السبت، 19 يونيو 2021

الإنتقامُ المُدبّر

فكرة : أختي أسمى
كتابة : أمل شانوحة 

عقابٌ عادلٌ


إستيقظت ندى وهي تشعر بدوارٍ شديد ، لترى شاباً يأكل الشطيرة أمامها في مكانٍ أشبه بمخزنٍ مهجور .. وكانت مقيّدة اليدين والقدمين بالحبال ، وفمها مُكمّمٌ بشريطٍ لاصق !


فحاولت فكّ قيودها بصرخاتها المكتومة الخائفة .. ليقترب منها الشّاب ويزيل اللّصقة عن فمها بعنف ، وهو يقول :

- أخيراً استيقظتي

فسألته باكية : ماذا تريد مني ؟!! ولماذا خطفتني ؟


فانضمّ اليه شابين يافعين ، يبدو من الشبه بينهم أنّهم إخوة ! 

حيث قال أحدهما :

- خطفناك أثناء توجّهك إلى سيّارتك في موقف المول

وقال الآخر بقهر : نحن أيضاً كنّا نتبضّع سابقاً ، قبل أن يسرق زوجك مشروع أخينا الأكبر


ندى باستغراب : عن ماذا تتحدثون ؟!

فقال أكبرهم : أعرّفك اولاً عن نفسي .. إسمي صلاح ، وهاذان أخوايّ .. (ثم سكت قليلاً بضيق) .. زوجك سامي يا سيدتي ، سرق فكرة أخي الكبير بتطوير كاميرا الحواسيب ، التي بسببها حقّقت شركتكم ثروة مالية هائلة .

ندى: هذا مستحيل ! فأبي كان حيّاً وقتها ، وهو عادلٌ مع موظفيه .. فلما لم يدافع أخوكم عن فكرته أمامه ؟


فأجاب صلاح : لأن سامي أزاله عن طريقه أولاً ، بعد اتهامه ظلماً بتعطيل إحدى المشاريع الضخمة لشّركتكم .. فطرده والدك لإهماله الوظيفيّ .. وبعدها بأيام مات أخي بسكتةٍ قلبية من شدّة القهر والظّلم.

الأخ الأصغر : كنّا وقتها صغاراً ، وتعاهدنا على الإنتقام يوماً من قاتله.

الأخ الأوسط : هذا صحيح ، فزوجك أصبح نائب رئيس الشّركة بعد إبهار والدك بفكرته التي سرقها من أخي .

- كما إن زواجه منك ، جعله من الأثرياء.

- وهاهو ورث كل شيء بعد وفاة والدك .


ندى بقلق : وما المطلوب مني ؟

صلاح : طالما إن سامي سجّل إختراع أخي بأسمه ، فلم يعدّ بإمكاننا فعل شيء بهذا الخصوص .. لهذا سنطالبه بفديةٍ ضخمة مقابل زوجته الجميلة.

ندى : لا أظنه سيوافق !

الأخ الأوسط : لا أعتقد انه بخيل من عدد الأكياس التي اشتريتها من المول.


ندى : هو يفعل ذلك لإيهام معارفي وأصحابي أنه على علاقةٍ جيدة بي ، فهو لا يريد خسارتهم بسبب مصالحه الماديّة معهم .. لكني لم أكن يوماً على وفاقٍ معه ، ورغم حصول الكثير من المشاجرات بيننا ، إلا أنّه يرفض تطليقي لكي لا يخسر نصيبي من الشركة.

صلاح : سنتأكّد من مدى حبه لك الآن .. سأتصل به من جوالك ، وأرفع الصوت لنسمع جوابه على عملية إختطافك.

***


بعد إجراء المكالمة .. قالت ندى لزوجها وهي تنهج بخوف :

- سامي !! أرجوك ساعدني

فردّ بتأفّف : ماذا تريدين الآن ؟

ندى : هناك عصابة اختطفتني بعد خروجي من المول.

سامي بسخرية : أحقاً !

ندى بعصبية : سامي أنا لا أمزح !! هم يريدون فدية كبيرة لإطلاق سراحي

- اذاً قولي لهم أن يبقوك عندهم ، فلا حاجة لي بك .. فلديّ حبيبة أنوي الزواج بها ، وهي ستتكفّل برعاية طفلنا .

ندى بصدمة : ماذا تقول ؟!

- كما سمعتي .. (ثم تنهّد بضيق).. ليتني سمعت نصيحة أمي بعدم الزّواج منك. 


ندى بغضب : اللّعنة عليك وعلى حماتي !!!

- أصمتي أيّتها التّافهة !! وأتمنى سماع خبر وفاتك قريباً ، لأرث جميع ممتلكاتك ، فأنت لطالما كنت عقبة في طريق نجاحي .. (ثمّ قال بلؤم) .. آه صحيح قبل أن أنسى ..إخبريهم أن يستمتعوا بك قليلاً ، قبل رميّ جثتك للكلاب الضالّة.


وأغلق المكالمة وهو يقهقه بصوتٍ عالي ، تاركاً زوجته في صدمٍة كبيرة جمّدتها في مكانها ! 


وحين أراد الأخ الأصغر تقيديها من جديد .. رفض صلاح ذلك ، قائلاً :

- دعها ترتاح قليلاً 


وابتعد مع أخويه وهو يشعر بالشفقة عليها .. وتركوها تبكي بصمتٍ وقهر ..وجلسوا يحاولون إختراق حساب سامي البنكيّ لسرقة امواله ، بعد فشل خطة الفديّة بشكلٍ ذريع !

***


بعد ساعة من محاولاتهم الفاشلة ، قال صلاح بحنق :

- حتى الآن لم نكتشف الرقم السرّي لذلك اللعين !! 

الأخ الأوسط : لكنّا عرفنا انه مكوّن من شقّين : 4 حروف ، و4 أرقام .. يعني إسم وتاريخ 

صلاح : وما الفائدة ؟ فنحن لم نصل إلاّ للرقم :(50) والحرفين :(ن ، و) .. اما الباقي ففشلنا في إيجاده.


وهنا تفاجأوا بندى تقول من بعيد ، وهي تمسح دموعها :

- جرّبوا : ((نجوى 1950))


وقبل أن يستوعبوا ما حصل ! أسرع صلاح بطباعة ما قالته ، في خانة الرقم السرّي ..

ليصرخوا جميعاً بفرحٍ شديد ، بعد فتح الحساب البنكيّ لرجل الأعمال الشهير (سامي أمين) .

ثم التفت صلاح إليها ، وهو يسألها بدهشة : لماذا ساعدتنا ؟!


فاقتربت منهم ، وهي تفكّ أزرار قميصها .

صلاح باستنكار : ماذا تفعلين ؟!

فقال اخوه الأوسط بحماس : دعها يا أخي !!


ثم أدارت ظهرها بعد إخفاض قميصها قليلاً ، لتريهم علامات الجلد على ظهرها 

ثم عادت وأغلقت أزرار القميص ثانيةً ، وهي تقول بحزن :

- صبرت كثيراً على تعذيبه الّلفظي والجسدي ، وتحمّلت الأذيّة لأجل إبني ..لكن بتصرّفه الأخير ، أنهى كل شيء .


صلاح : كان الله في عونك ، ومع هذا مازلت مندهشاً بأن زوجاً سيئاً مثله أعطاك رقم حسابه السرّي ؟!

فتنهّدت ندى بضيق : بالطبع لم يفعل ، فإسم نجوى هو إسم حماتي ، والرقم هو تاريخ ميلاد تلك الأفعى الّتي خربت حياتي .. وأنا توقعت ذلك ، لأنه مدلّل أمّه .

الأخ الأوسط : كان حدسك في مكانه !


صلاح : على كلٍ لا تقلقي ، سنطلق سراحك بعد حصولنا على بعض أمواله

ندى : ولما تريدون جزءاً من ماله ، طالما يمكننا إفلاس الحقير ؟

صلاح باهتمام : ماذا تقصدين ؟!


ندى : ذلك اللّعين دمّر حياتي بعد أن كنت مدلّلة في قصر ابي ، فأنا ابنته الوحيدة.. فهو ما أن توظّف في شركتنا حتى ارتفع سريعاً بالمناصب على حساب زملائه ، كما أخبرتموني قبل قليل .. وأعتقد إن أخاكم لم يكن ضحيّته الوحيدة.

صلاح : أنا ايضاً لا أستبعد ذلك ، فهو رجلٌ إنتهازيّ ، إستخدم أساليبه الملتويّة للإستيلاء على جهود غيره .


ندى : هو استطاع إقناع والدي انه عبقريّ في مجال عملنا ، ونال إعجابه وتقديره لدرجه قبوله الزّواج مني .. وقد عاملني جيداً لحين وفاة ابي .. ومن بعدها ألحّ كثيراً لمكوثي في المنزل والإهتمام بطفلنا ..فرضخت لذلك بعد توكيله بشركتي .. وفور استلامه الإدارة ، طرد العديد من موظفينا المخلصين القدامى ، دون إذني ! وبدأ يصرف اموال الشركة على حفلاته وصديقاته .. وكلما طلبت الطلاق ، هدّدني بحرماني من إبني .. لهذا أشغلت نفسي بالتسوّق ، ولم أعدّ أجادله بعد فصل غرفتي عنه ..كما إنه لم يهتم يوماً بإبنه ، ويدعّ امه تدخّل في تربيتي له .. وقد ضقت ذارعاً منه ، ومن حماتي التي لا تقلّ شراً عنه .. لهذا سأساعدكم في تحطيمه ، فقد حان وقت الإنتقام!!


الأخ الأصغر : وكيف سنفعل ذلك ؟!

ندى : سامي لا يثق كثيراً بالبنوك ، وكما لاحظتم من حسابه البنكيّ إنّه ليس ضخماً بالنسبة لثروته ، فنصف أمواله يحتفظ بها في خزنته الموجودة بفلّته الساحليّة .. ويمكننا الذهاب إلى هناك بالقارب مساءً ، وبدوري سأمكّنكم من إقتحامه بسهولة.

صلاح : إن ساعدتنا في ذلك ، سنشاركك الأرباح .

ندى بحزم : نصف أمواله تكفيني ، المهم أن ندمّره اللّيلة !!


فابتعد الإخوة للتشاور بينهم :

فقال الأخ الأوسط بقلق : هل تثق بها يا صلاح ؟

الأخ الأصغر : أخاف إنها تخطّط للإيقاع بنا .

الأخ الأوسط : ربما ما قاله زوجها هو كلام مُشفّرٌ بينهما : يعني أنّه سيتصل بالشّرطة للقبض علينا ، أو شيءٌ من هذا القبيل .


فقال لهما صلاح : مازلتما يافعين ، انا أعرف عقليّة النساء جيداً ، إن عُوملن بقسوة ، يتحولنّ لكائناتٍ غاضبة تدمّر كل من أذاها .. وأشعر بالفعل إنها تريد الإنتقام منه ، لهذا سنكمل خطتنا ...(ثم قال لإخيه الأصغر) : أنت !! إبقى بجوارها .. (وقال لأخيه الأوسط) : وأنت !! راقب المكان جيداً .. أمّا أنا ، فسأذهب لاستئجار قاربٍ صغير نستخدمه اللّيلة .

***


في المساء .. وأثناء تواجدهم بالقارب بعد إقترابهم من الشاطئ الذي فيه فلّة سامي الساحليّة ، سألها صلاح عن خطّتها لسرقة الخزنة .. فأجابته :

- هل جوالي معك ؟

صلاح بقلق : وهل ستتصلين بالشرطة ؟

ندى : بالطبع لا ، لن أضيّع فرصتي للإنتقام من سامي .. كما إنني كنت دائماً مُحبّة للمغامرة ، قبل أن يقتل ذلك الحقير شغفي للحياة .. لا تقلق ، يمكنك الوثوق بي .


فأعطاها الجوّال ، لتريه فيديو مصوّراً وهي تقول :

- حين قضينا عطلتنا في الفلّة قبل شهرين ، صوّرته دون علمه أثناء فتحه الخزنة .. فهل يمكنك رؤية الأرقام من خلال الفيديو ؟


وبعد إعادته الفيديو أكثر من مرة ، قال لها :

- إستطعت تميز الأرقام الثّلاثة الأولى ، لكني لم أرى الرقمين الآخرين

فقال أخيه الأوسط : أنا حفظت نغمتهما .. ويمكنني بسهولة إيجادهما ، بعد سماعي لبقيّة النغمات الخاصة لأرقام الخزنة .


صلاح : وبهذا حلّلنا مشكلة الخزنة .. بقيّ امامنا مشكلة الباب الرئيسيّ الذي سيكون مزوّداً برقمٍ سرّي للإنذار ، اليس كذلك ؟

ندى : طبعاً ، فسامي حريص جداً على ممتلكاته .. كما انكم ستحتاجون إلى بصمة يدي ، لهذا أتيت معكم .

صلاح بارتياح : ممتاز 

*** 


ونجحت عمليتهم بسهولة ، بعد سرقة الخزنة بمساعدة ندى.. ليعودوا فرحين إلى القارب فور إتمامهم المهمّة 

***


قبل وصولهم للميناء لإعادة القارب المُستأجر ، وعدها صلاح بإعطائها نصيبها فور عودتهم إلى المخزن المهجور .. ففاجأته قائلة:

- ليس بعد !!

صلاح باستغراب : ماذا تقصدين ؟!

ندى بحنق : لن يُشفى غليلي قبل إفلاس زوجي تماماً .

صلاح : لكنّا سرقنا حسابه البنكيّ وخزنة فلّته ، ماذا بقيّ ايضاً ؟


ندى : خزنة الشركة الموجودة في مكتبه ، فهو لم يستطع تغير الرمز السرّي الذي وضعه والدي بمساعدة خبيرٍ أجنبيّ .. وانا أحفظه جيداً ، كوني كنت المديرة قبل إستلامه مكاني بالحيلة والخداع .

فضحك الأخ الأصغر ساخراً : المسكين ، سيكون وضعه صعباً بعد سرقتنا لمصادر أمواله الثلاثة .

الأخ الأوسط : وربما يقتله هذا الخبر !

ندى وقد ارتسم على وجهها إبتسامة الرضا : وهذا ما أريده بالضبط!!

صلاح : لم نكن نعلم إنّك تكرهينه لهذه الدّرجة ! 


ندى بقهر : جميعكم سمعتم ما قاله لي عديم الشرف ، دون احترامه أنني والدة طفله الوحيد ! لهذا ساعدوني بتحقيق حلمي بإفلاسه اللّيلة 

صلاح : إذاً لننهي المهمّة قبل بزوغ الفجر.

ندى بحماس : هيا بنا !!

***


وقامت ندى أولاً بتوجيههم إلى غرفة المراقبة في الشركة ، لإطفاء الكاميرات الليليّة .

ومن بعدها تسلّلوا إلى غرفة المكتب .. 

وهناك أطلعتهم على رقم الخزنة السرّية .

ليسارعوا بإفراغها من رزم المال المكدّسة ، قبل هروبهم إلى خارج الشركة في جنح الظّلام .

***


في الصّباح .. وبعد تناولهم الفطور في السّيارة ، قالت لهم :

- الآن بقيّ الجزء الأخير من الخطة.

صلاح باهتمام : وماهو ؟

ندى : بعد ثلاثة أيام ، ترموني آخر الليل في شارعٍ هادىء .. ثم تتصلوا بالشرطة للإبلاغ عن مكاني .

الأخ الأوسط : وبذلك تكونين خارج الشّبهات لما حصل لزوجك.

ندى : هو حتماً أبلغ عن إختفائي ، لحصوله لاحقاً على مال التأمين على حياتي ، ولإبعاد الشّبهات عن نفسه ايضاً.. لكنّي لن أعود للمنزل ، قبل معرفتي بإفلاسه أوّلاً.

الأخ الأصغر : كما تشائين يا زعيمتنا.

وضحك الأربعة وهم يشعرون بفرحة النّصر.

***


خلال الأيام الثلاثة الّلاحقة لحوادث السّرقات .. أمضت ندى وقتاً جميلاً مع الإخوة الثّلاثة الذين تعمّقت علاقتهم الودّية بينهم .. لتلاحظ مع الوقت ذكائهم وأخلاقهم العالية في تعاملهم معها .. خاصة صلاح الذي كان يسهر معها كل ليلة وهما يتحدّثان عن طموحهما وأحلامهما ، لتكتشف العديد من الصّفات المشتركة بينهما !

***


في ذلك المساء ، وفي الموعد المحدّد .. أعادت الشرطة ندى إلى قصرها بعد فكّ قيودها المُحكمة ، ليستقبلها الخدم بدموع الفرح وهم سعيدون بنجاتها .

فسألتهم أوّلاً عن ابنها ، ليخبروها بأنه في منزل جدّته .

فقالت في نفسها بضيق : "سأهتم لأمرك لاحقاً يا حماتي العزيزة"


ثم سألتهم عن سامي ، فأخبروها بارتباك : بأنه في العناية المركّزة ، بعد تعرّضه لأزمةٍ قلبيّة مفاجئة بسبب مشاكله في العمل.

فكتمت فرحتها ، وتظاهرت أمامهم بالحزن والصّدمة ! وأخبرتهم أنّها ستزوره ، بعد حصولها على قسطٍ من الرّاحة.

***


في الصّباح الباكر ، ذهبت إلى المستشفى لزيارته .. فنصحها الطّبيب أن لا تطيل الزيارة ، لأنه في حالةٍ حرجة ..


وبعد دخولها غرفته .. وجدته غائباً عن الوعيّ ، وموصولاً بجهاز القلب والتنفّس .


فهزّته قليلاً ، ليفتح عينيه بصعوبة .. واقتربت من رأسه لتهمس بلؤم:

- كم أنا سعيدة برؤيتك بهذا الوضع المزريّ يا عزيزي .. فما لا تعلمه ، إنني اتفقت مع العصابة التي خطفتني بسرقة جميع أموالك .. وأنا من أعطيتهم الأرقام السرّية للخزنتين ، وحسابك البنكيّ أيضاً .. وهآ انا أخيراً فزت عليك ايها الحقير ، وسأرث أموالك التي إغتصبتها مني.. وسأحرم أمك من رؤية حفيدها للأبد ..الآن يمكنك الذهاب إلى الجحيم وانت مرتاح البال .


وهنا ارتفع صوت رنين الجهاز ، بعد توقف نبضات قلبه !

فسارع الطبيب والممرّضين لصعقه بالصدمات الكهربائية .. وندى تراقبهم من بعيد ، وهي تتظاهر بالبكاء والخوف الشديد على زوجها. 


إلى أن توقفوا جميعاً عن العمل بعد تأكّدهم من وفاته ، لتنهار باكية وهي تُخفي إرتياحها الكبير بتخلّصها من عدوها اللّدود.

***


بعد شهرين على إنتهاء العزاء .. أرسل لها صلاح شيكاً بنصف ما سرقوه ، بعد بعثه رسالة على جوالها : 

((أريدك أن تعرفي يا ندى بأننا لسنا أشرار ، رغبنا فقط باسترداد حقّ أخينا الراحل الذي علّمنا كل شيء عن البرمجة والحواسيب .. ورغم براعتنا بهذا المجال ، الاّ أننا سنُكمل في وظائفنا البسيطة ، كيّ لا نلفت الأنظار إلى التحسّن المفاجئ لأحوالنا المادية .. وسنبقى مدينين لك طوال حياتنا .. أكرّر شكرنا وامتناننا لك))


فأرسلت بدورها رسالةً له :

((اريدك أن تأتي مع أخويك غداً إلى الشّركة التي استلمت إدارتها من جديد ، للإحتفال معكم بفوزي بقضية حضانة ابني))

***


في اليوم التّالي .. وفور دخول الإخوة إلى مكتبها ، أعطاها صلاح ورقة مكتوباً عليها :

((رجاءً لا تذكري شيئاً عن السّرقات أمام الكاميرات))

فقالت له :

- طلبت حضوركم لأمرٍ آخر .


فجلسوا على الكنبة بقلق ، لتقول لهم :

- أريد توظيفكم في شركتي.

الثلاثة بصدمة : أحقاً ! 

- نعم 


ثم أعطتهم ورقة مكتوباً عليها :

((لا اريد قول هذا بوجود كاميرا المكتب : لكن طالما كنتم مقنّعين اثناء خطفكم لي ، وقيامنا بالعمليات السريّة معاً .. فشخصياتكم مجهولة للجميع ، ولا مانع لعملكم في شركتي))


ثم رفعت صوتها :

- بصراحة لم أجد أحداً خبيراً بالحواسيب مثلكم ، فأنتم عباقرة بعلوم التقنية .. كما إن حفاظكم على إتفاقنا السابق ، يدلّ على رفعة أخلاقكم.. وأنا أثق بكم اكثر من الموظفين الذي عيّنهم المرحوم زوجي.. لهذا اريدكم أن تستلموا إدارة ثلاثة أقسام مهمّة في شركتي ، لمراقبة الموظفين التابعين لسامي قبل إتخاذي قراراً بشأنهم.. كما أتوقع منكم أفكاراً وحلولاً لتطوير شركتنا في المستقبل ، فأنتم لا تقلّون ذكاءً عن أخيكم الراحل.


فتشاور الثلاثة فيما بينهم بصوتٍ منخفض ، قبل أن يسألها صلاح : 

- وهل الراتب مجزّي ؟

ندى بابتسامة : بالتاكيد !!

صلاح بحماس : إذاً موافقين.

***


ولم تنتهي السّنة حتى أصبحت شركة ندى للحواسيب هي الأقوى في البلاد ، بفضل الأفكار المتطوّرة للشباب الثّلاثة الذين جدّدوا عهدهم بإخفاء السرّ بينهم قبل أيّامٍ من العرس الفخم للعريسين (ندى وصلاح) اللّذين جمعتهما الصّداقة والتفاهم والمحبّة الأبديّة ! 


هناك 3 تعليقات:

  1. قصه رائعه واقعيه ....كيفما تدين تدان .....احسنتما أيها الثنائي الجميل

    ردحذف
  2. جميل جدا هذا الإنتقام والنهايه المتفائله للأسف . قديما كنا نظن الدراما والقصص تبالغ لكن في الواقع هناك بشر مدى شرهم لا حد له . تحياتنا على جهودكم .

    ردحذف
  3. أشكرك أخت أمل على القصة الرائعة
    سلمت أناملك
    لا أعلم ماذا سأفعل من دون قصصك أنت وأختك أسمى
    أنا أدخل ثلاث مرات يوميا يوميّا إلى هذا الموقع وموقع كابوس لكي أتفقّد إذا كانت هناك قصة جديدة
    :)
    ����

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...