الأربعاء، 9 نوفمبر 2022

اشباح المُنتزه

تأليف : امل شانوحة 

 

المعركة المستمرّة


تجمّع الزوّار لحضور إفتتاح منتزه بضواحي المدينة ، يمتدّ من الوادي حتى التلّ المُطلّ عليه .. الشيء المميّز فيه : هو وجود مكانٍ في الوادي قرب ملعب الجولف ، يبدو كزجاجٍ عازل محصورٌ داخله مجموعة من الظلال السوداء ، بشيءٍ يُشبه تقنيّة الهولوغرام لمعركةٍ بين جنودٍ وقادة يمتطون الأحصنة بزمنٍ من القرن الماضي! 

وظنّ الناس أن مسؤوليّ المنتزه يستخدمون تصويراً سينمائيّاً ، لتذكيرهم بأن المنتزه كان ساحة معارك قديمة.. 


ولم يعرف السرّ سوى شاب قرأ عن الموضوع في كتابٍ تاريخيّ بالمكتبة العامة ، قائلاً لصديقيه فوق التلّ :

- أتدرون لما لم تُستغلّ الأرض منذ خمسين سنة ؟ 

- أعتقد بسبب الإشاعة القديمة بأن ارواحٍ غاضبة تسيطر على المكان

الشاب : وهذا صحيح .. فهذه الأرض كانت سهلاً ، قبل تحوّلها لوادي وتلّ مُرتفع بسبب زلزالٍ كبير ضرب المكان اثناء معركةٍ ضاريّة ، أدّى لانشقاق الأرض ودفن الجنود احياءً .. ولم يبقى من السهل سوى الشجرة الضخمة فوق التلّ ! وقبل سنوات ، حفرت الدولة الوادي دون اكتراثها لقبور الجنود .. ليظهر هذا السجن الزجاجيّ المليء بالدخان الأسود ، وفي داخله ارواح الخصمين وهما يتقاتلان بوحشيّة .. لهذا يبدون كظلالٍ سوداء شفّافة ، لا تظهر ملامح وجههم جيداً 

- أتعني انه ليس تصويراً هولوغراميّ ؟!


الشاب : لا ، هم ارواحٌ غاضبة .. ولا ادري كيف افتتحت الحكومة المنتزه ، مُعرّضةً حياة الجميع للخطر ؟!

- نزلت الى هناك قبل قليل .. ولم أجد زجاجاً عازلاً للظلال ، بل مجرّد دخانٍ ساخن !

الشاب : وهذا الدخان هو ما يمنعهم من الوصول لعالمنا 

- هل تظنهم يروننا ، ام مشغولين بمعركتهم ؟

الشاب : مصيبة ان استطاعوا رؤيتنا ونحن نحتفل ، بينما هم يصارعون الموت .. سيظنون اننا نسخر من معاناتهم ! 


وفجأة ! تجمّعت الغيوم في يومٍ صيفيّ حارّ .. وبرقت السماء دون أثرٍ للإمطار .. وحلّ الظلام ! 

فنظر الناس للسماء ظناً بكسوف الشمس ، ليروها مُحجبة بالغيوم السوداء التي نزل منها برقاً قوياً باتجاه الجدار الشفّاف الخاصّ بالظلال الأشباح !


والتي جعلت جدارهم العازل يمتدّ طولاً ، لينطلق الجنود بأحصنتهم .. ويحيطون بشكلٍ دائريّ المنتزه .. وهم يلتفّون في حلقةٍ موسّعة ، حاصرين الناس في الوادي الضيّق !


فصرخ العجوزٌ فزعاً : مُحال أن يكون هذا تصويراً سينمائيّ ، تلك الأرواح تُحاصرنا بالفعل !!  

وصرخ الناس برعب .. قائلاً احدهم :

- الجنود ينظرون الينا بحقدٍ وغضب ! 


وهنا ! بدأ الدخان الأسود يخفّ داخل العازل الزجاحيّ ، لتظهر وجوه المتحاربين الجريحة بوضوح ، مما يدلّ أن الفاصل بين العالمين على وشك الزوال ! 


فقام أحد الأولاد برميّ لعبته الصوفيّة باتجاه الجدار الفاصل .. لتعلق بالسكينة الموجودة في مقدّمة بندقية القائد الشبح !

فشهقت الناس بخوف ، لعلمها بانفتاح البوّابة بينهما ..

 

وإذّ بمراهقٍ احمق يتجرّأ على اختراق الجدار الشفّاف ، رافعاً يده للسلام على القائد الشبح الذي سارع بقطع رأسه بالسيف على مرأى الناس ! 

ثم نزل عن حصانه ..وأعاد رأس المراهق مكانه ، ليتحوّل فوراً الى زومبي مخيف .. وأشار القائد للجموع .. ليخترق المراهق الجدار الشفّاف عائداً للزوّار ، وهو يعضّهم بهمجيّة ! وكل من عضّه ، تحوّل ايضاً الى زومبي !


فحصل هرجٌ ومرج بين المصطافين الذين حاولوا صعود التلّ للهرب من المنتزه المسكون .. إلاّ ان جيش الأشباح أحاط بهم من كل جانب !


فقال الشاب لصديقيه : 

- إمسكوا السكاكين (التي احضرها سابقاً لتقشير الفاكهة) واقتلوا الجميع : الأشباح ، والزومبي .. إحموا انفسكم جيداً !!


وكانوا يقفون فوق التلّ وهم يرون الناس مُحاصرين في الوادي ، وهم يتحوّلون تباعاً لزومبي التي تحاول تسلّق التلّ للوصول للشباب الثلاثة الذين بدأوا بطعن كل من يقترب منهم .. 


الى ان اهتزّت الأرض بزلزالٍ عنيف ، أدّى لحفرةٍ عميقة بين الوادي والتلّ ..سقط فيه الجميع ، بينما سارع الصديقين لتسلّق الشجرة الضخمة.. 

وحين رأيا رفيقهم يركض هارباً من زومبي ..أسرعا بمدّ ايديهما وحمله الى فوق .. ليسقط الزومبي بالحفرة الضخمة.. 


من بعدها ، هدأ كل شي ! وعاد الجدار الشفّاف للتقلّص من جديد 

فنزل الشباب الثلاثة من الشجرة بحذر .. واقتربوا من حافّة التلّ .. ليجدوا أن الجدار الشفّاف حُصر مجدداً بالوادي ، بعد زيادة عدد الأرواح المحتجزة داخله ! لتستمرّ المعركة الدائرة هناك بين اشباح الجنود والزومبي الجدّد !

***


وبسبب ما حصل ، أُغلق المنتزه نهائياً .. ونُشر بالإعلام عن موت مئتيّ زائر بسبب الزلزال الضخم .. بينما أُجبر الأصدقاء الثلاثة من قبل الحكومة على كتابة تعهّد بالتزام الصمت للحادثة المريبة ، تحت تهديد السجن والغرامة !

***


وفي كل عام من ذكرى حدوث الكارثة الغامضة .. يجتمع الشباب الثلاثة سرّا هناك ، لتسلّق السور المغلق للمنتزه .. لمراقبة الحرب الدائرة بين اشباح الماضي والحاضر ، بمعركةٍ لا نهاية لها ! 


هناك تعليقان (2):

  1. تعتبر هذه قصة فانتازيا .. وصدقوا او لا تصدقوا هي منام البارحة ، حيث كنت واحدة من الأصدقاء الثلاثة .. وكنت فوق التلّ ، وانا اشاهد كل ما حصل بالقصة .. وهذه اول مرة اشاهد قصة من بدايتها لنهايتها بمنام ! وقد حاولت جاهدة وصفها لكم .. ولوّ تم تصويرها بتقنية هولوغرام ، سيكون فيلماً قصيراً رائعاً !

    ردحذف
  2. مادام هذا كان مناما يبقى ربنا يستر

    من الاشياء التي اختلف فيها المفسرون

    كثيرا ومنهم بن سيرين هي الدخان

    والعجيب ايضا انه من اشراط الساعه

    ردحذف

مسابقة الجدارة

تأليف : امل شانوحة منصبٌ رفيع إستوفى خمسة شباب شروط الوظيفة في شركةٍ مرموقة .. واجتمعوا في مكتب المدير العام (أغنى تجّار البلد) الذي قال لهم...