السبت، 26 نوفمبر 2022

جريمة الأثرياء

كتابة : امل شانوحة 

 

القاتل الجشع


في ذلك المساء ، أوقفت سيارتها الفارهة امام محل لبيع الأسلحة .. 

ليسألها البائع عن نوع المسدس الذي تريده .. فأجابته بوجهٍ كئيب :

- أيّ شيء يقضي على بؤسي 


وبعد شرائها المسدس ، توجّهت عائدة الى سيارتها .. 

وقبل ركوبها ، أوقفها عامل النظافة (الذي يُكنّس رصيف المحل) وهو يقول :  

- سيدتي .. راقبتك من خلف الزجاج ، ولاحظت رجفان يدك وانت تجرّبين زناد المسدس .. برأيّ هناك حلّاً أفضل من الإنتحار بسبب ذلك اللعين 

فسألته باستغراب : وكيف عرفت إن رجلاً أحزنني ؟!

- ومن سيسبّب التعاسة لإمرأةٍ جميلة وثريّة مثلك ، سوى شخص انانيّ ومتغطّرس ؟


فتنهّدت بضيق : تحمّلت زوجي كثيراً ، لكنه لا يُطاق .. وكّلته بشركتي ، فكيف كافأني ؟ بجلبه النساء الساقطات لقصري كل اسبوع ! اريد الإنتحار فعلاً  

العامل : ما رأيك لوّ تدعيني أقتله ، مقابل أجر يُرضيك ؟ مع شرطٍ آخر : بعد استرداد شركتك ، توظّفيني بدل عملي القذر 

ففكّرت قليلاً ، قبل أن تقول : 

- إركب ، ودعنا نتفق سوياً

***


تجوّلت بسيارتها حول المنطقة ، وهما يفكّران بخطةٍ مُحكمة .. ثم سألته :

- تتكلّم وكأن القتل سهلاً بالنسبة لك ؟!

- انا خرّيج سجون

- أحقاً ! وماهي جريمتك ؟


العامل : بسن 17 .. قتلت رجلاً ابيضاً عنصريّاً ، كان يُلقّب المارّة بالعبيد في منطقتنا المُخصّصة للسمر ، ولم يستطع احد إيقافه ! وفي يوم سمعته يُهزِّئ ابي ! فلم أتمالك أعصابي ، وضربته بعصا البيسبول حتى قتلته .. وبعد خروجي من سجن الأحداث ، عُدّت لسجن البالغين بعد قتلي رجلاً آخر رأيته يتحرّش بفتاةٍ صغيرة .. ولأني اسود ، لم تصدّق هيئة المحلّفين تبريري بقتله ، وحكموا عليّ بعشر سنوات مع الأشغال الشاقة .. وتسرّحت العام الماضي ، لأصبح عامل نظافة .. لكني أرغب بوظيفةٍ لائقة ، في حال أنجزت المهمّة 


السيدة : حسناً ، أعطني رقم جوالك .. وسأحدّد يوماً اكون فيه خارج قصري ، واللعين بداخله .. بشرط أن تقتله دون إفساد شيءٍ من اثاث منزلي ، مفهوم !! 

- لا تقلقي ، فأنا خبير بفتح الأقفال دون حاجةٍ لكسرها.. 

السيدة : أقفال القصر إلكترونيّة.. سأعلّمك اولاً طريقة إيقاف كاميرات المراقبة ، ثم أعطيك الرقم السرّي لدخول القصر.. كل ما اريده : هو رصاصة في رأس الحقير .. وبعدها تختفي عن الأنظار 

- سيدتي ، لديّ خبرة في هذا المجال .. وزملائي بالسجن علّموني القيام بالجريمة الكاملة .. برأيّ لوّ قتلتُ زوجك وهربت ، ستتورّطين انت بالجريمة .. دعيني أوهم الشرطة انها جريمة سرقة ، تحوّلت بالخطأ لقتلٍ غير متعمّد 

- أهذا رأيك ؟


العامل : نعم ، فهل توجد خزنة نقود بالقصر ؟

- نعم ، سأعطيك ايضاً رقمها السرّي .. لكن إيّاك سرقة او إتلاف الملفّات داخلها ، فهي تخصّ شركتي

- إطمئني ، لن أفعل شيئاً يضرّك .. ماذا بشأن مال الخزنة ؟ 

السيدة : زوجي حريصٌ للغاية .. وعادةً يُبقي فيها رزماً قليلة من فئة المئة دولار .. اما بقيّة امواله ، ففي حسابنا المشترك بالبنك.. لذا إعتبرهم ، أجرة العمليّة 

- ولا تنسي توظيفي في شركتك ، ولوّ موظفاً بسيطاً .. اريد حقاً تغيّر حياتي 

السيدة : كما تشاء ، سأجعلك موظّف الإرشيف 

- ممتاز !! لا اريد اكثر من ذلك 

- اذاً اتفقنا .. إنتظر مني مكالمة قريباً 

العامل : حسناً ، إنزليني قرب شاحنة النفايات.. نعم هنا .. ألقاكِ قريباً ، سيدتي

***


وفي الموعد المحدّد ، وفي منزلها الجبليّ مساءً .. حاولت إضاعة الوقت بمشاهدة الفيديوهات على جوالها ، بانتظار مكالمة من القاتل المأجور التي تفاجأت بسماع صوته ، واقفاً خلفها ! 

فانتفضت برعب :

- كيف دخلت الى هنا ؟! لم أعطك الرقم السرّي لفلّتي !


فقال معاتباً : كان عليك من باب الحرص تغيّر ارقام البوّابة 

- لا احد يعرفه سوى زوجي ، المُفترض موته قبل ساعة

فرفع مسدسه نحوها..

فسألته بفزع : ماذا تفعل ؟! الم نتفق على توظيفك في شركتي ، بعد قضائك عليه ؟! 


فأبعد مسدسه وهو يقول : 

- أظن لا بأس من معرفتك الحقيقة .. (وجلس على الكنبة) .. في خصامك الأخير مع زوجك ، هدّدتهِ بإعادته فقيراً كما كان .. مما أقلق تفكيره ، فوكّلني لملاحقتك ومعرفة نواياك .. فتنكّرت كعامل نظافة ، ولحقت سيارتك بدرّاجتي الناريّة .. وحينما دخلتِ الى محل الأسلحة ، إتصلتُ به .. فأطلعني على خطّته الجديدة 

السيدة بامتعاض : ألهذا عرضتّ عليّ خدماتك الإجراميّة ؟!


القاتل : نعم ، فهو ظنّ انك تشترين السلاح لقتله .. فطلب مني تسجيل اتفاقي معك ، لعرضه لاحقاً على القضاء .. لكني أقنعته بأن طريقته القانونيّة تستغرق وقتاً طويلاً بالمحاكم .. وطلبت أن يسمح لي بقتلك مقابل مبلغاً مضاعفاً ، عمّا نويتي إعطاؤه لي .. خاصة لطلباته الإضافيّة : من تصوير دفنك بحديقتك الخلفيّة ، وتنظيف مسرح الجريمة جيداً ، الذي سيتطلّب مني مجهوداً كبيراً .. اما عن وظيفتي بالشركة ، فهي مضمونة بجميع الأحوال .. لأني سجّلت إتفاقي مع زوجك الذي سأبتزّه لاحقاً ، لتوظيفي في عملٍ أفضل من الأرشيف .. والآن أعذريني ، فزوجك ينتظر صورة جثتك 

فصرخت برعب : لا انتظر !! ارجوك

وأطلق رصاصة في قلبها ، أردّتها قتيلة .. دون سماع احد صداها ، لوجود فلّتها بأعلى الجبل ..


وبعد ساعات ، ارسل لزوجها جميع الصور الذي طلبها لإثبات طمسه للجريمة بإتقانٍ وجهدٍ مُتفاني ! 

***


مع شروق الشمس .. إنطلق بسيارته القديمة التي ملأ صندوقها بسوائل التنظيف وادوات الحفر ، مُتجهاً بحماس لسيد القصر الذي علم باستغلال غيابه لسرقة خزنته ! فأعطى خدمه إجازة ، لحفر قبرٍ بحديقته الخلفيّة .. 

ثم جلس بالصالة وهو يُخفي مسدساً تحت سترته ، بانتظار قدوم القاتل الجشع ، لدفنه وطمر الحقيقة معه للأبد ! 


هناك 5 تعليقات:

  1. اهلا صديقتي.. لقد ظهرت التحاليل بالأمس وصحتي سيئه جداً
    وابلأمس كتبت قصه استغرقت بها 8 ساعات فقط
    فهل اكتبها لك هنا .. واتعطيني رئيك بها ؟
    أم لا ترغبين؟

    ردحذف
    الردود
    1. اولاً سلامات ..لا تيأس اخي ، الله الشافي المُعافي .. حاول إخراج صدقة ولوّ بسيطة ، بنيّة شفائك العاجل .. فقد قال الرسول الكريم (داووا مرضاكم بالصدقة)..
      اما عن القصة ، فإرسلها على إيميلي .. وسأخبرك رأيّ بها قريباً
      amal_shanouhawriter@hotmail.com

      حذف
    2. لا املك تطبيقات.. لا بأس اتركِ القصة
      نعم دفعو اخوتي الصدقه.. ولكنهم يبكون.. اليس من المفترض ان يبتسمون.. لأني حاربت المرض لمدة سنه ..وسأذهب أن شاءلله للجنه حيث لا يوجد ألم ..وسألتقي بمن أحببت.. هذا جميل
      ربما لن اكون موجود عندما تنشرين قصه جديده.. ولكن شكرا. فقد استمتعت بأخر ايام عمري بقصصك الجميله وقد اعجبتني قصه مقابر القريه
      شكرا عندما اقرأ قصصك اشعر بالسعادة
      للأسف سأتركها..
      اتمنى ان لا تتركِ القصص ابدا هذه امنيتي

      حذف
    3. إستعرّ حاسوب صديقك ، وارسلي القصة .. اما اذا كانت قصيرة ، فأرسلها كتعليق.. وكفّ عن التشاؤم فهو يزيد مرضك .. ستغدو يوماً عجوزاً وتضحك على ايامك هذه .. اكتب كل احزانك بورقة ، وابكي قليلاً ، ثم قطّع الورقة وانتت تتخيل احزانك تذهب معها .. واقرأ قصصاً عن مرضى كانوا على شفير الموت ، وتفاؤلهم وايمانهم بالله اعادهم للحياة اقوى من ذي قبل .. الله يمتحن ايمانك بهذا المرض ، فلا تفشل بالإمتحان كي تحصل على مكافأته لاحقاً .. تابع الكتابة ، وجد طريقة لإرسالها لي ولمواقع الكتّاب المبتدئين .. اكتب عن شاب يعاني من مرضك ، وكيف نجى منه .. او قصة حب تجمعك مع مريضة تتعالج معها بنفس المستشفى .. اطرد الأفكار السوداء من رأسك ، فلن نموت الا باليوم الذي حدده الله ، لا الأطباء الحمقى .. وكان الله في عونك يا صديقي

      حذف
  2. يعني عاش المجرم في النهايه وسيعربد كما يحلو له وقتلت الضحيه مغدوره مظلومه
    نهايه شنيعه ومريعه وصادقه ايضا

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...