الاثنين، 2 أغسطس 2021

مبادئي في الحياة

فكرة : أختي اسمى
كتابة : امل شانوحة 

 

فارق السنّ


أثناء مرور الشاب (سيد) من قسم الآداب في الجامعة ، رأى فتاةً جميلة تخرج من هناك ! فتجمّد في مكانه وهو يراقبها أثناء ركوبها سيارة الأجرة بعد أن رمقته بنظرةٍ سريعة قبل ابتعادها عن المكان

***


بعد ايام .. بدأت تلاحظ وجوده الدائم خارج الجامعة ! وكلما حاول التقرّب منها ، أسرعت بإيقاف سيارة الأجرة للعودة الى منزلها


بعد اسبوع وأثناء محاضرةٍ أدبية ، طرق سيد باب القاعة مُعتذراً عن تأخره .. ودخل وهو يبحث عنها في المدرّجات.. فعاتبه الأستاذ :

- أتبحث عن مكانٍ مريح على الكورنيش ، إجلس في أيّ مكان!!

- آسف دكتور

وجلس في آخر القاعة ، وهو يراقب سما المنشغلة بالكتابة


بعد المحاضرة .. سألتها زميلتها هند عن رقم جوالها ، فأعطتها إيّاه ..ثم غادرت القاعة ، دون الإلتفات لسيد الذي كان على مقربة منهما

***


في اليوم التالي وبعد انتهاء المحاضرات ، رنّ جوال سما ..لتسمع شاباً يقول لها :

- انا في كافتريا الجامعة ، أريد التحدّث معك في موضوعٍ مهم

سما باستغراب : من انت ؟ وكيف عرفت رقمي ؟!

- سأنتظرك هناك ، لا تتأخري عليّ

***


فور دخولها الكافتريا .. لمحت ذات الشاب الأسمر ذوّ العينين الخضراوين الذي يلاحقها ، يشير لها من بعيد !


فاقتربت منه غاضبة :

- كيف حصلت على رقم جوالي ؟!!

- حفظته حين أعطيته لصديقتك

- وبأيّ حقّ .. 

مقاطعاً : اهدأي رجاءً ، أريد التحدّث معك بأمرٍ ضروريّ 


وبعد جلوسها ، قرّب منها العصير وهو يقول بابتسامة : 

- إشتريت عصير اناناس ومنجا ، فأيهما تختاري ؟ 

فأبعدت العصير عنها بلؤم : انا لن أقبله من شابٍ غريب 

- وانا لا اريد ان أكون غريباً 

سما بقلق : ماذا تقصد ؟! 


فأخبرها عن إعجابه الشديد لها من النظرة الأولى ، ونيّته بخطبتها .. فهدأ روعها بعد تأكّدها من نواياه اتجاهها ، وأخذت تناقشه في الموضوع  

ليخبرها عن تفوقه بالهندسة ، وطموحه واحلامه المهنية .. وبدورها لاحظت اخلاقه العالية وتربيته الجيدة .. عدا عن الكثير من الطباع المتشابهة بينهما .. 

***


مع الوقت بدأت ترتاح له ، والتقيا دائماً في الكافتريا بعد انتهاء محاضراتهما .. وكان حريصاً على تقديم الهدايا لها في كل المناسبات والأعياد .. اما هي فاكتفت بإعطائه لعبة على شكل دب بلونٍ أحمر في عيد الحب ، كان غالياً جداً على قلبه 

***


في إحدى الأيام داخل الكافتريا ، وبعد ستة شهور من تعارفهما ..  

سما : آه صحيح ، لم اسألك حتى الآن عن عمرك ؟

- أتممّت الواحد والعشرين قبل اسبوعين

سما بصدمة : هذا يعني انني اكبر منك بسنتين !


ثم وقفت وهي تقول :

- ليتك أخبرتني بذلك مسبقاً ، فلديّ مبادىء في الحياة : (اولاً لا أتزوج من يصغرني ، ولا اتزوج من رجلٍ متزوج ، او من شخص مدللّ والدته)

سيد بقلق : لكن الأمر لا يهمّني مطلقاً 

سما بحزمٍ وضيق : لكنه يهمّني جداً !!

- سما ! انا شابٌ رياضيّ ، وانت تملكين براءة الأطفال .. لن ينتبه أحد أنك أكبر مني .. وبدوري لن أطلع اهلي واصدقائي بالأمر  

- يكفي انني عرفت ذلك .. رجاءً إنسى ما دار بيننا من أحاديث في الفترة الماضية 

ثم خرجت من الكافتريا , دون سماع المزيد من كلامه المعسول ! 

***


وفي الأيام التالية ..وبسبب ملاحقته الدائمة لها واهتمامه الزائد الذي أثار غيرة زميلاتها ، قلّلت سما مواعيد ذهابها الى الجامعة .. واكتفت بيومٍ واحد في الإسبوع لتصوير ما فاتها من محاضرات من صديقتها هند التي عادةً ما التقت بها خارج الجامعة ، والتي بدورها حاولت إقناعها بسيد بشتّى الطرق


سما معاتبة : حتى انت يا هند لا تفهمين وجهة نظري !

- هو شابٌ جيد ويحبك بجنون

- هل طلب منك إقناعي بالعودة اليه ؟ 

هند : بصراحة نعم

سما بحزم : هند !! عليك أن تختاري اما انا ، او ابن قريتك 

- ولما كل هذا العناد ؟!

- لأني لا أقبل الزواج ممّن يصغرني سناً ، هذه إحدى مبادئي في الحياة .. كما انني سأتخرّج هذه السنة ، وهو مازال امامه سنتين .. هل سأعمل لإصرف عليه .. انا لن أربّي طفلاً ، إخبريه بذلك

وابتعدت عن المكان بعصبية ، دون توديع صديقتها

***


قبل شهر من حفلة التخرّج .. أخبرت سما هند بخطبتها من رجلٍ آخر ، والتي ستسافر معه الى دولةٍ عربية مجاورة.. 


وحين علم سيد بالأمر جنّ جنونه ، واتصل بها عشرات المرات .. مما ضايق سما التي باعت خط جوالها لتخلّص منه .. 

كما قرّرت عدم حضور حفل تخرّجها ، خوفاً من إجتماع خطيبها بذلك المهووس المريب 

***


بعد زواجها ، إتصلت هند بها لمعرفة موعد سفرها مع عريسها .. فخافت سما أن يكون سيد ألحّ عليها بذلك ، لانتظارها في المطار ..فأعطتها تاريخاً مغايراً ..

***


وفي الوقت الذي كانت فيه سما ترتّب منزلها الجديد (بعد يومين من وصولها من السفر) .. كان سيد يبحث عنها بهستيريا داخل المطار ، دون إيجاد اسمها في أيةِ رحلة !

***  


بعد مرور ثلاث سنوات .. عادت سما مطلّقة الى منزل اهلها ، ومعها ابنها الصغير .. 


وبعد شهر ..تواصلت مع هند لإخبارها عن قساوة طليقها ..

لتتفاجأ سما في اليوم التالي باتصالٍ من سيد يطلب رؤيتها في الجامعة ، وإلاّ سيزور والدها في عمله ..


وخوفاً ممّا سيقوله لأبيها ، إجتمعت معه في الكافتريا .. ليخبرها أنه مازال مغرماً بها ، وانه مصرّ على الزواج منها

سما : هل جننت يا سيد ؟! في السابق كان فارق السن هو العائق الوحيد بيننا ، اما الآن فأصبح لديّ مشكلتين جديدتين : مطلّقة ، ولديّ ولد صغير

- لا يهمّني كل هذا ، اريد إكمال حياتي معك

- الأمر صعب .. كما انني لن اتنازل عن مبادئي لأجلك .. رجاءً إبحث عن زوجة تناسبك ، ولا تتصل بي ثانية وإلا سأضّطر لتغير رقمي للمرة الثانية

وخرجت من الكافتريا ، تاركةً سيد على وشك الإنهيار 

***


بعد شهور .. تفاجأت بسيد يزورها في الشركة التي توظّفت بها منذ شهرين ، وهو يحمل الورد والشوكولا


وما أن رأته امام مكتبها ، حتى قالت بضيق :

- أحلف إنني لن أحدّث هند ثانية !! فكل ما أخبرتها بسرّ ، تبوح لك به 

- هذا لأنها تعرف مدى حبي لك

- سيد !! أخبرتك أن زواجنا بات مستحيلاً

سيد بابتسامة : على فكرة ، حدّثت امي عنك البارحة 

- وهل ضربتك حين عرفت أنك مغرمٌ بمطلّقة ؟

- دخلت المستشفى

- سيد ايها المجنون ! ستقتل والدتك 

- جميعنا سنموت 


سما : لا تنسى انك ابنها الوحيد وأملها في الحياة 

- هي تصرّ على تزويجي من اهل قريتنا ، وأنا مصرّ أن لا اتزوج غيرك والا سأقتل نفسي

سما : هوسك بي أصبح مخيفاً .. أخبرتك اكثر من مرة إن لديّ مبادىء في الحياة ..

مقاطعاً بعصبية : اللعنة على مبادئك السخيفة !!


ورمى الملفّات من فوق طاولتها بغضبٍ شديد ، وسط دهشة الموظفين ! 

وبسبب صراخه العالي ، خرج المدير من مكتبه وهو يسألهم :

- من يصرخ في شركتي ؟!!


فهمست سما لسيد : رجاءً أخرج من هنا  ، قبل أن يطردني من العمل

- إستقيلي الآن ، وسأتكفّل بك وبإبنك

وهنا اقترب المدير منهما :

- هل هناك مشكلة سيدة سما ؟

- لا ، قريبي سيخرج حالاً 


ونظرت اليه بنظرة ترجّي .. مما أجبر سيد على الخروج من الشركة ، محاولاً السيطرة على أعصابه المتوتّرة 


في هذا الوقت .. طلب المدير سما الى مكتبه ..

وهناك سألها إن كان الشاب يهدّدها بشيء ، فأخبرته بموجز قصتها مع سيد


المدير : يمكنني الإتصال بالشرطة لمنعه الإقتراب منك 

- أتمنى أن لا تصل الأمور لهذه الدرجة 

- سما .. هناك حلّ وحيد للتخلّص منه

- ماهو ؟

المدير : أن تتزوجي ثانيةً

- ومن سيتزوج من امرأةٍ مطلّقة لديها ولد ؟

- انا


فتفاجأت من كلامه ، ليكمل قائلاً :

- لا تقلقي ، سأكون سعيداً بتربية ابنك لأنني عقيم 

- آسفة لم أكن أعرف ! 

- كان هذا سبب طلاقي مرتين .. 

- لكنك لا تعرفني جيداً 

المدير : صحيح انك توظّفت منذ شهرين فقط ، لكني لاحظت إجتهادك في العمل وافكارك المبدعة لتطوير شركتي ..كما أُعجبت بأخلاقك العالية ومعاملتك الحسنة مع زملائك .. وإن كنت لا تمانعين ، سآتي لخطبتك هذا المساء .. وإن رفضني والدك ، فلن يتأثّر عملك هنا


ففكّرت قليلاً ، قبل أن تقول بخجل : 

- سأخبر والدايّ بقدومك الليلة ..

وأسرعت بالخروج من مكتبه بارتباكٍ واضح ..

*** 


وفي المساء ، تمّ الإتفاق على الخطوبة والزواج برضا الأهل .. ووعدها العريس بشهر عسلٍ مميز في اوروبا ، كما حلمت دائماً .. وفي المقابل طلبت منه أن يكون زواجهما بحضور العائلتين فقط ، خوفاً من وصول الخبر لذلك المهووس العنيف 


وعُقد الزواج دون إخبار صديقتها هند بالأمر ، وسافرت معه للخارج .. 

***


بعد شهور .. علم سيد بالخبر وكاد يفقد عقله ، وانهار باكياً دون تمكّن عائلته من تهدأته ..


واستطاع بطريقةٍ ما من بعث رسالة الى إيميلها ، يقول فيها :

((طالما مبادئك الحمقاء فرّقتني عنك مرتين ، سأنتقم من نفسي بالزواج من سيدة في قريتي جاهلة وتكبرني بعشر سنوات ، وسأهاجر معها لأميركا دون عودة الى الوطن))

فردّت عليه بلا مبالاة : ((إن نويت تدمير حياتك ، فهذا شأنك وحدك)) 

وتسبّب جوابها القاسي بانقطاع التواصل بينهما

***


بعد عشر سنوات ، ورثت سما اموال زوجها بعد وفاته .. ومن بين ما ورثته : فيلا وشركة في اميركا .. 

فانتقلت الى هناك لإدارة اعمال زوجها.. 

وبينما هي هناك ، تذكّرت أن سيد يعيش في نفس ولايتها ! 

فبحثت عنه بالإنترنت ، لتنصدم بوجوده في السجن المركزي بعد قتله زوجته ! 

فطلبت من محاميها إحضار إذناً لها بزيارته

***


وكان سيد قضى في السجن خمس سنوات ، إستطاع خلالهم فرض هيبته على المساجين بعد مثابرته على الرياضة ورفع الأثقال التي زادت من قوته البدنية ..حيث لم يجرأ احد على مضايقته اثناء وجوده في صومعته : وهي غرفة موحشة بالسجن يقضي بها جلّ وقته بالصلاة وقراءة القرآن .. وكان معروفاً بعدله ورأيه السديد ، لهذا التجأ اليه المساجين عند نشوب المشاكل بينهم ، مما أكسبه إحترام الحرّاس ايضاً 


وفي ذلك اليوم ..أخبره الحارس أن لديه زيارة 

فأجابه سيد بضيق : لا اريد رؤية محامين او موظفي الشؤون الإجتماعية 

- لا هذه زيارة خاصة 

سيد باستغراب : انا ليس لديّ اصدقاء في اميركا .. ووالدايّ كبيران في السن ولن يسافرا كل هذه المسافة .. واولادي عند خالهم ، فمن سيزورني؟!

- سيدةٌ عربية

- عربية !


وذهب معه الى غرفةٍ خاصة بطلبٍ من محامي سما التي تفاجأت من تغير شكله وضخامة جسمه ، ولحيته وشعره الطويلين !

ورغم قوته وجبروته المعروفة بين المساجين ، الا انه انهار فور رؤيتها ..وهجم نحوها ليحضنها باكياً كطفلٍ صغير ، وسط دهشة الحارس الذي اضطّر لإبعاده عنها بسبب قوانين السجن !


وبعد جلوسهما على كراسيٍ متواجهة ، أمسك بيدها بقوة وهو مازال يجهش بالبكاء .. فقالت له بشفقة :  

- اهدأ يا سيد واخبرني بما حصل ، فأنا لا أصدق انك قتلت زوجتك ! لما فعلت ذلك ؟ هل خانتك ؟

- لا ، الغبية رمت ذكراك الوحيدة لديّ

- ماذا !


سيد : كنت أضع هديتك (الدب الأحمر) فوق طاولة بزاوية غرفتي ، وكنت أمنع اولادي وزوجتي من لمسه ، فهو مازال يحمل عطرك .. وفي يوم لم اجده مكانه ، فسألتها عنه .. وأخبرتني انها تغار من وجوده في منزلها ، لهذا رمته.. فلم أجد نفسي الا وأنها أصفعها بقوة ، لتتعثّر بالسجادة ويرتطم رأسها بحافة السرير وتُقتل على الفور.. 

سما : ولما لم تخبر الشرطة إنها تعثرت وحدها ، بدل إعترافك بالقتل ؟ فالأمر كان حادثاً عرضياً ، وليس متعمّداً

- لأن ابني الكبير شهد ضدي ، بعد رؤيته ما حصل .. فحكموا علي ب 25 سنة ..

- واين اولادك الثلاثة الآن ؟


سيد بحزن : أعادهم خالهم الى القرية ، وبقيت وحدي في الغربة

- أنت مجنون يا سيد ، أتقتل زوجتك لأجل لعبةٍ صوفية !

- هو هدية حبيبتي .. ألست تحتفظين بعقدي الذي نقشت عليها اسماءنا؟

- بالطبع لا ، رميته بعد زواجي الأول

سيد : هذا لإنك لم تعرفي الحب مثلي ..


ومدّ ذراعه امامها وهو يسألها : أتدرين ماذا يوجد داخل دمي ؟

- كريات دم بيضاء وحمراء

- لا ، ذكرياتي مع سما تمشي في عروقي .. انت روحي ومن دونك اموت

سما : انا انسانة عادية جداً ، فلما انت مهووس بي هكذا ؟

- ليس ذنبي ، فقلبي يصرّ على النبض بإسمك  

وهنا اقترب منهما الحارس :

- إنتهت الزيارة !! 


فأمسك سيد بيدها بقوة وهو يقول :

- عديني أن تزوريني ثانية ، فروحي عادت إليّ بعد رؤيتك من جديد  

- سأحاول يا سيد

وخرجت من هناك وهي تشعر بالشفقة عليه

***


في الأيام التالية ، إتفقت مع محاميها على إعادة فتح قضية سيد .. وطلبت منه إثبات براءته مهما كلّفه الأمر


وبعد شهور بالمحاكم .. نجح المحامي بإثبات أن موت زوجة سيد كان حادثاً عرضياً وليس مقصوداً ..وإن إمضائه خمس سنوات في السجن كافياً لعقابه ، خاصة بعد إثباته حسن سلوكه .. 

وبسبب ذلك وافق القاضي على إطلاق سراحه ، بشرط وضعهم جهازاً على ساقه لمراقبة تحرّكاته لمدة عام

***


وكم كان فرحة سيد كبيرة حين وجد سما في انتظاره خارج السجن ، فحضنها مطوّلاً وهو يقول :

- انا مدينٌ لك لإخراجي من السجن

سما : هذا أقل ما يمكنني فعله بعد إفسادي حياتك ..فلوّ لم تعرفني لكنت الآن مهندساً بارعاً ، ومتزوجاً بإمرأة تناسبك ، ولديك عائلة يفخر والداك بها .. انا آسفة لتدمير حياتك دون قصدٍ مني

- انا مستعد للتضحية بكل ما قلته لأكون زوجك ولوّ ليومٍ واحد

- وانا موافقة


فتراجع للخلف بصدمة !

- موافقة أن تتزوجيني !

سما : نعم .. لأنه لم يحبني احد مثلك ، واريد تجربة الحياة معك

فحضنها بسعادة

- لا أصدّق ما سمعته ، أكاد اطير فرحاً

***


وخلال ايامٍ قليلة ، كُتب كتابهما في سفارة دولتهما ..ليمضيا أجمل شهر عسل في حياتهما في شقةٍ صغيرة


وبعد شهرين ..أخبرته أن الشركة التي تعمل لديها بحاجة الى محاسب ، بعد طردهم الموظف السابق الذي حاول اختلاسهم

سيد : وكيف أذهب الى هناك والجهاز اللعين في قدمي ؟

- إلبس بنطالاً فضفاضاً .. فأنا مدحتك عند المدير الذي يثق بآرائي ، وأعدك أن لا يعرف احد بقضيتك .. إذهب وابهرهم بذكائك  

وبعد ترددٍ شديد ، وافق على العمل هناك ..

***


وباشرافٍ منها ، إستطاع سيد التفوق بذكائه على بقية الموظفين .. ليحصل بسبب تفانيه بالعمل على ترقياتٍ متتابعة .. ويُعيّن بغضون سنة مديراً عاماً للشركة (بعد اتفاق سما مع محاميها بعدم إخباره بأنها ورثت الشركة من زوجها السابق ، خوفاً على مشاعره ورغبةً منها برفع معنوياته المدمّرة بعد تسريحه من السجن)


وبعد اطمئنانها بأن شركتها أصبحت بيده الأمينة ، إستقالت للإهتمام بطفلهما الأول ..

***


بعد شهور ، أطلعته على صور فيلا صغيرة :

- ما رأيك أن نقوم بتقسيط هذه الفيلا الجميلة بدل شقتنا الصغيرة؟

سيد : لا شيء يغلو عليك عزيزتي.. سأعطيك راتبي اولاً بأول ، ودعي المحامي يدفع اقساطها  

- شكراً حبيبي

***


وقامت سما بالإحتفاظ براتبه في البنك كل شهر (دون علمه) لدراسة ابنهما المستقبلية .. 


إلى أن جاء يوم أخبرته عن موعد إنتقالهم الى الفيلا.. 

سيد باستغراب : أبهذه السرعة ؟! أتمنى أن لا تكوني دفعتي شيئاً من اموال زوجك المرحوم

- لا طبعاً ، جميعها اموالك عزيزي 

***


وانتقلا الى هناك (دون معرفته أن الفيلا ورثتها ايضاً من زوجها السابق ، حمايةً لكبريائه) 


وبعد استقرارهما هناك ، قالت له :

- بما أن الفيلا كبيرة ، ما رأيك أن نجمع فيها اولادنا ؟

- تقصدين ابنك من زوجك الأول ؟

- واولادك الثلاثة ايضاً

سيد بحزن : لا أظن خالهم سيوافق 

- دعّ محامي يتفق معه 

***


وبعد اسابيع .. تفاجأ سيد بإرسال الخال جميع إبنائه اليه (دون معرفته بدفع سما مبلغاً كبيراً لتنازله عنهم)


ليجتمع الأولاد الخمسة داخل الفيلا التي ملأتها سما بالألعاب الرياضية والإلكترونية التي أعجبتهم كثيراً .. 

وكان لعبهم سوياً سبباً للإتفاق والتعاون بينهم الذي حصل خلال شهورٍ قليلة ، برعاية والدين محبّين  

***


في إحدى الليالي ، قالت سما لزوجها :

- اعتذر منك

سيد : عن ماذا ؟ الأنك أخرجتني من السجن ووظّفتني بشركة زوجك ، وعيشتني انا واولادي بفلتك التي ورثتها عنه ؟ 


سما بدهشة : من أخبرك بالأمر ؟! 

- عرفت هذا منذ البداية .. فمن سيقبل بتوظيف سجينٍ سابق ، ويقوم بترقيته للوصول للإدارة العامة بهذه السرعة .. (وقبّل رأسها) ..شكراً على رعايتك لمشاعري وكبريائي 

- بالحقيقة كنت أعتذر منك عن شيءٍ آخر

- ماهو ؟


سما : لأني لم أتزوجك منذ البداية .. لوّ كنت أعرف السعادة التي تنتظرني ، لما اعترضت عليك ابداً

سيد ساخراً : وماذا بشأن مبادئك في الحياة ؟

- سيد !

- بصراحة انا مقتنعٌ بها الآن .. فكيف قبلتُ الزواج من سيدة تكبرني سناً ؟! ..ولوّ عدنا لطفولتنا سنجد انني كنت رضيعاً ، حين بدأتِ انت بالمشي والكلام .. ودخلتي المدرسة ، بينما امي تعلّمني النطق.. انت فعلاً اكبر مني بكثير ! 

- يا ثقل دمك

- أمزح حبيبتي


وحضنها بسعادة ، وهما راضيان بالقدر الذي جمعهما بعد عناء سنواتٍ طويلة ! 


هناك 5 تعليقات:

  1. شكرآ أسمى حقيقة ادمعت عيني .....

    ردحذف
  2. لكما مني جزيل الشكر ...وليتني شاعر او ذو خيال واسع استطيع ان اهديكما كلاما يليق بكما ...اتمنا لكما السعاده والعمر الطويل عشان اظل اقرا قصصكما هههههههههههه

    ردحذف
  3. صراحة سما هذه قلبها متحجر ... وسيد هذا بلا كرامه نوعا ما مع علمنا جميعا بالطبع بأن هناك حالات يكون القلب مسيطر ... ولكن الفتاه الرقيقه المتسامحه هي بإعتقادي أفضل من تلك المتصلبه ... نسأل الله جابر المنكسرين أن يرزقنا جميعا نصيبا في الآخره خيرا من ذاك ....ولكن سننتظر أيضا في هذه الدنيا...هههه... قصه طويله نوعا ما رومانسيه خياليه دراميه كما قرأنا في روايه آلام الحرب مع قلة الرومانسيه فيها ولكنها من أمتع ما قرأت ... تحيات الجمهور وكل الشكر والتقدير.

    ردحذف
  4. عبد السلام
    بسم الله الرحمن الرحيم
    هناك ظاهرة او شبه ظاهرة في الادب المصري وفي الافلام والمسلسلات والتمثيليات ان من يكون اسمه سيد يكون وغدا حقيرا منحطا سافلا وعندما قرات اسم سيد في السطور الاولى من قصتك قلت اوه هاهي الاخت امل تنضم الى ركب الساخرين ممن يكون اسمه سيد ولكن غريب انك لم تتاثري بهؤلاء وجعلت منه شخصية اخرى
    طبعا انا احتفظ بالسبب الذي يطعل هؤلاء يبغضون اسم سيد وعلى اية حال القصة جميلة

    ردحذف
    الردود
    1. تعليقك أسعد اختي وأسعدني ، شكراً جزيلاً

      حذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...