تأليف : امل شانوحة
المعركة المستمرّة
تجمّع الزوّار لحضور إفتتاح منتزه بضواحي المدينة ، يمتدّ من الوادي حتى التلّ المُطلّ عليه .. الشيء المميّز فيه : هو وجود مكانٍ في الوادي قرب ملعب الجولف ، يبدو كزجاجٍ عازل محصورٌ داخله مجموعة من الظلال السوداء ، بشيءٍ يُشبه تقنيّة الهولوغرام لمعركةٍ بين جنودٍ وقادة يمتطون الأحصنة بزمنٍ من القرن الماضي!
وظنّ الناس أن مسؤوليّ المنتزه يستخدمون تصويراً سينمائيّاً ، لتذكيرهم بأن المنتزه كان ساحة معارك قديمة..
ولم يعرف السرّ سوى شاب قرأ عن الموضوع في كتابٍ تاريخيّ بالمكتبة العامة ، قائلاً لصديقيه فوق التلّ :
- أتدرون لما لم تُستغلّ الأرض منذ خمسين سنة ؟
- أعتقد بسبب الإشاعة القديمة بأن ارواحٍ غاضبة تسيطر على المكان
الشاب : وهذا صحيح .. فهذه الأرض كانت سهلاً ، قبل تحوّلها لوادي وتلّ مُرتفع بسبب زلزالٍ كبير ضرب المكان اثناء معركةٍ ضاريّة ، أدّى لانشقاق الأرض ودفن الجنود احياءً .. ولم يبقى من السهل سوى الشجرة الضخمة فوق التلّ ! وقبل سنوات ، حفرت الدولة الوادي دون اكتراثها لقبور الجنود .. ليظهر هذا السجن الزجاجيّ المليء بالدخان الأسود ، وفي داخله ارواح الخصمين وهما يتقاتلان بوحشيّة .. لهذا يبدون كظلالٍ سوداء شفّافة ، لا تظهر ملامح وجههم جيداً
- أتعني انه ليس تصويراً هولوغراميّ ؟!
الشاب : لا ، هم ارواحٌ غاضبة .. ولا ادري كيف افتتحت الحكومة المنتزه ، مُعرّضةً حياة الجميع للخطر ؟!
- نزلت الى هناك قبل قليل .. ولم أجد زجاجاً عازلاً للظلال ، بل مجرّد دخانٍ ساخن !
الشاب : وهذا الدخان هو ما يمنعهم من الوصول لعالمنا
- هل تظنهم يروننا ، ام مشغولين بمعركتهم ؟
الشاب : مصيبة ان استطاعوا رؤيتنا ونحن نحتفل ، بينما هم يصارعون الموت .. سيظنون اننا نسخر من معاناتهم !
وفجأة ! تجمّعت الغيوم في يومٍ صيفيّ حارّ .. وبرقت السماء دون أثرٍ للإمطار .. وحلّ الظلام !
فنظر الناس للسماء ظناً بكسوف الشمس ، ليروها مُحجبة بالغيوم السوداء التي نزل منها برقاً قوياً باتجاه الجدار الشفّاف الخاصّ بالظلال الأشباح !
والتي جعلت جدارهم العازل يمتدّ طولاً ، لينطلق الجنود بأحصنتهم .. ويحيطون بشكلٍ دائريّ المنتزه .. وهم يلتفّون في حلقةٍ موسّعة ، حاصرين الناس في الوادي الضيّق !
فصرخ العجوزٌ فزعاً : مُحال أن يكون هذا تصويراً سينمائيّ ، تلك الأرواح تُحاصرنا بالفعل !!
وصرخ الناس برعب .. قائلاً احدهم :
- الجنود ينظرون الينا بحقدٍ وغضب !
وهنا ! بدأ الدخان الأسود يخفّ داخل العازل الزجاحيّ ، لتظهر وجوه المتحاربين الجريحة بوضوح ، مما يدلّ أن الفاصل بين العالمين على وشك الزوال !
فقام أحد الأولاد برميّ لعبته الصوفيّة باتجاه الجدار الفاصل .. لتعلق بالسكينة الموجودة في مقدّمة بندقية القائد الشبح !
فشهقت الناس بخوف ، لعلمها بانفتاح البوّابة بينهما ..
وإذّ بمراهقٍ احمق يتجرّأ على اختراق الجدار الشفّاف ، رافعاً يده للسلام على القائد الشبح الذي سارع بقطع رأسه بالسيف على مرأى الناس !
ثم نزل عن حصانه ..وأعاد رأس المراهق مكانه ، ليتحوّل فوراً الى زومبي مخيف .. وأشار القائد للجموع .. ليخترق المراهق الجدار الشفّاف عائداً للزوّار ، وهو يعضّهم بهمجيّة ! وكل من عضّه ، تحوّل ايضاً الى زومبي !
فحصل هرجٌ ومرج بين المصطافين الذين حاولوا صعود التلّ للهرب من المنتزه المسكون .. إلاّ ان جيش الأشباح أحاط بهم من كل جانب !
فقال الشاب لصديقيه :
- إمسكوا السكاكين (التي احضرها سابقاً لتقشير الفاكهة) واقتلوا الجميع : الأشباح ، والزومبي .. إحموا انفسكم جيداً !!
وكانوا يقفون فوق التلّ وهم يرون الناس مُحاصرين في الوادي ، وهم يتحوّلون تباعاً لزومبي التي تحاول تسلّق التلّ للوصول للشباب الثلاثة الذين بدأوا بطعن كل من يقترب منهم ..
الى ان اهتزّت الأرض بزلزالٍ عنيف ، أدّى لحفرةٍ عميقة بين الوادي والتلّ ..سقط فيه الجميع ، بينما سارع الصديقين لتسلّق الشجرة الضخمة..
وحين رأيا رفيقهم يركض هارباً من زومبي ..أسرعا بمدّ ايديهما وحمله الى فوق .. ليسقط الزومبي بالحفرة الضخمة..
من بعدها ، هدأ كل شي ! وعاد الجدار الشفّاف للتقلّص من جديد
فنزل الشباب الثلاثة من الشجرة بحذر .. واقتربوا من حافّة التلّ .. ليجدوا أن الجدار الشفّاف حُصر مجدداً بالوادي ، بعد زيادة عدد الأرواح المحتجزة داخله ! لتستمرّ المعركة الدائرة هناك بين اشباح الجنود والزومبي الجدّد !
***
وبسبب ما حصل ، أُغلق المنتزه نهائياً .. ونُشر بالإعلام عن موت مئتيّ زائر بسبب الزلزال الضخم .. بينما أُجبر الأصدقاء الثلاثة من قبل الحكومة على كتابة تعهّد بالتزام الصمت للحادثة المريبة ، تحت تهديد السجن والغرامة !
***
وفي كل عام من ذكرى حدوث الكارثة الغامضة .. يجتمع الشباب الثلاثة سرّا هناك ، لتسلّق السور المغلق للمنتزه .. لمراقبة الحرب الدائرة بين اشباح الماضي والحاضر ، بمعركةٍ لا نهاية لها !
تعتبر هذه قصة فانتازيا .. وصدقوا او لا تصدقوا هي منام البارحة ، حيث كنت واحدة من الأصدقاء الثلاثة .. وكنت فوق التلّ ، وانا اشاهد كل ما حصل بالقصة .. وهذه اول مرة اشاهد قصة من بدايتها لنهايتها بمنام ! وقد حاولت جاهدة وصفها لكم .. ولوّ تم تصويرها بتقنية هولوغرام ، سيكون فيلماً قصيراً رائعاً !
ردحذفمادام هذا كان مناما يبقى ربنا يستر
ردحذفمن الاشياء التي اختلف فيها المفسرون
كثيرا ومنهم بن سيرين هي الدخان
والعجيب ايضا انه من اشراط الساعه