الخميس، 12 يناير 2023

الطفل الأسير

تأليف : امل شانوحة 

 

الجندي الرحيم 


في وقت الظهيرة .. وفي حيّ المشرّدين والمهجّرين بإحدى ضواحي المانيا الفقيرة ، اثناء الحرب العالمية الثانية .. دخل رجلٌ غجريّ منزله ، والخوف بادٍ على وجهه .. فسألته زوجته : 

- ماذا يحصل في الخارج ، لما يصرخ الجيران ؟!

- جنود الألمان يقتحمون منطقتنا .. علينا الإسراع بالهرب !!


فوضعتني امي اسفل فستانها المنتفخ ، وطلبت مني المشي مع خطواتها دون تعثّر .. 

لم افهم شيئاً وقتها ، كنت صبيّاً بالسادسة من عمري ! لكن نظرات الرعب التي رأيتها على وجه والدايّ ، أشعرتني بالوضع خطير ..


خرجنا من دارنا ، ونحن نُسرع الخطى .. لم تكن قدمايّ الصغيرتان تظهران اسفل فستان امي الطويل ..

وكان صراخ اهالي قريتي عالياً ، ليس مفزعاً بقدر طلقات النار التي أوقعت رجالنا قتلى .. عرفت ذلك من شقٍّ صغير في فستان امي .. وليتني لم أسترق النظر ، فهم قتلوا جميع الأطفال دون سن العاشرة امام انظار امهاتهم اللآتي صرخن بصوتٍ مازال يدويّ برأسي حتى اليوم ! 

حينها فهمت أن ظهوري امام الجنود ، سيؤدي لموتي الحتميّ .. لذلك تجمّدت في مكاني بعد إحاطة الجنود بنا ، والذين قتلوا ابي على الفور مع غيره من الرجال ، بعد إيقافهم امام الجدار لإعدامهم جماعيّاً بالرصاص ! 


بينما زوجاتهم واولادهم المراهقين ، فنقلوهم الى إحدى معسكرات التعذيب الإلمانيّة ، وهو لا يبعد كثيراً عن الهولوكوست اليهودي .. لكن معتقلنا مُختصّاً بالغجر الروم والأسرى السوفييت ، لإجراء التجارب الطبّية اللّاإنسانية على الأسرى .. 

***


من حسن حظي إن من اكتشف وجودي هو مارتن ، المجنّد الإلماني الذي لا يتجاوز العشرين من عمره ، بعد طلبه من امي مرافقة النساء لمهجع العساكر .. 

حينها اضّطرت لإخراجي من تحت فستانها ، وهي تترجّى الشاب أن لا يقتلني ..

مازلت أذكر كلماته المرتجفة حتى اليوم : 

- إذهبي معهن ، ابنك بأمانٍ معي .. 


وذهبت امي مُرغمة مع بقيّة نساء الغجر لإمتاع الجنود ، غصّباً عنهن !

اما انا ، فقد خبّأني الجندي مارتن داخل مخزن الأخشاب (المُخصّص لتدفئة مهاجع الجنود ، ومكاتب القادة) فهو المسؤول عن حراسته


وقبل إقفاله الباب ، قال لي بحزم :

- إيّاك إصدار أيّ صوت !!

فهمست بخوف : اريد امي

- ستراها قريباً ، لا تخف

- انا جائع

- سآتيك بعد قليل بخبزٍ وكوب حليب .. وإن أردّت دخول الحمام .. إحفر في الزاوية ، فأرضيّة الكوخ ترابيّة .. ثم أطمرها ، كما تفعل القطط .. لا اريد انتشار الرائحة السيئة ، فيقتلوننا معاً.. هل استوعبت ما قلته ؟


حينذاك لم أكن أعرف لغته ، لكني فهمت ما قصده من إشارة يديه .. فأومأت برأسي إيجاباً ، قبل إقفاله الباب بإحكام 

ومع الوقت صرت أنطق الإلمانية جيداً ..

***  


لا اذكر كم يوماً بقيت مُحتجزاً داخل المخزن ! 

فاليوم وبعد بلوغي سن الثمانين ، مازلت أذكر رائحة الخشب في كوخهم الرطب !

كل ما أعرفه أن مارتن إعتنى بي جيداً ، وكان يحضر لي وجبتين في اليوم : كعصائد ساخنة ، او فاصولياء وخبز .. لكني لم ارى امي ثانيةً ! 


أتذكّر في إحدى الليالي أمسكت يده بقوة ، وسألته عنها .. فأجابني دون النظر بعينيّ :

- كانت عنيدة جداً ، وشريفةٌ للغاية .. عليك الإفتخار بها .. 


ثم أخرج من جيبه صورة بالأسود والأبيض : لأبي وامي وهي تحملني حين كنت رضيعاً ..

وهمس لي :

- امك تريدك أن تحتفظ بها ، فهي الصورة الوحيدة لعائلتك


رغم صغر سني وقتها ، لكني استوعبت أنني لن اراها ثانية ! 

فهمت ذلك من صوته المُتهدّج ، وعيونه المغرورقة بالدموع وهو يمسّد شعري بحنان !


وتأكّدت شكوكي بعد رؤيتي لها في المنام ، اثناء غفوي خلف الأخشاب فوق غصنٍ يابس : 

((كانت برفقة ابي ، وهي تطلب مني التحلّي بالصبر .. بينما يُخبرني والدي بمدى فخره ، بأن ابنه الصغير أصبح شاباً قوياً !))

فعرفت انهما بالجنة ، بينما اعاني من جحيم الدنيا دون معرفة إن كنت سأخرج من المخزن حيّاً ام لا !

***


بمرور الأيام ، راقبت الأوضاع في المعسكر من شقوق الكوخ المُعتم .. حيث تدفّقت افواجٌ من المراهقين والنساء ، وصلوا بشاحناتٍ عسكريّة بشكلٍ دوريّ ، لينضمّوا لبقيّة الأسرى الذين تحوّلوا لهياكل عظميّة من شدة الجوع .. وذلك لمتابعة تجاربهم اللعينة عليهم !

 

وكنت احياناً ارى الناجين من تجارب الموت وهم مشوّهين بشكلٍ مقزّز ! وأذكر مراهقاً ، كان الأجمل في المعسكر بشعره الذهبيّ وفمه الأحمر الصغير .. لكنه خرج من المختبر الطبّي مشوّه الوجه وبقدمٍ واحده وهو يصرخ بعلوّ صوته ، طالباً إعدامه !

مما جعلني أفكّر : مالذي تعرّض له بالداخل ، جعله يتمنى الموت بهذا الإلحاح ؟ .. أكيد انه يتألّم بشدّة !

وتابع صراخه دون هوادة ، وبلا خوفٍ من تهديداتهم .. الى ان أقدم احد العساكر على إنهاء عذابه ، بطلقةٍ في الرأس !

ورغم قساوة المنظر ، لكن الأسرى حمدوا الربّ على إراحة روحه المعذّبة !


اما النساء : فكنت اراهن يخرجن من المهجع ، وهنّ يستندنّ على بعضهن بتعبٍ شديد ، وثيابهن ممزّقة ، ودموعهنّ تغمر وجوههنّ المتعبة ! 

حتى بعضهن حاولت الهرب من المعسكر ، رغم إستحالة تجاوزها للأسلاك المُكهّربة .. لكنها أرادت الإنتحار اما بالصعق الكهربائيّ ، او بطلقةٍ ناريّة من جنود المعسكر ، إنقاذاً لشرفها ! 


كل هذه الأحداث المرعبة علقت في ذاكرتي الصغيرة ، كأنها نُحتت على جدران دماغي للأبد : كرائحة المعسكر القذرة بعد انتشار الأمراض الجلديّة بين الأسرى ، لقلّة النظافة ..وصراخ النّسوة .. وخوفي الذي لازمني طوال حياتي ، بكوابيسٍ لا تنتهي .. ومع ذلك كنت الوحيد المحظوظ بين آلاف الغجر الذين أبيدوا عن بكرة ابيهم!  

***


لم أعد أذكر المدة التي قضيتها في المعسكر الكئيب ، لكنه مرّ عليّ فصلٌ باردٌ للغاية ، وفصلٌ حارٌ جداً .. والشيء الوحيد الذي لا أنساه هو مارتن الذي جازف بحياته لإعطائي الطعام والدواء كلما اشتدّ مرضي.. 


أذكر انه ترجّاني يوماً بكتم سعالي قدر الإمكان وإلاّ سنُقتل نحن الأثنين ..

فصرت أتكوّر على نفسي ، وأضغط برجليّ على رأسي كلما أشتدّ السعال .. راجياً ربي أن يشفيني من نزلة البرد بأسرع وقتٍ ممكن 


ورغم قساوة ما مررّت به ، إلاّ انني مازلت أحتفظ بحصاني الخشبيّ الصغير الذي نحته مارتن بنفسي ، لأتسلّى معه بحجّزي الكئيب ..

وليت الحصان يتكلّم ليخبركم بآلاف القصص التي سردّتها له ، ألى أن أصبح صديقي الثاني بعد مارتن 

***


اما أصعب يومٍ مرّ عليّ ، حينما أصرّ القائد على دخول المخزن لمعرفة كميّة الخشب التي يحويها المعسكر قبل بدء فصل الشتاء .. حينها سمعت نقاشه مع مارتن عند الباب ، وهو يأمره بفتح القفل  

فسعل مارتن بقوة وبشكلٍ متواصل ! ففهمت انها إشارة لأختبئ .. 


فحشرت نفسي خلف الأخشاب ، بعد وضعي جزعاً ثقيلاً فوق جسمي .. ولليوم لا ادري كيف حملته ، رغم جسدي الهزيل !


فنظر القائد نظرةً سريعة للخشب ، وعاين أحدها للتأكّد من عدم رطوبتها .. ثم خرج وهو مرتاح للكميّة التي تكفيهم حتى نهاية الشهر القادم ..


فالأخشاب كانت تصل المخزن كل شهر .. وكان مارتن يصرّ على الحطّابين (المتعاونين مع المعسكر) بإدخالها بنفسه ، وترتيبها داخل المخزن دون مساعدتهم .. 

وكنت ألمحه وهو يتصبّب عرقاً اثناء حمله الخشبة الثقيلة تلوّ الأخرى لوحده ، كيّ لا يلمحني احد مُختبأً في الداخل ..

***


وفي يومٍ ماطر ، بكيت رعباً من هدير الرعد العالي .. ففاجأني مارتن بمبيته معي تلك الليلة ، للمرة الأولى .. بعد أن أمضى الجنود ليلتهم في المهجع ، لحين انتهاء العاصفة .. 


بينما كنت أستمع لمارتن وهو يخبرني القصص الرائعة ، التي دوّنتها في اول كتابٍ ألّفته للأطفال .. فهو من جعلني أعشق الكتابة ، لجمال سرده للأحداث الخياليّة ببراعةٍ مذهلة ! ولا ادري إن كان ألّف تلك القصص ، أم سمعها من اهله حين كان في مثل عمري ؟ 


ولم يتركني تلك الليلة ، الى أن غفوت وانا أحتضن حصاني .. 

فطبع قبلةً على رأسي ، وخرج بهدوء .. فشعرت كأنه اخي الكبير الحنون ، الذي لم أحظى به في حياتي .. وتذكّرت عطف والدايّ ، فبكيت وانا ادعو الله ان ألحق بهما في الجنة .. 

وفي يوم القيامة إن قضى الربّ بإدخال الجيش الإلماني النار ، فسأشفع لمارتن بدخوله الجنة معي .. 

هذا ما فكّرت به بتلك الليلة الدافئة ، رغم برودة الجوّ بالخارج !

***


كل الأحداث السابقة انتهت مع بزوغ فجرٍ بارد .. حين دخل مارتن فزعاً .. وخبّأني اسفل معطفه (بعد وضع حصاني الصغير في جيبي) ثم ركض وهو يحملني الى خارج المخزن ! 


كنت خائفاً من مروري بساحة الإعدامات ، فهو لطالما منعني من الإقتراب من باب المخزن ! فلما يسارع نحو الجدار الشائك ؟!

عشرات الأسئلة دارت في رأسي ، كلها تلاشت بعد رؤيتي لعمليات الإعدام الجماعيّة للنساء والمراهقين المشوّهين من الأسرى !


حين وصلنا للأسلاك الشائكة ، أزاحها مارتن بيديه وقدميه .. فارتجفت بشدة بعد رؤيتي الدماء تخرج من اصابعه .. فصرخ عليّ بحزم :

- ماذا تنظر ؟! أهرب فوراً !!.. انهم يعدمون الأسرى دون استثناء 

فقلت باكياً : اريد البقاء معك 

- لا وقت لذلك .. أهرب بسرعة !!

 

ودفعني بيده الأخرى بقوّة لخارج الأسلاك ، فور سماعه صرخة قائده من بعيد :

- ماذا تفعل ايها الخائن ؟!!

وآخر شيءٍ سمعته من مارتن :

- توغّل في الغابة قدر المستطاع !!


وما أن ركضت ، حتى سمعت طلقةً ناريّة من خلفي ! 

ولا ادري إن كانت أصابت رأس صديقي ، أم القائد اخطأ بتصويبها عليّ .. او هي تهديد لمارتن ، لمنعه الّلحاق بي ؟! 

كل ما أعرفه انني ركضت دون النظر للخلف ، باتجاه الغابة الموحشة

***


إنهارت قوايّ بحلول المساء ، وانا عالقٌ وسط غابةٍ مظلمة .. 

وكنت ارتجف برداً ، قبل لمحي ضوءاً من بعيد .. ورغم قلقي أن يكون الجنود الإلمان يمشّطون المكان بحثاً عني ، لكني يئست لدرجة الموت أصبح أهون من آلام معدتي التي تعتصر جوعاً ..

 

فتوجّهت نحو شعلة النار ، لأجد صيّاداً عجوزاً يشوي ارنباً .. وما ان لمحني ، حتى وجّه قطعة لحمٍ مشويّة نحوي.. 

ودون وعيّ مني ! هجمت لآكلها بهمجيّة ، فهي اول قطعة لحم أتناولها منذ هروبي مع عائلتي .. بينما اكتفى هو بالإبتسامة وهو يُكمل طعامه .. 

ويبدو انه عرف انني هارب من المعسكر بسبب الملابس المخطّطة التي اعطاني إيّاها مارتن من خزائن الأسرى (بعد قصّ اطرافها الطويلة) .. لهذا لم يسألني عن شيء ، بل أشربني الشايّ الساخن بعد وجبة الطعام الدسمة .. 


ثم طلب مني الإختباء بين اغراضه المكدّسة في عربته البدائيّة التي يجرّها حماره ، بعد ملاحظته إنتشار الجنود بالمنطقة المحيطة بالغابة ! كيّ لا يُعدم معي ، لحمايته خائناً للدولة .. فهذا القانون يُطبّق على الجميع ، حتى لوّ كان إلمانياً اصيلاً كالصيّاد اوليفر

***


بعد وصولي الى كوخه الصغير (الذي يعيش فيه وحده بعد وفاة زوجته ، وانقطاع اخبار ابنه الوحيد الذي التحق بالجيش قبل سنتين) فرح لإتقاني اللغة الإلمانية بعد صداقتي بمارتن التي دامت سنتين .. 

فحسب رواية العم اوليفر : انني كنت بالثامنة تقريباً ، حين رآني بالغابة ..

***


بمرور الأيام .. أخبر الصيّاد جيرانه انني حفيده من علاقةٍ سرّية لإبنه قبل التحاقه بالجيش ! بعد اتفاقه معي على توفيره المأكل والمسكن ، مقابل مساعدته بتقطيع الأشجار وبيعها بالسوق ..


ورغم قرب الغابة (التي عملت بها مع جدي يومياً) من مكان هروبي ، إلاّ انني لم اجرأ يوماً على الإقتراب من المعسكر الذي يظهر برجه من بعيد .. رغم رغبتي الملحّة لمعرفة مصير صديقي مارتن ! 

***


يبدو أن الصيّاد اوليفر مع مرور السنوات صدّق كذبته ، وصار يعاملني كحفيده بالفعل ! حيث علّمني القراءة والكتابة باللغة الإلمانية .. وأفهمني التجارة وطريقة المعاملات بالسوق .. 

وزادت ثقته بي بعد أن أصبحت شاباً ، وصار يُرسلني وحدي لبيع الحطب والتعامل مع المتسوّقين .. 

حتى انه سجّلني على هويّة ابنه ، لأصبح من عائلته .. لهذا ورثت منزله بعد وفاته ، مما سمح لي بالزواج من إلمانيّة لم تعرف يوماً قصتي في المعسكر ، وعلاقتي بالأسرى الغجر ! 


وخلال سنوات حياتي فكّرت كثيراً بامتهان الكتابة ، لكني لم أنشر سوى قصص الأطفال التي لاقت استحساناً بين القرّاء ، إلاّ اني توقفت بعد زواجي 


وظلّت فكرة الكتابة تراودني ، حتى بعد انتهاء الحرب وهدم جدار برلين وعودة السوّاح الأجانب الى إلمانيا 

***


رغم رجوع الغجر ببطء الى إلمانيا ، لكني لم اتعامل يوماً معهم ! 

حيث صادفتهم في بعض الأحيان وهم يتجوّلون بالشوارع ، وتساءلت إن كان احدهم قريباً لي ام لا ؟ 

لكنه لا يربطني بهم سوى الصورة التي أخفتها امي بجيب فستانها يوم هروبنا ، ربما لشعورها بأنها ستكون الذكرى الأخيرة لعائلتي !

*** 


بعد وفاة زوجتي وسفر ولدايّ للخارج ، قرّرت بسن السبعين السؤال عن مصير صديقي مارتن ..وليتني لم أفعل ! 

فحسب سجلاّت المعسكر: تمّ تعذيبه بقسّوة بتهمة الخيانة ، رغم تهريبه لطفلٍ صغير ! ومُزّق جسده بالأسلاك الشائكة حتى الموت ..ودُفن مع بقيّة الأسرى الأعداء

***


بعد سنوات .. قرأت بالصحف عن إفتتاح المعسكر كمزار للسوّاح ، وطلبت من ممرّضي أخذي الى هناك .. 

فجرّ كرسيّ المتحرّك ، الى ان وصلت للمقبرة الجماعيّة .. 

وكم كانت صدفة غريبة حين وجدّت قبر مارتن بجوار قبر امي !


ولم أتمالك مشاعري وانا أتخيّل آلام مارتن اثناء تعذيبه ، بتهمة تهريبه لي .. وانهرت باكياً امام السوّاح والإعلام الذين تجمّعوا لتصويري بجانب قبور الأسرى 


وجلسوا امامي للإستماع الى روايتي التي نصحوني بتحويلها لكتاب .. وهذا ما أفعله الآن بعد إتمامي سن الثمانين ، تخليداً لذكرى عائلتي وآلاف الأسرى الغجر الذين قتلوا بمعسكرات التعذيب .. 

والأهم من ذلك ، تخليداً للجندي مارتن : أخي الكبير ، وبطلي الأبديّ !!

***


وبعد وفاة الكاتب العجوز وحتى يومنا هذا ، مازال كتابه : ((الطفل الأسير)) الأكثر مبيعاً في المكتبات ، والذي تُرجم للعديد من اللغات حول العالم ! 

******


ملاحظة :

أعرف إن الصورة اعلاه : هي لجندي إلماني تمّ إعدامه بعد سماحه لطفلٍ بالّلحاق بعائلته ، قبل إكمال جدار برلين الفاصل بين إلمانيا الغربية والشرقيّة .. لكني وجدتها مناسبة لأحداث قصتي

*** 

بعض الملاحظات عن الأطفال الأسرى بالحرب العالمية الثانية : 

1- معدّلات وفيات الأطفال بالمعسكرات وصلت لنسبة 25 في المائة.. وشكّل وباء الحصبة حوالي 40 في المائة من وفيات الأطفال في تلك المخيّمات .. وكانت الأمراض الأخرى مثل التيفوس والدوسنتاريا مدمّرة أيضاً.

2- فصل الأطفال الذين ولدوا في المخيّمات عن أمهاتهم اللآتي سمح لهن برؤيتهم في أوقاتٍ محدّدة للرضاعة !

3- تمّ في كثير من الأحيان تحطيم رؤوس الرضّع بالجدران .. عدا عن التجارب الطبّية الوحشيّة على التوائم

4- لا يمكن للأطفال الذين انفصلوا عن والديهم معرفة إذا كانوا سيقابلون اهاليهم مرة اخرى ام لا .. لهذا اعتمد أطفال المخيّمات على الأولاد الأكبر سناً للحصول على الأمان !

5- قتل الإلمان والمتعاونين معهم ما يصل إلى 1.5 مليون طفل ، من بينهم أكثر من مليون طفل يهودي وعشرات الآلاف من أطفال الروم «الغجر» .. كما قتلوا أيضا اطفالاً ألمانيين من ذويّ الإعاقات الجسديّة والعقليّة ، والذين عاشوا في مؤسسات اجتماعيّة.. كما قتلوا أطفال بولنديين ، واطفالاً أقاموا في اراضى الإتحاد السوفيتي المُحتلة انذاك.

6- والكثير من الأطفال قتلوا فور وصولهم لمراكز التفتيش النازيّة على الطرقات

7- وهناك أطفال قتلوا مباشرةً بعد الولادة ، أو داخل مؤسسات إجتماعيّة بأوامر عليا ! 

8- الأطفال الذين ولدوا في الأحياء اليهوديّة ومعسكرات الإعتقال النازيّة ، نجى بعضهم بعد تخبأتهم من قبل السكّان ..ونجح بعض سجناء المعسكرات بحمايتهم من الجنود بطريقةٍ او بأخرى !

9- الأطفال فوق سن 12 ، إستخدموا في الأعمال القسريّة .. وبعضهم مات تحت تأثير التجارب الطبّية اللّاإنسانيّة

10- هناك أطفال قتلوا خلال عمليات الإنتقام ، أو ما سمّاها النازيّون بعمليات مكافحة الموالين

11- وأطفال ماتوا جوعاً او لنقص الدواء ، او لعدم وجود مأوى أو ملابس مناسبة لتغيّرات الطقس

12- قُتل من أطفال الرومان «الغجر» ما يقارب من 5000 إلى 7000 طفل !

13- اما اطفال قرى الإتحاد السوفيتيّ المحتلّة انذاك ، فقتلوا مع ابائهم وامهاتهم.

14- وبعض الأطفال من حسني المنظر ، تمّ تبنيهم من عائلات عرقية ألمانية مناسبة !

15- اما الحوامل ، فكثير منهن أجبرن على الإجهاض

16- بينما هرب العديد من الأطفال مع والديهم أو أقاربهم ..وفي احيانٍ أخرى بمفردهم بعد فرارهم من المعسكرات العائلية ، ليتم إنقاذهم من سكّان رحيمين رفضوا التعامل بقسّوة مع الأسرى الصغار

17- بعض رجال الدين والعلمانيين الكاثوليك في عدة بلديات نجحوا بتخبئة الأطفال عن الجنود 

18- بعد انتهاء الحرب ، وُجد آلالاف الأطفال اليتامى في مخيّمات المشرّدين وفي الطرقات !

19- عدا عن الأطفال الذين رحّلوا الى بلادٍ مجاورة او مستوطنات للاجئين

***

بالنهاية لا ننكر إن ما حصل مع اطفال الحرب العالمية الثانية مازال يتكرّر في كل بلدٍ تخوض حرباً عبثية .. أعانهم الله جميعاً على قلوب البشر القاسية !  


هناك تعليقان (2):

  1. لافيكيا سنيورا

    قصه مؤثره

    ردحذف
  2. للاسف كل هذه تذكر كحقائق ولكن لا يمكن التأكد أبدا من صحتها بنسبه تطمئن اليها النفس . فالولايات واليهود عملوا على تضخيم ماحدث بصوره خياليه حتى يستطيعوا ابتزاز العالم اولا ثم احتلال فلسطين ثانيا .

    ردحذف

مسابقة الجدارة

تأليف : امل شانوحة منصبٌ رفيع إستوفى خمسة شباب شروط الوظيفة في شركةٍ مرموقة .. واجتمعوا في مكتب المدير العام (أغنى تجّار البلد) الذي قال لهم...