تأليف : امل شانوحة
المُنحرف المتخفّي
بعد خروج المراهقين (اريك وجيمي) من الحديقة ، ناداهما الشرطي جاك من سيارته :
- أتريدان أن أوصلكما الى المنزل ؟
اريك : لا ، شكراً سيدي
- كما تشاءان
وبعد ابتعاده ، عاتب جيمي صديقه :
- لما لم تدعه يوصلنا ؟ فمنازلنا بعيدة ، والشمس على وشك الغروب
اريك : انت جديدٌ في المنطقة ، لذا أنصحك أن لا تثق بأحد .. خصوصاً الشرطة
ثم وضع سمّاعات الموسيقى في إذنيه ، دون توضيح ما قصده !
فأكمل جيمي طريقه وهو يلعب بجوّاله ..
***
بعد اسبوع .. إقترب جاك من جيمي اثناء تحدّثه مع الطالب جورج خارج المدرسة ، والذي ابتعد فور رؤيته الشرطي الذي أخذ جيمي جانباً :
- أنصحك بعدم مرافقة جورج ، فهو شابٌ متنمّر ومتورّط مع عصابةٍ سيئة
جيمي : كان يسألني عن غياب صديقي اريك
الشرطي : أنت طالبٌ جديد ، وستكون ضحيّة سهلة للمتنمّرين .. إبتعد عن ذاك المشاغب قدر الإمكان
- حاضر سيدي
- هل تريدني أن أوصلك الى المنزل ؟
فتذكّر جيمي نصيحة اريك ، فأجابه بارتباك :
- لا شكراً ، حفظت الشوارع جيداً
فأخذ الشرطي يتمعّن فيه بنظراتٍ مُقلقة ، ويقول :
- وسيم ، وذكيٌ ايضاً
جيمي بقلق : ماذا تقصد ؟!
- حفظت الطرقات رغم انتقالك الينا منذ شهرين فقط
- منطقتكم الساحلية صغيرةٌ جداً ، وشوراعها قليلة
الشرطي : معك حق .. هي مملّة بالنسبة لمدينتكم الكبيرة ، اليس كذلك ايها الولد الظريف ؟
وحين حاول لمس كتفه .. ركض جيمي مبتعداً ، لعدم إرتياحه لنوايا الشرطي الخمسينيّ اتجاهه !
***
في نهاية الإسبوع ، ذهب جيمي للسباحة مع صديقه اريك ..
وبعد ساعتين ، خرج قبله من البحر ..
واثناء تجفيف جسمه ، سمع شخصاً يقول من خلفه :
- إن بنيت عضلاتك ، ستصبح أكثر وسامةً
ليجد الشرطي مستلقياً بثياب البحر فوق كرسي مريح على الشاطىء ، مما أربك جيمي الذي سارع بلبس ثيابه .. فنصحه الشرطي قائلاً:
- عزيزي ..عليك الذهاب الى هناك لتغير ملابس السباحة المُبتلّة ، وإلاّ ستمرض..
وأشار الى اكواخٍ خشبية مُخصّصة للسبّاحين .. لكن جيمي فضّل لمّلمة اغراضه ، والإبتعاد دون انتظار صديقه .. وركض بين الناس وهو يقول بصوتٍ مسموع :
- إنتبهوا من المتحرّش اللعين !!
لكن لم يفهموا من يقصد ، لوجود الكثير من المصطافين هناك !
***
في اليوم التالي بالمدرسة .. عاتبه اريك على رحيله من الشاطىء دون إخباره ، فأطلعه جيمي عمّا حصل ..
فقال اريك :
- كنت أشكّ بميوله المنحرفة !
جيمي بعصبية : ولما لم تنبّهني يا اريك ؟!! ثم كيف يوظّف رئيس بلديتكم رجلاً شاذاً لهذه الوظيفة المهمّة ؟!
إريك : يبدو لا يعرف أحد بسرّه القذر !
جيمي : هل حاول التحرّش بك ايضاً ؟
إريك : لن يجرأ العجوز على ذلك ، فهو يعلم بحصولي على الحزام الأسود بالكاراتيه .. لهذا أنصحك بالتمرّن في النادي ، فرغم انك تكبرني بسنة ، الا انك تبدو كصبيٍ صغير
جيمي : ربما قصر القامة وراثة في عائلتي
- لكن كلا والديك طويلان !
- هما والدايّ بالتبني ، فأنا عشت في دار الأيتام حتى سن الثامنة
- لم اعرف هذا !
جيمي : رجاءً لا تخبر احداً ، وإلاّ لن يرحمني المتنمّرون
- سرّك بأمان ..وفي جميع الأحوال خذّ حذرك منه ، فأنا أشكّ بتورّطه باختفاء الصبي آدم قبل سنوات ، والذي لم تجد الشرطة أثره حتى اليوم ..فأنا شاهدته يلاحقه قبل يوم من إختفائه ، لكني لم أخبر أحداً خوفاً من انتقامه
فعاد جيمي مهموماً الى منزله ، فهو لا يستطيع محاربة شرطي فاسد لوحده .. لهذا قرّر تجنّبه قدر الإمكان
***
بعد شهرين ، إحتفل والدا جيمي ببلوغه سن 18 .. وعزما معظم الجيران ، وكان من بينهم الشرطي جاك ! مما أغضب جيمي الذي فضّل البقاء في غرفته لحين ذهاب الضيوف
***
وبعد شهر ، في عطلة نصف السنة .. ذهب والدا جيمي الى المطعم للإحتفال بذكرى زواجهما ، تاركان جيمي ساهراً على حاسوبه في انتظار عودتهما ..
واثناء اندماجه بمشاهدة الفيلم ، قفز مرتعباً من سريره بعد رؤية الشرطي جاك يطرق على نافذة غرفته ، وهو يترنّح بسكرٍ واضح ويقول :
- هل طفلتي الجميلة وحدها في المنزل ؟ هيا كوني مطيعة وافتحي لحبيبك الباب
فهدّده جيمي بالإتصال بالشرطة..
فردّ ساخراً :
- أتظن نفسك في المدينة ؟ انا الشرطي الوحيد هنا ، فلمن تشكوني ؟
جيمي مرتجفاً : اذاً سأتصل بوالدي ليضربك ، ايها المنحرف اللعين!!
الشرطي بلؤم : راقبته قبل قليل ، وهو مازال مع زوجته في مطعمٍ خارج نطاق تغطية الجوالات .. وإن كنت لا تصدّقني ، إتصل به ريثما أفتح الباب بنفسي
وأخرج سلكاً حديديّ من بنطاله ، وهو يقول :
- هذا السلك خاص بالشرطة ، وهو يفتح جميع الأبواب .. انا ذاهبٌ الى الباب الرئيسيّ .. مازال امامك بضعة دقائق للإختباء ، يا صغيرتي الفاتنة
فركض جيمي خائفاً الى علّية المنزل الصغيرة .. وأقفل الباب على نفسه وهو يلهث بإرهاقٍ شديد ، ويلعن نفسه لعدم إحضاره دواء الربو الذي يعاني منه ..
وماهي الا لحظات .. حتى سمع خطوات الشرطي يتجوّل في المنزل ، ويناديه بصوتٍ عالي :
- اين انت يا عزيزي جيمي ؟!! اريد أن أعرّفك على عالم الرجال .. هيا يا صغيرتي ، لا تتعبي رجلاً كبيراً مثلي .. فأنا اريد محادثتك قليلاً ، قبل عودة والديك بالتبنيّ من المطعم
فتساءل جيمي في نفسه مرتعباً :
((كيف عرف انني لست ابنهما الحقيقيّ ؟!))
وحين سمعه يصعد اتجاه العلّية .. تسارعت دقّات قلبه ، محاولاً إلتقاط انفاسه .. ليصاب بدوخة ودوارٍ شديدين ، جعلته يسقط مغشياً عليه !
***
إستيقظ جيمي بعد ساعة ، وبجانبه ثلاثة رجال الشرطة !
فنهض فزعاً :
- ارجوكم لا تؤذوني !!
فسأله أحدهم :
- لما تختبئ في العلّية ؟ هيا إنزل معنا
جيمي بعصبية : هل جميعكم فاسدون , وقرّرتم الإحتفال بي الليلة؟!!
الشرطي باستغراب : عن ماذا تتحدّث ؟!
الشرطي الآخر : المحقّق يريد سماع شهادتك حول مقتل والديك
جيمي بصدمة : ماذا !
***
بعد نزولهم من العلّية .. أوشك قلب جيمي أن يتوقف فور رؤيته جثة والديه في الصالة ، بجانب جثة الشرطي جاك الشبه عارية !
وانهار باكياً بجانب جثة امه ، مشيراً الى جاك :
- قتلهما اللعين !!
وسط دهشة افراد الشرطة !
***
في المركز .. تفاجأ جيمي بوجود العديد من الموظفين هناك ، بعد أن أقنعه جاك أنه الشرطي الوحيد في المنطقة !
وفي غرفةٍ خاصة .. أخبر المحقّق بما حصل قبل إغمائه ، كما ذكر تحرّشات الشرطي له في الأيام الماضية ..
فقال المحقّق بدهشة :
- الشرطي جاك هو أقدم الموظفين وأكثرهم كفاءة ، والجميع يعرفه بحسن اخلاقه وتفانيه بالعمل !
جيمي بحنق : عليك سؤال المراهقين عنه ، فهو حاول قديماً التحرّش بصديقي اريك الذي رآه يلاحق آدم قبل اختفائه
- آدم ! هو القضية الوحيدة التي لم أحلّها حتى الآن
- ربما قتله اللعين بعد إعتدائه عليه
المحقّق : هل لديك أدلّة على ما تقوله ؟
- انا جديد في منطقتكم ، ولم أرى آدم من قبل
- أقصد تحرّشات جاك بالأولاد ؟
جيمي : أخبرتك بالإشاعات المنتشرة في مدرستي
- سنهتم بهذا لاحقاً ، الآن إخبرني عن والديك
فمسح جيمي دموعه ، قبل أن يقول بحزن :
- كانا يحتفلان في المطعم ، ولم انتبه لعودتهما الى المنزل .. أظن جاك تفاجأ بعودتهما باكراً ، فتخلّص منهما
المحقق : هما قتلا برصاصتين في الرأس ، ولم نجد في مسرح الجريمة سوى مسدس جاك .. ومع هذا سننتظر تقرير التشريح ، لمعرفة إن كانت الرصاصات إنطلقت من مسدس الشرطي ام لا
- إذاً من قتل ذلك المغتصب ؟
المحقق : قُتل بطلقةٍ إخترقت فمه
جيمي بصدمة : تقصد انتحر ؟!
- هناك جرحٌ واضح على طول رقبته ، لذا سننتظر تقرير التشريح ، فملابسه المرمية على الأرض ملوّثة بالدماء ايضاً
جيمي : أخبرتك انه حاول الإعتداء عليّ ، وربما حاول غسلها بعد تلطّخها بدماء والدايّ
- سنعرف هذا لاحقاً ..
فسكت جيمي قليلاً ، قبل أن يسأله :
- هل أنا رهن الإعتقال ، ام ستعيدونني الى المنزل ؟
المحقق : سنرسلك الى فندقٍ قريب على حساب الدولة ، لحين إزالة جميع الأدلّة من منزلك.. (ثم قال محذّراً) .. وإيّاك الخروج من المدينة لأيّ سببٍ كان !!
- والى اين أذهب ؟ ليس لديّ اقارب ، والدايّ كانا كل حياتي
وانهار بالبكاء ، فربت المحقق على كتفه :
- تماسك يا جيمي ، فقد أصبحت شاباً وعليك تحمّل مسؤولية نفسك
فأومأ برأسه موافقاً بحزنٍ شديد
***
بعد شهادة إريك وجورج بإنحراف الشرطي جاك وميوله الشاذة اتجاه المراهقين ، أُغلقت القضية على النحو التالي : حصول شجارٌ عنيف بين والد جيمي والشرطي فور رؤيته عارياً ، مما يؤكّد كلام ابنه عن تحرّشاته السابقة .. وحين حاول الأب خنقه بسلك التلفون ، تمكّن جاك من قتله مع زوجته (فقد أثبت تقرير المختبر أن الرصاصات الثلاثة إنطلقت من مسدسه) ويبدو ملابسه تلطّخت بالدماء أثناء محاولته لبسهم على عجل ، للهروب من المنزل بعد إرتكابه الجريمة.. وحين سمع صافرات الشرطة تقترب من المكان (بعد قيام الجارة بالإتصال بهم ، فور سماعها الشجار العنيف) أقدم جاك على الإنتحار ، خوفاً على وظيفته وسمعته بين زملائه .. وبذلك تمّ تبرئة جيمي الذي عاد الى منزله ، بعد تطوّع الجيران بتنظيفه جيداً ..
***
بعد شهرين على الحادثة ..
إجتمع جيمي بصديقيه إريك وجورج في منزله للإحتفال بتخرّجهم من الثانوية ، وبنجاح خطتهم الماكرة !
جورج : والآن ماذا تنوي فعله بعد أن حوّل المحامي ثروة والدك على حسابك ؟
جيمي : كما اتفقنا سابقاً .. سنتاجر بالمخدرات ، فأنا بعيدٌ عن الشبهات
جورج : بالطبع ..فالشرطة تشعر بالذنب لما فعله زميلهم بك ، قبل انتحاره
إريك : المهم أن لا تنسى نصيبي من الثروة ، فأنا ساعدتك بتشويه سمعة العجوز
جيمي : وانا ايضاً ساهمت بذلك ، بعد نشري الشائعات حول ميوله الشاذّ بين الجيران وطلاّب المدرسة .. بالإضافة لتوريطه باختفاء آدم الغامض
فقال المتنمّر جورج :
- لكن سيبقي لي النصيب الأكبر ، فأنا قتلت والديك .. وكدّت أقتل الشرطي خنقاً ، لولا تدخل إريك
إريك : جيد انني وصلت في الوقت المناسب قبل إفسادك الخطة ، وحشرت مسدسه في فمه .. وبعد قتله ، أزلت ملابسه ليبدو متحرّشاً
جيمي بابتسامةٍ ماكرة : لم يكن ليحصل كل هذا ، لولا نجاحي باستدراجه الى منزلي
(وكان يقصد : إنه بعد ذهاب والديه الى المطعم ، إتصل بالشرطي جاك لنقله الى المستشفى ، بعد ادعائه الإصابة بأزمة ربوٍ طارئة .. ثم اتصل بأبيه لإخباره بنفاذ دوائه وشعوره بالإختناق .. ليأتي والداه على عجل ، ويتفاجآ باقتحام الشرطي منزلهما ، بعد تعمّد جيمي عدم الإستجابة لنداءاته المتكرّرة .. وفي تلك اللحظة ! خرج المتنمّر من خلف الستارة ، وسرق مسدس الشرطي من يده ، قتل به الزوجين .. وحين حاول الشرطي إيقافه ، لفّ جورج السلك على رقبته .. ليوقفه اريك الذي استطاع إنقاذ الخطة التي اتفق عليها المراهقين الثلاثة ، بعد سماع جيمي المحامي يحدّث والده عن حصوله على الميراث بعد وفاته .. لهذا اتفق مع اسوء طالبين في مدرسته لارتكاب الجريمة ، والإتجار مع عصابة المخدرات التي ينتمي اليها المتنمّر)
وهنا سأله إريك : لم تخبرنا بعد يا جيمي ، لما اخترت الشرطي العجوز ليكون كبش الفداء لجريمتك ؟
جيمي : بعد انتقالي الى هنا ، سألت جارتي عن أعداد المتحرّشين في المنطقة .. فأخبرتني إن الضحية الوحيدة بينهم هو جاك الذي تحرّش به والده قبل وفاته ، لهذا يعيش أعزباً ومنطوياً عن الناس .. فوجدته هدفاً سهلاً لخطتي .. ولولاه لما أغلقت الشرطة قضية موت والدايّ بسهولة ، خوفاً على سمعة موظفيها بين السكّان
جورج : أتوقع أنك ستصبح تاجر ممنوعات محترف في المستقبل القريب
إريك ساخراً : والداك المساكين ، ألم يختارا سواك بين اطفال الميتم؟!
جيمي : هذا ذنبهم ، من قال لهم أن يتبنوا إبن حرام
جورج : لقيطٌ ماكرٌ بالفعل !
جيمي بغرور : أفضّل لقب : ((الدّاهية))
وضحكوا بخبث !
ياللعقول الماكره... لقد كدت أشفق عليه حقا ثم أفاجأ به مجرم في نهاية القصه ... تحول رائع بخط القصه. قد يصلح كسيناريو فيلم تليفزيوني .
ردحذفخالص التحايا للمبدعة الرائعة الاخت امل
ردحذفجيمي هذا شخص جاحد حقير وضيع
ردحذفالقصة تستحق جزء ثاني درامي تكتشف فيه الشرطة خطة جيمي الحقير و تنصب كمين له و لعصابته لينتهي بمقتلهم و انهيار العصابة
بصراحة انصدمت ��
ردحذف