الثلاثاء، 10 نوفمبر 2020

جاك الخفيّ

 تأليف : امل شانوحة

زعيم المنحرفين الصغار


إستلم الشرطي بلاغاً من الجيران عن صرخاتٍ وطلقات رصاص في المنزل المجاور ..

وحين اقتحمه .. وجد ولداً في العاشرة يقف بالصالة قرب جثة والديه واخته الصغيرة ، والمسدس مازال في يده !

فوجّه الشرطي سلاحه نحوه ، آمراً إيّاه برميّ المسدس جانباً ..

وما ان فعل ، حتى قبض عليه .. ثم اقتاده لسيارة الشرطة ، على مرأى جيرانه المندهشين من الحادثة ! 

وانطلق به الى المركز فور وصول المحقّقين وسيارة الإسعاف لمكان الجريمة 

***


في الطريق .. سأله الشرطي عن سبب قتله عائلته ، فأجابه بلا مبالاة:

- تنفيذاً لأوامر جاك

- ومن هو جاك ؟

الولد : الشخص الذي بجانبك 

فالتفت الشرطي للكرسي الأماميّ الفارغ ، قبل إطلاقه صرخةً مفزعة ! 


بهذه الأثناء ، سمع الجيران صوت الحادثة من بعيد ..

فانطلق بعضهم الى هناك .. ليجدوا سيارة الشرطي محطّمة بالكامل ، وجثته عالقة بالداخل .. ولا أثر للولد الصغير !

***


في مكانٍ آخر .. راقب سائق الأجرة الولد ذاته يمشي وحده فوق الجسر ، وثيابه مُلطخة بالدماء .. فناداه قائلاً : 

- يا ولد !! مالذي أتى بك الى هنا في هذا الوقت المتأخر ؟ تعال أوصلك الى منزلك 


وما ان جلس الولد في المقعد الخلفيّ ، حتى انطلق السائق مسرعاً الى جهةٍ مجهولة .. والذي كان من وقتٍ لآخر يعدّل مرآته الأمامية لمعاينة الصغير ، وهو شارد بأفكاره الشهوانية .. 


ثم عاد لسؤاله :

- لما لطّخت ثيابك بالألوان ، ايها المشاغب ؟

فأجابه الولد : هذه دماء عائلتي التي قتلتها قبل قليل  

السائق بصدمة : أأنت مرتكب الجريمة المروّعة التي أذاعوها قبل ساعة؟!

فأومأ الولد برأسه إيجاباً ..


السائق : ولماذا قتلتهم ؟

الولد : تنفيذاً لأوامر جاك 

- ومن جاك ؟ 

- الذي يبتسم في مرآتك الآن ، الا تراه ؟ 


وحين نظر السائق في مرآته الأمامية : رأى رجلاً أربعينيّ بلباسٍ اسود ، ووجهاً مخفياً بصباغٍ أبيض كزينة المهرّجين ، وبيده ساطوراً حادّ .. قبل هجومه المفاجئ عليه !


ليشاهد المارّة إرتطام سيارة الأجرة بحافّة الجسر وسقوطها بالنهر !

حيث صرخ احدهم بفزع :

- هناك ولد يغرق بالنهر ، أنقذوه حالاً !!


فأخرج احدهم من سيارته حبلاً طويلاً ورماه للأسفل ، ليقوم الولد بالتقاطه بصعوبة .. ويتساعد الجميع في سحبه الى الجسر من جديد

وبعد التقاط انفاسه ، سأله أحدهم : 

- هل انت بخير ؟ الإسعاف في طريقها اليك

الولد : لا اريد الذهاب للمستشفى ، انا بخير 

- وماذا عن سائق الأجرة ؟ هل تعرفه ؟

الولد : لا هو شخص حاول إختطافي ، فعاقبه جاك 

- ومن جاك ؟

الولد وهو يشير لشيءٍ خلفهم : الرجل الواقف خلفكم 

فالتفت الرجال العشرة للوراء ! قبل صراخهم جميعاً ، وسقوطهم الواحد تلوّ الآخر في النهر ..


وتابع الصبي سيره مُبتسماً بخبث ، برفقة قائده جاك الذي لا يراه سوى الأولاد المشاغبين .. وأكملا سيرهما لتنفيذ جريمة أخرى !

***


في الشهر التالي حصلت ثلاثة جرائم غامضة ، وتمّ القبض أخيراً على المجرم الصغير بعد الإثبات بالأدلة تواجده في أماكن الحوادث ! وحُوكم اربع سنوات في سجن الأحداث ..


وفي عنبر السجن .. مشى حاملاً وسادته ولحافه بثباتٍ إنفعاليّ ، اثناء اقتياده الى زنزانته ! وهو يردّد بثقةٍ وارتياح :

- سيُخرجني جاك عاجلاً ام آجلاً ، فأنا هنا بناءً على أوامره


لكن الحارس لم يكترث لكلامه الذي ردّده سابقاً في جلسات محاكمته ، دون إثبات على وجود شخصٍ خفيّ يأمره بارتكاب الجرائم 

***


ولم تمضي اسابيع ..حتى أصبح هذا الولد زعيماً لمجموعة من صغار المنحرفين ، فهو أقربهم الى جاك الذي رأوه جميعاً في وقتٍ لاحق ! والذي أعطائهم التعليمات اللازمة لخطة هروبهم من السجن


حيث عملوا سرّاً على حفر نفقٍ تحت الحمام المشترك دون علم الحرّاس ، بعد قيام جاك بتشويش الكاميرات كلما شرعوا في إتمام الخطة !

وأنهوا نفقهم الطويل خلال 3 شهور من العمل المتواصل والشاقّ  

***


وفي أمسيةٍ ماطرة .. إرتفع جرس الإنذار داخل سجن الأحداث ، بعد هروب ثلاثين من أخطر السجناء الصغار ..

وصُعق مدير السجن باكتشاف النفق السرّي الذي يصل لما بعد اسوار السجن الحصينة ..


فقامت طائرة الهليكوبتر بتفتيش المكان ، وأُطلقت عشرات الكلاب المدرّبة لاقتفاء أثرهم .. كما قامت فرق الشرطة بتمشيط الغابة القريبة من السجن ..ونشرت الأخبار المحلّية صور الهاربين على مدار اسابيع متواصلة .. لكن اختفاء الأولاد المشاغبين ظلّ لغزاً محيراً للشرطة ! 

***


بعد سنة ، وفي مكانٍ سرّي تحت الأرض .. إجتمع 30 مجرماً مع زعيمهم جاك الذي كان أمهر مشعوذيّ روسيا ، والذي هرب الى اميركا بعد تزوير هويته..


فسأله أحد الأولاد باهتمام : 

- سيدي .. طالما إن الشياطين علّمتك تعويذة الإختفاء ، فلما أمضيت شهوراً بالبحر للوصول الى دولتنا ؟ الم يكن بإمكانك ركوب الطائرة دون ان يراك أحد ؟

وقال الآخر : أو ان تستخدم تعويذة الجن للطيران بدل رحلتك الشاقة؟

فأجابهما جاك : تلك التعويذتين تعلّمتهما هنا ، على يد مشعوذة غجريّة عجوز .. اما في روسيا ، فتعلّمت كيفية اصطياد الأولاد الذين لديهم نفس ميولي الإجرامية وتجنيدهم لحسابي .. 


فسأله رئيس الأولاد : 

- والآن بعد ان أصبحنا ثلاثين جندياً ، ماهي خطتك القادمة ؟ 

جاك : بعد تدريبكم الشهور الماضية على استخدام أخطر الأسلحة وطرق الدفاع عن النفس ، أصبحتم جاهزين لقلب المدينة رأساً على عقب : كسرقة البنوك وإثارة الذعر في المدارس ، وقتل أهم شخصيات البلد

فسأله أحدهم : ولماذا ؟

جاك بعصبية : لا اريد إعتراض !! ستنفّذ اوامري بصمت ، والا سلّمتك بنفسي للشرطة

فأسرع الولد قائلاً بخوف : لم أقصد سيدي .. أردّت سؤالك إن كانت تلك خطتك انت ، ام هي أوامر قائدك ابليس ؟  

جاك : ابليس قائدنا جميعاً !! وانا مدينٌ له لتعليمي سرّ الوسوسة التي استخدمتها لتجنيدكم 


ولدٌ آخر : انت محظوظ سيدي لرؤيتك ابليس والتحدّث معه ، أتمنى ان أصبح يوماً في رفعة مقامك 

جاك : هذا يتوقف على تنفيذك اوامري

- وأنا طوّع امرك سيدي

جاك : والآن لنبدأ الخطة الأولى .. غداً سيتم إعلان نتيجة إنتخبات الرئاسة .. والرئيس الفائز سيقوم بجولة في الشوارع بسيارةٍ مكشوفة.. واريدك ان تقتله ، فأنت قناصٌ بارع

فأجابه الولد : تقصد بذات الطريقة التي قُتل بها الرئيس كينيدي ؟

جاك : نعم ، فموته سيُحدث بلبلة عظيمة في البلاد .. وسألفّق التهمة بعسكريّ هارب من كوريا الشمالية .. فأنا اراقبه منذ مدة لتوريطه بالحادثة

- هل تخطّط لحربٍ عالمية ثالثة ؟

جاك : بل حربٍ نووّية .. فهل ستنفّذ المهمّة ؟


الولد بقلق : ماذا لوّ اعتقلوني ؟ 

جاك : كما هرّبتك من السجن سابقاً ، أستطيع فعلها ثانيةً .. (ثم قال لبقية الأولاد) .. في حال نجحتم بمهمّاتكم الصعبة ، سأستأذن ابليس لتعليمكم تعويذتا الوسوسة والإختفاء ، وبذلك تجنّدون المزيد من الأولاد الفاسدين للإنضمام الى جيشنا لنشر الفساد في الأرض ، تسهيلاً لخروج الدجّال المنتظر 

- أتقصد الدجّال المذكور في الكتب السماوية ؟!

جاك : نعم ، فمهمّتنا هي تعجيل خروجه المهيب .. والآن لنتعاهد سوياً على ذلك


ومدّ يده نحوهم ، ليقوموا جميعاً بوضع أيديهم فوقها وهم يردّدون :

- شياطين الإنس والجن معاً للأبد !! يحيا ابليس قائدنا المبجّل !! ويحيا مسيح الدجّال القادم !! الفساد الفساد ، ولا شيء سوى الفساد !!! 


ثم انطلقوا لجهاتٍ مختلفة مُدجّجين بالسلاح تنفيذاً لخطط جاك الشيطانية ، والتي قريباً ستثير الرعب في العالم أجمع !  


هناك 4 تعليقات:

  1. ملاحظة :
    يمكن اعتبار هذه القصة هي الجزء الثاني من روايتي :((الصديق الخيالي)) التي تتكلّم ايضاً عن جاك الخفيّ الذي يراه صغار السن فقط

    ردحذف
  2. قصة رائعة أستاذة أمل، لكن هل جاك حقيقي؟

    ردحذف
    الردود
    1. قبل كتابة روايتي (الصديق الخيالي) قرأت الكثير بالإنترنت عن اشياء مرعبة قالها الأطفال الصغار ، والتي نسبوها لرجلٍ غامض لا يراه أحد سواهم ! فاخترت له اسم جاك .. وأظنه بالحقيقة شيطان يأمر الأطفال بالشقاوة وارتكاب الحماقات لإغاظة الأهالي ، والله أعلم !

      حذف
  3. شكرا لتوضيحك الأمر استاذة أمل، تحياتي لك

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...