الخميس، 22 ديسمبر 2022

الإتفاق السرّي

تأليف : امل شانوحة 

الربح القذر


اثناء تسوّق ديانا بحيِّ شعبيّ .. دخلت زقاقاً في نهايته مبنى قديم ، تجمّع في مدخله عدّة صبايا لتهنئة أحد سكّانه الذي عمل بدورٍ ثانويّ في فيلمٍ ناجح .. واللآتي تفاجئنّ بصحبته لبطل الفيلم الذي اقترب منهنّ مُتلثّماً بوشاحه وقبّعته الصوفيّة ونظّارته السوداء .. 

وكانت ديانا الوحيدة بينهنّ التي استطاعت ملاحقة فنّانها الوسيم بعد نزوله مع صديقه الى قبو العمارة القديمة ، دون بقيّة المُعجبات الذي أوقفهن حارسه الشخصيّ 


واثناء ملاحقتهما بالخفاء ، تمكّنت من معرفة أنهما تخرّجا معاً من المعهد التمثيليّ ! حيث اعترض الممثل الثانويّ بضيق : 

- رغم تفوّقي عليك بالدراسة ، لكنك انشهرت اكثر مني ؟!

فرّد الفنّان : هذا لأن النساء تعشق وسامتي ، وليس لتفوّقي عليك بالتمثيل يا صديقي

- على كلٍ ، شكراً لترشيحي في فيلمك الناجح .. وأتمنى في المرة القادمة أن أظهر بأكثر من مشهدين !

الفنّان بغرور : أعدك بذلك


بهذه اللحظة .. انتبهت ديانا انها وسط بارٍّ مُكتظّ بالنساء الراقصات والمقامرين !

فقالت بنفسها بارتباك :

- كيف وصلت لهذا المكان المشبوه ؟! لأعدّ لمنزلي في الحالّ


فصعدت الأدراج ، لتجد بأنها عادت للبارّ من بابٍ آخر ! وهذا ما حصل بالأدراج الأخرى ، كأنها في دهليزٍ لا ينتهي ! 

ممّا أجبرها على استخدام السلّم المظلم الخشبيّ ، بدرجاته المتهالكة التي تهتزّ تحت أقدامها..


وبعد وصولها بصعوبة لبابٍ جديد يصلها بممرٍّ طويل ، يبدو لمستشفى تحت الأرض ! شاهدت امرأة خائفة تركض برداء المرضى ، التي توقفت بجانبها لتهمس بفزع : 

- إستغلّي إنشغال الملاعين بالقمار ، واهربي فوراً من هذا الجحيم !!

ديانا بقلق : ماذا تقصدين ؟!

- تتبّعي الأرقام .. باب النجاة هو الرقم (٧9)

ديانا : واين هي الأرقام ؟


فأشارت المرأة بيدها المرتجفة للحائط :

- انت الآن في الممرّ رقم (٥٦) .. تتبّعي الأرقام .. عليّ الهرب فوراً ، فهم يبحثون عني !


وأكملت ركضها في الممرّ المظلم.. بينما مشت ديانا بالجهة المعاكسة في ممرٍ ذوّ انارةٍ خفيفة ، وهي تتبّع الأرقام التي أوصلتها لردهةٍ بها غرفة جراحيّة ومشرحة وعدّة غرفٍ للمرضى ، كان باب أحدِها مفتوحاً : لتلتقي عيناها مع مريضٍ مُقيّدٍ بسريره بالأربطة القماشيّة ، وهو يضع انبوبة التنفّس داخل فمه ، منعته من التحدّث .. مُكتفياً بالنظر اليها بعيونٍ دامعة ، كأنه يناشدها لإنقاذه ! 


لكنها أكملت طريقها بعد أن أخافتها نظرات الطبيب الذي راقبها من بعيد بابتسامته المريبة ! قبل توقفه عن الّلحاق بها ، لإطلاع ممرّضته عن صحّة احد مرضاه .. 

فاستغلّت ديانا انشغاله ، لتغيّر مسارها ودخولها لممرٍّ ضيّق بأرقام (٧٠) وما فوق.. 


لتنصدم بأن الرقم الذي تبحث عنه ، موجود على ثلاّجة مُعطّلة مُثبّته بالجدار ! وقد وُضعت دائرة حول الرقم (٧9) مكتوباً بجانبها بالخط الصغير : ((دفعة الناجيين)) !


لينتفض جسمها برعب بعد ان أمسك يدها ، مراهقٌ أصلع يبدو انه مريض بالسرطان لوجهه الشاحب .. قائلاً بفزع :

- أدخلي بسرعة قبل أن يمسكوا بك الإشرار !! هيا ، ماذا تنتظرين؟!  


ففتحت ديانا باب الثلّاجة .. لتجد مرايا متعدّدة في سردابٍ سرّي ، كأن احدهم حفر الجدار خلف البرّاد !  

فدفعها المراهق للداخل :

- هيا لا تضيّعي الوقت ، هم يلاحقون الدخلاء

ديانا : اذاً أهرب معي

المراهق بحزن : تأخّرت كثيراً ، فالملاعين حقنوني بأبرةٍ تقتلني كل يوم ..انا بعِداد الموتى .. إنجي بنفسك !!

وأغلق باب الثلاّجة عليها..


لتمشي ديانا في دهليزه الذي لم يتعدّى الثلاثة امتار ، قبل اصطدامها بجدار البرّاد الحديديّ ! 

فعلمت انها علقت في ثلاّجة الموتى بعد إزالة ادراجه ..


وعادت مُسرعة لبابه التي حاولت فتحه ، لكنه مقفلاً بإحكام ! 

فصرخت برعب بعد ارتفاع برودته المفاجئة ! لكنه لم يسمعها احد من الخارج !

***


بعد دقائق .. فتح الطبيب المُريب باب الثلاّجة ، ليجد ديانا واقعة على أرضيّتها دون حِراك .. 


فنظر للمرأة (وهي الهاربة التي دلّتها على رقم الخروج) والمراهق (بهيئة مريض السرطان) الّلذان لبسا رداء المُمرّضيّن ! 

الطبيب : خذاها لغرفة العمليات لإزالة اعضائها ، قبل موتها دماغيّاً

- حاضر دكتور !!

وبعد وضعها على النقّالة ، جرّا السرير المُتحرّك للداخل .. 


ليقترب منه الفنّان المشهور قائلاً :

- لا تنسى نصيبي من العمليّة

الطبيب : إلتزم بخطّة الإيقاع بمعجبينك الحمقى ، وستحصل دائماً على مكافئةٍ مُجزّية

الممثل : خسارة .. كانت عيناها جميلتين

- فهمت ..سأعطيك إحداها تذكاراً ، كما كل مرة

***


وفي الوقت الذي بحث اهلها عنها في كل مكان ، كان الفنّان داخل قصره يفتح خزنته الحديّدية ، ليضع عين ديانا الزرقاء في مرطبانٍ كيميائيّ مليء بالعيون البشريّة الملوّنة ، وهو يقول بفخر :  

- إنضمّي لمجموعتي الفريدة

ثم تمتّم ساخراً :

- يظنون انني أصبحت ثريّاً من مهنة التمثيل .. يالهم من اغبياء 

وضحك بخبث !


هناك 6 تعليقات:

  1. هذا كان كابوس البارحة ، كتبته تماماً كما رأيته ! .. عليّ كتابة تأليف : ملاكي الحارس ، فهو صاحب الفكرة هههه .. أتمنى أن تعجبكم

    ردحذف
    الردود
    1. اعجبتني كثيراً.. ابدعتي بالكتابة، سلمت يداك .. وحفظ الله ملاككِ المبدع ههههه
      هل أخذتي بالحلم دور ديانا؟؟؟!

      حذف
    2. نعم كنت ديانا .. وشعرت ببرودة الثلاجة .. وسمعتهم بالخارج يتحدثون عن الصفقة المالية .. كانوا ممثلين مصريين .. لهذا اخترت اسم ديانا ، كي تصلح كفيلمٍ قصير عربي او اجنبي .. لا اردي ان كان ملاكاً حارساً او جنياً ، فأفكاره مخيفة .. لكنها دائماً فريدة من نوعها !

      حذف
    3. جميل
      ان كان هذا يخيفك فأقرأي قبل النوم أية الكرسي
      وأن كنتِ تستمتعين بهذه الكوابيس المخيفه وتعجبك وتساعدك في عملك فأنصحك أن تنامِ من غير وساده.. ستأتي لك احلام مخيفه
      وفي المره القادمه عندما تنامين ارتدي ملابس كثيرة ولا تنسي البطانيه فهيه مفيدة هههههه
      هل التعليق ينشر يدويً أي يعني انتي تنشرينه؟؟

      حذف
    4. اقرأ الأذكار قبل النوم دائماً .. وهذه الكوابيس تفيدني بعملي .. نعم تصل التعليقات لي ، ثم انشرها .. سعيدة ان القصة اعجبتك

      حذف
  2. مرطبان به عيون بشريه ملونه !
    تبا ..يجب ان اجرب هذا المخلل فورا هههه

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...