الجمعة، 25 أكتوبر 2019

مساعدة مجانيّة

تأليف : امل شانوحة


إمسكي يدي

بدأ روتين الحياة المملّ يضغط على اعصاب سعاد , لذا أصبحت تقضي جلّ وقتها في تصفّح الإنترنت , الى ان وجدت موقعاً مختصّاً بالمواضيع المخيفة .. وسرعان ما اصبحت عضوة ناشطة فيه ..وكان أحد اقسامه عن التجارب الحقيقية المخيفة ..  

وعلّق أحدهم بإسم ((سهاد)) الى صاحب التجربة :
- رؤيتك للكوابيس باستمرار يدلّ بأنك مسحور .. وبإمكاني فكّ سحرك بسهولة , لأني خبير بهذه الأمور

فانهالت التعليقات الساخرة عليه .. ومنهم سعاد التي طالبته بعدم إعطاء أملاً كاذباً للآخرين..

والغريب انه لم يردّ على أحدٍ سواها :
- كنت انتظر تعليقك يا سعاد , فأنت الأسوء حظاً بين اعضاء الموقع من الناحية العاطفية والمالية والعملية والحياة الشخصية .. فإن أردّت القضاء على النحس الذي رافقك طوال عمرك , إتصلي بي على ايميلي التالي

وقد ضايق سعاد تدخله بحياتها , فأجابته : 
- شكراً أخ سهاد , لكني لا أصدّق بهذه الأمور 
فردّ قائلاً : رجاءً إقرأي رسالتي التي بعثتها قبل قليل 

وبالفعل وجدت رسالة على ايميلها , بعنوان : 
((اريد حقاً مساعدتك , يا سعاد أحمد))

فأحسّت بالإرتباك ! لأنها سجّلت في الموقع بإيميلٍ وهميّ .. وعلّقت على كافة المواضيع بإسمها الأول , فكيف عرف اسم والدها ؟!

وحين فتحت الرسالة , وجدت جملة واحدة تقول :
((إسمحي لي بحلّ مشاكلك.. صديقك سهاد))

ولاحقاً حذفت إيميلها وتسجيلها في الموقع , بعد ان ضايقها الشاب الغامض (سهاد) بإلحاحه على مكالمتها , ولأيامٍ متتابعة ! 
***

وبعد اسبوع .. وقبل نومها , وصلتها رسالة على جوّالها :
- لا تشربي دوائك , فهو يسبّب لك الأرق
فردّت قائلة : عفواً ! يبدو انك اخطأت بالرقم 
فأجابها : سهاد لا يُخطأ ابداً
فنهضت فزعة من سريرها وهي تقول :
- كيف عرف اللعين رقم جوّالي ؟!

وقبل ان تستوعب ما حصل ! ارسل لها صورة لغرفة نومها , كادت تُسبّب لها أزمةً قلبية 
فأسرعت بتفحّص شقتها جيداً , لتأكّد من إغلاقها جميع النوافذ وقفلها للباب الخارجيّ ..

وحين عادت الى غرفتها , وجدته أرسل على جوّالها : صورته دون إظهار وجهه !

فردّت بغضب : توقف عن الآعيبك السخيفة يا سهاد !! فأنت هكر لعين , إخترقت كاميرا حاسوبي لتصوير غرفتي .. كما إن فوتوشوب صورتك غبيٌ للغاية 
فردّ قائلاً : أنظري وراءك , عزيزتي

وما ان التفتت خلفها , حتى وجدته واقفاً قرب نافذتها دون ملامحٍ واضحة لوجهه (تماماً كالصورة) .. فأغميّ عليها من شدّة الخوف!
***

واستيقظت بعد قليل , لتجده واقفاً قرب سريرها دون حراك ! 
فصرخت بعلوّ صوتها وهي ترتعش رعباً :
- أنقذوني !!! هناك لصّ في غرفتي 
فأجابها بهدوء : لا تتعبي نفسك , فقد أخفيت صدى صوتك 
فسألته وهي تبكي : من انت ؟ وماذا تريد مني ؟!
- اريد مساعدتك في فكّ سحرك القديم
صارخةً بهستيريا : قلت لك الف مرة , انا لست مسحورة !!
- اذاً دعيني أريك الماضي .. هيا إمسكي يدي

ومدّ يده نحوها .. لكنها حاولت الهروب من الغرفة , الا ان قدميها لم تتحرّكا من السرير ! 
فعاد ومدّ يده نحوها :
- إفهميني يا سعاد .. مهمّتي هي إنقاذك من حياتك البائسة , لذا رجاءً لا تضيّعي المزيد من وقتي , وامسكي يدي 

فمدّت يدها نحوه بترددٍ شديد .. وحين شدّ قبضته عليها , عادت معه الى زمن الماضي !
***

حين فتحت عيناها ! رأت نفسها في منزل اهلها , داخل غرفتها القديمة .. وكانت هناك طفلة تلعب بدميتها فوق السرير ..
فالتفتت سعاد نحو سهاد (الواقف بجانبها) قائلةً بدهشة :
- تلك الطفلة هي انا في سن السادسة !
- اعرف هذا .. والآن انظري من القادم 

وأشار الى باب الغرفة الذي انفتح , لتدخل خالتها وبيدها كوب العصير ..واعطته للطفلة (دون ان تراهما واقفين في زواية الغرفة) :
- هيا يا سعاد , إشربي العصير .. فأمك طلبت مني الإهتمام بك , لحين عودتها من السوق
فارتشفت الطفلة قليلاً منه .. لكن خالتها أصرّت على شربه لآخر قطرة

وبعد خروج الخالة من الغرفة مع الكوب الفارغ , قالت سعاد لسهاد:
- خالتي لم تفعل شيئاً ! 
- اذاً دعينا نعود الى زمن تحضيرها العصير .. هيا إمسكي يدي

وفجأة وجدت سعاد نفسها في المطبخ , ورأت خالتها تضع قطراتٍ من سائلٍ شفّاف في العصير ..

فقال لها سهاد : ارأيتي !! لقد وضعت لك سحر العنوسة
سعاد باستغراب : ولما سحرتني ؟!
- ارادت خدمة من الجن وكان الثمن إيذاء احدهم , وكنت فريسة سهلة
سعاد باستنكار : لا ! اظنك مخطأً , فأنا مخطوبة حالياً

سهاد : وكم مرة إنخطبت سابقاً ؟ 
- ثماني مرات .. لكن هذه المرة سيتمّ الزواج , لأن خطيبي يحبني ..
سهاد مقاطعاً بحزم : إن لم تفكّي سحرك , فلن تتزوجي طوال حياتك
سعاد بقلق : وكيف أفكّه ؟! 
- دعيني اريك اولاً بقية مشاكلك.. هاتي يدك 

وحين أمسكت يده , وجدت نفسها في شركة الإعلانات .. 
فشهقت باستغراب :
- توظّفت في هذه الشركة بعد تخرّجي الجامعي !
سهاد : وكيف كان الوضع هناك ؟
- كنت متفوقة بأفكاري على بقيّة الموظفين , قبل ان يقوم المدير الغبي بطردي دون إخباري السبب ! 
- طردك لأنك ارسلتي فكرة اعلانٍ مهم للشركة المنافسة
سعاد بعصبية : لا لم افعل !! 
- أعرف هذا , فهناك من ورّطك بالموضوع .. إمسكي يدي لتعرفي الفاعل 

وإذّ بها تنتقل الى مكتبها القديم .. حيث رأت نفسها منشغلة بكتابة شعار الإعلان , حين دخلت زميلتها ومعها اوراق البريد .. فوقّعت عليهم دون النظر الى محتواهم  

وهنا قال لها سهاد : لقد دسّت بين الأوراق بريداً للشركة المنافسة , وفيه ملخّصاً لفكرة الإعلان الذي تعملين عليه  
سعاد بقهر : اللعينة , لما فعلت ذلك ؟! فقد كنّا أصدقاء !
- لأنها تغار من تفوّقك في الشركة , رغم حصولها على علامات افضل منك في الجامعة .. وعلى فكرة .. هي لم تكتفي بطردك فقط , بل حرصت على تشويه سمعتك ونزاهتك العملية عند رؤساء النقابة ..

سعاد بغيظ وغضب : لهذا رفضت جميع شركات الإعلان توظيفي , رغم براعتي بتقديم الأفكار المبتكرة ! 
- وهآ انت الآن أدركتي سبب تعسّر زواجك وعملك , وبقيّ عليّ ان أفضح تصرّفات خطيبك الفاسد
سعاد بقلق : هل يخونني ؟!
- دعيني اريك ماضيه الأسود .. أمسكي يدي

وبترددٍ وارتباك أمسكت يده , لتعود الى مراهقة خطيبها حين كان مدمناً للحشيش والخمور والنساء الفاسدات 
سعاد وهي تمسح دموعها : لا أصدّق ما رأيت ! 
- لهذا هو شكّاك وغيّور بشكلٍ مرضيّ .. والآن بعد ان عرفتي حقيقته , هل مازلتي ترغبين الزواج به ؟
سعاد : لربما تاب عن ماضيه..
سهاد مقاطعاً بعصبية : سعاد !! لا تكوني غبية هكذا .. 

فسكتت وهي تشعر بخيبة املٍ كبيرة .. 
فاقترب منها وهو يقول : ارجوك إسمحي لي بالإنتقام منهم
فأجابته بيأسٍ كبير : لا اريد شيئاً يا سهاد , فقط أعدّني الى واقعي
- كما تشائين

وهنا استيقظت سعاد في سريرها .. فأسرعت بالبحث بين محادثات جوّالها عن رسائل سهاد , لكنها لم تجدها ! .. فتنهّدت بارتياح :
((كان كابوساً مزعجاً))
***

بعد اسبوع .. تشاجرت مع خطيبها لاعتذاره عن زيارتها مجدداً .. فأغلقت المكالمة وهي تكتم غيظها بصعوبة .. 
وهنا ظهر لها سهاد في زاوية الغرفة .. 
فسقطت على الأرض من هول الصدمة : يا الهي ! ألم تكن حلماً ؟!
- لا , ومازلت اراقب وضعك جيداً
- هل انت جني , ام شيطان ؟!!

سهاد : قلت لك سابقاً , انا هنا في مهمّة محدّدة .. واريدك ان تأتي معي لأريك سبب غياب خطيبك المتكرّر ؟
سعاد : قال بأنه مريض 
- وهل صدّقتي ذلك الفاسد ؟ هيا إمسكي يدي لأريك افعاله الوسخة

فأمسكت يده وهي ترتجف بقوة .. 
وحين فتحت عينيها .. وجدت خطيبها يرقص مع عشيقته على ضوء الشموع في غرفة نومه , بعد ان نثر الورود الحمراء فوق سريره ..

ثم أعادها سهاد الى بيتها بعد إنهيارها بالبكاء المرير ..
سهاد : رجاءً إمسحي دموعك , فهو لا يستحق ذلك 
سعاد وهي تبكي بقهر : لما يريد الجميع إيذائي ؟ فأنا لم افعل لهم شيئاً ! 

فاقترب منها وهو يقول بحزم : 
- للمرة الثانية أطلب منك ان تعطيني الإذن للإنتقام منهم جميعاً 
فتردّدت قليلاً , قبل ان تومأ برأسها موافقة .. فابتسم قائلاً :
- ممتاز !! والآن هات يدك
***

وانتقلا لطفولتها من جديد .. 
وما ان أعطتها الخالة العصير المسحور , حتى تجسّدت سعاد بهيئتها الصغيرة التي أصرّت على شرب العصير وحدها .. فخرجت الخالة وهي تقول : 
- إشربيها حتى آخر قطرة يا سعاد , مفهوم !! 

وما ان عادت الخالة الى المطبخ , حتى تسلّلت سعاد (الطفلة) من غرفتها لتقوم بإشراب العصير الى ابن خالتها الصغير , دون ان تلاحظ امه ذلك 

ثم عادت سعاد الى عمرها الحاليّ , وسألت سهاد : 
- قمت بما طلبته مني , فماذا حصل ؟
- ستعرفين قريباً .. هات يدك , فمازال امامنا زميلتك الحقودة 

حين فتحت عيناها , وجدت نفسها في مكتبها القديم بالشركة .. بلحظة دخول زميلتها مع اوراق البريد .. فطلبت منها سعاد خدمة اخرى .. فخرجت زميلتها وهي قلقة من إنكشاف امرها .. 
وبعد ذهابها .. أسرعت سعاد الى مكتب مديرها , لتريه الورقة المدسوسة داخل البريد .. 
وعلى الفور !! طلب المدير من سكرتيرته مناداة الموظفة الخائنة الى مكتبه.. 

وقبل ان ترى سعاد ما حصل لزميلتها , نقلها سهاد الى إحدى الكازينوهات لترى خطيبها المراهق وهو يقامر باحتراف .. 
فسألت سهاد : وماذا افعل الآن ؟ 
فأعطاها جوّالها وهو يقول : 
- إتصلي بشرطة الآداب للقبض عليه , فهو تحت سن 18 

وفور وصول افراد الشرطة للقبض على المقامرين , عادت سعاد وسهاد للزمن الحالي !
سعاد : مالذي حصل له ؟
سهاد مبتسماً : ستعرفين لاحقاً .. والآن إستمتعي بحياتك الجديدة
- لم افهم !

واختفى سهاد فجأة ! لتجد نفسها جالسة في مكتب مدير شركة الإعلانات  

وعرفت لاحقاً بأنها اصبحت مديرة الشركة , وبأن زميلتها الفاسدة طُردت من نقابة المهنة بعد سوء سلوكها (تماماً كما حصل مع سعاد سابقاً)
***

بعد انتهاء الدوام .. خرجت سعاد من الشركة , لتجد رجلاً يفتح لها باب السيارة وهو يقول :
- لقد تأخّرت اليوم عزيزتي  
وعرفته على الفور ! فهو خطيبها الأول الذي كسر قلبها بعد تركها قبل اسبوع من عرسهما ..  
فسألته بدهشة : سمير ! هل تزوجنا بالفعل ؟! 

فضحك قائلاً : لا وقت للمزاح الآن , علينا إحضار اميرتنا الصغيرة من منزل امك 
سعاد باستغراب : وهل لدينا طفلة ايضاً ؟!
- هل أصبت بالزهايمر المُبكر يا سعاد ؟! هيا إركبي , سنأخذ الولدين من المدرسة , قبل ذهابنا الى حماتي  
***

وكم كانت فرحتها كبيرة حين رأت اولادها الثلاثة الذين يشبهونها الى حدٍ كبير .. 

واثناء وجودها في منزل امها , سألت اختها عن مصير خالتها .. فاستغربت اختها من السؤال ! لكنها اخبرتها بوفاتها قهراً بعد هجرة ابنها الوحيد للخارج بعد تعسّر زيجاته الخمسة .. 
وحين سألتها عن خطيبها الفاسد , قالت بأنها لم تسمع بإسمه من قبل !
***

في تلك الليلة .. نامت سعاد في سريرها وهي تشعر بفرحةٍ غامرة , لكونها مديرة أكبر شركة إعلانات في البلد , ومتزوجة من حبيبها السابق , ولديها ثلاثة اطفال في غاية الذكاء والجمال.. 
قائلةً في نفسها : ((شكراً يا سهاد , لتغيرك حياتي للأفضل))

وهنا أحسّت بزوجها يحضنها من الخلف , فابتسمت لشعورها بالأمان .. بالوقت الذي كان فيه زوجها يعاني من جاثومٍ ثقيل ! وسهاد ينام بينهما وهو يحتضنها بحنان , قائلاً في نفسه :
((طالما استخدمتي قدرات الجن , فحان الوقت لردّ الديّن)) 

ونامت سعاد قريرة العين وهي لا تدرك بانها ارتبطت بجني عاشق , سيبقى حاجزاً بينها وبين زوجها للأبد ! 

هناك تعليق واحد:

  1. اوووه..
    مخيف
    واضح أن نهاية سعاد في حياتهاستكون جحيم،
    فمن تورط بالجن يكون كل شيء جحيم
    انتي انهيتي القصه سعيده
    لكن لو استمريتي بالكتابه فحتما ستكون نهايه حزينه غيرسعيده

    ايضا عنوان القصه انهامساعدة مجانيه والحقيقه انه ليست كذلك هناك ثمن كان مخفيا وهو العشق فالجني سهاد كان يريد سعاد،
    وهاهو معها وهاهو قد قال :طالما استخدمتي قدرات الجن , فحان الوقت لردّ الديّن.
    فأي مساعده مجانيه هذه.
    وتحياتي

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...