الأحد، 25 يوليو 2021

خطأٌ مطبعيّ

تأليف : امل شانوحة 

 

سرّ الماضي


بعد عودة جاك من عمله .. وجد امام منزله : صورة لإبنه الرضيع (حين كان في حضّانة المستشفى قبل إسبوع) مرسوماً حوله النار وشعارٌ مخيف! 


وقد لاحظت زوجته ارتباكه الشديد ، لكنه اكتفى بالقول : 

- كل شيء يتداعى من حولي ! لذا ضعي اوراقنا الرسمية واموالنا في حقيبةٍ صغيرة بجانب سريرنا ، نأخذها معنا في حال حصول مصيبة في الأيام القادمة .. وزيادةٌ في الحرص ، سأخبّئ سيارتي القديمة في الغابة 

زوجته : ولما كل هذا الخوف ؟! فأنت مرتبك منذ ايام 

- خطأٌ مطبعيّ من مساعدي الغبي ، أخاف أن أعاقب عليه لاحقاً .. ورجاءً لا تسأليني ماهو .. سأرتاح قليلاً ، لحين تجهيزك الغداء

وتركها وهي تشعر بقلقٍ شديد عليه !

***


في تلك الليلة ، إستيقظ جاك بعد كابوسٍ مفزع .. وقبل عودته للسرير ، سمع حركةً غريبة خارج منزله !

فنظر من نافذة طابقه العلويّ .. ليشاهد عشرات المقنّعين بردائهم الأسود ، وهم يحملون شعلات النار .. 

فأسرع الى زوجته فزعاً :

- ديانا استيقظي فوراً ، واحملي الصبي والحقيني بسرعة


وحين رأت الحقيبة الصغيرة بيده ، نهضت مرتعبة .. لتجده يشير لها بإصبعه ، بعدم إصدار الصوت 


فحملت رضيعها ، ونزلا الى القبو الذي فيه بابٌ سرّي لسردابٍ طويل يصل لعمق الغابة .. 

وهناك ركبوا السيارة القديمة التي قادها جاك باتجاه الطريق العام 

***


بعد خروجهم من الغابة ، سألته بعصبية :  

- مالذي يحصل يا جاك ؟!!

- يريدون قتلنا 

- من هم ؟

جاك : عبّاد الشياطين ، وأظنهم يحرقون منزلنا الآن بعد هروبنا منه

- يحرقون منزلنا !! جاك ماذا فعلت ؟


فتنهّد بضيق ، قبل أن يقول : 

- حين كنت مراهقاً إنضمّمت لشباب في جامعتي ، بعد إعجابي بزيّهم القوطيّ .. وفي يوم أخذوني الى محفلهم الشيطانيّ ..ورتّلت معهم التعاويذ المخيفة .. وبنهاية الحفل ، أحرقوا طفلاً حيّاً امامنا

زوجته بصدمة : ومن الملعون الذي ضحّى بإبنه ؟! 

جاك : أظنهم خطفوه من إحدى المنازل .. (ثم مسح عرقه مرتبكاً) ..مازال صراخه في أذني حتى اليوم ، رغم مقتله قبل عشرين سنة

- ولما لم تخبرني انك واحداً منهم ، لرفضت الزواج منك 


جاك : تركتهم مباشرةً بعد الحادثة ، فهدّدوني بالقتل لخروجي من جمعيتهم دون إذن رئيسهم .. لهذا انتقلت الى هنا بعد تغير جامعتي ، وعملت بالصحافة ..وتزوجتك لظني بأن موضوعهم انتهى تماماً

- ولماذا عادوا اليك الآن ؟

جاك : لأن موظفاً غبياً نشر مقالتي التي كتبت فيها عن طقوسهم المخيفة ، واسماء المتورّطين في جمعيتهم السرّية .. والتي لم أجرأ على نشرها ، لعلمي بأن رفاقي القدامى اصبحوا من الشخصيات المهمة في البلد ، وسيدمرونني إن فضحت اسرارهم القذرة 


زوجته بعصبية : ولما كتبتها إذاً ؟!! 

- لإزالة الذكرى السيئة من عقلي ، ولتخفيف شعوري بالذنب لعدم إنقاذي الصغير قبل حرقه .. 

- ثم ماذا حصل ؟ 

جاك : خبّأتها لشهور في مكتبي .. وأثناء إجازتي المرضيّة ، طلب مني المدير مقالاً جديداً.. فاتصلت بمساعدي لنشر المقالة المطبوعة في درجي ، وكنت أقصد مقالتي عن (التعليم الإلكترونيّ) .. لأتفاجأ باليوم التالي بنشرهم لمقالة عبّاد الشياطين ! وحصل هذا الإسبوع الماضي 


زوجته : ولما لم تطلب من مديرك حذفها فوراً ؟

- لأنه بيعت آلاف الصحف .. لهذا توقعت عقابهم على فضحي اسماء رؤسائهم .. وهاهم يرسلون الليلة رجالهم للقضاء علينا

زوجته بغضب : اللعنة يا جاك !! طالما أصبحت هدفاً لهم ، فمستحيل أن يتركونا في حالنا  

- لا تقلقي ، سننتقل الى مدينة أخرى

- وكيف سنعيش هناك ؟ فأنت لا يمكنك العودة للصحافة ثانيةً

- سأتوظّف بإسمٍ جديد ، حتى لوّ اضّطرت لتزوير هويّاتنا 

زوجته بضيق : يا الهي ! ما هذه الليلة المرعبة ؟ .. (ثم صرخت بخوف) ..جاك انتبه !!


وكاد يصطدم بسجادةٍ كبيرة ، مرمية وسط طريقٍ فرعيّ ! 

فنزل لإزاحتها .. ليعود بعد قليل راكضاً الى سيارته التي قادها للخلف بسرعةٍ مهولة ، محاولاً تغير مساره ! 

لتلاحظ زوجته شعلات النار تخرج من جانبيّ الطريق ! فعلمت انه كان كميناً للقضاء عليهم .. 

***


بعد عودتهم للطريق العام ، قالت وهي تتنفّس الصعداء : 

- جيد انك هربت منهم 

جاك بذهولٍ وخوف : لم تكن سجادة عادية ! كان بداخلها جثة السيد اريك

- من اريك ؟

- مدير الصحيفة

زوجته بخوف : يا الهي !

- علينا الهروب لمكانٍ آخر 

- الى اين ؟

- لمنزل احد اقاربنا

زوجته معترضة : لا تورّط أحبابنا بهذه المصيبة

- إذاً سنذهب الى فندقٍ خارج المدينة ، وغداً نسافر الى دولةٍ أجنبية طالما إن جواز سفرنا واموالنا معنا

***


وأمضوا ليلتهم في فندقٍ حقير ، بغرفةٍ مليئة بالحشرات .. 

ونام الزوجان بضعة ساعات ، ليستيقظا مع شروق الشمس .. 


وبعد شربهما القهوة ، بحث جاك في إنترنت جواله عن مواعيد الطيران .. 

ليقول بارتياح :

- أخيراً وجدتها !! سنسافر الى استراليا

زوجته : ستكون رحلة طويلة ، لما لا نسافر الى ولايةٍ اخرى ؟

- لا اريد المخاطرة ، فربما جمعيتهم منتشرة في انحاء اميركا  

- كما تشاء ، المهم أن نجد مكاناً آمناً لإبننا

***


بعد ساعتين ، وصلوا المطار .. وبعد إنهاء اوراق الرحلة ، جلسوا في طائرة بها عشرة مقاعد فقط ! 

فسأل جاك المضيفة :

- الا يوجد غيرنا ؟!

فأجابته بابتسامة : بسبب ازمة كورونا وتوقف الرحلات ، لا يوجد مسافرين غيركم .. 

زوجة جاك : اليس خطراً أن نسافر كل هذه المسافة بطائرةٍ صغيرة؟!

المضيفة : نحن سنتوقف في عدة مدن ، وإن تواجد مسافرين آخرين لنفس وجهتكم ، نجمعكم معاً في طائرةٍ أكبر .. لا تقلقا

***


وبعد تقديمها الطعام ، سألتها زوجة جاك : 

- لا نرى سواكِ هنا !

المضيفة : نعم ، انا والطيار فقط .. وأتيت لإخباركم بأننا غادرنا اميركا للتوّ .. رحلة سعيدة

 

وبعد إنهاء طعامهما .. أخذا يلاعبان الطفل ، قبل أن يغفيا من شدّة التعب..

***


بعد ساعة .. إستيقظ جاك على صوت الإنذار والأنوار الحمراء مضاءة فوق الكراسي ، بسبب الهبوط الحادّ لطائرة !

فنادى المضيفة بفزع !! لتستيقظ زوجته على صراخه ، وتنتبه على الفور باختفاء طفلها ! 

ورغم اضّطراب الطائرة ، الا انها بحثت عنه بهستيريا اسفل المقاعد الفارغة.. 


بينما أسرع جاك الى قمرة القيادة ، ليتفاجأ بخلوّها من الطيار والمضيفة ! فجلس في المقعد الأمامي محاولاً السيطرة على الطائرة .. إلى ان تمكّن بصعوبة من رفع مقدّمتها ، قبل سقوطها في البحر  


وبعد ارتفاعها في السماء ، وهدوء الأزمة .. جلست زوجته بجانبه ، وهي تبكي بجنون لفقدها الصغير ، وتطالبه بالإتصال ببرج المراقبة لمعرفة ما حصل 


وحين فعل ، سمع رجلٌ يقول له :

- عزيزي جاك ، ما كان عليك فضحنا بمقالتك السخيفة  

جاك مرتبكاً : من انت ؟!! واين ابني والقبطان والمضيفة ؟

فأجابه : المضيفة نفّذت خطتنا جيداً .. ووضعت المخدّر في طعامكما ، ثم خطفت الصبي وقفزت مع القبطان فوق جزيرةٍ تابعة لنا .. 


الأم صارخة بغضب : ماذا تريدون من ابني ؟!! 

فأجابها الرجل : اسألي زوجك ، هو يعرف أهمية الأطفال في طقوس جمعيتنا 

جاك بعصبية : سأقتلكم إن لمستم شعرة من طفلي !! 

الرجل : برأيّ هناك شيءٌ أهم تشغل بالك به.. فالطائرة التي تقودها فوق محيطٍ شاسع ، بها القليل من الوقود .. وهذا يعني .. 


فقاطعته الأم باكية : 

- لا تؤذوا ابني ، ارجوكم !!

الرجل : لا تبكي عزيزتي ، قريباً ستلقين به في الجحيم .. فنحن لا نؤمن بوجود الجنة 

جاك : ارجوك سامحني .. انا لم أنشر المقال ، كان ذلك خطأً مطبعيّاً 

الرجل : قلّ ذلك لإبليس حين تلقاه ، فهو ملك البحار


وضحك ساخراً ، قبل قطعه الإتصال .. لتنهار الأم ببكاءٍ مرير ..

فقال زوجها معتذراً : ارجوك سامحيني ، أنا لم ..

فقاطعته بعصبية : بوحك بسرّك القذر دمّر عائلتك ، ليتني لم اتزوجك ولم أعرفك في حياتي !! 


ثم صمتتّ بقهرٍ شديد .. ليتابع جاك التحليق بعيونٍ دامعة ، فوق محيطٍ لا نهاية له ، بانتظار نفاذ الوقود وحدوث الكارثة الحتميّة ! 


هناك تعليقان (2):

  1. حزينه جدا ولكن النهايات غير التقليديه تكون أحيانا مطلوبه ... وننتظر كل جديد ... وافر الشكر

    ردحذف
  2. بشار سليمان26 يوليو 2021 في 1:28 ص

    أول مرة تعجبني قصة قصيرة
    أحسنت شكرا لك

    ردحذف

مسابقة الفيلم الدموي

تأليف : امل شانوحة  الزومبي الكومبارس  فور دخول الشباب 12 الى المسرح (الذي سيقام فيه احداث الفيلم المرعب ، والذي بُنيّ على شكل قبّةٍ زجاجيّة...