الأحد، 8 أبريل 2018

جيشٌ مُنوّم مغناطيسيّاً

تأليف : امل شانوحة

انا أتحكّم جيداً بجنودي 

عانى المراهق آدم كما بقيّة اصدقائه من الأرق في فترة امتحانات الثانوية لمدرسته الحكومية بإحدى المناطق الريفية في ولاية تكساس الأمريكية.. 
وبينما كان يفرك عينيه من التعب قبل صعودهم لقاعة الإمتحان , اقترب منه الطالب الجديد القادم من ولاية أوكلاهوما
اندرو : اراك متعباً , الم تنمّ البارحة ؟ 

فاستغرب آدم من اهتمام اندرو الذي ازداد بفترة الإمتحانات , حيث بدأ يهتمّ بكل زملاء فصله , رغم انه كان غير اجتماعي منذ التحاقه بصفّهم قبل شهرين !
آدم بارتباك : ماذا ! آه نعم , من الطبيعي ان لا ننام جيداً هذه الفترة .. لكن مازال امامنا إمتحان أخير ونتخرّج من الثانوية ونرتاح من كل هذا التعب والإرهاق 
اندرو : هذا خطأي ..كان عليّ إعطاء الفيديو للجميع , ويبدو انني نسيتك ! 
آدم باستغراب : عن ايّ فيديو تتحدّث ؟!
- فيدو يساعدك على النوم المريح بعد المذاكرة .. سأعطيك رابطه الآن

واعطاه ورقة بها رابط فيديو موجود على قناته الخاصة باليوتيوب : عن التنويم المغناطيسي .. وأخبره ان خاله (الطبيب النفسي) هو من قام بعمل الفيديو بنفسه .. 
وبعد الحاحٍ منه , وعده آدم بسماع الفيديو قريباً !
***

وبحلول منتصف المساء .. انتهى آدم أخيراً من مراجعة آخر إمتحان لديه .. لكنه لم يستطع النوم بعد ان أصابه الأرق من جديد , وحينها تذكّر فيديو صاحبه.. 
وبعد كتابة رابطه على إنترنت جواله , ظهر الفيديو بأعداد مشاهدة قليلة : لا تتعدّى المئتي شخص ! 

ومع هذا ..وضع السمّاعات , وأخذ يستمع الى صوت الرجل الهادىء في الفيديو .. وفي خلال خمس دقائقٍ فقط , غرق آدم في نومٍ عميق ! 
***

في اليوم التالي ..وفي ساحة المدرسة 
آدم : شكراً اندرو على الفيديو , لقد ساعدني فعلاً على النوم ! ليتك أخبرتني به منذ بداية الإمتحانات  
فقال له اندرو مُبتسماً : اذاً إستمع للفيديو الثاني الذي سأضعه اليوم في قناتي , فهو عكس السابق ..حيث سيُشعرك بالنشاط في اليوم التالي , لتقضي ايام العطلة بحيويّة لا مثيل لها ..
آدم : حسناً , سأراه بأقرب وقت .. وهل خالك الطبيب هو من قام بتسجيله ؟ فصوته مريحٌ للغاية
- نعم , وأرسله لي البارحة ...وقمت بإبلاغ اصدقائنا بأمره ..لكن عدّني ان تستمع اليه
- سأفعل , لا تقلق

وبعد ابتعاد اندرو وانشغاله بالترويج عن الفيديو لبقيّة الطلاب , تقدّم جاك من صديق طفولته آدم 
- هل ألحّ عليك ايضاً بشأن ذلك الفيديو ؟
آدم : نعم , وانت ..الم تستمع للفيديو الأول ؟ 
- لا , فنومي سهل ولا أعاني عادةً من الأرق 
- يالك من محظوظ .. لكن ماذا عن فيديو النشاط , الن تسمعه؟ 
جاك : لا , فأنا اخاف من نوعيّة الفيديوهات التي تؤثر على المخّ ..كما يبدو انني سأقضي العطلة كلها في النوم
- الن ترسل طلبات الإلتحاق بالجامعة ؟
- لا اظن , فوالدي يريدني ان التحق بسلك الشرطة 

آدم : طبعاً فوالدك هو المسؤول الأمني الوحيد في قريتنا .. آه صحيح لم اسألك بعد .. كم عدد المجرمين داخل السجن الذي يحرسه والدك ؟
جاك : فقط سجينٌ واحد .. اصلاً من اللصّ الغبي الذي سيأتي الى منطقتنا الفقيرة ليسرقنا ؟  
- هذا صحيح , اذاً من ذاك السجين ؟
جاك : والد اندرو 
آدم بصدمة : ماذا ! هل والده مجرم ؟!
- هو حاول بالبداية إسقاط رئيس البلدية بالإنتخابات التي جرت قبل اعوام .. لكن حين لم تنفع معه الطرق الشرعية , قام بإطلاق النار على قدمه

آدم متفاجئاً : أتقصد انه هو من تسبّب في إصابة رئيس بلديتنا بالعرج ؟!  
- نعم , وقد حكم عليه قاضي الولاية بثلاث سنوات سجن .. قضى منها عشر سنوات حتى الآن 
- لم افهم !
جاك : كلما كان ابي (الشرطي) يُطلق سراحه , يقوم والد اندرو بعملٍ أحمقٍ آخر .. فهو من حرق مركز البلدية قبل سنوات .. الم تخبرك عائلتك بأمره ؟!
آدم : لكن 7 سنوات في السجن بتهمة الحرق , اليست مدّة مبالغٌ فيها ؟!
- هذا لأن القاضي عدّهُ مجنوناً خطر .. وبما اننا لا نملك مستشفى للمجانين في قريتنا الصغيرة , زَجّ به في السجن تحت حراسة والدي

آدم : وهل يقوم اندرو بزيارته ؟
- كل يوم تقريباً منذ عودته الى تكساس .. فوالدته طلقّت اباه بعد خسارته بالإنتخابات , وانتقلت مع ابنها الى اوكلاهوما ..لكن بعد وفاتها , عاد الى هنا .. ليعيش في منزل والديه القديم لوحده  
آدم : هذا محزنٌ بالفعل !
جاك : لهذا لم أستمع للفيديوهاته النفسيّة , فكل عائلته مجانين .. وأنصحك بأن لا تفعل ايضاً
***

وبعد اسبوع من بداية العطلة المدرسية .. لاحظ والد جاك (الشرطي) بأن شباب القرية في نشاطٍ غريب ! حيث انتشرت إشاعة بأنهم يحتفلون كل ليلة في أعلى الجبل .. فصوت المفرقعات وان كان يظهر خافتاً الاّ ان صداه يصل لسكّان القرية , ممّا أقلق أهاليهم عمّا يفعلونه هناك !

وهنا تذكّر جاك موضوع الفيديو .. ودخل الى قناة اندرو باليوتيوب ليجد الفيديو الثاني للنشاط , لكنه خاف ان يستمع اليه مباشرةً كيّ لا يتأثّر به ..
فبحث بالإنترنت مطوّلاً , حتى وجد تقنية تزيل الموسيقى وجميع الموجات الدماغية بأنواعها (دلتا , ثيتا , الفا , بيتا , جاما) من داخل الفيديو .. 
فجاك رغب في سماع كلام خال اندرو دون ان يتأثّر عقله بالمؤثرات الصوتية الموجودة في الفيديو .. 

وبعد ان ازال كل شيء .. إستمع لكلام الطبيب النفسي الذي إكتفى فقط بعدّ الخراف ! .. نعم كما سمعتم .. كان يعدّ الخراف , قائلاً بصوتٍ هادىء :
((هاهو الخاروف الأول يقفز من فوق السور ..وهاهو الخاروف الثاني يقفز من فوق السور ..وهاهو الخاروف الثالث ..))
وظلّ يستمع للفيدو , حتى وصل أعداد الخراف للرقم مئة ..
جاك بضيق : ماهذا الفيديو التافه ؟! لا أصدّق ان اصدقائي تأثّروا به ! يبدو ان خال اندرو مجنون كوالده

وقبل ان يُطفأ الفيديو , تغيّر صوت الرجل فجأة قائلاً : 
((والآن بعد ان إستغرقت في النوم , عزيزي السامع .. ستُنفّذ كل ما اقوله لك .. بعد قليل ستشعر بنشاطٍ غريب يسري في كل جسدك , وسترغب بعدها بالإستيقاظ في منتصف الليل .. ومن ثم التسلّل من منزلك بهدوء دون ان يشعر اهلك بذلك ..لتذهب مباشرةً الى منتصف الغابة , عند الشجرة الضخمة .. وهناك سنذهب جميعنا الى الجبل , حيث يوجد مخيّم التدريب .. وايّاك ان تتأخّر على دروس القنصّ .. والآن ستستيقظ بعد الرقم ثلاثة ...1..2..3...استيقظ !!))

فتفاجأ جاك ممّا سمعه : 
- ماذا يعني دروس القنصّ في أعلى الجبل ؟! عليّ إخبار والدي بالأمر .. لا لحظة .. لديّ خطةٌ أفضل 
***

في اليوم التالي .. لاحظ جاك التعب على صديقه آدم الذي أخبره انه يستيقظ كل يوم عصراً وهو يشعر بألم في مفاصل يديه وكتفه .. كما ان اهله متضايقون من نومه طوال النهار , لأن عليه البحث عن جامعة يلتحق بها قبل نهاية العطلة
فطلب جاك منه ان يبيت الليلة عنده .. 
***

وفي المساء ..وضع آدم سمّاعات جواله بإذنه , وهو يقول لصديقه: 
- تصبح على خير , مع انني لا اشعر بالنعاس 
جاك : ومالذي تسمعه الآن ؟
آدم : فيديو اندرو للنشاط , فهو ينوّمني بسرعة ويوقظني وانا في قمّة النشاط
- الم تقل انك تستيقظ عصراً وانت مرهقٌ تماماً ؟
آدم بارتباك : ماذا ! لا انا لم أقل شيئاً .. تصبح على خير يا صديقي

وقام جاك بمراقبته طوال الليل .. وقبل ان يغفى هو ايضاً , شعر بآدم يستيقظ فجأة , ليقفز من نافذة البيت الأرضي لجاك الذي قام بملاحقته من بعيد , فهو يعرف بأن صديقه منوّم مغناطيسيّاً وفي طريقه الى الغابة  
***

وبعد ان وصلا لوسط الغابة.. إندهش جاك برؤيته معظم تلاميذ مدرسته الثانوية البالغ عددهم اربعين مراهقاً مجتمعون هناك , وهم يقفون قرب الشجرة الضخمة بجمودٍ وثبات ! وظلّوا كذلك لساعةٍ اخرى , قبل ان تقترب منهم حافلة قديمة , خرج منها اندرو ليقول لهم بصوتٍ جهوري : 
- جيد انكم أتيتم في موعدكم المحدّد , كما كلّ مرة .. هيا اركبوا الحافلة !!

ودخل الجميع اليها طواعيةً , ومن لم يجد له مقعداً إكتفى بالوقوف في الوسط , فالحافلة صغيرة بالنسبة لعددهم ..
اما جاك فقد تمسّك في آخر لحظة بالسلّم الخارجي للحافلة الموصول بسقفها الذي امتلأ بالأكياس السوداء !
***

ووصلوا بعد ساعة الى اعلى الجبل , حيث نُصبت الخيام داخل مخيّمهم السرّي ! 
فاختبأ جاك بين الأشجار ليراقبهم من بعيد .. بينما نزل كل شاب من الحافلة , ليسحب كيساً من سطحها 
وكانت صدمة جاك كبيرة حين رآهم يخرجون اسلحةً حربية من تلك الأكياس ! 
ومن بعدها ..إصطفّ الشباب بخطٍ مستقيم لتمرّن على اطلاق النار على الزجاج والألواح الخشبية الموضوعة امامهم.. 
جاك وهو يكلّم نفسه بدهشة : 
((اذاً هذه هي اصوات المفرقعات التي كنّا نسمعها كل مساء !)) 

بينما كان اندرو يراقب تمرين السلاح للشباب من فوق التلّ , وكأنه قائدهم الحربي ! صارخاً بصوتٍ عالي :
- أحسنت يا آدم !! .. جيد يا جيم !! .. إصابة موفقة يا اريك !! .. حاول مجدداً يا سام !!

وبعد انتهاء حصّة السلاح .. بدأ اندرو يمرّنهم بأكثر من تمرين عسكري .. قبل ان يُعيدهم بحافلته الى الغابة قبيل الفجر بقليل , ليعود كل شاب من حيث أتى .. 
اما آدم فقد عاد مباشرةً الى منزله , مُتناسياً بأنه كان نائماً في منزل جاك البارحة , وكأن عقله مبرمجٌ سابقاً !
***

في صباح اليوم التالي .. إجتمع جاك مع صديقه آدم للفطور في مطعمٍ قريب من مدرستهم القديمة .. وهناك أخبره بما رآه ليلة الأمس .. 
آدم بدهشة : لا ! انا لا أصدّق ذلك
جاك بجدّية : أحلف لك !! فأنا تتبّعتك , ورأيت كل ما حصل امام عينيّ .. الم تقل لي قبل ايام إن كتفك مصاب برضوض ولا تعرف كيف أصبت بها ؟ .. والآن أخبرك بأنها كانت بسبب إرتدادات البندقية وانت تتدرّب على الرماية  
آدم بتهكّم : يبدو انك متأثر بفيلم أكشن .. فأندرو صديقي ولا يمكنه إيذائي , وأظنك تغار منه لأن الجميع يحبه

ثم خرج مُتضايقاً من المطعم , غير آبهٍ بنداءات جاك لإكمال المحادثة.. 
وبعده بقليل , عاد جاك مهموماً الى بيته .. 
وفور خروجه من المطعم , إتصل النادل بإندرو وأخبره بكل ما سمعه من حوار الصديقين (فهو يعمل جاسوساً لديه) 
***

وقبيل غروب الشمس من نفس النهار .. تفاجأ جاك بأندرو يطلب منه صعود سيارته لإجراء حديثٍ مهم بينهما .. وبعد الحاحٍ منه , ركب جاك معه رغم قلقه منه ! 
اندرو : سمعت ان لديك بعض الشكوك تجاهي , فسألني بما تريد معرفته وانا أجيبك
فسكت جاك قليلاً , قبل ان يقول بتردّد : 
- انا أعرف كل شيء عن جيشك المشبوه يا اندرو
اندرو وهو يحاول إخفاء إرتباكه : عن أيّ جيش تتكلّم ؟! لا افهم ما تقوله !

جاك بجدّية : سنتكلّم عن هذا لاحقاً , إخبرني اولاً .. من قام بعمل الفيديوهين في قناتك ؟
- قلت لك سابقاً : بأن خالي الطبيب النفسي الذي يعيش في ولاية أوكلاهوما هو من أرسلهما لي , فهو بارعٌ في ..
جاك مقاطعاً بعصبية : كاذب !! انت ليس لديك أخوال .. فقد سألت والدي عن عائلتك , وأخبرني بأن امك ايضاً من قريتنا وهي وحيدة والديها .. فهل انت من قمت بتسجيل الفيديو بعد تغير صوتك بتقنيةٍ ما ؟

وعلى الفور .. قام اندرو بوضع سمّاعات جوّاله , بحجّة انه يريد القيام بإتصالٍ مهم , لكنه بالحقيقة أراد إغلاق أذنيه  
جاك بغضب : قبل ان تتصلّ بأحد , أجبني على سؤالي ؟!! 
آدم بتحدّي : نعم انا !! فقد درست كل شيء عن علم النفس , وأجيد السيطرة على الجميع من خلال نبرة صوتي 
جاك بقلق : أوقف السيارة حالاً يا اندرو !! 
اندرو بابتسامةٍ مخيفة : كما تشاء يا صديقي 

وأوقف سيارته .. لكن جاك لم يستطع النزول منها , لأن بابها مقفل 
وفجأة ! أضاء اندرو شريط التنويم المغناطيسي في سيارته (بعد ان كان وضع أغنية بصوتٍ عالي في جواله , كيّ لا يتأثّر هو بالموجات الدماغية المُدمجة مع موسيقى الشريط) ممّا أدى لسيطرته تماماً على جاك .. 
وبعد ان شلّ حركته , همس اندرو في أذن جاك بعدّة أوامر جبريّة لينفّذها بالقريب العاجل ..
***

وفي منتصف تلك الليلة .. استيقظ جاك فجأة , بعد ان قفز كلبه على وجهه ! ليجد نفسه في غرفته , يستمع طواعيةً لفيديو اندرو الثاني (النشاط والحيوية)
جاك مرتعباً : لا !! لا اريد سماع هذا الفيديو اللعين !  

وعلى الفور !! اطفأ فيديو اليوتيوب من جواله ..لكنه ظلّ يسمع تعليمات اندرو في أذنيه ! .. فأزال السمّاعات بفزع , لكن الصوت لم يتوقف ! فأزال بطارية جواله , لكنه لم يتغيّر شيء ! ..فسدّ جاك إذنيه وهو يقول بخوف : 
- إخرج من رأسي يا اندرو !!
وهنا سمع صوت اندرو يهمس له : مستحيل , فقد أصبحت بداخلك وستنفذ جميع أوامري

فأعاد جاك بطارية جواله , ثم دخل الى الفيديو من جديد بغرض التعليق عليه لتحذير الناس من سماعه .. لكن كانت التعليقات على الفيديو مُعطّلة !
- اللعين !! كنت متأكداً بأنه لن يسمح لأحد بالتعليق على هذا الفيديو الخطير .. (ثم يفكّر قليلاً) .. صار لابد ان أخبر والدي بأمر اندرو وجماعته , ليأخذ حذره منه عند زيارته لوالده في السجن
***

في اليوم التالي .. ذهب جاك لمكتب والده الشرطي المقابل للزنزانة .. لكنه تفاجأ بوالده نائماً , وباب السجن مفتوح ولا احد بداخله !
ولم يستيقظ والده , الاّ بعد ان رمى الماء على وجهه ..
ثم أخبره ابنه : بأن اندرو قام بتنويمه مغناطيسياً لتهريب والده , بعد ان كان واجهه البارحة بأمر جيشه السرّي 
الأب بقلق : واين يمكن ان يكون اندرو ووالده الآن ؟
جاك : امّا في الغابة او أعلى الجبل
- اذاً لنذهب الى هناك في مساء , ونمسكهما بالجرم المشهود
***

في المساء .. ذهبا للعنوانين , لكنهما لم يجدا احداً هناك !
جاك بغيظ : أظن ان اللعين اندرو غيّر مكان اجتماعه بالشباب !
والده بقلق : وهذا يدلّ انه خائفٌ منك , لهذا إحذر جيداً كيّ لا يؤذيك
فيفكّر جاك قليلاً , قبل ان يقول : 
- ليس هناك سوى حلٌ واحد يا ابي للقبض عليهما 
***

وتكمن خطة جاك : بإيهام اندرو بأنه تعلّق كثيراً بفيديو التنويم , بحيث إعتاد سماعه دائماً.. ولكيّ يؤكّد ذلك , صار يذهب (جاك) كل مساء الى الغابة مُتظاهراً بأنه منوّمٌ مغناطيسياً , ليقف هناك لوحده ولساعاتٍ طويلة بجمودٍ تام 

وبعد عدة ايام من مراقبة اندرو له (من بعيد) .. قرّر إعطائه الفيديو الثالث الذي كان وزّعه قبل فترة لبقيّة الشباب (من موقعٍ آخر غير قناته على اليوتيوب) .. 
وقام جاك لاحقاً بسماع الفيديو الجديد مع والده (بعد ان أزال منه المؤثرات الصوتيّة والموجات الدماغيّة) وعرفا مكان الإجتماع السرّي الجديد : وهو حقل السنابل ..
***

فتوجّه جاك الى هناك في مساء اليوم التالي مُدّعياً نومه مغناطيسياً , لكن بعد ان وضع له والده الشرطي بقّاقاً في ثيابه لسماع كل ما يجري بذلك الإجتماع , كما وضع جاك سدّادات في إذنيه خوفاً من سيطرة اندرو عليه 
***

وهناك .. قام جاك بتقليد حركات الشباب الأشبه بالروبوتات , كيّ لا يثير شكوك اندرو ووالده (المجنون الهارب من السجن) الذي كان حاضراً الإجتماع , والذي استلم القيادة هذه المرة .. حيث ألقى عليهم خطاباً يهنّئهم على إنضمامهم لجيش الحرّية (كما سمّاهم) ..

وبعد خطابه الطويل .. أعطى أمراً للشباب , كان صادماً لجاك ووالده الشرطي الذي كان يتابع من مكتبه , مُجريات إجتماعهم المريب المُقام بالحقول المحيطة بالقرية !  
حيث طلب والد اندرو من جنوده : قتل أهاليهم وأقربائهم ..ثم القيام بإنقلابٍ دموي على رئيس البلدية واتباعه .. ومن ثم تقليده منصب الحاكم على المدينة !
***

وبعد سماع والد جاك لهذا التهديد المروّع ! أسرع ناحية البيوت , ليقوم بإيقاظ الأهالي وتحذيرهم من ابنائهم القادمون بعد قليل لقتلهم جميعاً .. 
لكن لا احد منهم صدّق كلام الشرطي , رغم قلقهم لعدم وجود ابنائهم المراهقين في فراشهم في هذا الوقت المتأخّر من الليل !
وقبل ان يُسمعهم خطاب المجنون المسجّل في مكتبه , تفاجأ المتواجدون في ساحة القرية بوابلٍ من النيران قادماً من الحقول (خلفهم) !

وفوراً عمّت الفوضى بينهم , حيث ركضوا في جميع الإتجاهات !!! 
الا ان ابنائهم الشباب (المنوّمين مغناطيسياً , والمدرّبين جيداً على القنصّ لأكثر من شهرين) استطاعوا قتلهم برصاصةٍ واحدة أصابت الرأس او القلب .. ومن إنجرح منهم , قاموا بالإجهاز عليه .. وأبادوا الجميع حتى الشيوخ والأطفال ! 

وكان من بين القتلى والدة جاك , لكن لم يكن هناك وقت للبكاء .. حيث أسرع بحمل والده المصاب ووضعه في السيارة , لإبعاده عن مكان المجزّرة.. 
الشرطي المُصاب بألم : جاك بنيّ ..أهرب بسرعة !! واتصل على رئيس البلدية , ونبّهه من قيام الثورة ضدّه .. هيا اذهب واتركني !!
جاك بفزع : وماهو رقم رئيس البلدية ؟ فأنا لا اعرفه

لكن في هذه اللحظات إنتبه اندرو على جاك الذي كان يحاول قيادة سيارة والده مُبتعداً عن المكان , فعرف انه ليس منوّماً مغناطيسياً كبقيّة جنده .. فصرخ للشباب بغضب : 
- اقتلوا جاك ووالده حالاً !!!

وفجأة ! وقبل ان يعطي الشرطي رقم رئيس البلدية لإبنه , أُصيب بطلقٍ ناريّ في رأسه ليموت على الفور .. بينما أصابت الرصاصة الثانية عجلة السيارة منعتها من الحركة ..

فلم يكن امام جاك المرتعب الا ان يخرج فوراً من السيارة , ويركض بأسرع ما يمكنه مُتوغلاً في الحقول , ومُبتعداً قدر المستطاع عن وابل الرصاص الذي كان خلفه مباشرةً ! 
***

وبعد نصف ساعة .. توقف صوت الرصاص في ساحة القرية تماماً , فعرف جاك انهم انتهوا من إبادة سكّان قريته بالكامل , ولم يعدّ عليهم سوى قتل الشاهد الأخير .. لهذا كان عليه الخروج بأسرع وقتٍ ممكن من قريته , لتحذير رئيس البلدية المتواجد في المدينة المجاورة

لكنه فجأة سمع صوت السيارات وهي تخترق حقول الذرة , غير مُكترثين بدهس المزروعات التي تعب اهاليهم بزراعتها لسنواتٍ طويلة !
كما سمع صوت اندرو من مكبر الصوت , وهو يلقي اوامره على جنوده قائلاً :
- جدوا اللعين جاك واقتلوه في الحال !! ومن ثم نتوجّه جميعنا الى المدينة , ليحكم والدي البلدة من جديد
فأجاب الشباب بصوتٍ واحد : حاضر سيدي !!!
***

((انا جاك فرانكو .. عالقٌ وسط أحراشٍ مليئة بالثعابين والحشرات , ومهدّدٌ بالقتل في أيّة لحظة من قبل مراهقين منوّمين مغناطيسيّاً قاموا بإبادة اهل قريتي تحت أمرة شاب يدعى اندرو جاكسون ووالده المجنون .. ولا ادري الآن الى اين أتوجّه .. وهل انتظر الصباح لأتحرّك ؟ ام أهرب الى المدينة لأحذّر رئيس البلدية من خطورتهم ؟ ..وفي حال فعلت , فهل سيصدّقني قبل فوات الأوان ؟ ام سأجده مقتولاً , وأعرّض نفسي لمواجهتم من جديد ! .. ماذا افعل ؟ رجاءً أخبروني .. اللعنة ما هذا ! .. لا ارجوك يا اندرو لا تقتلني ... لااااا !!!))

وكان هذا آخر ما سجّله جاك على جواله , قبل ان يظهر بالمقطع الصوتي صوت طلقةٍ ناريّة مدويّة .. ثم حشرجاتٍ لجريحٍ يلفظ أنفاسه الأخيرة ! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المحطّة الأخيرة

كتابة : امل شانوحة    المصيّدة الدمويّة ركبت الصبيّة الحافلة بعد انتهاء عملها الليليّ في إحدى المطاعم ، وهي تشعر بالإنهاك والتعب الشديد.. وم...