الخميس، 29 أكتوبر 2020

لكم دينكم وليَ دين

 كتابة : امل شانوحة

دفاعاً عن الحبيب المصطفى

  

في الصباح الباكر .. جلست ريمي المحجبة داخل القطار مُحاولةً تجاهل نظرات الغضب والإشمئزاز من الركّاب الفرنسيين ، في ظلّ أزمتهم الراهنة مع المسلمين ..

واثناء إنشغالها بالجوال ، إقتربت منها امرأة حاقدة لنزع حجابها بالقوة ، وهي تشتم الإسلام الذي أفسد جمال فرنسا

لكن ريمي إستطاعت منعها بمسك يديها بقوة ، قبل تمكّنها من سحب الحجاب

فصرخت المرأة بعصبية : أتركيني !! انت تؤلمينني

ريمي بحزم : إذاً إجلسي في مكانك بهدوء ، والزمي الصمت 


وأعادتها لمقعدها المواجه لها .. لكن هذا لم يوقفها عن متابعة شتمها ، لإثارة بقية الركّاب ضدّ الفتاة المسلمة التي حاولت تجاهلها قدر الإمكان ..

وحين ارادت المرأة الفرنسية شتم الرسول .. 

تفاجأت بريمي تهجم عليها ، وتشدّها بعنف من ملابسها .. وسط دهشة وارتباك الركّاب ! 

قائلةً بنبرة تهديد : 

- إلاّ رسول الله !!!! سمحت لك بشتمي كما تشائين .. لكن كلمة واحدة على النبي محمد ، أقسم بالله انها ستكون آخر كلمة تنطقيها في حياتك.. مفهوم !! 

فأومأت المرأة برأسها إيجاباً ، وبخوفٍ شديد


فعادت ريمي الى مقعدها ، وهي تقول للجميع :

- نحن لا نسيء لنبيكم .. بل من اركان الإيمان : إيماننا بجميع الرسل.. لذلك نُطالب باحترامكم لنبينا .. وإيّاكم القول : حريّة التعبير .. فلا أحد منكم يجرأ على شتم اليهود ، خوفاً من إتهامه بالعداء للساميّة .. وإن حاولتم تعنيف السود ، ستُتهَمون بالعنصرية .. حتى عبّاد الشياطين بأشكالهم المرعبة ، والشواذ الحمقى أصبح لديهم حقوق قانونية .. فلما لا تتركونا وشأننا ؟!!


فقال أحدهم بلؤم : ولما لا تعودون الى بلادكم ؟!!

فأجابته بقوة : إخرجوا جنودكم اولاً من بلاد المسلمين ، وأوقفوا تدخلاتكم السياسية والإقتصادية ، من بعدها نهاجر من بلادكم .. اساساً انا مواطنة فرنسية مسلمة من أمٍ عربية

المرأة الحاقدة : بنهاية المطاف ، سنطرد المسلمون الحثالة من كل اوروبا 

ريمي : هذا إن لم نُسقط إقتصادكم اولاً .. فخسائركم بالملايين بعد مقاطعة المسلمين حول العالم لبضائعكم الفرنسية .. حتى مسلميّ فرنسا لا يشترونها .. وقريباً ستشعرون بالأزمة الإقتصادية ، وتنزلون للشارع للتظاهر والضغط على رئيسكم للإعتذار منا 


فقالت امرأة عجوز : نحن لا نراه مخطئاً بإعدام الطالب الذي ذبح استاذه 

ريمي : لوّ اكتفى بذلك لما جادلناه بقراره ، لكنه سمح بنشر صوراً مسيئة للرسول بحجّة حرّية التعبير ، وهذا غير مقبول بتاتاً .. الم تتعلّموا من الدنمارك التي أوشكت على الإفلاس بعد ارتكابها الخطأ ذاته قبل سنوات ؟ .. إتركوا ديننا وشأنه !! .. (ثم تنهّدت بضيق لتهدئة نفسها) ..  الأفضل ان نلتزم الصمت لحين وصولنا للمحطة ، ويذهب كل واحداً منا في حال سبيله 

..فسكت الجميع وهم مازالوا ينظرون اليها بلؤمٍ واشمئزاز ..


بعد قليل .. قطع صمتهم المتوتر دخول امرأة (قادمة من مقطورةٍ ثانية) وهي تحمل رضيعها الذي انفجر بالبكاء المزعج فور جلوسها بينهم ، مما ضايق الجميع..

فصرخ رجلٌ من بعيد بعصبية : أسكتي ابنك يا امرأة !!

الأم بارتباك وهي تحاول إسكاته : لا ادري ماذا حصل له !


فقامت ريمي بتشغيل آية الكرسي (من جوالها) وأسمعته للرضيع الذي سكت على الفور ، قبل تثاؤبه بنعاس .. وسط دهشة امه والركّاب ! 

فقالت ريمي : الأطفال عادةً يرون الشياطين ..وهذه الآية القرآنية بالذات تبعد أذاهم عنهم .. 

فردّت المرأة الحاقدة : أحقاً تصدّقين هذه الخرافات ؟

ريمي : حسناً لنجرّب أغنية نوم للأطفال  

وأدارت ريمي أغنيةً هادئة من جوالها ، ليعود الرضيع للبكاء ثانية! 

فصار الركّاب يقترحون اغاني اخرى استخدموها لتهدئة اولادهم ، لكن الطفل ظلّ يبكي بشكلٍ متواصلٍ ومزعج .. 


فأعادت ريمي تشغيل سور المعوذات التي لم تسكته فحسب ، بل جعلته ينام براحة ! 

ريمي : أرأيتم ؟

المرأة الحاقدة باستخفاف : مجرّد صدفة ..


وهنا دخل اليهم رجلٌ (قادم من المقطورة المجاورة) برفقة كلبه الذي ظلّ ينبح بصوتٍ عالي ..

فعادت ريمي لتشغيل سورة قرآنية ، والتي أوقفت نباحه بعد انبطاحه على الأرض بسكونٍ غريب !  

فقالت ريمي بتهكّم : 

- الحيوانات ايضاً تستشعر شياطين الإنس والجن 


فاقترب منها رجلٌ عجوز ليسألها :

- إشتريت منزلاً مهجوراً بسعرٍ بخس ، وأحاول تصليحه للسكن فيه .. وكلما أحضرت عمّال بناء ، يهربون منه بعد سماعهم لأصواتٍ مرعبة من القبو .. والمستأجر السابق أخبرني انه مسكون بأرواحٍ شريرة .. فماذا أفعل؟ 

ريمي : قم بتشغيل سورة البقرة بصوتٍ عالي  .. 

فقاطعتها المرأة الحاقدة بسخرية : البقرة ايها الرعاعّ ؟

ريمي : نعم .. هي أطول سور القرآن ، وتتكلّم عن بقرة اليهود الصفراء المذكورة في الإنجيل والتوراة .. وهي سورة تكرهها الجن كثيراً ، وتجعلهم يفرّون سريعاً من المنزل 

العجوز : سأجرّبها الليلة ، فالراهب لم يستطع طرد الأرواح من هناك 


المرأة الحاقدة بغضب : لا تصدّق خزعبلاتها يارجل !! 

فأجاب العجوز :  كنت شاهدت في شبابي فيلماً تاريخياً عن رسولهم ، وكيف تعذّب من أقرب الناس اليه .. ولا يمكن لأحد إنكار كيف استطاع  يتيمٌ وأُمّي نشر الإسلام ببقاع الأرض ، حتى أصبح عدد أتباعه يتجاوز 1.9 مليار مسلم ... حيث يوجد في فرنسا وحدها ما يقارب 5.7 مليون شخص ، أيّ ما يعادل نسبة 8.8% من مجمل سكّان فرنسا .. 

المرأة الحاقدة بقلق : تتكلّم وكأنك تفكّر باعتناق دينهم ؟!

العجوز : ليتني أعرف شروطه ؟

ريمي بابتسامةٍ حنونة : لا توجد شروط كثيرة ياعم .. يكفي ان تؤمن بوجود إلهٍ واحد ، وبأن عيسى مثل موسى ومحمد ، جميعهم انبياء الله ورسله ...وبذلك تصبح مسلماً .. وإن مُتّ وانت على يقين بذلك ، دخلت الجنة 


العجوز : الا يجب عليّ إشهار اسلامي ؟

ريمي : الإسلام نفسه لم يُعلن الا بعد ثلاث سنوات من الدعوة السرّية .. فالإعلان ليس شرطاً في ديننا ، ويمكنك إخفاء إسلامك إن خفت أذيّة الناس

المرأة الحاقدة : لوّ كنت امرأة ، لأجبرتك على الحجاب

ريمي : الحجاب ذُكر بالتوراة والإنجيل ، حتى ان بعض اتباع الدينين مازلن يرتدينه ليومنا الحالي .. ثم لا افهم كيف لا تضايقكم شواطىء العراة ، ويغيظكم منظر المرأة المحتشمة العفيفة ! بالنهاية هي حرّية شخصية ، تماماً كإطالة الرجال للحاهم .. الا تدّعون ان فرنسا تحترم الحرّيات ؟ ونحن نريد ستر أنفسنا ، فما شأنكم انتم؟!! 

العجوز : نعم ، انا ايضاً ارى الحجاب إحتشام وعفّة 


المرأة بحقد : لا تنجرف لكلامها المعسول ، فدينهم وحشيّ : يُقطع فيه يد السارق وتُرجم الزانية .. ورجالهم يتزوجون اربعة نساء .. حتى نبيهم تزوج 11 امرأة ، منهن طفلةٌ صغيرة

ريمي : سأجيبك على كلامك .. اولاً لوّ كان الرسول يهوى النساء لتزوجهم جميعاً ابكاراً وصغار السن .. لكن زوجته الأولى كانت تكبره ب 15 سنة..

المرأة مقاطعة : لأنها غنية

ريمي : لا ابداً .. كان زواجه منها لحكمةٍ إلهية ، فهي من هدّأت روعه بعد رؤيته لجبريل اول مرة.. اما عن بقية زوجاته : فمنهن المطلقة والأرملة واليهودية والنصرانية والجارية .. كل هذا لإفهام المسلمين بأنواع النساء المسموح لهم الزواج بهنّ .. اما زوجته الصغيرة عائشة ، فهي ابنة صديقه ابو بكر وتزوجها في سن 9 .. وفي ذلك الزمان ، تتزوج الفتاة فور بلوغها .. وكان زواجها بها لحكمة : فعقلها اليافع أشبه بالحاسوب ، حفظت فيه كل احاديث الرسول ، ونقلت تصرّفاته في المنزل مع نسائه لتعليمها للناس ، وبذلك حفظت الدين ..


فقال أحدهم : هناك فئة منكم تتكلّم عنها بسوء ؟ 

فردّت ريمي : لا تحكموا على الأسلام من المسلمين ، فالقلّة منّا يطبق احكامه جيداً .. عليكم العودة للقرءان واحاديث الرسول الصحيحة ، وهي  مترجمة بكل لغات في الإنترنت 

المرأة : وماذا عن حدودكم القاسية ؟

ريمي : هناك شروطٌ صارمة لتطبيق الحدود ..فمثلاً الزانية التي رُجمت ايام الرسول إعترفت بنفسها لكيّ تتطهّر من ذنبها يوم قيامة .. اما السارق فلا تقطع يده في زمن الفقر والمجاعة ، فالحكم نزل بالأشخاص الذين يستطيعون الكسب الحلال ومع ذلك يهوون السرقة لإيذاء الناس .. اما عن موضوع الزواج الأربعة ، فهي ليست لكل الرجال .. فقط لمن لديه طاقة زائدة ، ولا تكفيه امرأة واحدة .. فزواجه بأخرى أفضل من معصية الخالق ..وهذا الزواج لا يتم الا بشرطٍ قاسي : وهو العدل بين زوجاته .. يعني ان إشترى لإحداهن هدية ، فعليه شراء ذات الهدية للبقية  .. وإن غازل احدى زوجاته ، فعليه مغازلة الثلاثة الأخريات .. والله أخبرنا في القرآن ، ان العدل بينهنّ لن يكون سهلاً 


المرأة الحاقدة : اساساً دينكم يحتقر النساء !!

ريمي : من قال ذلك .. لدينا حقوق اكثر من أيّ دينٍ آخر .. فالرجل عليه دفع المهر لنا قبل الزواج .. وتوفير حياة كريمة لزوجته تناسب حياتها مع اهلها .. فإن كان في بيت والدها خادمة ، فعليه إحضار خادمة لها .. وإن رفضت إرضاع ابنها ، فلا تُجبر على ذلك .. فإما ان يحضر مرضعة لإبنه ، او يدفع لها ثمن الرضاعة .. ولم يُذكر حديثٌ واحد بأن الزوجة مُلزمة بالطبخ  واعمال المنزل .. ولا تنسي ان الإسلام نزل في زمن وأدّ البنات ودفنهن احياءً .. فكانت احكامه رفعةً عظيمة لهن ، بعد إعطاهن حرية الرأيّ والميراث والتجارة كالرجال .. ثم أتدرين من هي المرأة الوحيدة المذكورة بالقرآن ؟ 

المراة الحاقدة : أكيد إحدى زوجاته

ريمي : لا ، بل مريم .. أيّ ماري ، ام عيسى ..وهناك سورة كاملة بإسمها ، ووصفها الله بقوله :((وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِين))


فسألها احد الركّاب : وماذا تقولون عن المسيح عيسى ؟

ريمي : هو من أوليّ العزم من الرسل .. وكانت معجزته : الولادة دون اب .. وهو في ديننا لم يُقتل او يصلّب ، بل رفعه الله للسماء مُعززاً مكرّماً.. وسينزل آخر الزمان ليحكم الناس بالعدل بعد نشر السلام والأمن بينهم ..  دعوني أسمعكم سورة مريم مترجمة بالفرنسية 


وبعد ان سمعوها باهتمام .. قالت لهم ريمي : 

- ارأيتم كيف نحب المسيح ، لهذا نطالبكم باحترام نبينا 

المرأة الحاقدة بلؤم : نحن سنظلّ نكرهكم للأبد !! 

ريمي : هذا لأن اهاليكم ربّوكم على ذلك .. لكننا في قرن 21 ، ولدينا انترنت .. إبحثوا فيه عن أوجه الإختلاف والتشابة بين الأديان ..وشاهدوا فيديوهات المشايخ باللغة الفرنسية ..على الأقل تثقّفوا لمجادلة المسلمين .. وأعدكم ان تجدوا كل الإجابات لأسئلتكم ..

فسكتوا جميعاً ..


فأكملت ريمي قولها : الم تتساءلوا يوماً لما الدين الإسلامي هو اكثر دين مُحارب في العالم ؟ .. لما لا يحاربوا عبّاد البقر والشياطين والماسون الذين يحرقون قرابين الأطفال لإبليس ؟.. لما يصرّون على تشويه دينٌ مسالم كديينا .. سأجيبكم !! لأنهم يعرفون جيداً انه دين الحق .. فأيّ شخص يعتنق الإسلام مستحيل ان يتركه بعد شعوره بنور الله يشعّ في قلبه .. رجاءً إقرأوا المزيد عن الإسلام ، ولا تصدّقوا ما يُقال في الأخبار ووسائل التواصل الإجتماعي التي تُظهرنا كوحوش ومتخلّفين .. فديننا الوحيد الذي أخبرنا بأحداث الماضي قبل خلق آدم ، وأطلعنا كذلك على ما سيحصل في المستقبل القريب ، الى يوم حسابنا جميعاً في الآخرة 


فسألها شاب باهتمام : أتعرفون حقاً المستقبل ؟!

ريمي : نعم ، وستجدونها في الانترنت تحت عنوان : علامات القيامة الصغرى والكبرى التي تحدّث فيها الرسول عن الدجّال ويأجوج ومأجوج وغيرها .. رجاءً ابحثوا عن الموضوع ، فالعمر يمضي سريعاً 


وهنا توقف القطار ..

فخرجت ريمي وهي تقول لهم : هداكم الله جميعاً ..


وقبل خروجها من المحطة .. شاهدت المرأة الحاقدة من بعيد وهي تُحني رأسها ، كأنها تُحيّها باحترام !

فابتسمت ريمي بعد نجاحها بتقليل عنصرية المرأة ضدّ المسلمين ، فهي لطالما آمنت بوجود بذرة خير في كل انسان مهما ساءت اخلاقه .. ودعت ربها بالهداية لها ولبقية الركّاب وإنارة قلبهم للإيمان ودين الحق 

*****

ملاحظة :

1- أردّت نشر قصتي في هذا اليوم الذي يُصادف مولد الحبيب المصطفى ، أعاده الله على الأمة الإسلامية باليُمن والبركات

2- استلهمت قصتي من هذه الفيديوهات :


 


أتمنى ان تعجبكم القصة ..

هناك 3 تعليقات:

  1. سلمت يداك ��
    الحمدلله على نعمة الإسلام

    ردحذف
  2. قصصك رائعة وجميلة
    لقد قلتي لي أننا لا نعيش في عالم ديزني وأن الحياة ظالمة لكني أخالفك الرأي فأن الله لا ينصر ظالم على مظلوم سيخذون جزائهم في الدنيا وعذاب كبير في الأخرة

    ردحذف
  3. قصـة جميلة،أتمنىٰ منكِ أن تكثـري من هَذه القصص.

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...