الثلاثاء، 14 فبراير 2023

العيد البغيض

تأليف : امل شانوحة 

مقالبٌ جارحة


دخلت الصبيّة الثريّة الى عيادة الدكتورة النفسيّة وهي تحمل صندوقاً ، وضعته امام مكتبها وهي تقول :

- والدي يصرّ أن تعالجينني مع اقتراب عيد الفالنتاين اللعين

الطبيبة : نعم ، أخبرني عن مشكلتك مع هذا اليوم تحديداً.. لكن إخبريني اولاً : مالذي في الصندوق ؟

ففتحته امامها وهي تقول :

- جمعت هدايا احبّائي بهذا العيد في سنوات الدراسة ، إلى آخر هديّة حصلت عليها قبل ثلاث سنوات .. سأريهم لك


((وكانت هدايا مرحلتها الإبتدائية عبارة عن : العاب باربي ، واساور وعقود ملوّنة  بلاستيكيّة ، وأربطة شعر ، ودفاتر رسم.. 

اما مرحلتها المتوسطة : فدفاتر مذكّرات وحصّالات ، وقمصانٌ حمراء ، ورسائل غزل بريئة.. 

وبالثانويّة : علب مكياج وعطور.. 

اما في الجامعة : فكانت اشرطة موسيقيّة ودباديب حمراء.. 

اما في سنواتها الأربع الأخيرة : فكانت هدايا خطيبها من تذاكر سينما وحفلات موسيقيّة وخاتمٌ ذهبيّ))


ثم قالت بقهر :

- جميعهم إنفصلوا عني بعد العيد بأيام ، لهذا تشاءمت منه 

الطبيبة : الهذا تصرّين على إفساد العيد على المحبّين ؟!

- ضعي نفسك مكاني .. كنت سأتزوج بعيد الفالنتاين قبل عامين ، حينما اكتشفت خيانة خطيبي .. فخرجت غاضبة من منزله .. وفي الطريق ، شاهدت شاباً احمقاً يزيّن سيارةً صغيرة بالشريط الأحمر عند باب المعرض كهديّة لحببيته .. فوجدّت نفسي أجرح بابها بمفتاحي ..وهربت قبل انتباهه عليّ 

- هكذا أفسدتِ هديّته تماماً ، فإصلاح ذلك يحتاج لأيام عند الميكانيكيّ!

الصبيّة بابتسامةٍ ماكرة : طبعاً !! وبذلك يفوّت عيد الفالنتاين ، كما حصل معي


الطبيبة : وماذا عن بقيّة ضحاياك ؟

- في السنة التالية .. إستأجرت مقعداً بين كل مقعدين في السينما المخصّصة للمحبّين كيّ أفصل بينهما ، وأمنعهما من الإستمتاع بالفيلم.. (ثم ضحكت).. اليست فكرةً رائعة ؟ بل الأجمل انني تطوّعت بتغليف الهدايا بمتجرٍ في مول.. حيث تعمّدت على كسر الهدايا الزجاجيّة والإلكترونيّة .. وطباعة الشتائم على اكواب الهدايا ..وتمزيق القمصان المتشابهة بين المحبّين .. ورشّ رائحةٌ قذرة على الدباديب الحمراء قبل تغليفها .. وحفر القابٌ مسيئة على العقود والأساور ، لفصل العشّاق السخفاء.. وبعد طردي من هناك ، تذكّرت انه يمكنني فعل ذلك بشركة والدي الخاصّة بالبريد ! فتنكّرت تحت قناعيّ الطبّي ، وقمت بالشيء ذاته مع هدايا الحب ..


الطبيبة : نعم أخبرني والدك عن شكوى العملاء السنة الفائتة ، وانك كدّت تفلسين شركتك بفعلتك الشنيعة .. وطلب مني علاجك سريعاً ، لأن موظفيه مشغولين في الأيام القادمة بإرسال هدايا المحبّين

- بالرغم من وضعه كاميرات مراقبة وحرّاس على باب شركته ، مازال يخشى خططي الخبيثة ! .. بصراحة معه حق ، فأنا اكره هذا العيد المليء بالنفاق والمشاعر الكاذبة


وهنا ! استأذنت الطبيبة للردّ على مكالمةٍ خاصّة ، والتي تكلّمت فيها بهمسٍ وبابتسامةٍ خجولة .. 

وبعد إغلاق جوالها ، قالت للمريضة :

- آسفة على المقاطعة 

الصبيّة : يبدو من وجهك المحمرّ بأنه إتصال من حبيبك ؟

الطبيبة بخجل : نعم ، كان يخبرني بإرساله هديّة لي

- اذاً لن أطيل عليك.. سأرحل قبل انتهاء جلستي ، لتفرحي بهديّتك القادمة ..واخبري والدي انني تعالجت ، فالموضوع لم يعدّ يهمّني

- أتقولين الصدق ؟

الصبية : طبعاً ، وأعدك بأن لا اؤذي المحبّين مجدداً .. فهم محظوظين بعكسي ، وعليّ تقبل الأمر


وودّعتها ورحلت.. لكنها لم تبتعد عن العيادة ، بل ظلّت تنتظر بسيارتها قدوم ساعي البريد..


بعد ساعة ، رأته يحمل صندوقاً زهريّاً وباقة من الورد ! فنزلت من سيارتها الفارهة ، لإيقافه قبل دخوله العيادة..

***


بعد قليل .. خرج ساعي البريد من العيادة ، وهو يقول :

- فعلت ما طلبته مني

فأعطته الصبيّة رزمة من المال


من بعدها تنصتّت على باب العيادة ، وهي تستمع لصرخات الطبيبة الفزعة .. بعد وضعها الصراصير في علبة الشوكولا الفاخرة من حبيبها !


الصبيّة : آسفة دكتورة .. لكني اكره عيد الفالنتاين ، وأستمتع بتعذيب العشّاق الحمقى ..يبدو انها هوايتي الجديدة !


وأعادت ما تبقى من مرطبان الحشرات المقرفة الى صندوق سيارتها المليء بالألعاب الناريّة والدُمى المؤذية التي تنوي توزيعها على منازل المخطوبين من معارفها واصدقائها .. 


كما عقدت العزم على إستثمار ثروة امها المرحومة بإنتاج برنامجٍ تلفزيونيّ لتخيير المحبّين بين عرسٍ يجمعهما او حقيبةٍ من المال .. وهي تعرف جيداً بأن الأكثريّة سيفضّلون المال على الحب .. 

قائلةً بنفسها بفخر : 

((أظن ابليس سعيداً بخططي الجهنميّة)) 

وقادت سيارتها ، وهي تبتسم بمكر !


هناك 5 تعليقات:

  1. احدكم طلب مني قصة فالنتاين كئيبة .. اتمنى ان تعجبه ، وترضي ذوقكم

    ردحذف
  2. القصة جميلة واتمنى حصولها في الواقع
    عيد الفاحشة وعيد النفاق والمشاعر الكاذبة كما قالت الصبية

    ردحذف
  3. هبابي فالنتاين كالح ومالح على كل المغفلين في جنبات الارض
    تلك هي القصص احسنتي واجدتي ايما اجاده
    ان القلب ليزغرد ويطرب ويقفز تواثبا
    لا تتوقفي بليز يعني عن تلك الروح فهي مايميز قصصك ..الا وهي الواقعيه
    وابدا ..
    سنظل تحت الزفت طيلة عمرنا
    ويصير طعم المر طعم الماء

    وايضا ..تحسبا بالتوكيد..

    لنظل ردف النحس مبلغ علمنا
    حتى يصير النحس كفل وفاء
    و...
    حسنا يكفي هذا ...
    ولا بلغنا العيد القادم باذنه ومنه وفضله .

    ساذهب الان لاحصي الصناديق الحمراء وارتبها
    ابجديا .. 365 صندوق ..عمل شاق فعلا ..

    سوف لن نشتري طينا هذا العيد
    سيكون بالمدونه كل الطين المديد





    ردحذف
  4. هههههههه قصه واقعيه ولكن اذا هي فشلت ماذنب غيرها مجنونه وهي تحب اكيد
    ابدعتي رغم الكبائه الاصل اسميتها جاكلين ههه
    تحتاتي لك استاذه امل

    ردحذف
  5. لافيكيا سنيورا

    قصه حلوه من كاتبه مبدعه ..
    كنت لا انوي التعليق لكني حينما قرأت دباديب حمراء لم افهم شو معنى دباديب ففكرت اسألك شو معنا دباديب ولكني فطنت انك تقصدين دببه جمع دُبّ ..فذكرت تلك الكلمة خواريف وجعلتيني اظحك حتى الثماله هههههههههههه
    عشتي وعاشت قصصك ودباديبك

    لافيكيا سنيورا

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...