الخميس، 12 يونيو 2025

المُشرّدة المُغرمة

تأليف : امل شانوحة 

الحب الطائش


اثناء تعبئة وقود سيارته في المحطّة الفاصلة بين مدينتيّن امريكيتيّن ، مدّت صبيّة يدها نحوه وهي تقول :

- أسقطت محفظتك يا سيد

((حيث بدت كفتاةٍ عشرينيّة مُشرّدة ، بينما هو في الأربعينات من عمره))

فردّ عليها : شكراً لأمانتك

وأراد إعطائها بعض المال ، لكنها اوقفته :

- لا اريد شيئاً

فنظر للمكان الذي تنام فيه (القريب من المحطّة)

- أتلك دارّجتك الناريّة ؟!

فأجابت : نعم ، لكنها مُعطّلة منذ فترة.. وانا أشحذ المال لإصلاحها ، وإكمال سفري عبر المدن

- اذاً لما لا تأخذين المال مني ؟! 

- لا ادري ، تبدو محترماً .. ولم ارد إزعاجك 

الرجل : مازلتي يافعة للعيش في الطرقات ؟ هل هربتي من منزلك؟!

فتنهّدت بحزن : نعم ، من زوج امي الذي حاول التحرّش بي.. وتلك درّاجته ، سرقتها كتعويضٍ بسيط عن عنفه معي

فأعطاها رقم جواله :

- إتصلي بي ، فأنا انزل في فندقٍ قريب من هنا

- ألوحدك ؟

الرجل : نعم ، يمكننا التحدّث معاً إن اردّت

فابتسمت بعفويّة : ربما افعل


ثم انطلق بسيارته .. تاركاً الفتاة تطير من الفرح ، فهو يبدو كفارس الأحلام التي لطالما تمنّته في حياتها !  

***


ومرّت الأيام وهي تحادثه من هاتف المحطّة العمومي ، فهي لا تملك جوالاً


وفي إحدى المحادثات .. أخبرها عن حلم مراهقته : بركوب درّاجةٍ ناريّة ، لكن امه الصارمة منعته من ذلك .. وسألها إن كانت تستطيع رفع العجلة الأماميّة اثناء القيادة بسرعة ؟

فأجابت بحماس :

- بالطبع اعرف !!

الرجل : اذاً عديني عندما أجلس خلفك ، أن تريني مهارتك


وبسبب وعدها له ، تديّنت المال من مُرابي (معروف بقسّوته بتحصيل ديونه) رغم نصيحة صديقتها بعدم التسرّع بإصلاح درّاجتها ، ريثما تعرف نوايا الرجل اتجاهها.. ونبّهتها بأن الرجال المُتعلمين ذوّ المكانة الإجتماعية لا يمكنهم الزواج من نساء مشرّدات مثلهما 

فردّت الصبية غاضبة : 

- انت تغارين مني .. لأني وجدّت حب حياتي الذي سينقذني من بؤسي ، بعكسك !!

المرأة المشرّدة معاتبة : ماهذا الكلام ؟! لطالما اهتممت بك ، منذ وصولك الى مدينتنا.. انا فقط قلقة عليك من المرابي اللعين

الصبية : لا تقلقي بشأنه .. فعندما أتزوج حبيبي ، سيدفع هو ديني ..والآن سأذهب لمصفّفة الشعر لتحسين مظهري .. وشراء فستان جميل ، لملاقاة حبيبي

- لا تصرفي كل مالك على..

مقاطعة بحزم : توقفي رجاءً !! الا تعلمين انه أعاد لي الأمل بالحياة ، بعد ان كرّهني زوج امي صنف الرجال كلهم .. أتركيني أفرح قليلاً ، وتوقفي عن إسداء النصائح الغير مفيدة

المرأة بصدمة : الآن اصبحت غير مفيدة ! بعد ان انقذتك من العديد من المواقف السيئة مع العصابات وبقيّة المشرّدين والشرطة ، وأقنعتك بترك الخمور  

الصبيّة بلؤم : ان لم يعجبك كلامي ، فاقطعي علاقتك بي !!


ثم ركبت درّاجتها (التي اصلحتها حديثاً) وذهبت للسوق ، للإهتمام بنفسها .. بعد  انهاء علاقتها بالمشرّدة (صديقتها الوحيدة منذ خمس سنوات) !

***


وفي الفندق (الذي اعطاها الرجل عنوانه) سألت عنه .. فأخبروها انه لم يحجز لديهم شخص بهذه الأسم من قبل !

فطلبت من صاحب الفندق السماح لها بإجراء مكالمة هاتفيّة ، لتجد حبيبها يردّ بلا مبالاة :

- أحقاً صدّقتي بأني سأتزوج مشرّدة ؟! كنت أضيّع الوقت معك .. اساساً مررت بمحطّتكم قبل ذهابي لمدينةٍ اخرى ، لرؤية زوجتي في المستشفى بعد إنجابها طفلنا الأول .. وكل المعلومات التي اخبرتك عني خاطئة .. وسألغي رقمي بعد هذه المكالمة .. فأنا اعتدت شراء رقمٍ ثاني لتحدّث مع الفتيات ، عند إنشغال زوجتي عني.. الى اللقاء ، ولا تحاولي البحث عني مجدداً


وأغلق المكالمة في وجهها ، قبل السماح لها بالإجابة ! 

فانهارت باكية ، اثناء خروجها من الفندق .. لتجد احد رجال المرابي في انتظارها :

- الزعيم يخبرك بأن معك حتى الغد ، لدفع دينك كاملاً .. بالإضافة لفائدة العشرة بالمئة .. والا سيجبرك على العمل بالدعارة ، لتسديد دينك


وبعد ذهابه ، فكّرت بقهرٍ شديد : 

- هذا ما كان ينقصني .. يعني هربت من زوج امي ، خوفاً من التحرّش ..ليكون مصيري الدعارة !

ثم نظرت لدرّاجتها :

- لا !! لن اقبل بذلك .. طالما اصلحت درّاجتي ، فسأكمل سفري عبر الولايات ..الى ان اموت بحادث ، وارتاح من حياتي البائسة


وانطلقت بأسرع ما يمكنها ، للهرب من المرابي ورجاله !

***


وفور وصولها للمدينة المجاورة ، تعطّلت درّاجتها تماماً ! فتركتها بالطريق ، وأكملت سيرها لساعاتٍ طويلة .. الى ان وجدت سوبرماركت .. فبحثت بحاوية النفايات القريية منها ، لتجد بعض المعلّبات مُنتهية الصلاحيّة .. فتناولت بعضاً منها حتى شبعت ! وما تبقى من مالها ، إشترت بها زجاجة خمرٍ رخيصة الى ان سكرت (رغم إقلاعها عن الخمور منذ سنتيّن)

***


وبحلول المساء ، تساءلت بقلق :

- اين سأنام بهذا الجوّ البارد ؟ 

ثم نظرت للسماء ..

- تبدو انها ستمطر ايضاً !

 

وهنا سمعت موظفان (لركن السيارات في موقف السوبرماركت) يتحدثان: 

- ماذا سنفعل بتلك السيارة ؟ فلها شهر مركونة بموقفنا ، دون قدوم صاحبها ؟! 

صديقه : دعها في مكانها .. لربما كان مسافراً .. سيعود حتماً ، لأخذها من جديد

^^^


وبعد ذهابهما .. توجهت لتلك السيارة ، ومعها سلكٌ حديديّ (وجدته بحاوية النفايات) وظلّت تُجرّب في القفل ، حتى فتحته .. وما ان استلقت داخل السيارة ، حتى غفت من شدّة تعبها

***


في الصباح الباكر .. نظرت من الزجاح الأمامي للسيارة ، لتلمح حبيبها يحمل طفلاً برفقة زوجته ، وهما يدخلان السوبرماركت !

فأصابتها نوبة غضبٍ شديدة : 

- الملعون دمّر ما تبقى من آمالي ، ليعيش حياته الروتينيّة مع عائلته !


واثناء تحرّكها الغاضب داخل السيارة ، لكمت بالغلط الدرج الأمامي .. لينفتح ، وتجد فيه سلاحاً محشواً بالرصاص !

فتساءلت بقلق : 

- هل يعقل ان صاحب السيارة ارتكب جريمة بهذا المسدس ؟ فهناك رصاصتيّن فارغتيّن ! وربما ترك سيارته هنا ، لتخلّص من الأدلّة


ورغم ان المسدس مشبوه ! وربما يورّطها بمصيبة ان لمسته ، لكن لم يعد يهمّها الأمر .. فقد قرّرت المجازفة فور رؤيتها حبيبها يخرج من السوبرماركت ، متوجهاً مع زوجته وطفله الى موقف السيارات (التي تختبا فيه) 


فنزلت من السيارة بعد إخفاء المسدس في خاصرتها ، متوجهةً ببطء نحو غريمها .. وعقلها مشغول بخطّة الإنتقام :

- هل أكتفي بقتله ؟.. او أنتحر امام عائلته ؟... او أفعل كلاهما؟!


ليضجّ الموقف بصراخ المتسوّقين ، بعد انطلاق رصاصتيّن متتاليتيّن .. ارعبت سكّان المنطقة ، دون فهمهم سبب جريمة القتل والإنتحار الغامضيّن!  


هناك 7 تعليقات:

  1. هذا كان ايضاً مناماً شاهدته منذ يومين : لمشرّدة اجنبية تجمع نقودها لتصليح درّاجتها ، وصديقتها تحاول إقناعها بالتريّث لمعرفة نوايا حبيبها !
    فأردّت تحويل المنام الغريب لقصةٍ قصيرة .. اتمنى ان اكون توفقت في ذلك

    ردحذف
  2. . وليدمروانaيعني خيرا فعلت ولو قتلت الزوجه والطفل لكان افضل لهما . بعتقد انو يجب ان تستفيدين من هذه المنامات الغريبه ببيعها مثلا ! فهناك من لا يحلمون .. هلموا ايها القوم اقتربوا ...عندي احلام للبيع ..انها
    ورديه و نادره وطازجه ولذيذه ..هيه لا تتردد ..اشتري حلما وخذ الثاني مجانا ههههه.

    ردحذف
    الردود
    1. المنامات الجميلة نادرة .. هي مجرد احلام غريبة ، لا تفسير لها .. اقوم بجمع مقاطعها المُشتّتة ، لجعلها قصة متناسقة.. سعيدة انها اعجبتك

      حذف
  3. جميل تتكلين على أحلامك لتحويلها إلى قصص علما ان الأحلام نحلم بها من كثرة التفكير باشياء فنراها باحلامنا نتيجة انشغال الدماغ فيها لكن الخطير أننا بعصر الذكاء الاصطناعي الذي سيحيل مهن كثيرة للتقاعد الابدي خاصة الكتابة تخيلي يمكنه كتابة قصة كاملة بدقيقة فهل
    سنرى يكتب القصص والروايات بديلا عن المؤالفين والكتاب

    ردحذف
    الردود
    1. لا ادري لما اشعر بأن الذكاء الإصطناعي سينتهي مع بداية الحرب النووية على ايران .. اعلم ان لا صلة بين الحروب والتطوّر التكنولوجي .. لكن ربما الإشعاعات بالجو ستؤثر على الإتصالات والطيران والإنترنت بشكلٍ عام ، والله اعلم !

      حذف
  4. حائكة الأحلام
    السلام عليك أختي أمل قلت لك كيف حالك كل عام وأنت وزوار المدونة بألف خير ينعاد علينا وعليكم باليمن والبركة.
    قلت لك آسفة غبت عن تعليقاتي على قصصك بسبب أني لم أعد قراءة القصص الطويلة الله يوفقك في مسيرتك وحقق لك أمنياتك طللت على التعليقات هناك أخ إسمه عاصم غير موجود أتمنى أنه بخير

    ردحذف
    الردود
    1. وكل عام وانت بخير ..
      اخ عاصم بخير ، سأوصل له سلامك

      حذف

بطلتي للأبد

تأليف : امل شانوحة  الحب الوهمي إنتهى المسلسل الرومنسي الناجح الذي اعجب المشاهدين ، خصوصاً فئة المراهقين لصغر عمر البطليّن اللذين أدّيا دوره...