السبت، 3 سبتمبر 2022

الشقة المُحتجزة

فكرة : الأستاذ عاصم
كتابة : امل شانوحة 

 

ظلم الأقارب


قبل خروج الصحفيّة ندى (مسؤولة الشكاوي الاجتماعيّة في الجريدة الرسميّة) من عملها ، وصلتها رسالةٌ غريبة على بريدها الإلكترونيّ ! تضمّنت التالي :


((في الحقيقة لا اعلم من اين ابدأ.. لكني وجدّت نفسي مُضّطراً لمشاركتكم مشكلة عائلتنا ، لربما وجدّت الحلّ عند القرّاء : 

نحن نسكن في سكنٍ عائليّ مع اعمامي واولادهم ، كلّنا في عمارةٍ واحده تتكوّن من 15 طابق .. وفي كل طابق 4 شقق .. فمجموع أعمامي 59 فرداً.. وكل عمّ يسكن مع عائلته في شقته الخاصّة .. ماعدا شقة عمي (فطين) رحمه الله .. مع إن الرحمه لا تجوز عليه ، فهو سبب مشاكلنا التي نعاني منها حتى اليوم ، بعد بيع شقته (دون علم إخوته) للمعلّم (برعي) الرجل سيء السمعة في منطقتنا الشعبيّة! 

ومع هذا تدّعي ابنته الأرملة الحقيرة (عزّة) التي تسكن حاليّاً في الطابق الأرضيّ : بأن والدها لم يبيع الشقة بل احتلّها المعلّم (برعي) ظلماً ، والذي قام برميها هي وابنائها واغراضها فوق السلالم .. وهي غاضبة لأنّا شاهدنا ما حصل دون تدخلٍ منا .. فماذا كانت تنتظر ؟ هل نورّط أنفسنا مع رئيس عصابة ، فقط لأنها ابنة عمّنا ؟! .. الم يأتي والدها بذلك الفاسد الى عمارتنا ؟ اساساً مشاكلنا بسبب انانيّتها وكرهها لنا .. لهذا قرّرنا باجتماعٍ عائليّ : أن تترك عمارتنا ، وكان هذا اقتراح والدي قبل مرضه 

بينما اقترح عمي (سمير) أن نعكّر حياتها بالطابق الأرضيّ كيّ ترحل بنفسها ، حتى لا يقولوا الناس اننا رمينا قريبتنا في الشارع ..مع ان عمي (راضي الذي خطبها قديماً لإبنه هاشم ، ورفضته) لا يهتمّ كثيراً بكلام الناس ، ويريد طردها سريعاً من عمارتنا ..

المهم اننا بدأنا جميعاً بتنفيذ خطة لجعل حياتها جحيماً في مبنانا.. وفي البدايه : اخدنا منها مفتاح العماره.. ثم رفضنا فتح الباب لها ، كلما خرجت للتسوّق او المستشفى ، او حتى الجامع .. وكل هذا لشدّ الخناق عليها .. 

ومن بعدها قرّرنا إغراق شقتها بمياه المجاري ، بعد معرفتنا بأن ابنها الكبير استطاع حفر نفقٍ يوصله لخلفيّة المبنى ، لشراء الطعام والدواء لأمه إخوته ! واستطاع إنهاء الحفر خلال سنة ، بعد موت اخيه الصغير بسبب حمّى أصابته .. طبعاً ليس ذنبنا ، فهي بغبائها ستقتل بقيّة ابنائها لإصرارها على البقاء في عمارتنا.. 

لهذا أقفلنا النفق ، بالإضافة لنوافذ منزلها من الخارج بالحديد والخشب .. واستعنّا بالمعلّم (برعي) الذي سرق مفروشات شقتها القديمة ، كيّ يكسر عنادها بالإعتداء عليها مراراً ، بعد ضربه ابنها الكبير الذي يحاول جاهداً حماية امه دون فائدة .. 

وكنت انا وابن عمي نتنّصت على صرخاتها واستغاثاتها المضحكة ، كأننا نستمتع بفيلمٍ سينمائيّ مجانيّ.. 

حتى إن عمي (امير) سجّل لها بعضاً من إغتصابات المعلّم (برعي) من كاميرا أخفاها في شقتها ، كيّ يهدّدها بها في حال فكّرت بإبلاغ الشرطة عنا .. 

وهي دائماً تدعي الله على اعمامي ، لظلمهم المتواصل لها ! هل تصدّقون وقاحتها ؟ .. لهذا نفكّر حالياً بمنع الهواء عن شقتها كيّ تموت هي واولادها الملاعين إختناقاً ، دون تدخلٍ منا .. تماماً كما حصل مع ابنة عمي (نبيل) التي ادّعت إن المعلّم برعي استولى على المحل الموجود اسفل عمارتنا.. لكن ولله الحمد ، بعد حبسها شهوراً وحدها بغرفة السطح ، إنتحرت وتخلّصنا منها .. ولم تبقى امامنا سوى (عزّة) الملعونة واولادها 

لذا اريد من حضرتك نشر مشكلتي بالجريدة الرسميّة كيّ يساعدنا القرّاء بالمزيد من الإقتراحات لتعذيبها مع اولادها للخروج من عمارتنا ، او يموتوا ونتخلّص منهم للأبد .. فنحن سكّان المنطقة (الفلانيّة) معروفين بشهامتنا وقوتنا .. نحن في انتظار اقتراحاتكم بأحرّ من جمر ، تحياتي لكم))


وقد اثارت الرسالة غضب الصحفيّة ندى ، لعدم شعور المُرسِل بالذنب اتجاه الفظائع التي ارتكبوها بحقّ قريبتهم (عزّة) التي مازالت تعاني هي واولادها من همجيّتهم الغير مبرّرة ! 

وربما فضحهم الله بلسان احدهم لإنقاذ تلك المسكينة ، المغلوب على امرها 


لهذا لم تتوانى على الإتصال بالشرطة وإطلاعهم على مضمون الرسالة المستفزّة .. ليوافق مدير المركز على إرسال دوريّة معها الى المنطقة الشعبيّة المذكورة بنهاية الرسالة..

***


حين وصلوا الى تلك المنطقة.. لم يجدوا صعوبة في إيجاد العمارة التي يسكنها 60 أخاً ، والذين حاولوا منعهم من الوصول الى شقة عزّة .. 

لكن الشرطيان ههدّدوهما باستخدام مسدساتهما إن لزم الأمر ! 

فعادوا الى شققهم غاضبين ، بعد وضعهم ثلاثة من اولادهم لمراقبة الوضع من بعيد 


ودخل الشرطيان برفقة الصحفيّة الى شقة عزّة المتواضعة ، ليشعروا على الفور بارتباكها بعد إرسال اولادها الى غرفتهم .. رغم اعتراض ابنها المراهق الذي اراد مشاركتنا مشكلته .. لكنها اجبرته على الخروج من الصالة ، ريثما ينتهي التحقيق معها .. 

وكان واضحاً خوفها من اعمامها واولادهم .. وظهر ذلك جليّاً من عينيها المرهقتين واجساد ابنائها الثلاثة الهزيلة !


وما كانت تخشاه الصحفيّة حصل ، بعد إنكار عزّة لمضمون الرسالة ! بل الأسوء إنها مدحت اعمامهما واهتمامهم بها ، بعد وفاة والدها! 

ويبدو انها خشيّت الطرد في الشارع مع ابنائها ، في حال اخبرتهم الحقيقة .. لهذا أنكرت الإعتراف الصريح من احد الأعمام او ابنائهم في الرسالة الغامضة ! 


وعندما همّت الشرطة بالرحيل ، لمحت الصحفيّة المراهق وهو يشير بيده من امام غرفته بإشارة تعني المساعدة ، كأنه يترجّاها أن لا تتركهم بهذا الجحيم !


فانتظرت بسيارتها ، ريثما ابتعدت سيارة الشرطة .. ثم عادت الى شقتهم ، لتجد عزّة تبكي بقهر .. وحينها سمحت لإبنها الكبير بإخبار الصحفيّة بأنه هو من ارسل  الرسالة ، بعد إقناع ابن عمه الصغير باللعب معه على الحاسوب بغياب اهله.. 

وبعد دخول الصغير الحمّام ، بعثها على إيميل برنامجها الذي يتابعه دائماً.. وبأنه كتبها بتلك الطريقة المستفزّة كيّ يثير انتباهها ، بعد فشله إستدعاء الشرطة الذين لم يصدّقوا بأنهم محتجزين قسّراً في المبنى ، وأن اعمامه حرموه هو وإخوته من إكمال دراستهم او اللعب في الشارع !


وقبل أن تخبره الصحفيّة برأيها ، سمعت صوت السلاسل خارج الشقة ! فصرخ المراهق :

- إنتظر عمي !! لا تحبسنا ، فالصحفيّة عندنا

فردّ العم من خلف الباب :

- اعلم هذا ، رأيتها تعود اليكم .. لهذا ستعاقب بالحبس معكم ، لأننا لن نجازف بفضح اسرار عائلتنا بمقالاتها الجريئة .. وسنرسل طعامها من وقتٍ لآخر .. وهذا عقابها على فضولها الزائد


فانهار المراهق ، وصار يطرق الباب بعنف .. قبل ان توقفه الصحفيّة ، وهي تهمس له :

- لا تقلق .. قبل عودتي اليكم ، ارسلت عنوان العمارة الى زوجي .. وطلبت منه إبلاغ الشرطة ، في حال لم اعدّ منزلي بحلول المساء.. والى ذلك الحين ، سأتناقش معكم عن حلول لمشكلتكم 

عزّة : ليس قبل أن نتغدّى سوياً

الصحفيّة : إذاً اعمامك لم يحرموك الطعام ؟

عزّة : هم يريدون قتلي .. لكن عمي الكبير أمرهم بإعطائي معلّبات غذائيّة في بداية كل شهر .. فهل تقبلين غدائنا المتواضع ؟ 

الصحفية بشفقة : بكل سرور

***


في المساء .. قدمت الشرطة مع زوج ندى الذي طلب كسر الباب ، بعد رفض الأعمام إزالة السلاسل الخارجيّة عن الشقة !


وبعد دخولهم ، هدّدت الصحفيّة الأعمام بعقابهم على ظلمهم لإبنة اخيهم ..  وأصرّت على نقل عزّة وابنائها لمكانٍ آمن ، خوفاً من انتقامهم بعد رحيل الشرطة

***


لاحقاً ، استأجرت الصحفيّة شقةً صغيرة لعائلة عزّة من مالها الخاصّ .. كما عيّنت محامياً بارعاً ، إستطاع إجبار الأعمام بالقانون على بيع عمارتهم .. وإعطاء عزّة نصيبها من شقتها القديمة ، بعد اعتراف المعلّم (برعي) باستيلائه عليها ، وعلى محل ابنة عمها المنتحرة ظلماً .. 


وبعد حصول عزّة على الميراث ، ساعدتها الصحفيّة بشراء بقّالة تديرها هي وابنها المراهق ، واستجار منزلاً قريباً منه .. دون معرفة الأعمام بعنوانهم الجديد ..

***


بعد صدور الحكم النهائي بعقاب الأعمام الخمسة (المتورّطين بقراراتهم الظالمة بحقّ عزّة وابنة عمها المرحومة) بالسجن 5 سنوات ، تشتّت بقيّة الإخوة بعد حصولهم على حقهم من ثمن العمارة ، وشرائهم شققاً في مناطق متباعدة .. وباتوا لا يلتقون إلاّ بالمناسبات العائليّة ، دون حضور عزّة وابنائها الذين قطعوا علاقتهم بأقاربهم نهائياً !


هناك 6 تعليقات:

  1. ملاحظة : مضمون الرسالة بالقصة ، مكتوبة من الإستاذ عاصم .. وانا أكملت بقية القصة.. اتمنى ان تعجبه وتعجبكم

    ردحذف
  2. الحمد الله تحسّن الإنترنت قليلاً .. فإن اختفيت فجأة ، يكون تعطّل في لبنان مجدداً .. اعاننا الله

    ردحذف
  3. عاصم : شكرا جزيلا على هذا المجهود

    ردحذف
  4. لافيكيا سنيورا

    لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لا لن اقبل بهذه القصه 59 اخ لم يوجد في قلب احدهم رحمه

    وبعدين كانو الاخوه راح يدفعو قيمة شقة عزه ويخرجوها.

    اكررر هذه القصه مرفووووضه صاحب القصه لازم يدخل السجن والذي اكملها ونشرها لازم نفرض عليه عقوبات دوليه متضمنه بعدم سفره الى خارج بلده وتجميد ارصدته بالخارج ورفع الضرائب عليه لمدة سنه وكمان دفع غرامه ماليه بمقدار دولار لكل شخص يقرأ هذه القصه تدفعها الاخت امل وليس القراء.. بالاضافه الى حرمان الاخت امل من الكتابه لمدة 12 ساعه ومنعها من النت لمدة 12 ساعه. لكي تكون عبرة للاخرين..

    مع تحيات وكالة ناسا لحقوق الانسان

    لافيكيا سنيورا

    ردحذف
    الردود
    1. انا اساساً معاقبة بقطع الإنترنت والكهرباء في لبنان ، تفاهم انت والأستاذ عاصم فهذه قصته ..وبالعكس رأيت القصة تحاكي واقعنا الأليم ، الم تسمع بظلم الأقارب من قبل ؟!

      حذف
    2. ظلم الاقارب يا ما اكثره لدرجة ان الاولين قالو الاقارب عقارب.. وقال سولانو وماضرني غريب يجهلني وانما اوجعني قريبا يعرفني..

      حذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...