الأربعاء، 30 نوفمبر 2022

السلمون الفضوليّ (قصة اطفال)

تأليف : امل شانوحة 

 

البحر والنهر


بسبب فضول السلمون الصغير بهجرة إناثهم لوضع بيوضها ! تشجّع لتجاوز البرزخ ، مُقاوماً تيّار البحر للوصول الى النهر الذي يكتشفه لأول مرة..

في البداية شعر بالإختناق لاختلاف طعم ورائحة النهر ، لكنه تذكّر كلام جده : ((بأن السلمون الوحيد من اسماك البحر الذي يستطيع النجاة في المياه العذبة)) 


فأخذ نفساً عميقاً ، جعلته يشعر بالإنتعاش.. قبل انتباهه لمجموعة من الأسماك الصغيرة الملوّنة مُجتمعة حوله ، بعد إندهاشهم من لونه الرماديّ

وسألته إحداهن :

- كيف تحلّلت قشرتك لهذا اللون الكئيب ؟!

- انا سلمون ، وهذا لوني الخارجيّ.. اما لحمنا ، فمميز بلونه البرتقاليّ ..

السمكة : لم ألتقي بسلمون صغير من قبل !

السلمون : أردّت استكشاف الشلاّل الذي تلدّ عنده أمهاتنا ..فهل تدلّوني عليه ؟

- ليس قبل إخبارنا عن البحر ، فما سمعناه مخيفاً للغاية


السلمون : مثل ماذا ؟

- بأن امواجه عاتية ، وأسماكه قاتلة شرسة ..فهل هذا صحيح ؟

السلمون : البحر يحوي العديد من المخاطر : مثل التيّارات المائيّة والدوّامات التي تقتل السبّاحين والمصطافين كل عام .. والزوابع التي تُغرق السفن الشراعيّة .. عدا عن هجمات اسماك القرش ولسعات القناديل المؤلمة ، والأخطبوطات الّلزجة العنيدة

- وماذا عن الحوت ؟

السلمون : هناك انواعٌ منه ..لكن أشرسه هو الحوت الأزرق ، لكن نادراً ما نراه فهو يعيش في المحيطات .. وبمجرّد فتح فمه ، تموت اسرابٌ منا بلقمةٍ واحدة !

- ونحن ايضاً لدينا مخاطر ، خاصة في النهر الموحل الضحل حيث تتواجد التماسيح الماكرة التي لا يمكن رؤيتها بسهولة .. لكن خطرها أكبر على حيوانات اليابسة ، فنحن لا نُشبع جوعها 


ثم سألته سمكة اخرى :

- وهل لديكم اسماكٌ أليفة في البحر ؟

السلمون : الدلفين مُسالمٌ للغاية .. ويعتبر عدوّاً لأسماك القرش التي تمزّق خياسيمها بأنفها الحادّ ، لهذا يحبها الإنسان .. مع إنه في بعض البلدان يقتلونه بوحشيّة ! .. يا الهي ! لما أشعر بالحرارة ؟!

- لأننا بالصيف .. لهذا تفاجأنا برؤيتك ، فبالعادة نرى السلمون شتاءً 


سمكة بتردّد : وبصراحة لم نردّ إخبارك بأن رائحتك نتنة

السلمون : أظن ملح البحر يمنع ذلك ، فهو مادة حافظة .. لكن ماذا عنكم , كيف تعالجون المشكلة ؟

- تعال معنا ، سنريك مكان الإستحمام .. فقوةّ تدفّق الشلالّ ستبعد عنك الطفيليّات المزعجة

السلمون : أخيراً ستوصلوني للشلالّ ، فهذا طلبي منذ البداية

- أحقاً ! ولماذا تريد رؤيته ؟

السلمون : يبدو إن إشاعة نسيانكم السريع ، صحيحة ! ..أوصلوني الى هناك ، وسأخبركم لاحقاً 

***


وذهب معهم باتجاه الشلاّل .. وقبل وصولهم اليه ، نظروا لبعضهم باستغراب :

- لما نحن هنا ؟!

- لا ادري !

- هذا ليس طريق منازلنا !

فتنهّد السلمون بضيق : كنّا ذاهبين للشلاّل ، أنسيتم وجهتنا خلال دقائق ؟!

- ولماذا نذهب الى هناك ؟

فضحك السلمون قائلاً :

- سحقاً لذاكرتكم التي تدوم ثواني معدودة ! 

السمكة مُعاتبة : أتسخر من ذاكرتنا الضعيفة ؟

السلمون : حسناً لا تغضبوا ، سأذكّركم بالأفكار كلما نسيتموها .. بشرط أن تخبروني بها اولاً بأول .. 

الأسماك بحماس : إتفقنا !!

***


حين وصلوا للشلاّل ، طلبوا منه السباحة اسفله .. وأدّى تدفقه القويّ لشعوره بالنشاط والنظافة .. قبل سماعه صراخهم المُفزع :

- أهربوا !!!

السلمون بخوف : ماذا هناك ؟!

وعندما رأى الدب يقترب من النهر ، تبعهم سريعاً .. ليشاهدوا الدبّ من بعيد وهو يصطاد الأسماك الأخرى ، بضربةٍ قويّة من يده !


السلمون : لم اكن اعرف انكم تواجهون مخاطراً ، غير التماسيح !

- أنسيت البشر الذين يصطادوننا ، كهوايةٍ بأيام عطلهم 

السلمون : ونحن ايضاً نكره الصيّادين  

- هم يصطادونكم للأكل .. أمّا نحن فنُزيّن احواضهم الزجاجيّة ، لأن ألواننا تغريهم

السلمون : وما السيء في ذلك ؟

- اقاربنا المساكين يبقون في احواضهم لأيامٍ طويلة ، وربما سنوات

السلمون : الا يرجعونهم للنهر بعد أن يملّوا منهم ؟

- تعال لنريك اين نلتقي بالغائبين  

***


وسبح خلفهم ، الى ان وصلوا لمصبّ المجاري في النهر

السلمون بضيق : يالها من رائحةٍ قذرة

- لا نريد الإقتراب اكثر ، فهنا يرمون فضلاتهم

السلمون : ولما يلوّثون الأغبياء مياه الشرب ؟!

- يستخدمون الأنهار لنقل القاذورات للبحر

السلمون غاضباً : أعلم هذا ، فالبلاستيك يقتلنا ..حيث تتراكم اطنانٌ منها بالأعماق ، وهي لا تتحلّل بمرور الزمن ! وأحياناً نعلق فيها لشهورٍ طويلة ..هذا عدا عن تسرّبات النفط من السفن الناقلة او الغارقة ..وكل هذا سهلاً  امام التجارب النوويّة التي يفجّرونها بالمحيطات ، وتقتل ملايين الأسماك من مختلف الأنواع

- الملايين !

السلمون : نعم ، عدا عن شباكهم الضخمة لسفنهم العملاقة التي تقضي على سلالاتٍ بأكملها


وهنا تساءلت سمكة ، وهي تتلفّت حولها باستغراب :

- يا رفاق ! لما نحن بالمكان القذر ؟!

- آه صحيح ! لما اتينا الى هنا ؟!

السلمون بضيق : يالا ذاكرتكم الضعيفة ! أحضرتموني الى هنا ، لتخبروني عن لقائكم بأقاربكم الغائبين الذين احتجزهم الإنسان في منزله

- آه صحيح ! والأسوء انهم يتركون اطفالهم يهتمون بهم ، فيقتلوهم بقلّة الطعام او بإطعامهم أكثر من اللازم .. وبعد موتهم ، يرموهم بدورة المياه .. فنجدهم يطفون هنا ، فنأخذهم وندفنهم بقعر النهر


السلمون بعصبية : الإنسان دمّر كل شيء !! أتمنى لوّ انتقل لبحرٍ بعيد ، لم يلمسوه من قبل 

- هم متواجدون في كل مكان .. حتى الأسماك التي جازفت للعيش في المناطق الجليديّة ، لم يسلموا من سكّان القطبين الذين عاشوا هناك رغم تدني الحرارة !

السلمون غاضباً : يالهم من كائناتٍ فضوليّة !! يظنون أن الكرة الأرضيّة ملكهم وحدهم ! 


ثم رفع السلمون رأسه من النهر نحو السماء ، قائلاً : 

- يا الهي ! تأخّر الوقت .. عليّ إيجاد طريقة للعودة للبحر ، قبل أن تلاحظ امي غيابي

- اذاً عليك تتبّع المجرى السريع 

السلمون باشمئزاز : معبر القاذورات !

- نعم ، فهو يصل للبحر

السلمون : الا يوجد طريقة اخرى ؟

- لا اظن

السلمون : يبدو انه لا حلّ آخر امامي .. (ثم رفع زعنفته) .. سعدّت بلقائكم يا اصدقاء ، فعليّ الوصول لبيتي قبل غياب الشمس

وبعد وداعهم ، سبح مع القاذورات وهو يكتم انفاسه قدر المستطاع

***


بعد ذهاب السلمون ، نظرت الأسماك لبعضها باستغراب :

- لما نحن هنا ؟!

- لا ادري !

- المكان قذر وسيصيبنا بالمرض ، علينا تغيّر وجهتنا

- الى اين ؟

- لمنازلنا

- واين هي ؟

- أظنها قرب الشلاّل

- اذاً لنسرع قبل نسيان عنواننا

- تباً لذاكرتنا الضعيفة

وانطلقوا عائدين الى بيوتهم.. 


هناك 10 تعليقات:

  1. حسنا ...هذه القصه فعلا : ...
    ماذا كنت اريد ان اقول ؟ ..
    هههه ..


    ردحذف
    الردود
    1. كم انت مضحك هههههه

      حذف
  2. قصه طريفه بحس شارلي شابلن

    ردحذف
  3. القصة جميله
    وتعلمت ايضا ان لا اسطاد الأسماك ابدا
    ولكن سأشتريها من الأسواق! ههه

    ردحذف
  4. لافيكيا سنيورا

    قصه .....ولكن ماذا اقول؟ لقد سبقني بها اخ عاصم هههههـ

    احتاج جررعه من قصص الرعب
    واحتاج جرعه قصص متسلسله
    هل توجد هذه الجرعات في صيدلية افكارك ام ان الكميه نفذت

    لافيكيا سنيوراااااااااا

    ردحذف
    الردود
    1. لا ادري .. لنتركها للأيام ..سعيدة ان القصة اضحكتكم

      حذف
  5. العالم في عيون سمكة انحنا في اعلي السلسلة القذاية ولكن اخيرا نهض الدب الروسي حتي نكون مفشخين وليس بمفترسين

    ردحذف
  6. اهلا أمل
    قصصك جميله وممتعه ولكن لما لا تكتبِ قصص كالصفحات أي مثل الصديق الخيالي، ويوميات ابليس ولخ،.....
    سيكون هكذا جميل معَ أن قصصك جميعها جميله ولكن ستكون أجمل بكثير
    واعانك الله

    ردحذف
    الردود
    1. القصص التي ذكرتها طويلة ، اكثر من 200 صفحة .. اما بقية القصص فلا تتعدى 20 صفحة .. ونشر القصص الطويلة بالمدونة معقّد ، ويأخذ وقتاً طويلاً .. شكراً لاقتراحك

      حذف
    2. حسناٍ خذي راحتك
      اعانك الله
      ان تواجهين صعوبه لما لا تنشرين بالسبوع مره واحده هكذا سيرتاح عقلك من التفكير والقراى سيحبون قصصك وسينتظرونها احر من الجمر ،مع إني انتظر القصه التي ستنشرينها الأن بفارغ الصبر وعندما ينتهي اليوم التي لا تنشرين به اشعر وكأنه دهر فكيف سأصبر اسبوعٍ كاملٍ ؟
      سأنتظر قصتك الى اللقاء...

      حذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...