه بعيداً .. 

فصرخت ماري بخوف :

- لا يا روبرت !! لا تستسلم ارجوك

زوجها : موتي أهون من فقدانك عزيزتي 

الملك ساخراً : هيا اقترب ايها العاشق ، ودعّ حرسي يقيّدون يديك  


واقترب روبرت بجواده ببطء ، وهو يرفع ذراعيه فوق رأسه .. وماري تبكي بقهر ، وسكين والدها مازال على رقبتها !


وقبل وصوله لجهة الملك ، صُعق المحاربون بسهمٍ اخترق قلب إدوارد العجوز الذي خرّ على الأرض صريعاً !


فالتفت الجميع نحو التلّ .. ليشاهدوا فارساً بديناً مُقنّعاً ، قبل فراره الى الغابة

ولم يعرفهُ أحد سوى روبرت وماري ، فوصيفتها إليزابيث تعدّ البدينة الوحيدة في كل إنجلترا بشعبها الفقير المُعدم !  


وسرعان ما تقهقر وزير إدوارد وقادته ، مُخلّفين جنودهم الذين رموا أسلحتهم مُعلنين استسلامهم .. 


وبهذه الأثناء .. أعلنت ماري امام الجميع تنصيبها روبرت ملكاً على البلاد ، وسط هتاف الجنود القادمين من كافة المناطق البريطانية

***


ولاحقاً عمّت الأفراح البلاد بعرسٍ جماهريّ للملك الجديد روبرت وزوجته ماري ، بعد حصول وصيفتها إليزابيث وعريسها الطبّاخ على لقب الفارسين .. والتي أصبحت لاحقاً مربيّة وريث العرش الصغير : الأمير آرثر الذي خطف قلوب الشعب ، بعد توحّدهم في دولةٍ تحكمها قوانين العدل والمساواة بين جميع مواطنيّ بريطانيا العظمى


هناك تعليقان (2):

  1. اللبنانيون الذين يعتمدون في عملهم على الحاسوب في بلدٍ يُقطع فيه الكهرباء كل ساعتين ، لهيّ مهمةٌ صعبة للغاية .. أعاننا الله جميعاً على مصابنا المستمرّ منذ سنتين !

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...