الثلاثاء، 19 أغسطس 2025

العروسة الأسيرة

تأليف : امل شانوحة 

ملفّ النساء الغامض !


انتهى شهر العسل المثالي ، وعاد العريسان لقصرهما الفخم .. ورغم كونه يكبرها بأربعين عاماً ، الا انها اختارته كيّ لا تُشابه مصير أختها الكبيرة التي تزوجت شاباً انجبت منه صبياً ، قبل طلاقه منه بسبب الخيانة .. ولأنها عايّشت دمار اختها النفسيّ لسنوات ، اختارت عريسها الستيني (رغم كونها عشرينيّة) لأنها مُقتنعة بأن كبار السن حنونين ومخلصين.. او هكذا ظنّت ؟! 


فكل شيء تغيّر قبل نهاية عامهما الأول ، بعد تأخّره المتكرّر كل ليلة بحجّة انشغاله بصفقةٍ تجاريّة ! 

وفي يوم ، تظاهرت بالنوم .. لتلمحه يقصّ بطاقةٍ ما ، قبل رميها بسلّة النفايات .. ثم يسارع للإستحمام .. وعندما استلقى امامها .. فاحت منه رائحة المُطهّر ، كأنه يحاول اخفاء شيءٍ مريب ! وبعد سماع شخيره .. إقتربت بحذر من معطفه ، لتشمّ رائحة عطرٍ نسائيّ .. كما وجدت بطاقة الفندق المقصوصة بالسلّة .. فقالت بنفسها بقلق : ((هل سأعيش تجربة اختي ثانيةً ؟!))

***


وفي اليوم التالي .. قرّرت (بعد خروجه منتصف الليل) التجرّؤ على فتح مكتبه (الموجود في القصر) الذي منعها دخوله هي والخدم (النائمون بذلك الوقت المتأخر)!


وبالداخل .. وجدت ملفاً بالدرج ، فيه اسماء نساء .. وقد لفت نظرها اسم امرأة سمعته بوسائل التواصل الإجتماعي ! فصوّرت بجوالها إحدى قوائم الأسماء المجهولة .. وأعادت قفل الباب من جديد


وما ان كتبت اول اسم بمحرّك البحث بالإنترنت ، حتى ظهر اعلان عن اختفاء تلك الصبيّة .. وكذلك الفتيات المذكورة اسمائهن في القائمة التي صوّرتها ! وجميعهن لم يتجاوزن سن الثلاثين .. ايّ من جيلها ! 

مما اخافها كثيراً ، لأن بعضهن مُختفيات لأكثر من عشر سنوات ! فهل زوجها مُنضمّ لعصابةٍ ما ، وهي سبب ثرائه الفاحش ؟!


وعلى الفور !! اتصلت بقريبها الذي يعمل بالشرطة ، وارسلت له صورة بأسماء المفقودات.. فسارع القدوم الى القصر (بغياب زوجها) وأعطاها جهاز تعقّب صغير ، تضعه كسوارٍ في يدها .. 

ورغم رغبتها بترك القصر فوراً ، خوفاً على حياتها .. لكن قريبها أصرّ على بقائها معه ، لحين مسكهم العصابة التي اتعبت الحكومة لسنواتٍ طويلة .. مؤكّداً إستنفار مركز الشرطة للقبض على زوجها بأسرع وقتٍ ممكن ، واهتمامهم بسلامتها من خلال تعقّبهم السّوار فور خروجها من المنزل .. لهذا نصحها بملازمة المنزل في الإسبوعين القادمين 


وبصعوبةٍ تامة وافقت على مساعدة الشرطة ، رغم خوفها على مصيرها في حال فشلوا بإمساك زوجها بالجرم المشهود !

***


في اليوم التالي ، عاد زوجها ظهراً الى قصره .. فراقبته يصعد باتجاه مكتبه .. لكنه توقف عند الباب ، كأنه لاحظ الخشب المحفور بالسكين خلال محاولتها فتح القفل ! وشعرت بالذعر .. لكنه عاد ودخل مكتبه الذي بقيّ فيه لساعة .. قبل توجهه للمطبخ 


واثناء مشاهدتها فيلماً بالصالة ، كيّ لا يشعر بكشفها سرّه .. إقترب منها ، لإعطاها كوب القهوة .. ثم جلس قربها ، لمتابعة الفيلم معها .. وهو ما استغربته ، لأنه نادراً ما يدخل المطبخ ! لكن ربما اضّطر لذلك ، بعد ان أخبرته بإعطائها اجازة للخدم (بناءً على اوامر الشرطة)

ولأنها لا تريد إثارة شكوكه ، شاركته القهوة وهي تخبره بحماس بأحداث الفيلم .. قبل شعورها بدوارٍ مُفاجئ !

***


لتستيقظ مساءً في غرفةٍ قذرة ، تبدو كمستودعٍ مهجور وهي مُقيّدة اليدين والقدمين بالسلاسل ! وسرعان ما لاحظت فتاتيّن تجلسان بإحدى الزوايا ، بوجهٍ شاحبٍ كالأشباح ! 


وقبل صراخها ، سمعت صوت زوجها يتحدّث بالجوال خارج المستودع :

- صدّقني يا صديقي ، هي تستحق كل قرش دفعته بالمزاد .. فأنا اهديك زوجتي ، لتفعل بها ما تشاء

ثم ضحك ضحكته المُستفزة ، وهو يكمل قائلاً :

- اذا اتفقنا !! سأرسلها لك قبيل الفجر


بهذه الأثناء ، سألتها إحدى الفتاتين :

- مالذي ورّطك مع ذلك اللعين ؟

فأجابت بقهر : هو عريسي .. فلم يمضي عام على زواجنا

لتتفاجأ بإحداهن تقول : وانا كنت زوجته قبل خمس سنوات ، لكني تبعته بسيارتي عندما شككت بخيانته .. ليستغلّني لاحقاً كفتاة دعارة ، رغم كوني من عائلةٍ متديّنة التي يبدو أقنعها بوفاتي او هربي مع عشيقي !  


فشعرت العروس بخيبة املٍ كبيرة .. فما ظنته حباً متبادلاً بينها وبين زوجها ، ماهو الا نمطاً متكرّراً بالنسبة له .. وربما اعتاد إختيار العرائس صغيرات السن ، لاستغلالهن لاحقاً !


وقبل استفسارها اكثر من زوجته السابقة .. دخل المستودع ، وهو يطلب من الفتاتين الصمت المُطلق .. ثم تقدّم نحو زوجته المرتعبة وهو يقول : 

- قبل ان تسأليني .. نعم !! وضعت مُخدّراً في قهوتك .. اما لماذا ؟ فبسبب فضولك الزائد الذي حرمك التمتّع بقصري وثروّتي الهائلة .. فأنت تصرّفتِ تماماً كتلك الحمقاء..(وأشار لزوجته السابقة) 

عروسته برعب : هل تُتاجر بالرقيق ؟

- بالرقيق وببيع الأعضاء والمخدرات والقرابين البشريّة لعبّاد الشياطين ..لا يوجد بابٌ قذر الاّ وطرقته .. برأيك كيف لشخصٍ عاش طوال حياته يتيماً ومشرّداً ان يصبح مليونيراً بسنواتٍ قليلة ؟ لكن طبعاً اهلك لم يهتموا بأني مجهول النسب دون شهادةٍ علميّة ، طالما دفعت مهرك الغالي .. وكنت انوي فعلاً الإستقرار معك وإنجاب الأولاد .. لكن بسبب فضولك ، سأضّطر لإعادة السيناريو ذاته ..(ونظر لزوجته السابقة) .. بالتمثيل امام اهلك والصحافة والشرطة بحزني الشديد على فقدانك ، قبل ارتباطي بإمرأةٍ اخرى !

فسألته وهي ترتجف خوفاً : وماذا تنوي فعله بي ؟! 

فردّ بلؤم : القرار يعود لشريكي ، فهو من فاز بالمزاد ! دافعاً اكبر مبلغ ، بعد ان اعجبته من يوم عرسنا ..وهو حرّ بالتصرّف بك : اما ان يبيعك كقطع غيار .. او يستمتع بقتلك ببطء ، كما فعل مع فتياتٍ اخريات ..او ربما يجعلك عشيقتك .. ايهما يختار 


ثم نقلها الى سيارته وهي منهارة بالبكاء ، لتوصيلها الى الميناء !

^^^


وفي طريق .. القاها في مقعده الخلفي وهي مُقيّدة بالحبال ، دون تكميم فمها .. فصارت تترجّاه بأن يرحم حالها وعائلتها الفقيرة .. لكنها ظلّ يقود بصمت ، دون ردّة فعلٍ على كلامها وبكائها المستمرّ .. لتتنهّد وهي تقول بقهر :

- أتذكر يوم مرضك قبل عودتنا من شهر العسل .. أمضيت الليل كله وانا اعالجك .. حينها ترجّيتني ان لا اتخلّى عنك ، مهما تغيرت الظروف .. وأخبرتني أنني الحضن الحنون الذي تمنّيته طوال حياتك 

- لا انكر انني كنت مُعجباً بعاطفتك الجيّاشة ، فهو شيءٌ حُرمت منه طوال حياتي .. لكني بالنهاية ابن شوارع .. والحياة الصعبة التي عشتها ، علّمتني ان المال هو الأمان الوحيد .. فالحب لن يحميني من الجوع او رصاص الأعداء .. ولأنك غالية على قلبي ، بعتك بأغلى سعر من جميع صفقاتي السابقة .. إعتبريها هديّة وداعي لك .. والآن التزمي الصمت ، فقد قاربنا الوصول الى الميناء .. 

*** 


وبعد توصيلها لقبطان القارب المشبوه ورجاله ، قاد سيارته الفارهة .. تاركاً زوجته بأيدي العصابة التي مُهمّتها توصيلها للعميل (شريك زوجها) .. لكن قبل ابتعاد القارب عن الشاطئ ، تفاجأ القبطان ورجاله بملاحقة خفر السواحل الذين تعقّبوا سوارها الإلكترونيّ .. وبعد القبض عليهم .. سارعت بدلّهم على مكان المستودع المهجور الذي لم يجدوا فيه سوى الفتاة الثانية .. اما الزوجة السابقة ، فاختفت كبقيّة المخطوفات .. بينما زوجها ، لم يعثروا عليه ابداً !


وعند تفتيش قصره .. وجدوا مجموعة من جوازات سفره المزوّرة ، بصورٍ مختلفة ! حيث اعتاد اجراء عمليات تجميلٍ من وقتٍ لآخر ، لتغيير شكله .. عدا عن كونه يُتقن عدّة لغاتٍ اجنبية .. لهذا لم تعلم الشرطة اين ستكون وجهته التالية ! 

***


وبعد ايام من عودتها الى منزل اهلها ، علمت ان قصره مستاجراً لعامٍ ونصف فقط .. لذلك لم تكسب مادياً من ارتباطها بالثريّ المشبوه ! فعادت للبحث عن عمل ، لمساعدة عائلتها الفقيرة الذين صرفوا مهرها بتبذيرٍ وإسراف ، ظناً بحصولهم على راتب من صهرهم الثريّ بشكلٍ دوريّ !

***


وبعد شهرين ، واثناء عملها كسكرتيرة في احدى العيادات .. وصلتها صورة غريبة ، لولدٍ نائم فوق سريرٍ حديديّ ! ولم تكن الصورة واضحة ، لأنها مُلتقطة بمكانٍ شبه مظلم ! 


فأكملت عملها .. الى ان وصلها اتصال من اختها الكبيرة ، وهي تسألها فزعة :

- هل أخذتي ابني من المدرسة ؟ فهو لم يعد حتى الآن ! 


وعلى الفور ، شعرت برعبٍ يكتم انفاسها ! وسارعت بتكبير الصورة الغامضة ، لتجد الصبي النائم (الذي لا يظهر وجهه جيداً) يلبس زيّ مدرسة .. وقبل استيعابها ما حصل ! وصلها تسجيلٌ صوتي يقول :

((هآقد بدأت الجولة الثانية)) 


لتعلو بعدها ضحكة زوجها المستفزّة التي اوقعت الجوال من يدها ، بعد تأكّدها من خطفه لإبن اختها دون علمها بمصيره المرعب الذي اختاره له !


هناك 6 تعليقات:

  1. دائما ما أقرأ قصصك بكل مشاعري🥺
    هنا شعرت بالغضب و الخوف والحزن😢
    خليتي قلبي يدق من الخوف على البطلة وخصوصا آبن أختها
    هده القصة أضفتها لقائمة أفضل قصص المدونة بالنسبة لي



    سيدة النور 🤍🕊

    ردحذف
    الردود
    1. سعيدة جداً انها اعجبتك ، يا سيدة النور .. تحياتي لك

      حذف
  2. قصه حزينه يا تيته ولكن اعتقد انها جاءت هنا من قبل بإختلاف طفيف انت يلزمك اعادة تنشيط بعد الخمسين ربما تطلعين برحله صحراويه او بحريه او سماءيه او يمكنك ارتكاب جريمة ما على سبيل المغامره


    ردحذف
    الردود
    1. هل حقاً كتبت قصة مشابهة لهذه من قبل ؟! اتمنى ان تُذكّر جدتك بإسم القصة السابقة ، فأنا فعلاً لا اتذكرها.. او على الأقل ، ذكّرني بأحداث القصة السابقة .. يعني كيف بدأت وكيف انتهت

      حذف
  3. ننتظر الجزء الثاني في محاولة البحث عن الطفل وإنقاذه أو الانتقام من الشرير

    ردحذف
    الردود
    1. احياناً اترك النهاية مفتوحة .. لكن من يدري ؟ ربما يوماً ما ، اكتب جزءاً ثانياً للقصة .. تحياتي لك

      حذف

العروسة الأسيرة

تأليف : امل شانوحة  ملفّ النساء الغامض ! انتهى شهر العسل المثالي ، وعاد العريسان لقصرهما الفخم .. ورغم كونه يكبرها بأربعين عاماً ، الا انها ...