الأربعاء، 30 يونيو 2021

إكسير الشباب

 كتابة : امل شانوحة

 

عقارٌ غير قانونيّ  


جاك : لماذا غيرت مسارك ؟!

صديقه : هذا طريقٌ مُختصر سيوصلنا أسرع الى وجهتنا 

- أخاف أن تتعطّل سيارتك في طريق الغابة الوعر 

- دعّ القيادة لي ، واستمتع بالمغامرة 


وبعد تعمّقهما في الغابة ، شاهدا شيئاً يتحرّك ببطء امامهما ! وكلما اقتربا منه ، بدى كأنه كائنٌ حيّ .. 

جاك باستغراب : هل ذاك حيوان ؟!

- كأنه يحبو ! 

جاك : يا الهي ! انه طفلٌ صغير .. توقف فوراً !!

- لا طبعاً !!


ومرّا بجانب الطفل الذي كان يبكي بخوفٍ شديد في الظلام ! ممّا استفزّ جاك الذي مدّ قدمه فوق دوّاسة المكبح ، ليوقف السيارة بالقوة 

فعاتبه صديقه بعصبية : هل جننت ؟!!

جاك : يبدو أنه خرج من منزله اثناء نوم اهله ، إلى أن وصل هنا .. علينا تسليمه إلى مركز الشرطة 

- المنازل تبعد اميالاً عن الغابة ، الأرجح أن يكون جنّياً 

جاك بإصرار : سأنزل لإنقاذه 

- لا تتهوّر يا مجنون !!


ونزل جاك من السيارة باتجاه الصبي ، بينما تجمّد صديقه وهو يراقبهما من الزجاج الخلفيّ للسيارة.. 


وما أن حمل جاك الطفل الذي كان يرتجف بقوة ، حتى تحرّكت الشجيرات بكلا الجهتين ، وكأن هناك مجموعة من الذئاب او اللصوص يسارعون نحوهما !

مما أرعب صديقه الذي فرّ هارباً ، مُتوجهاً لأقرب مركز شرطة للإبلاغ عمّا حصل ، وإنقاذ جاك والطفل قبل فوات الأوان ! 

***


بعد اسابيع ، وفي جهةٍ الأخرى من المدينة .. إنشغل الخادم الجديد (إريك) بتنظيف قصر السيد إدوارد الذي ذهب مع بقية خدمه إلى مزرعته لقضاء عطلة الصيف ، بعد توكيله الإهتمام بالقصر في غيابهم 


واثناء تنظيفه المكتب ، إشتمّ رائحة سيئة لم يعرف مصدرها ! الى أن لمح فأراً يخرج من اسفل خزانة الكتب .. 

وحين حاول إريك قتله ، أوقع تمثالاً بالخطأ ! مما تسبّب بفتح بابٍ سرّي خلف المكتبة .. 


ليجد صالةً صغيرة فيها طاولة قمار وتلفازاً ضخماً ومجموعة من الملفّات الورقية وأشرطة أفلام مصوّرة .. ويبدو أن احد اصدقاء السيد ترك صحنه المليء بفتات الكيك المتعفّن الذي انبعث منه الرائحة السيئة .. 

وبعد تنظيف اريك للمكان ، تصفّح إحدى الملفات التي فيها جداولاً بأسماء مشاهير الفن والسياسة ! 


وفي الملف الأخير وجد صوراً لأطفال ، ظنّ أنهم يضعون مساحيق التجميل المخيفة في عيد الهالوين .. هذه بعضها : 



مما أثار فضوله لمشاهدة فيلمٍ مكتوب على غلافه : (انفاق نيويورك السرّية) ..

وليته لم يفعل ! فما شاهده جمّد الدم في عروقه ، فالفيديو احتوى على مشاهد تعذيب للأطفال تراوحت اعمارهم بين بضعة شهور الى ست سنوات ، بدت حقيقية ومخيفة جداً .. حيث تنوّعت المشاهد المرعبة بين ضربهم المبرح واغتصابهم ، وتركهم في قبوٍ مظلم مع الفئران ، او بوسط غابةٍ مظلمة ، او معلّقين رأساً على عقب لساعاتٍ طويلة ، وغيرها من المشاهد الغير إنسانيّة ! 


وكان من بين الأشرطة ، فيلماً كُتب على غلافه (النتيجة النهائية) : 

حيث ظهر رجلٌ مقنّع يلبس رداء الأطبة ، وهو يشرح سبب تعذيبهم للأطفال جسدياً ونفسياً بمصطلحاتٍ طبّية ، وبصوتٍ مشوّش : 


((نحن وضعنا سواراً في ايديهم لقياس نبضات قلبهم ، لأننا لا نريد قتلهم قبل إجرائنا العملية الجراحية ..وسأحاول تسهيل الشرح لكم : 

إن إنخفاض هرمون الميلاتونين هو السبب الرئيسي للشيخوخة ، والذي تنتجه الغدة الصنوبرية .. وعندما نوصل الضحايا الصغار إلى قمّة رعبهم ، ننتزع غدتهم الموجودة بين الفصّ الأيمن والأيسر في وسط أدمغتهم ، من خلال تجويف العين ، ليتمّ أكلها مباشرةً .. او لإنتزاع منها مركّباً كيميائي يسمى (الأندرونوكروم) الذي نحوّله لاحقاً الى حقن إكسير الشباب))  


ورغم عدم فهم إريك لكل ما قاله الطبيب المجهول ! الا انه شعر بضرورة معاقبة السيد إدوارد ورفاقه المتورّطين باختفاء العديد من الأطفال في منطقته والأحياء المجاورة .

***


بعد شهر .. وأثناء سير ولدان بعمر الثامنة لوحدهما ، بعد خروجهما من المدرسة ..لاحظ الصبي آدم ملاحقتهما من قبل شاحنة مقفلة مظلّلة النوافذ ، فهمس لصديقه :

- إن رأيت احداً يخرج من تلك الشاحنة باتجاهنا ، فاهرب بأسرع ما يمكنك دون النظر خلفك  

- عن ماذا تتكلم ؟!

آدم بحزم : فقط إفعل ما قلته لك !!


وماهي الا دقائق حتى حصل ما توقعه الصبي ، وركض صديقه هارباً باتجاه منزله .. بينما تمكّن الرجل المقنّع من اختطاف آدم بعد تخديره بقماشةٍ مبلولة .. ووضعه في الشاحنة ، لنقله إلى مكانٍ مجهول !

*** 


في ذلك المساء .. إستيقظ آدم داخل قبوٍ مضاء بأنوارٍ خافته ، ليتفاجأ بعشرات الأطفال مسجونين في أقفاصٍ حديدية مُخصّصة للحيوانات .. معظمهم مخدّرٌ تماماً ، وعلى وجهه وجسده آثار التعذيب .. بينما البعض الآخر ينظر نحوه بنظراتٍ تائهة ، من هول ما شاهده في الأيام الماضية !


وفور سماع آدم لقفل الباب يُفتح ، حتى استلقى كأنه نائم .. فتوجه الحارس اليه ، وهو يفتح قفصه ويقول :

- الم تستيقظ بعد ؟! .. حسناً لا يهم 

وحمله الى فوق .. 

***


أخذ آدم يراقب كل شيء بعينه الشبه مفتوحة اسفل غرّته الطويلة ، ليشاهد رجلاً ضخماً يلبس معطفاً غالياً وهو يعاتب حارسه : 

- ألم أنبّهك بخطف الأولاد دون سن السابعة ؟ 

- سيد إدوارد .. بعد خطفنا العديد من الأطفال في مهدهم ، زوّد الأهالي منازلهم بأجهزة الإنذار .. وامتنع الكثيرون عن إرسال أطفالهم الى الحضانات ، لحين قبض الشرطة علينا .. لهذا خطفت الصبي ليكون فأر تجارب .. وإن نجحنا باستخراج العقار منه ، نخطف المزيد من اطفال المرحلة الإبتدائية 


إدوارد : حسناً .. لكن علينا إختيار شيءٍ يخيفه بالفعل ، ويشيب له شعر رأسه 

- ما رأيك أن نحرق الشاب الفضوليّ امام عينيه ؟ 

- أمازال جاك حيّاً ؟

- كنت أخطّط لبيع اعضائه ، لكن هذه الفكرة مُربحة أكثر 

إدوارد : حسناً إجمعهما معاً .. وبعد توّطدت علاقتهما ببعض ، إقتله امامه

- قد يتطلّب الأمر اسابيع ؟! 

إدوارد : معك شهر لتنفيذ الخطة ، ولا تنسى تصوير الحدث .. فأنا وأصدقائي نُقامر عليهم ، بالإضافة لرهاننا على سعر حقنة إكسير شباب

- كما تشاء سيدي


وعاد الحارس لحمل آدم النائم .. لكن هذه المرة أخذه الى إسطبلٍ مهجور .. ثم وضعه في عليّةٍ مليئة بالقشّ ، وقفل الباب عليه من الخارج


وبعد ذهابه ، سمع آدم صوت شاب بجانبه يقول بقلق : 

- هل انت بخير يا ولد ؟

فنهض ليرى شاباً على وجهه آثار الضرب والتعذيب ، فسأله :

- هل أنت من حاولت إنقاذ طفل الغابة ؟

جاك بدهشة : وكيف عرفت ؟!

- شاهدتك بالأخبار.. ما كان على صديقك تركك وحدك هناك !

- لوّ لم يفعل ، لكان معي الآن  

آدم : وماذا حصل للطفل ؟

- لم يتحمّل قلبه تجربة الغابة القاسية ، ومات بعدها بأيام 

آدم : ولماذا يفعلون ذلك ؟

- الموضوع كبير ولن تفهمه

- ارجوك إخبرني 


جاك : ما فهمته انهم علموا بطريقةٍ ما : إن الأطفال حين يخافون ، ينتج جسمهم مركّباً كيميائي نادر يقاوم علامات الشيخوخة .. فيبيعونه للأثرياء والمشاهير مقابل مبالغ خيالية 

- وكيف توصّلوا لهذه النتيجة الغريبة ؟! 

جاك : أظن ابليس أخبرهم ذلك

- ابليس !

- لا اريد إخافتك ، لكن هذه التجارب خاصة بالماسونيين وعبّاد الشياطين الذين يخطفون ويقتلون آلاف الأطفال حول العالم : إما لحرقهم كقرابين للشيطان ، او لأجل هذه التجارة المربحة 


آدم : طالما يريدون أطفالاً فقط ، فلما يبقونك حيّاً ؟ 

- لأني حاولت إفساد عملهم ، وربما يخطّطون للقضاء عليّ بطريقةٍ مُغايرة .. لكن السؤال الأهم : لما خطفوك ؟ فأنت اكبر الأطفال الموجودين هنا ! .. هل عمرك 9 سنوات ؟

آدم : بل 8 ..

- غريب ! يبدو تفكيرك أكبر من عمرك بكثير ، هل انت ..


وهنا انفتح باب الإسطبل .. ليصعد الحارس اليهما ويأمرهما باللحاق به ، لتناول عشائهما مع بقية المساجين 

***


مرّت عدّة اسابيع .. توطّدت علاقة جاك بآدم الذي بقيّ معه بمعزل عن بقية الأطفال ، ولم يتعذّب مثلهم حتى الآن !

***


وفي إحدى الليالي الباردة ، إستيقظ آدم ليجد نفسه وحده بالعليّة ! 

وبعد قليل .. قدم الحارس لتقييد يديه خلف ظهره ، وعصب عينيه بمنديلٍ اسود .. ثم وضعه داخل سيارة ، قادها لمسافةٍ طويلة .. قبل إخراجه الى حقلٍ واسع 


وبعد إزالة المنديل عن عينيه ، شاهد نوراً من بعيد .. وكلما اقتاده الحارس الى هناك ، إتضحت الرؤية أكثر .. حيث شاهد جاك مُكمّم الفمّ ومصلوباً على خشبة .. وبجانبه رجلٌ مقنّع يحمل شعلة النار .. ورجلٌ آخر يصوّر الحدث بكاميرا جواله !


وهنا قال الحارس لآدم بلؤم :

- الآن سترى صديقك يُحرق امام عينيك 

فصرخ آدم بفزع : لا تقتلوا صديقي !!


وحين قرّب الرجل الشعلة من جاك ، صرخ آدم بعلوّ صوته :

- على الأقل دعوني أدعو له قبل موته !!

فضحك الرجال الثلاثة .. وقال أحدهم ساخراً :

- لا احد يستطيع إنقاذ صديقك من هذه الورطة

آدم بإصرار : اذاً فكّوا قيودي ، ماذا تخسرون ؟!!


فحلّ الحارس رباط يديه .. ليجلس آدم على الأرض ، رافعاً يديه للسماء وهو يدعو بصمت .. بينما أكمل الرجال إشعال الحطب اسفل جاك الذي كان يبكي بخوف.. 

واثناء إنشغالهم به .. تمّتم آدم بكلماتٍ ، وهو يرفع معصمه نحو فمه! 


وما هي الا ثواني ، حتى سمع المجرمون صافرات الشرطة تقترب من المكان ! فهربوا فزعين باتجاه سياراتهم ، تاركين النار تشتعل في بنطال جاك الذي كان يصرخ بألم ..

لينطلق آدم نحوه ، ويفكّ حباله .. ثم يدحرجه فوق الرمال لإطفاء ناره 


لاحقاً تمكّنت الشرطة من إيقاف سيارة الحارس والقبض عليه ، بينما فرّ الرجلين الى مكانٍ مجهول .. 

***


بعد إنقاذ آدم وجاك ، جلسا في المقعد الخلفي لسيارة الشرطة في طريقهم الى المستشفى لعلاج حروق جاك الذي حاول تحمّل آلامه قدر المستطاع ، وهو يشكر آدم على بطولته : 

- انا اعلم إن دعاء الأطفال مُستجاب ، لكني لا أفهم كيف وصلت الشرطة الينا بهذه سرعة ؟!

فقال السائق (الشرطي) : آدم ليس ولداً صغيراً ، بل هو شرطي متخفّي بعمر 44 

جاك بصدمة : أكبر مني ! .. (ثم سأل آدم) .. هل أنت قزم ؟

آدم : توقف نموي بعمر الثامنة .. ولولا إن والدي نقيباً بالجيش ، لما حقّقت حلمي بالإلتحاق بالشرطة


الشرطي : وبسبب حالته الصحية الفريدة ، تمكّنا القبض على عشرات المتحرّشين بالأطفال وعصابات الخطف والإتجار بالأعضاء .. كما هذه العصابة الخطيرة التي لم نعلم بوجودها ، لولا البقّاق المزروع في معصمه 

جاك : بقّاق !

آدم : نعم زرعته قبل إلتحاقي بالمدرسة التي اخترتها بعناية ، لأنها بعيدة عن المنازل والمحال التجارية ، والتي ستثير حتماً إهتمام الأشرار الذين من سوء حظهم إختطفوني من بين كل الطلّاب .. حيث تمكّنت الشرطة من تعقّب مكاني ، واكتشاف وكرهم السرّي 

الشرطي : وزملائي الآن يقبضون عليهم ، بعد أن أعطانا الضابط آدم إشارة بدء الهجوم ..اما الأطفال فسنرسلهم الى مركز الرعاية ، لحين إعادتهم الى اهاليهم 


جاك : كان الله في عونهم ، فأبنائهم سيحتاجون لسنواتٍ طويلة من العلاج النفسيّ لنسيان تجربتهم المخيفة.. لكن ماذا عن الرؤساء وكبار الشخصيات المتورّطين بهذه القضية ؟

الشرطي : نحن علمنا بهذه القضية بعد أن ارسل لنا اريك (الذي يعمل خادماً في قصر رئيس العصابة إداورد) نسخاً عن ملفات بأسماء المتورّطين بشراء العقار المُحرّم قانوناً ، والذي وجده في غرفةٍ سرّية لسيده.. وقريباً سنحاكمهم جميعاً  

جاك بغيظ : أتمنى أن ينالوا أشدّ العقوبات !!


آدم : سنعمل على ذلك ..وأنت !! إسمع نصيحة صديقك في المرة القادمة ، وحين ترى شيئاً غير مألوف في طريقٍ مهجور : كطفلٍ او حيوان ميت في منتصف الطريق ، إيّاك النزول من سيارتك واكمل طريقك ، ثم اتصل لاحقاً بالشرطة .. فكما هذه العصابة ، توجد عصابات أخرى مهتمة بسرقة السيارات وتجارة الأعضاء .. عدا عن عبّاد الشياطين الذين يحتاجون على الدوام لقرابين بشرّية لشيطانهم اللعين !!

جاك : تعلّمت درسي ، ولن أعيدها ثانيةً

الشرطي : سأوصلك للمستشفى لعلاج حروقك ، ثم أعيد الضابط آدم الى منزله .. الحمد الله على سلامتكما


فتنهّد جاك وآدم بارتياح بعد انتهاء أزمتهما المرعبة..

******

ملاحظة :

إقرأ أكثر عن عقار أكسير الشباب المُحرّم دوليّاً ، في هذا الرابط :

https://rattibha.com/thread/1258513993603313665?lang=ar


هناك تعليق واحد:

  1. شكرا على كل هذه المعلومات المفيده والتي أسمع بها لأول مره . بقترح توثيق القصص بصور داخل القصه عليها إسم المدونه حتى لا تضيع هذه الجهود .

    ردحذف

مسابقة الجدارة

تأليف : امل شانوحة منصبٌ رفيع إستوفى خمسة شباب شروط الوظيفة في شركةٍ مرموقة .. واجتمعوا في مكتب المدير العام (أغنى تجّار البلد) الذي قال لهم...