تأليف : امل شانوحة
فرحةٌ لا تكتمل !
دخل الشاب أحمد الى القصر سعيداً ، ليبشّر والدته بخطبته لفتاةٍ أعجبته في العمل .. فسألته امه بقلق :
- هل انت متأكّد من قرارك يا بنيّ ؟ أنت تعرفها منذ شهرين فقط !
- فيها كل ما تمنّيته ، يا امي
- وهل نسيت ديانا ؟
ابنها معاتباً : حادث حبيبتي حطّم قلبي لسنوات ، فلما تذكرينها الآن؟!
- لأن موتها أتعبني ايضاً .. أتذكر كيف لاحقتك من بارٍّ للآخر ، لأعيدك مخموراً الى المنزل ..كما رغبتك الدائمة بالإنتحار ، جعلني أتفقّد أنفاسك كل ليلة
أحمد : كانت اياماً سيئة ، ومرّت 7 سنوات على وفاتها .. والآن بعد بلوغي سن 30 ، حان الوقت للمضيّ قدماً في حياتي ، اليس كذلك ؟
امه بابتسامةٍ حنونة : بالتأكيد حبيبي ، فحلمي أن اراك عريساً .. كنت أتأكّد فقط من مشاعرك نحوها ، خوفاً أن تُجرح ثانيةً .. تعال لأضمّك ، وأهنّئك على قرارك الجريء
وحضنها بسعادة..
***
ومضت شهور الخطبة بسلام .. ومع إقتراب موعد الزواج ، أصرّت امه على قيام العروس بجميع الفحوصات الطبّية للإطمئنان على قدرتها على الإنجاب ، خاصة إنها من جيل ابنها .. فرضخت العروس لطلب حماتها
***
وفي اليوم التالي ، عاد أحمد غاضباً الى القصر !!
فسألته امه عن نتائج التحاليل ، ليرمي الملف الصحيّ امامها بعصبية :
- أقرأي بنفسك نتائج فحص دمها
فوضعت نظّارتها الطبية .. وبعد قراءة التقرير الطبي ، شهقت بصدمة :
- إيدز !
- الملعونة !! أكانت تنوي إصابتي معها بالداء المميت ؟!
الأم : وكيف برّرت ذلك ؟
- لم تفعل ! فقط انهارت بالبكاء ، وحلفت مراراً إنني اول علاقة في حياتها
- الخبيثة ! أظنت أنك لن تعرف أنها فاسدة ليلة عرسك ؟
أحمد : توسّلت لي كثيراً لإعادة الفحوصات في مختبرٍ آخر
الأم بقلق : وماذا أجبتها ؟
- رميت الخاتم في وجهها ، وعدت الى هنا
- أحسنت !! .. أقصد قرارك سليم
وحضنته بحنان ، وهي تقول :
- ارجوك لا تحزن ، فهي لا تستحق دموعك
- انا لا ابكي امي ، بل أكاد أنفجر غضباً
فأخرجت مفاتيح من جيبها ، وأعطتها له :
- أعصابك متعبة ، إذهب واسترح في فيلا الجبل
- نعم ، احتاج لذلك فعلاً
ودخل غرفته حزيناً لترتيب شنطة ملابسه ، للمبيت اسبوعاً في المصيف
***
بعد سنة ، تعرّف أحمد على فتاةٍ في النادي الرياضيّ ..
وبعد شهور من صداقتهما .. أخبر امه بقرار الزواج ، قائلاً بحماس:
- عليك أن تري دلال يا امي ، بحياتي كلها لم ارى فتاةً أجمل منها
الأم : الجمال يزول مع الوقت ، المهم طريقة تفكيرها
- هي بسيطة بعض الشيء
- ماذا تقصد ؟
- يعني أحياناً أحتاج لتبسيط كلامي ، لكي تفهمه
الأم بامتعاض : يعني ليست ذكية ، ولا تملك سرعة بديهة
- هذه الأشياء غير مهمة امي ، فجمالها يطغى على كل شيء .. المهم أخبرت مساعدي أن يتصل بصالة الأعراس لتحديد الموعد.. والآن وداعاً
الأم : إلى أين تذهب ؟!
- وعدتها أن آخذها الى مطعمي المفضّل .. لا تنتظريني مساءً ، أظنك فهمتي ما أقصده
وخرج سعيداً من القصر
***
لم تمضي ايام ، حتى عاد باكياً الى القصر ..
فأسرعت امه نحوه ، لتسأله بقلق :
- هل حصل مكروه ؟!
- دلال
- ما بها ؟
أحمد وهو يمسح دموعه : يبدو إن حبيبها السابق علم بعرسنا القريب ، فانتقم منها
- ماذا تقصد ؟
- ارسل شخصاً مقنّعاً لرمي وجهها بالأسيد ..
الأم بصدمة : يا الهي !
- وجهها تشوّه تماماً
وحضنها باكياً ..
أحمد : لا ادري ماذا افعل
الأم بقلق : وهل ستكمل مراسم الزواج ؟
ابنها بعصبية : أهذا ما يهمّك الآن !!.. الفتاة تشوّهت يا امي ، وهي منهارة تماماً في المستشفى
- أعرف إن الوقت غير مناسب ، لكنك أخبرتني سابقاً إن ما يعجبك بها هو شكلها فقط .. فهي غبية و..
- امي رجاءً !! همّي يكفيني
ودخل غرفته باكياً ..
***
وكان حدس امه صحيحاً ، فقد تركها بعد شهر من الإصابة ، لا بسبب تشوّهها بل لتشاؤمها بعد الحادث ، ورغبتها الشديدة بالإنتحار .. وهو إحساس لا يرغب أحمد الشعور به ثانيةً (فهو مرّ به بعد وفاة حبيبته ديانا)
***
بعد شهرين .. تعرّف على فتاةٍ أخرى تعمل نادلة في مطعم (كيّ تصرّف على ابنها الذي يرفض طليقها الإعتناء به)
وجاء خبر خطبتهما صادماً لوالدة احمد التي حاولت إقناعه أنها غير مناسبة لمستواهم العائليّ ، عدا عن إنها مطلّقة وأم لطفلٍ صغير .. وأفهمته أنه سيكون دائماً بالمركز الثاني بعد ابنها .. لكنه أصرّ على الزواج بها
***
بعد اسابيع من الخطبة ، عاد غاضباً الى القصر لإخبار امه بانفصاله عنها ، بعد اتصالٍ من طليقها الذي هدّده بالقتل إن تزوج بها ! كما هدّدها بأخذ ابنه بالمحكمة إن أصرّت على ذلك ..
فأعادت له الخاتم باكية ، مُبرّرة ذلك : بأنها لن تضحّي بطفلها لأجله
فحاولت امه إخفاء ارتياحها من إنفصالهما ، فهي منذ البداية لم ترها مناسبة لمستوى العائلة المرموق
***
وحصل الأمر ذاته مع فتاةٍ فقيرة تعمل موظفة في شركة صديقه ، والتي أخبرته بعد علاقة اسابيع انها لن تطرد اهلها في الشارع لأجله .. واستقالت من وظيفتها بعد تغير رقم جوالها ، واختفت تماماً دون توضيح الأسباب !
***
ومضت أسابيع قبل تعرّف أحمد على فتاةٍ ثرية ، فيها كل المواصفات التي يريدها .. وهي الوحيدة التي شجّعته امه على خطبتها ..
وأمضيا شهورهما الأولى بسعادةٍ غامرة .. لكن مع مرور الأيام بدأ يلاحظ تصرّفاتها المُقلقة ، فهي لديها الكثير من الأصدقاء الذكور على مواقع تواصلها الإجتماعي .. كما إن افكارها متحرّرة أكثر من اللازم .. عدا عن إلحاحها المتواصل لتحقيقه مطالبها في تنظيم عرسهما القريب .. وقد كلّفه تسوّقها للعرس كل مدخراته المستقبلية .. عدا عن كونها عصبية وغيورة جداً .. كل تلك الصفات جعلته يتردّد في إتمام الزواج .. فطلب من امه إخبار اهلها بقرار إنسحابه من العلاقة ، خوفاً من ردّة فعل خطيبته العنيفة والغير متوقعة .
وبالفعل أنهت امه الموضوع ، ليتنفّس أحمد الصعداء بعد سنة من المشاكل المتواصلة مع الفتاة المدلّلة عديمة المسؤولية ..
ووعد امه أنه لن يفكّر بالزواج ثانية بعد فقد ثقته بكل النساء ، وسألها بقلق:
- أيعقل انني مسحور او محسود يا امي ؟
الأم : تلك الأفعال تقوم بها الفتيات الشعبيّات ، وليس النساء في مجتمعنا الراقي.. فلا تفكّر كثيراً بالموضوع
فتنهّد بضيق : كل ما اردته هو الزواج وبناء عائلة ، أهذا كثير ؟!
فحضنته بحنان وهي تقول :
- لا تحزن عزيزي ، هنّ الخاسرات .. فأنت عريسٌ رائع ، متعلّم وثريّ ووسيم .. (ثم سكتت قليلاً) .. ومع هذا أوافقك الرأيّ ، لنؤجّل موضوع الزواج قليلاً ، الى أن تصبح مستعداً لذلك.. الآن إذهب الى فلتنا بالساحل للإستمتاع مع اصحابك
فوافق على اقتراحها ..
***
وأمضى سنواته التالية في الحفلات والنزهات والعلاقات العابرة ، بعد سماعه نصيحة امه بإقفال قلبه مؤقتاً ..
وفي حفلة عيد ميلاده الأربعين الذي أقامه في منزل صديقه ، توجهت أنظاره الى فتاةٍ بريئة من اقارب زوجة صديقه ..
حيث راقبها طوال الحفلة ، ملاحظاً خجلها وأخلاقها العالية مع المعازيم
وبعد انتهاء الحفل .. سأله صديقه عن رأيه بالفتاة ، فأجابه أحمد :
- لا أرى مانعاً من أخذ رقم جوالها ، لكن عدني انت وزوجتك أن لا تخبرا أحداً بعلاقتي الجديدة
صديقه : أمازلت تخاف من السحر والشعوذة ؟
احمد : بل خوفي أن تكون امي تنشر اخباري لصديقاتها والأقارب ، لهذا تتعسّر اموري بسبب الحسد والعين ..
زوجة صديقه : وماذا لو قرّرتما الزواج ، ألن تخبر امك ؟ أنت ابنها الوحيد ، وهذا سيحطّم قلبها
احمد : سأخبرها بعد كتب الكتاب ، وسأقيم حفلاً صغيراً للمقرّبين مني فقط
صديقه مُطمئناً : لا تقلق ، سرّك في بئر
***
ومضت شهور الخطبة السرّية بسلامٍ ووئام ..
وفي يوم اراد أحمد مفاجئة خطيبته بزيارتها في العمل .. فذهب الى دار العجزة التي تعمل فيه ممرّضة ..
وحين أطلع عاملة الإستقبال على اسمه ، سألته :
- أأتيت لزيارة قريبك ؟
احمد بدهشة : قريبي !
- نعم ، هناك عجوز من نفس عائلتك
- لم أكن اعلم إن أحد اقاربي في دار العجزة !
الموظفة : أتريدني أن أوصلك إلى غرفته ، لتتأكّد بنفسك ؟
- لا مانع من ذلك ، سأراه لحين انتهاء خطيبتي من عملها
***
حين دخلا الغرفة ، قالت الممرضة للعجوز :
- هذا الشاب من نفس عائلتك ، أتى لزيارتك .. سأترككما بمفردكما
وبعد ذهابها .. تمعّن العجوز في وجهه ، قبل انتباهه على وحمة يد الشاب ، فشهق بدهشة وفرح :
- احمد !
احمد باستغراب : هل تعرفني يا عم ؟!
- لقد كبرت كثيراً يا صغيري
- هل انت أحد أقربائي بالفعل ؟!
- انا جدك يا ولد !! والد ابوك
احمد بصدمة : أخبروني انك توفيت ، حين كنت في الخامسة !
العجوز بغضب : أهذا ما أخبرتك به اللعينة التي إستولت على إملاكي واملاك والدك !!
- لا تشتم امي نوغا ، رجاءً !
- نوغا ! إسمها الحقيقي نجيبة ، من عائلةٍ شعبية قذرة !! وهي ليست امك ، بل زوجة ابيك التي تزوجته بعد وفاة امك مسمومة .. والتي طردتني من قصري ، ورمتني هنا لسنواتٍ طويلة
ونزل كلامه كالصاعقة عليه !
احمد بصدمة : من ماتت مسمومة ؟!
- امك مروى .. الإنسانة الأصيلة الطيبة ، التي أحببتها كإبنتي .. فقبل وفاتها ، زارت والدك بالشركة .. فقدّم الساعي لها القهوة .. لتشعر بعدها بمغصٍ قويّ .. ونقلها والدك الى المستشفى ، لتموت بعد ساعاتٍ قليلة .. كنت ماتزال رضيعاً .. ولم يمضي شهر على وفاتها ، حتى فاجأني ابني بزواجه من سكرتيرته الوسخة
احمد باستغراب : امي عملت سكرتيرة ؟!
العجوز بعصبية : نجيبة هي زوجة ابيك ، الم تستوعب ذلك بعد ؟!!
- واين الساعي الآن ؟
- حُكم عليه بعشر سنوات ، وكان المسكين يصرّ على براءته في جميع جلسات المحاكمة ..الى أن وجدوه مشنوقاً في زنزانته .. ولا ادري إن كان انتحر ، أم قُتل على يد احد السجناء
احمد بحنق : لا أصدّق كل ما قلته !! أكيد تعاني من الزهايمر ، ولست جدي الحقيقي
- اذاً كنت لا تصدّقني ، فاسأل اماني
- ومن هي اماني ؟
العجوز : موظفة قديمة بشركة والدك ، طردتها نجيبة فور استلامها الشركة بعد مرض والدك بالسرطان ، رحمة الله عليه
- وأين أجدها ؟
فكتب العجوز عنوانها على قصاصة ورق ، وهو يقول :
- كنت صديق والدها .. ولا ادري إن كانت ماتزال تعيش هناك ، أم تزوجت وانتقلت لمنزلٍ آخر
فسحب أحمد الورقة منه بعصبية ، وهو يقول :
- سأثبت لك إنك ظلمت امي باتهاماتك الباطلة
العجوز : نجيبة ليست امك ، بل هي ..
أحمد مقاطعاً بعصبية : سأبحث عن الحقيقة بنفسي ، وإن كان كلامك صحيحاً سأعيدك الى قصر ابنك بعد التأكّد من اوراقك الرسميّة .. لكن إن كان غرضك هو تشويش أفكاري لنيّةٍ مُضمرة لديك ، سيكون لي تصرفاً آخر معك
وخرج غاضباً من غرفته ومن بوّابة دار العجزة ، دون التحدّث مع خطيبته التي كانت تبحث عنه في غرف المرضى ..
وقاد سيارته مسرعاً الى عنوان اماني ، لإراحة قلبه المُنصدم مما سمعه !
***
بعد وصوله الى شقة اماني ، وجدها تعيش وحدها هناك بعد وفاة والديها ، وهي من جيل امه ولم تتزوج مطلقاً ..
وحين سألها عن نجيبة ، صدمته بقولها :
- أمازالت تلك العقربة حيّة ؟
احمد بعصبية : رجاءً لا تتحدّثي عن امي بهذه الطريقة !!
- كل ما قاله جدك صحيحاً ، هي زوجة والدك الثانية .. وأشكّ أن تكون هي من وضعت السمّ في قهوة امك ، للحصول على الشركة
احمد بغضب : امي ليست قاتلة !!
- امك مروى كانت اروع انسانة قابلتها بحياتي .. أنت تشببها كثيراً .. دعني أريك صورتها
وأخرجت ألبوم الصور من درج خزانتها في الصالة ، وبحثت فيه قليلاً .. قبل أن تعطيه صورة وهي تشير لسيدة وتقول :
- هذه امك في حفلة نهاية السنة ، حين جمع والدك جميع الموظفين في قصره .. أنظر اليها جيداً ، أنت ورثت عينيها البرّاقتين وابتسامتها الرقيقة.. وكان والدك يعشقها بجنون ، وانهار كثيراً بعد موتها المفاجىء
أحمد بتهكّم : قلت انه تزوّج سكرتيرته بعد شهر من وفاتها ، فعن أيّ حبٍ تتكلمين ؟
اماني : لا تستهين بدهاء ومكر نجيبة ، فهي الشيطان بحد ذاته .. فهي لازمت والدك طوال محنته ، وأغدقت عليه من حنانها الكاذب.. وما أن وقع بشباكها ، حتى أصابها الغرور ، وبدأت تعامل الموظفين بتكبّرٍ ولؤم .. وبعد مرض والدك واستلامها الشركة ، طردت جميع الموظفين القدامى .. وانا منهم ، لإخفاء ماضيها القذر .. فكلنا عرفنا طمعها للوصول الى ثروة والدك ومكانته الإجتماعية .. فهي من عائلةٍ فقيرةٍ مُعدمة ، قاطعت جميع اقاربها فور زواجها .. والمثل يقول : ((من لا خير بأهله ، لا خير بالناس))
أحمد : إن كانت شيطانة كما تصفينها ، فلما ربّتني كأني ابنها الحقيقيّ ؟
- لأنها عقيمة .. ولوّ إنها أنجبت لرمتك بدار الأيتام ، كما رمت جدك بدار العجزة.. وإن كنت لا تصدّقني إسأل المحامي ، كان صديق والدك وكاتم اسراره ، وهو ضمن من طردتهم نجيبة من الشركة
- أتعرفين عنوان منزله ؟
اماني : أعرف عنوان مكتبه ، سأعطيك اياه
وخرج من عندها مذهولاً من كلامها !
***
ولم يختلف كلام المحامي عن كلام اماني وجدّه العجوز ، حتى انه وافق على شكوكهما بأنها قتلت امه مروى لتحلّ مكانها ..
أحمد : أكل هذا لتحصل على شركة والدي ؟!
المحامي باستغراب : أفهم من كلامك إنك لم تستلم إدارة الشركة بعد ؟!
- وكيف أفعل وأمي.. أقصد زوجة ابي مازالت حيّة ؟
- إنتظرني هنا ، سأذهب للأرشيف لإحضار ملفاً مهماً
بعد قليل ..عاد المحامي ومعه ملف فيه وصية والده ، وضعه امامه وهو يقول :
- اقرأ المكتوب هنا
فقرأ : ((الشركة تنتقل لإبني أحمد فور زواجه))
أحمد بصدمة : زواجي !
- نعم ، والدك ايضاً لم يثقّ بنجيبة .. لكنه اضّطر لتسليمها الشركة بعد اشتداد مرضه ، ولكونك طفلاً صغيراً .. لهذا اراد إعادة الشركة إليك بعد زواجك
وهنا تذكّر احمد إنتقادات نجيبة على خطيباته السابقات ، وتحفيزه على تركهنّ .. فأدرك نيتها بجعله يكره النساء ، كيّ لا تخسر إدارة الشركة بزواجه !
فقال للمحامي :
- أتسمح لي بالملف
المحامي : خذه ، لديّ نسخة عنه
وخرج احمد من مكتبه ، وهو يحاول كبت غضبه
***
في الأيام التالية .. إجتمع احمد مع خطيباته السابقات ، وأصرّ على معرفة السبب الحقيقي لتركهنّ له .. وبعد ترددٍ شديد ، أخبرنه الحقيقة
فالمطلّقة علمت بعد انفصالها عنه : بأن امه وعدت طليقها بمبلغٍ مغري في حال هدّدها بأخذ طفلها بعد الزواج منه !
اما الفتاة الفقيرة ، فقد دفعت امه مبلغاً لصاحب المنزل كيّ يطردهم بالشارع في حال تزوجته ، لهذا تركته بعد ضغط اهلها عليها
وقالت فتاة الإيدز أنها حاولت الإتصال به كثيراً بعد الإنفصال .. فأخبرها انه غيّر رقم جواله لصدمته الكبيرة بها ..
فأرته الكثير من الفحوصات الطبيبة وهي تقول :
- كاد ابي واخوتي أن يقتلوني بسبب ذلك التقرير الطبّي اللعين ، لكني استطعت اقناعهم بإعادة الفحوصات في مستشفى آخر .. إقرأ بنفسك : كنت عذراء بالفعل ، ولست مصابة بالإيدز ولا أيّ مرضٍ آخر ..
أحمد بصدمة : يا الهي ! الم تعاقبوا موظف المختبر على خطئه الشنيع ؟
- إعتذر من اهلي بعد خلطه اوراقي مع مريضة ثانية ..(ثم مسحت دموعها)..كنت حبي الأول ، وبعد خسارتك لم أعد أرغب بالزواج ثانيةً
- آسف حقاً ، لم اكن أعرف !
الفتاة : أتدري يا احمد ، هناك شيءٌ يقلق راحتي
أحمد باهتمام : ماهو ؟
- اختي الصغيرة أخبرتني إنها رأت امرأة تشبه حماتي ، وهي تعطي رزمة من المال لموظف المختبر .. لكني لم أصدّق أن تكون امك متورّطة بالتقرير الخاطىء ، ما رأيك انت ؟
فاكتفى بالإعتذار لها لانهائه خطوبتهما بطريقةٍ سيئة ، وخرج من مكتب عملها وهو يكتم غيظه
اما دلال (الفتاة المشوّهة) وبعد فشل محاولاتها بالإنتحار .. أرته فيديو حصلت عليه من شرطة المرور ، بعد أن صوّرت كاميرا الطريق إمرأة مقنّعة تنتظرها قرب العمارة ، والتي رمت الأسيد على وجهها قبل هربها بالسيارة ، دون إكتراثها لخطيبته التي كانت تتلوّى على الأرض بألمٍ شديد
ولم تستطع الشرطة القبض على الفاعل ، لظهور رقمين فقط من السيارة البيضاء .. لكن أحمد عرف على الفور أنها سيارة امه ، خاصة إن حقيبة اليد التي أخرجت منها المرأة المقنّعة الماء الحارق ، هي حقيبة نجيبة المفضّلة !
لكنه لم يخبر الفتاة بذلك ، لأنه لا يريد التورّط مع الشرطة
وخرج من بيتها منصدماً بأن السيدة التي عاش معها أربعين سنة قادرة على ارتكاب تلك الجريمة الشنعاء دون تأنيب ضمير !
ولشكّه بميول امه الإجرامية ، عيّن محققاً لمعرفة من السائق الذي صدم ديانا (حبيبته الأولى) وتركها مقتولة في الشارع العام !
فأخبره المحقّق بعد اسبوع : عن قبض الشرطة لذلك المجرم بتهمةٍ أخرى
فذهب أحمد للسجن .. وفي غرفة للزيارات الخاصة ، إلتقى بالمجرم الذي أراه صورة ديانا من جواله ، وهو يسأله:
- أكان حادثاً ، ام جريمةٌ مدبّرة ؟
- آه تذكّرتها ، كسبت من تلك العملية الكثير من المال
أحمد بصدمة : أتقصد أن أحدهم دفع لك لتقتلها ؟
- نعم ، امرأة ثريّة
فبحث احمد بيديه المرتجفتين عن صورة نجيبة بجواله ، ثم اراها له:
- أتقصد هذه ؟
المجرم باستغراب : نعم هي ، كيف عرفتها ؟!
لكن احمد لم يجيبه ، بل اسرع بالخروج وهو يحاول مسك دموعه ، بعد علمه أن امه أبعدت حبيباته بالقوة والعنف ، لغرض إحتفاظها بشركة والده
وبعد خروجه من السجن ، قاد سيارته باكياً دون وجهةٍ محدّدة ..
***
وبعد ساعات من قيادته المتواصلة ، إضطّر للتوجه إلى أقرب محطّة قبل نفاذ البنزين ..
وهناك تفاجأ برؤية حبيبته الأخيرة التي حاولت التملّص منه ..
لكنه اسرع بإيقافها وهو يسألها :
- لديّ سؤال واحد .. هل نجيبة طلبت منك أن تسيئي التصرّف كيّ أكرهك ؟
فأجابته بتردّد : اشترت لي هذه السيارة الفاخرة ، مقابل أن أجعلك تكره جميع النساء .. انا آسفة حقاً
فعاد الى سيارته وهو يفكّر جدّياً بالإنتقام من زوجة ابيه ، بعد تأكّد شكوكه إنها قاتلة امه الحقيقية مروى
***
في عطلة نهاية الإسبوع .. أقنع امه نجيبة بالذهاب الى فلتهم بالجبل
وفي السيارة سألته :
- لما أصرّيت الذهاب بهذا الوقت المتأخر ؟ هكذا نصل الى الجبل بحلول المساء
أحمد : أحب مشاهدة الشروق معك ، غداً صباحاً
- كما تشاء عزيزي
ووصلا هناك منهكين ، وناما على الفور
***
في الصباح الباكر .. أحضر لها كوباً من القهوة ، فقالت له :
- ليتك سمحت لي بإحضار الخادمة ، بدل إعدادك القهوة بنفسك
احمد : أردّت البقاء وحدنا قليلاً
- ابني حبيبي
ومسّدت شعره بحنان ، بينما يحاول كتم غيظه وغضبه
بعد شربها القهوة ، شعرت بإمغاصٍ قوية :
- احمد ! ساعدني .. لا اشعر انني بخير
أحمد بلؤم : هذا طبيعي ، فالقهوة مسمومة
امه بصدمة : ماذا !
- وضعت سماً بقهوتك ، كما فعلتي بأمي مروى
فقالت بتلعثم : أحمد ! انا ..
فقاطعها بعصبية : قتلتي امي ، ونسبت الجريمة للساعي المسكين الذي أشك إنك دفعتي لأحد المساجين لإسكاته نهائياً ، اليس كذلك ؟
- لا ، لم أفعل !
فأكمل غاضباً : وقتلتي ديانا !! ورميت الأسيد بوجه دلال ، أجمل فتاة في الدنيا .. وهدّدتي المطلقة بإبنها .. والفتاة الفقيرة برمي اهلها بالشارع ..وزوّرت الفحوصات الطبّية لتقضي على شرف فتاةٍ بريئة.. واتفقت مع الغيورة لتكرّهني بالنساء ..أظننت انني لن أكتشف جرائمك ، يا زوجة ابي اللعينة !!
نجيبة وهي ترتجف بخوف : فعلت ذلك لأجلك ، فليس هناك فتاة تستحقك
- كفى كذباً !!
ورمى وصية والده امامها :
- فعلت ذلك خوفاً من استلامي إدارة الشركة.. دمّرتني وأذيتي اشخاصاً ابرياء ، لطمعك الماديّ .. لهذا سأدعك تموتين وحدك ، بعد تحطيمي جوالك مساءً ، وقطعي لأسلاك الهاتف الأرضيّ .. كما أخذت جميع مفاتيحك من حقيبتك اثناء نومك .. فلا تحاولي الصراخ ، لأن لا احد من الجيران في المصيف بهذا الوقت من السنة
نجيبة باكية : احمد ! رجاءً لا تتركني.. أنا نوغا امك
- بل نجيبة الماكرة .. أعدك أن أعود غداً لدفنك بالحديقة ، وسأخبر الأقارب والموظفين إنك هاجرت للخارج .. ولا اظنهم سيكترثون لرحيلك ، لسوء تصرّفك معهم.. اما انا ، فسأتزوج قريباً لأحققّ أمنيه ابي ، ومن بعدها استلم الشركة
فسألته بقلق : ومن ستتزوج ؟!
فصرخ غاضباً : ليس من شأنك !!
ثم وقف وهو يقول بلؤم :
-أنصحك بتلاوة ما تعرفينه من القرآن ، قبل خروج روحك الظالمة
فظلّت تترجاه أن ينقذها ، وهي تُذكّره بأنها امه التي ربّته .. لكنه تابع خروجه من المنزل الذي أقفل بابه الخارجي بالمفتاح ..
ثم ركب سيارته مبتعداً عن الفيلا الجبلية ، تاركاً زوجة ابيه في الصالة وهي تصارع الموت .. إلى أن لفظت أنفاسها الأخيرة !
تخيلتها فيلم مصري بطولة عمرو يوسف (أحمد) ، وأنوشكا (نجيبة) ..هل توافقوني الرأي ؟
ردحذفلن أعلق على القصة فقط أقول لك انك كاتبة مبدعة عظيمة ينتظرك مستقبل كبير عظيم في حياتك تحياتي لك
ردحذفشكراً جزيلاً ، سعيدة إنها أعجبتك
حذفكان من الممكن ان تكون النهاية اعمق من كذا
حذفالقصه بها تفاصيل دقيقه كثيره وتشعبات هذا يدل على عمق الخيال حقا ... وطبعا لا نستغرب من شر هذه النجيبه فبالواقع يوجد نماذج أبشع من هذا .. وقد يكونون من أقرب الناس بكل أسف ... والملاحظ أيضا إنه ربما يكون للنساء النصيب الأكبر في جرعة الشر هذه هههههههه بكل صراحه ولا داعي لغضب الجمعيات النسويه ...بل أن غالبا مايكون الجاني على المرأه هي مرأه غالبا بل قد تكون أقرب الصديقات ... طبعا تتشكل كل هذه الأراء مما يعيشه الإنسان ويراه من أمور في غاية القبح والوضاعه لكائنات لا تعرف مما هم مصنوعون...الفكره كفيلم جميله وعمرو يوسف كإختيار جيد ولكن ربما ميمي شكيب ستكون أشر من آنوشكا ...وبالنسبه لأحمد أعتقد أن أول فتاه بعد ديانا هي أحق برجوعه إليها ...وإتمام ذلك العرس اللعين الذي لا يريد أن يتم ....وربما عدم إخبار أي إنسان سيكون أفضل لهما ...كما قال سيدنا يعقوب ليوسف عليهما السلام يابني لا تقصص رؤياك ...الآيات ...ونصيحته أيضا لأبنائه بألا يدخلوا من بابا واحد ...إلخ ...
ردحذفميمي شكيب متوفية ! انا إخترت انوشكا في حال مثّلت القصة في زماننا
حذفانتي بالابداع قصه ليس لها نهايه...شكرا ليك اختي امل
ردحذفانت من القرّاء المخلصين للمدونة ، شكراً جزيلاً لك
حذفاختي امل نعم مخلص للمدونه لانك كاتبه مبدعه فحينما اقرأ رعب او بوليسيه
حذفاو اي قسم في مدونتك كلها قصصك حلوه وقويه وممتعه فانت شخص نادره
بافكارك خيالك متنوع بالقصص وهذي ميزتك فطالما بحثت عن مواقع مقالات حتا وجدت مدونتك بالصدفه اعتقد ب2017...بسم الله ماشاء الله عليك
...علا فكره كل قصه بمدونتك قرأتها لان مدونتك وجدت ظآلتي فيها بالاضافه للكتب
تحياتي لك ولاختك اسما...
شكراً لك ، مُمتنة لإخلاصك للمدونة .. وسعيدة إن قصصي أعجبت ذوقك ، تحياتي لك
حذفاشكرك ياكنز الابداع على كل حرف ابدعتي فيه وكل كلمة تفنتي في ابداعها وعلى كل قصة فاقت ابداع الكاتبين
ردحذفوأشكر لك إخلاصك للمدونة ، واللقب الذي أفتخر فيه .. أتمنى دائماً أن اكون عند حسن ظنك وظن القرّاء بي
حذفما شاء الله، لا قوة إلا بالله.. أمل شانوحة، عنوان للإبداع وللخيال الذي لا ينضب. تحياتي لكِ
ردحذفشكراً عزيزتي ، أخجلت تواضعي بمدحك الجميل .. تحياتي لك
حذفأختي أمل تركت لك تعليقا في موضع مقابلة مع هشام بودرا ظنا مني ان التعليق لن ينشر الا بعد موافقة منك ارجوا أن تحذفيه وتقبلي اعتذاري فأنا آسف بالفعل
ردحذفاجبت على سؤالك في حوار هشام بودرا .. ولا تعتذر ، فأنا لم يضايقني السؤال .. تحياتي لك
حذف