الخميس، 29 يوليو 2021

بعيد عن الشبهات

تأليف : امل شانوحة 

المُنحرف المتخفّي


بعد خروج المراهقين (اريك وجيمي) من الحديقة ، ناداهما الشرطي جاك من سيارته :

- أتريدان أن أوصلكما الى المنزل ؟ 

اريك : لا ، شكراً سيدي 

- كما تشاءان 


وبعد ابتعاده ، عاتب جيمي صديقه : 

- لما لم تدعه يوصلنا ؟ فمنازلنا بعيدة ، والشمس على وشك الغروب 

اريك : انت جديدٌ في المنطقة ، لذا أنصحك أن لا تثق بأحد .. خصوصاً الشرطة


ثم وضع سمّاعات الموسيقى في إذنيه ، دون توضيح ما قصده ! 

فأكمل جيمي طريقه وهو يلعب بجوّاله ..

***


بعد اسبوع .. إقترب جاك من جيمي اثناء تحدّثه مع الطالب جورج خارج المدرسة ، والذي ابتعد فور رؤيته الشرطي الذي أخذ جيمي جانباً :

- أنصحك بعدم مرافقة جورج ، فهو شابٌ متنمّر ومتورّط مع عصابةٍ سيئة 

جيمي : كان يسألني عن غياب صديقي اريك

الشرطي : أنت طالبٌ جديد ، وستكون ضحيّة سهلة للمتنمّرين .. إبتعد عن ذاك المشاغب قدر الإمكان 

- حاضر سيدي  

- هل تريدني أن أوصلك الى المنزل ؟


فتذكّر جيمي نصيحة اريك ، فأجابه بارتباك :

- لا شكراً ، حفظت الشوارع جيداً

فأخذ الشرطي يتمعّن فيه بنظراتٍ مُقلقة ، ويقول : 

- وسيم ، وذكيٌ ايضاً

جيمي بقلق : ماذا تقصد ؟!

- حفظت الطرقات رغم انتقالك الينا منذ شهرين فقط 

- منطقتكم الساحلية صغيرةٌ جداً ، وشوراعها قليلة

الشرطي : معك حق .. هي مملّة بالنسبة لمدينتكم الكبيرة ، اليس كذلك ايها الولد الظريف ؟


وحين حاول لمس كتفه .. ركض جيمي مبتعداً ، لعدم إرتياحه لنوايا الشرطي الخمسينيّ اتجاهه !  

***


في نهاية الإسبوع ، ذهب جيمي للسباحة مع صديقه اريك ..

وبعد ساعتين ، خرج قبله من البحر .. 

واثناء تجفيف جسمه ، سمع شخصاً يقول من خلفه :

- إن بنيت عضلاتك ، ستصبح أكثر وسامةً 


ليجد الشرطي مستلقياً بثياب البحر فوق كرسي مريح على الشاطىء ، مما أربك جيمي الذي سارع بلبس ثيابه .. فنصحه الشرطي قائلاً: 

- عزيزي ..عليك الذهاب الى هناك لتغير ملابس السباحة المُبتلّة ، وإلاّ ستمرض.. 


وأشار الى اكواخٍ خشبية مُخصّصة للسبّاحين .. لكن جيمي فضّل لمّلمة اغراضه ، والإبتعاد دون انتظار صديقه .. وركض بين الناس وهو يقول بصوتٍ مسموع :

- إنتبهوا من المتحرّش اللعين !!


لكن لم يفهموا من يقصد ، لوجود الكثير من المصطافين هناك ! 

***


في اليوم التالي بالمدرسة .. عاتبه اريك على رحيله من الشاطىء دون إخباره ، فأطلعه جيمي عمّا حصل .. 

فقال اريك :

- كنت أشكّ بميوله المنحرفة !

جيمي بعصبية : ولما لم تنبّهني يا اريك ؟!! ثم كيف يوظّف رئيس بلديتكم رجلاً شاذاً لهذه الوظيفة المهمّة ؟!

إريك : يبدو لا يعرف أحد بسرّه القذر !


جيمي : هل حاول التحرّش بك ايضاً ؟

إريك : لن يجرأ العجوز على ذلك ، فهو يعلم بحصولي على الحزام الأسود بالكاراتيه .. لهذا أنصحك بالتمرّن في النادي ، فرغم انك تكبرني بسنة ، الا انك تبدو كصبيٍ صغير 

جيمي : ربما قصر القامة وراثة في عائلتي

- لكن كلا والديك طويلان !

- هما والدايّ بالتبني ، فأنا عشت في دار الأيتام حتى سن الثامنة

- لم اعرف هذا !

جيمي : رجاءً لا تخبر احداً ، وإلاّ لن يرحمني المتنمّرون

- سرّك بأمان ..وفي جميع الأحوال خذّ حذرك منه ، فأنا أشكّ بتورّطه باختفاء الصبي آدم قبل سنوات ، والذي لم تجد الشرطة أثره حتى اليوم ..فأنا شاهدته يلاحقه قبل يوم من إختفائه ، لكني لم أخبر أحداً خوفاً من انتقامه  


فعاد جيمي مهموماً الى منزله ، فهو لا يستطيع محاربة شرطي فاسد لوحده .. لهذا قرّر تجنّبه قدر الإمكان

***


بعد شهرين ، إحتفل والدا جيمي ببلوغه سن 18 .. وعزما معظم الجيران ، وكان من بينهم الشرطي جاك ! مما أغضب جيمي الذي فضّل البقاء في غرفته لحين ذهاب الضيوف 

***


وبعد شهر ، في عطلة نصف السنة .. ذهب والدا جيمي الى المطعم للإحتفال بذكرى زواجهما ، تاركان جيمي ساهراً على حاسوبه في انتظار عودتهما ..


واثناء اندماجه بمشاهدة الفيلم ، قفز مرتعباً من سريره بعد رؤية الشرطي جاك يطرق على نافذة غرفته ، وهو يترنّح بسكرٍ واضح ويقول :

- هل طفلتي الجميلة وحدها في المنزل ؟ هيا كوني مطيعة وافتحي لحبيبك الباب


فهدّده جيمي بالإتصال بالشرطة.. 

فردّ ساخراً :

- أتظن نفسك في المدينة ؟ انا الشرطي الوحيد هنا ، فلمن تشكوني ؟

جيمي مرتجفاً : اذاً سأتصل بوالدي ليضربك ، ايها المنحرف اللعين!!


الشرطي بلؤم : راقبته قبل قليل ، وهو مازال مع زوجته في مطعمٍ خارج نطاق تغطية الجوالات .. وإن كنت لا تصدّقني ، إتصل به ريثما أفتح الباب بنفسي

وأخرج سلكاً حديديّ من بنطاله ، وهو يقول :

- هذا السلك خاص بالشرطة ، وهو يفتح جميع الأبواب .. انا ذاهبٌ الى الباب الرئيسيّ .. مازال امامك بضعة دقائق للإختباء ، يا صغيرتي الفاتنة


فركض جيمي خائفاً الى علّية المنزل الصغيرة .. وأقفل الباب على نفسه وهو يلهث بإرهاقٍ شديد ، ويلعن نفسه لعدم إحضاره دواء الربو الذي يعاني منه ..


وماهي الا لحظات .. حتى سمع خطوات الشرطي يتجوّل في المنزل ، ويناديه بصوتٍ عالي :

- اين انت يا عزيزي جيمي ؟!! اريد أن أعرّفك على عالم الرجال .. هيا يا صغيرتي ، لا تتعبي رجلاً كبيراً مثلي .. فأنا اريد محادثتك قليلاً ، قبل عودة والديك بالتبنيّ من المطعم


فتساءل جيمي في نفسه مرتعباً :

((كيف عرف انني لست ابنهما الحقيقيّ ؟!))


وحين سمعه يصعد اتجاه العلّية .. تسارعت دقّات قلبه ، محاولاً إلتقاط انفاسه .. ليصاب بدوخة ودوارٍ شديدين ، جعلته يسقط مغشياً عليه ! 

***


إستيقظ جيمي بعد ساعة ، وبجانبه ثلاثة رجال الشرطة ! 

فنهض فزعاً :

- ارجوكم لا تؤذوني !!

فسأله أحدهم : 

- لما تختبئ في العلّية ؟ هيا إنزل معنا 

جيمي بعصبية : هل جميعكم فاسدون , وقرّرتم الإحتفال بي الليلة؟!!

الشرطي باستغراب : عن ماذا تتحدّث ؟! 

الشرطي الآخر : المحقّق يريد سماع شهادتك حول مقتل والديك

جيمي بصدمة : ماذا !

***


بعد نزولهم من العلّية .. أوشك قلب جيمي أن يتوقف فور رؤيته جثة والديه في الصالة ، بجانب جثة الشرطي جاك الشبه عارية ! 

وانهار باكياً بجانب جثة امه ، مشيراً الى جاك : 

- قتلهما اللعين !! 

وسط دهشة افراد الشرطة !

*** 


في المركز .. تفاجأ جيمي بوجود العديد من الموظفين هناك ، بعد أن أقنعه جاك أنه الشرطي الوحيد في المنطقة !


وفي غرفةٍ خاصة .. أخبر المحقّق بما حصل قبل إغمائه ، كما ذكر تحرّشات الشرطي له في الأيام الماضية ..

فقال المحقّق بدهشة : 

- الشرطي جاك هو أقدم الموظفين وأكثرهم كفاءة ، والجميع يعرفه بحسن اخلاقه وتفانيه بالعمل ! 

جيمي بحنق : عليك سؤال المراهقين عنه ، فهو حاول قديماً التحرّش بصديقي اريك الذي رآه يلاحق آدم قبل اختفائه 

- آدم ! هو القضية الوحيدة التي لم أحلّها حتى الآن 

- ربما قتله اللعين بعد إعتدائه عليه 


المحقّق : هل لديك أدلّة على ما تقوله ؟

- انا جديد في منطقتكم ، ولم أرى آدم من قبل 

- أقصد تحرّشات جاك بالأولاد ؟

جيمي : أخبرتك بالإشاعات المنتشرة في مدرستي  

- سنهتم بهذا لاحقاً ، الآن إخبرني عن والديك 


فمسح جيمي دموعه ، قبل أن يقول بحزن : 

- كانا يحتفلان في المطعم ، ولم انتبه لعودتهما الى المنزل .. أظن جاك تفاجأ بعودتهما باكراً ، فتخلّص منهما 

المحقق : هما قتلا برصاصتين في الرأس ، ولم نجد في مسرح الجريمة سوى مسدس جاك .. ومع هذا سننتظر تقرير التشريح ، لمعرفة إن كانت الرصاصات إنطلقت من مسدس الشرطي ام لا  

- إذاً من قتل ذلك المغتصب ؟ 


المحقق : قُتل بطلقةٍ إخترقت فمه 

جيمي بصدمة : تقصد انتحر ؟! 

- هناك جرحٌ واضح على طول رقبته ، لذا سننتظر تقرير التشريح ، فملابسه المرمية على الأرض ملوّثة بالدماء ايضاً

جيمي : أخبرتك انه حاول الإعتداء عليّ ، وربما حاول غسلها بعد تلطّخها بدماء والدايّ 

- سنعرف هذا لاحقاً .. 


فسكت جيمي قليلاً ، قبل أن يسأله : 

- هل أنا رهن الإعتقال ، ام ستعيدونني الى المنزل ؟

المحقق : سنرسلك الى فندقٍ قريب على حساب الدولة ، لحين إزالة جميع الأدلّة من منزلك.. (ثم قال محذّراً) .. وإيّاك الخروج من المدينة لأيّ سببٍ كان !!

- والى اين أذهب ؟ ليس لديّ اقارب ، والدايّ كانا كل حياتي


وانهار بالبكاء ، فربت المحقق على كتفه :

- تماسك يا جيمي ، فقد أصبحت شاباً وعليك تحمّل مسؤولية نفسك

فأومأ برأسه موافقاً بحزنٍ شديد 

***


بعد شهادة إريك وجورج بإنحراف الشرطي جاك وميوله الشاذة اتجاه المراهقين ، أُغلقت القضية على النحو التالي : حصول شجارٌ عنيف بين والد جيمي والشرطي فور رؤيته عارياً ، مما يؤكّد كلام ابنه عن تحرّشاته السابقة .. وحين حاول الأب خنقه بسلك التلفون ، تمكّن جاك من قتله مع زوجته (فقد أثبت تقرير المختبر أن الرصاصات الثلاثة إنطلقت من مسدسه) ويبدو ملابسه تلطّخت بالدماء أثناء محاولته لبسهم على عجل ، للهروب من المنزل بعد إرتكابه الجريمة.. وحين سمع صافرات الشرطة تقترب من المكان (بعد قيام الجارة بالإتصال بهم ، فور سماعها الشجار العنيف) أقدم جاك على الإنتحار ، خوفاً على وظيفته وسمعته بين زملائه .. وبذلك تمّ تبرئة جيمي الذي عاد الى منزله ، بعد تطوّع الجيران بتنظيفه جيداً ..

*** 


بعد شهرين على الحادثة .. 

إجتمع جيمي بصديقيه إريك وجورج في منزله للإحتفال بتخرّجهم من الثانوية ، وبنجاح خطتهم الماكرة !


جورج : والآن ماذا تنوي فعله بعد أن حوّل المحامي ثروة والدك على حسابك ؟ 

جيمي : كما اتفقنا سابقاً .. سنتاجر بالمخدرات ، فأنا بعيدٌ عن الشبهات

جورج : بالطبع ..فالشرطة تشعر بالذنب لما فعله زميلهم بك ، قبل انتحاره

إريك : المهم أن لا تنسى نصيبي من الثروة ، فأنا ساعدتك بتشويه سمعة العجوز 

جيمي : وانا ايضاً ساهمت بذلك ، بعد نشري الشائعات حول ميوله الشاذّ بين الجيران وطلاّب المدرسة .. بالإضافة لتوريطه باختفاء آدم الغامض


فقال المتنمّر جورج : 

- لكن سيبقي لي النصيب الأكبر ، فأنا قتلت والديك .. وكدّت أقتل الشرطي خنقاً ، لولا تدخل إريك 

إريك : جيد انني وصلت في الوقت المناسب قبل إفسادك الخطة ، وحشرت مسدسه في فمه .. وبعد قتله ، أزلت ملابسه ليبدو متحرّشاً 

جيمي بابتسامةٍ ماكرة : لم يكن ليحصل كل هذا ، لولا نجاحي باستدراجه الى منزلي  


(وكان يقصد : إنه بعد ذهاب والديه الى المطعم ، إتصل بالشرطي جاك لنقله الى المستشفى ، بعد ادعائه الإصابة بأزمة ربوٍ طارئة .. ثم اتصل بأبيه لإخباره بنفاذ دوائه وشعوره بالإختناق .. ليأتي والداه على عجل ، ويتفاجآ باقتحام الشرطي منزلهما ، بعد تعمّد جيمي عدم الإستجابة لنداءاته المتكرّرة .. وفي تلك اللحظة ! خرج المتنمّر من خلف الستارة ، وسرق مسدس الشرطي من يده ، قتل به الزوجين .. وحين حاول الشرطي إيقافه ، لفّ جورج السلك على رقبته .. ليوقفه اريك الذي استطاع إنقاذ الخطة التي اتفق عليها المراهقين الثلاثة ، بعد سماع جيمي المحامي يحدّث والده عن حصوله على الميراث بعد وفاته .. لهذا اتفق مع اسوء طالبين في مدرسته لارتكاب الجريمة ، والإتجار مع عصابة المخدرات التي ينتمي اليها المتنمّر)

  

وهنا سأله إريك : لم تخبرنا بعد يا جيمي ، لما اخترت الشرطي العجوز ليكون كبش الفداء لجريمتك ؟

جيمي : بعد انتقالي الى هنا ، سألت جارتي عن أعداد المتحرّشين في المنطقة .. فأخبرتني إن الضحية الوحيدة بينهم هو جاك الذي تحرّش به والده قبل وفاته ، لهذا يعيش أعزباً ومنطوياً عن الناس .. فوجدته هدفاً سهلاً لخطتي .. ولولاه لما أغلقت الشرطة قضية موت والدايّ بسهولة ، خوفاً على سمعة موظفيها بين السكّان  


جورج : أتوقع أنك ستصبح تاجر ممنوعات محترف في المستقبل القريب 

إريك ساخراً : والداك المساكين ، ألم يختارا سواك بين اطفال الميتم؟! 

جيمي : هذا ذنبهم ، من قال لهم أن يتبنوا إبن حرام 

جورج : لقيطٌ ماكرٌ بالفعل !  

جيمي بغرور : أفضّل لقب : ((الدّاهية)) 

وضحكوا بخبث !


هناك 4 تعليقات:

  1. ياللعقول الماكره... لقد كدت أشفق عليه حقا ثم أفاجأ به مجرم في نهاية القصه ... تحول رائع بخط القصه. قد يصلح كسيناريو فيلم تليفزيوني .

    ردحذف
  2. خالص التحايا للمبدعة الرائعة الاخت امل

    ردحذف
  3. جيمي هذا شخص جاحد حقير وضيع
    القصة تستحق جزء ثاني درامي تكتشف فيه الشرطة خطة جيمي الحقير و تنصب كمين له و لعصابته لينتهي بمقتلهم و انهيار العصابة

    ردحذف
  4. بصراحة انصدمت ��

    ردحذف

طبيب الأسنان المشبوه

فكرة : اختي اسمى كتابة : امل شانوحة    جنّية الأسنان جلست سلمى على كرسي طبيب الأسنان وهي ترتجف رعباً ، فهي المرّة الأولى التي تخلع فيها سن ا...