الأحد، 19 فبراير 2023

قسمة ونصيب

تأليف : امل شانوحة 

المريض الوسيم


بعد خروج الأم من العمليات ، أعادوها الى غرفتها في المشفى لقضاء اسبوعٍ ثاني قبل رجوعها الى منزلها .. بينما باتت ابنتها سلوى على الكنبة القريبة من سريرها 


وفي المساء وبعد خروج الزوّار ، ونوم المرضى .. جافاها النوم .. فتجوّلت سلوى بين الأروقة بعد شعورها بالملّل ..

وقبل عودتها الى غرفة امها ، لاحظت شاباً في الغرفة المجاورة يحاول اخذ قبعته الصوفيّة التي وقعت منه بجوار سريره ..


فدخلت غرفته ..ونفّضت القبعة من الغبار ووضعتها على رأسه ، وسط دهشته ! 

ثم قالت بارتباك ، بعد انتباهها على وسامته :

- رأيت المصل في ذراعك الأيمن ، والجبس في يدك اليسرى ، فساعدك بلبسها .. آسفة على تطفّلي


وقبل خروجها من غرفته ، ناداها :

- هل تعملين هنا ؟

سلوى : لا ، انا أبيت مع والدتي بالغرفة المجاورة 

- لوّ سمحتي .. هل يمكنك إعطائي لحافاً من الخزانة ، فأنا اشعر بالبرد 


وبعد أن غطّته بالّلحاف ، قالت باستغراب :

- وقدمك ايضاً مكسورة ! هل أصبت بحادث ؟

الشاب : كنت اقود سيارتي بعصبية ، وارتطمت بقوّة بعامود النور

- جيد أن الأمر انتهى ببعض الكسور

- الحمد الله

سلوى : لا شيء يدعو للعصبيّة لهذه الدرجة

- علمت يومها بأن حبيبتي فسخت خطبتنا ، للزواج من حبيبها السابق بعد عودته من السفر .. وشعرت كأنها طعنتني بالظهر

سلوى : ومن الغبية التي أطلقت سراحك ؟


فابتسم قائلاً :

- تتحدثين وكأني عصفورٌ بقفص !

سلوى : آسفة ، لا أجيد التعبير جيداً .. على كلٍ ، سأعود لأمي

- هل هي مستيقظة ؟

- أعطوها منوّماً قوياً ، سيبقيها نائمة حتى الصباح

الشاب : اذاً لما الإستعجال ؟ إبقي معي قليلاً

- الم يزورك اهلك اليوم ؟

- بلى ، وتمنّيت لوّ زارتني معهم  

سلوى : طالما ارتبطت بغيرك ، فليس من صالحها إغضاب العريس الجديد

الشاب بقهر : هذا صحيح


سلوى : لا تحزن ، ربما كتب الله نصيباً أفضل لك

- ربما ... وانت ؟

- انا ماذا ؟!

الشاب : هل انت مخطوبة ؟

- تخرّجت حديثاً من الجامعة ، ولم أفكّر بالموضوع بعد

- وانا تخرّجت من جامعتي قبل خمس سنوات ، يعني لا أكبرك بكثير .. مع ان شكلك يوحي بأنك مراهقة !

سلوى بخجل : ليس لهذه الدرجة ..


الشاب : وماذا تعملين ؟

- مازلت أبحث عن وظيفة ؟ مع اني لا أحبّذ عمل البنات

الشاب باستغراب : أحقاً ! كان هذا خلافي الدائم مع خطيبتي .. فهي تصرّ على العمل ، رغم راتبي الجيد وراتبها الزهيد ! 

- أتريد إثبات نفسها وشخصيّتها ، وكلام من هذا القبيل ؟ 

- نعم 

سلوى : وبعد إنجابها الأولاد ، تصرف راتبها على الخدم والحضانة والأكل الجاهز وهدايا زملائها بالعمل 

- معك حق ، لذلك لم يعدّ الأولاد مهذّبين بزمننا هذا.. غريب ان اجد احداً يفكّر مثلي ! فهي أشعرتني كأني رجلٌ متخلّف


سلوى : أهذا رأيها بأفكارك ؟

- هي حاولت كثيراً تغيّر شخصيّتي وارائي التقليديّة ، حسب قولها

- برأيّ الشخص الذي لا يحبك كما انت ، لا يستحق أن تهديه قلبك

الشاب : لما كلامك اكبر من سنك ؟

- انا من جيلك ، وإن كان شكلي يبدو طفوليّاً

- وهذا ما يميّزك .. صحيح لم اسألك ، ما اسمك ؟

- سلوى ، وانت ؟

الشاب : ماجد 

- ذكّرتني بالرسوم المتحركة ، وبمجلة الأطفال القديمة 

ماجد : نعم ، كانوا في زماني .. وكنت أجمع المجلاّت ، وأحلّ المسابقات التي فيها 

- وهل ربحت يوماً ؟

- ولا مرة

سلوى : ولا انا


وضحكا بسعادة .. ثم نظرت لساعتها :

- مضت ساعة على حديثنا معاً ! 

- لم اشعر بذلك

سلوى : وانا ايضاً .. عليّ العودة لأمي ، لربما استيقظت .. 

- هل سأراك غداً ؟

- ربما .. متى ستخرج من هنا ؟

ماجد : بعد يومين 

- يعني قبلنا ..

- زوريني غداً بمثل هذا الوقت 

سلوى : وإن كنت نائماً ؟

- لا أعتقد ، فأنا أحبّ السهر

- وانا كذلك 

ماجد : يبدو لدينا اشياء مشتركة

فابتسمت بخجل ، وعادت لغرفة امها 

***


في اليومين التاليين .. إنتظرت سلوى مرور الوقت لحين خروج الزوّار من المشفى ونوم امها ، للتحدّث مع الشاب اللطيف الذي كان يُضحكها بتعليقاته الظريفة .. 

وكان الوقت يمضي معه بسرعة ، إلى أن تعود الى غرفة امها قبل بزوغ الفجر..

***


في اليوم الثالث .. واثناء وجود اخوتها بجوار امها ، لمحت ماجد يسلّم عليها من خارج الغرفة وهو مُتكئ على عكّازه بجوار عائلته .. ويبدو انه خارج من المشفى بعد لبسه ثيابه العادية .. ولم تستطع الّلحاق به لتوديعه ، لوجود كلا العائلتين 

***


مرّت الأيام المتبقيّة في المشفى ببطءٍ شديد على سلوى التي تجوّلت وحدها في ممرّات المشفى الكئيب ، اثناء نوم المرضى .. وهي تشعر بشوقٍ كبير لماجد الذي لم تعرف رقم جواله.. 

فتساءلت بنفسها بحزن :

((ربي لما جعلتني ألتقي بتوأم روحي ، طالما ليس مُقدّراً البقاء معاً ؟! ..كيف سأنساه الآن ؟))

***


في اليوم الأخير لأمها في المشفى .. إنشغلت سلوى بترتيب الأغراض في شنطتها للرحيل ، لتتفاجأ بماجد قادماً مع امه وابيه وهو يلبس طقماً رسميّاً ، ومستنداً على عكّازه .. وكان الموقف محرجاً امام اخوتها ، حين قال لأمها :

- مرحباً خالتي .. قدمت مع والدايّ لخطبة ابنتك سلوى


فنظرت امها وإخوتها الثلاثة اليها باستغراب ! وهي محمرّة الوجه ومرتبكة للغاية .. فأكمل العريس قائلاً :

- كنت مريضاً في الغرفة المجاورة قبل ايام ، ولمحت ابنتك بالصدفة .. وأعجبتني للغاية ، وعلمت أنكم خارجين اليوم من المشفى .. فأردّت الإستعجال بخطبتها


ثم اخذ يكلّم اخاها الأكبر عن وظيفته وراتبه الجيد ، وامتلاكه منزلاً مجهّزاً بالكامل ..وانه على استعداد للزواج ، فور شفاء كسور يده وقدمه


وأمضت العائلتان معاً قرابة ساعة ، الى ان وافق اهلها على تحديد موعد كتب الكتاب .. فهو سيسافر بنهاية الشهر للخارج بدورةٍ تدريبيّة ، ويريدها معه ..

***


وتم تجهيز العرس خلال اسابيع ، وتزوجا بعرسٍ عائليّ .. وسافرت معه للخارج بشهر العسل .. وهناك اخبرها :

- أتدرين ان ليلة القبعة لم يكن لقاءنا الأول ؟ 

- ماذا تقصد ؟!

ماجد : قبلها بأيام ، شعرت بالمللّ .. فاتّكأت على عكّازي للتجوّل بالممرّات .. وقبل عودتي لغرفتي ، لمحتك نائمة على الكنبة بجوار امك 

- أتقصد قبل إدخالها العمليّة ؟!

- نعم ، ومنذ النظرة الأولى شعرت أني لمحت زوجتي المستقبليّة !  

سلوى : انت تبالغ


ماجد : لا ابداً .. وقبل يومٍ واحد من لقائنا ، أوقعتي لحافك اثناء نومك .. فدخلت بهدوء كيّ لا اوقظ امك ، وغطيّتك جيداً

سلوى بدهشة : ومسّدت شعري بحنان ؟

- نعم

- ظننته حلماً !

ماجد : كنت فعلاً منصدماً من ملامح وجهك

- لماذا ؟!

- لأني رأيتك مراراً في مناماتي ، منذ ان كنت مراهقاً ..وتساءلت كثيراً عن الفتاة المجهولة التي تظهر لي دائماً .. لكني قرّرت عدم مفاتحتك بالموضوع ، وسلّمت امري للقدر .. وسألت الله : ((إن كنتِ فعلاً نصيبي ، أن تأتي وحدك اليّ)) .. لهذا انصدمت عندما وضعتي القبعة على رأسي 


سلوى : وانا ايضاً تفاجأت من جرأتي ، فبالعادة لا اقترب من الشباب .. لكني شفقت على حالتك 

- ألهذا فقط ، ام لأني فتنتك بوسامتي المميزة ؟

- يالك من مغرور 

ماجد بابتسامة : وانتِ طفلتي المدلّلة  

وحضنها بحنان  


هناك 4 تعليقات:

  1. هيهات هيهات ولات حين مناص

    قل للحزين تخطفتك يد الردى
    ياشافي الامراض من ارداكا
    قل للكسيح وقد دهته مصيبة
    ويح الكسير من اشقاكا
    ياشارب المر المصفى اصطبر
    فكل البؤس لم يلقاكا

    ردحذف
  2. واخير قصه رومانسيه تعيد الابتسامه على الوجوه صحيح اسماء الابطال لم نتعود عليهم ههه كجاكلين الفتاه الراحه الى المريخ او جوزفين او جاك هههه ابدعتي استاذه امل انا ابتسم وانا اكتب عكس القصص السابقه لانريد سوداويه يكفي ما نحن فيه وبما انا اقتربنا على رمضان فاكيد الراحه السنويه لك استاذه امل اكثير من القصص ذو الطاقه الايجابيه
    ابدعتي والله يعطيك ماتحبي وترضي وزياده /foad

    ردحذف
  3. ترا الكلام الكبير و الواعي مو ضروري يكون للكبار، انا و امثالي نفكر و نتكلم احسن بكثير من منهم، و بعدين كيف دخل عليها و نسد على شعرها ؟؟ مش على اساس هم مسلمين ؟؟

    ردحذف
  4. لافيكيا سنيورا

    غريبه القصه لم اتعود ان تكون نهاية العشاق سعيده ربما ظللت الطريق عن مدونة الاخت امل ودخلت مدونه اخري ههههههههه

    اذا فيه حد طعنك بالظهر اطعنيه بالعصر ويستحسن ان تطعنيه بالمغرب فمفعولها اقوى واسرع هههه

    لافيكيا سنيورا

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...