الجمعة، 17 فبراير 2023

أصدقاء للأبد

تأليف : امل شانوحة 

جمعنا القدر !


بعد إنتقال لؤيّ الى صفّه الثالث في مدرسته الجديدة ، صار يخبر والديه باستمرار عن صديقه الجديد وليد .. 


وبعد شهور ، عرفا أن وليد بالصفّ السادس ! فارتابا من الموضوع ، وسألاه عن سبب مصاحبته لولدٍ اكبر منه ؟!

فأجابهما لؤيّ : لا ادري ، هو يعاملني جيداً ..وأحياناً يشتري لي الحلوى من مصروفه

الأم : وكيف تعرّفت عليه ؟


لؤيّ : كان هناك طالباً في صفّي يتنمّر عليّ ، لأني تلميذٌ جديد .. وعندما حاول ضربي في الملعب ، دافع عني وليد ببسالة .. ومن يومها صار يرافقني بفرصة الغداء ، ويدرّسني المواضيع التي لم أفهمها بالفصل

الأب بقلق : هل حاول التقرّب منك بطريقةٍ غير لائقة ؟

لؤيّ : لا ابي ، هو يعاملني بلطفٍ فقط

***


في احد الأيام ، طلبت المعلّمة أن يكتبوا نصّاً عن الأم..  فأراد لؤيّ أن يستلهم موضوعه من صور امه القديمة .. 

فبحث في خزانتها اثناء إنشغالها بالطبخ ، ليجد صورة عرسها مع والده ..


كما وجد صورةً قديمة لها (مُمزّقة من النصف) وهي بفستان عرسٍ مُغاير ! وصورةٌ أخرى وهي تحمل طفلاً على وجهه وحمةٍ زهريّة! 


وهنا سمع امه تعاتبه ، بعد دخولها الغرفة :

- لؤيّ ! لما تبحث في اغراضي دون إذني ؟!

فأراها الصورة ، وهو يسألها باهتمام : هذا الطفل لا يشبهني ! فمن هو ؟

فأجابته بارتباك : إبن أحد اقاربي

لؤيّ : لكن وحمته على شكل قلب ، وهي تشبه التي في وجه صديقي وليد !


فسألته باهتمام عن اسم صديقه بالكامل .. وحين أخبرها ، أدمعت عيناها وهي تعيد الصور مكانها .. ومن بعدها التزمت الصمت طوال اليوم !

***


في الصباح التالي ، تفأجأ لؤيّ بأمه تحتضن وليد باكية خارج المدرسة ! 

وحين اقترب منهما ، سألته امه : 

- أهذا هو صديقك المفضّل ؟

لؤيّ : نعم

فردّ وليد : سبحان الله ! أحببته دون علمي بأنه اخي الصغير

لؤيّ بدهشة : اخوك !

الأم : نعم بنيّ ، هذا ابني البكر .. فبعد طلاقي من والده ، سافر به للخارج ..ولم اره بعدها !

وليد : وبعد وفاة ابي ، إنخطبت زوجته .. فأعادتني الى هنا ، لتتزوج من جديد


الأم : وتسكن الآن عند جدتك ؟

وليد : نعم ، ام والدي ..لكنها مريضةٌ جداً ، وبالكاد تهتم بي

الأم بقلق : وكيف عاملتك زوجة ابيك ؟

وليد بقهر : كانت تضربني بغياب والدي ، وتعاملني بلطف امامه !

الأم بغضب : اللعنة عليها !!

وليد : هي لديها طفلٌ الآن ، فليسامحها الله


لؤيّ : امي .. طالما وليد اخي ، فدعيه يعيش معنا 

الأم : عليّ سؤال والدك اولاً

وليد : اريد رؤيتك مجدّداً يا امي ، فأنا لا اعرفك جيداً 

الأم : سأراك دائماً ، أعدك بذلك .. وأشكرك لاهتمامك بأخيك الأصغر

ثم ودّعهما وليد ، ذاهباً لمنزل جدته 

^^^


بينما عاد لؤيّ مع امه لإخبار والده بالخبر المفاجىء الذي أزعجه تماماً ، رافضاً إحضار وليد الى منزله ، ومقترحاً على زوجته تغيّر مدرسة ابنه 

لكن لؤيّ رفض الإبتعاد عن اخيه الذي تعلّق به جداً منذ بداية السنة

***


بعد ايام ، لم يعد لؤيّ الى بيته ! 

فاتصل والداه بمديرة المدرسة التي اتصلت بسائق الحافلة الذي اخبرهم بأن الولدان نزلا لنفس العمارة .. فعرفت الأم انه رافقه الى شقة جدته !

^^^


فأسرع الوالدان الى هناك .. وصعدت الأم وحدها الى شقة حماتها القديمة التي استقبلتها بجفاء :

- الا يكفي انك بليّتني بوليد ، أتريدينني أيضاً أن أربّي ابنك الثاني ؟!!


فطلبت الأم من لؤيّ إحضار حقيبته ، للعودة الى المنزل..

لكنه أصرّ على البقاء مع اخيه .. فطلبت من زوجها الصعود ، وإقناعه بالعودة معهما .. لكن لؤيّ ظلّ مُمسكاً بقوة بيد اخيه ، رافضاً تركه او الإبتعاد عنه ! 

مما أجبر والده على قبول طلبه ، بأخذ وليد الى منزلهم .. لكن بشرط : البقاء لإسبوعٍ واحدٍ فقط 

***


خلال هذا الإسبوع .. راقب الأب وليد من بعيد ، خوفاً من تعليمه لؤيّ الفاظٍ وسلوكيّاتٍ سيئة .. لكنه تفاجأ بحسن خلقه ، ومساعدته لأخيه الأصغر بدروسه ..وتعليمه الوضوء والصلاة ! 

كما قام وليد بترتيب المنزل ، والطبخ مع امه التي كانت سعيدة بضمّ ولديها معاً .. مما جعل الأب يمدّد إقامته لشهر ، حتى بدء عطلة نصف السنة الدراسيّة ..

^^^ 


وفي أحد الأيام ، ذهب وليد معه للسوق .. حيث أُعجب الأب برزانته وحمله للأغراض ، وعدم طلبه الحلويات كبقيّة الأولاد.. بل كان متحمّلاً المسؤوليّة كشابٍ صغير ، حتى ارائه اكبر من سنه ! 

فتمنّى الأب أن يكبر لؤيّ ، ليشابه اخاه الأكبر بحسن تصرّفه وسلوكه

***


وفي يوم العطلة ، لعب الصغيران السلّة بحديقة المنزل .. فخرجت الكرة الى الشارع .. فأسرع لؤيّ للّحاق بها .. ووالده يراقب الوضع من النافذة العلويّة ، الذي لمح شاحنةً تمرّ بسرعة من هناك ! 

وقبل صراخه ، مُحذّراً ابنه .. أسرع وليد لدفعه من ظهره ، جعله يصل سالماً للرصيف المقابل .. بينما دُهس هو تحت عجلات الشاحنة !

وكانت الصدمة عنيفة ، هزّت العائلة بموت البطل الصغير

***


بنهاية العزاء .. وقف الوالدان امام القبر ، وهما يراقبان لؤيّ وهو يضع لعبته المفضّلة قرب شاهد اخيه ، وهو منهار بالبكاء .. 

في هذا الوقت علم الأب بحكمة ربه من لقاء الأخوين بعد هذه السنوات : وإحضاره منزله ، لإنقاذ لؤيّ من موتٍ محقّق

***


في الطريق ، حاول الأب التخفيف عن ابنه :

- كنا نريد إخبارك بمفاجأةٍ سارّة قبل ايام ، لكننا انشغلنا بالعزاء  

لؤيّ وهو يمسح دموعه : ماهي المفاجأة ؟ 

الأب : أمك حامل 

لؤيّ : أتقصد انه سيصبح لديّ أخاً جديداً ؟! 

الأم : او اخت .. ماذا تتمنّى ؟

لؤيّ : أخّ ، ونسميه وليد .. وهذه المرة ، انا من سيعتني به 


فكتمت الأم دموعها بعد أن خنقتها العَبرة !


هناك 3 تعليقات:

  1. هي قصة بسيطة تربوية ، تصلح للأولاد فوق سن 12

    ردحذف
  2. قصة تصلح لكل الاعمار والاجيال انها مفعمة بالامل . ماذلنا نحتفيظ ببعض جينات الطفولة. في كل شخصيات الانسان طفل يحبوا ويلهوا ويحتاج الي الحنان

    ردحذف
  3. وليخش ...
    تلخص المشكله كلها وحلها ولكن الالتزام بها ما
    اعسره .
    رغم قسوتها ولكنها مفيده لغرس القنوط واليأس من الدنيا في نفوس الاطفال منذ الصغر حتى اذا ما شبوا كانوا على يقين بانه ما من نعمة دائمه وأن
    المصائب هي الاصل ... والسعادة المؤقتة هي الاستثناء المؤقت الذي يوشك ان يزول .
    وكل ابن انثى وان طالت سلامته
    يوما على آلة حدباء محمول

    ردحذف

عالمي الخاصّ

تأليف : امل شانوحة  مرض العصر في فترة الغداء .. نظر جيم (7 سنوات) تارةً الى صحنه ، وتارةً الى والديه (الّلذين أنجباه بعد سنوات من علاج العقم...