الأربعاء، 21 سبتمبر 2022

المراهنة الدمويّة

تأليف : امل شانوحة 

 

النادي المهجور


في ساحةٍ مسقوفة لناديٍّ رياضيّ مهجور ، إستيقظ الرجال العشرة (بزيّهم البرتقالي المُخصّص للإعدام) على صوت جرسٍ قويّ ، وهم ينظرون لبعضهم باستغراب دون فهم ما حصل ! 


وهنا سمعوا مكبّر الصوت يقول :

- اهلاً بكم في يوم الحساب !!

فسأله أحدهم : من انت ؟! ولماذا جمعتنا هنا ؟

وسأل الآخر : كنت مسجوناً ، فهل أُفرج عني ؟!

فأجابهما الصوت الغامض : 

- دعوني أعرّفكم على بعضكم ..انتم محكومين بالإعدام في عدةّ سجونٍ بولاياتٍ امريكيّة ، بسبب جرائمكم العنيفة .. لهذا قرّرنا إعطائكم فرصةً جديدة 


أحدهم باهتمام : ماذا تقصد ؟!

الصوت : ستلعبون لعبةً خطيرة ، إن نجحتم بتخطّي جميع مراحلها ، يُفرج عنكم بإعطائكم هويّات جديدة وتذكرة سفر لأوروبا ، مع تأمين منزلٍ ووظيفةٍ لائقة لبدء حياةٍ نظيفة ..

- وفي حال فشلنا ؟

الصوت : تموتون على الفور

- هل ستقتلوننا ؟!


الصوت : هذا متوقف على قوتكم البدنيّة والعقليّة لتجاوز مسابقتنا التي فيها 9 مراحل .. ومن يصل لخط النهاية سليماً ، يحصل على حياةٍ رائعة.. اولاً تتناولوا غدائكم من الغرفة التي سنفتحها الآن.. ألقاكم بعد قليل لبدء المسابقة

***


توجّه السجناء نحو الغرفة ، ليجدوا مائدةً كبيرة عليها ما لذّ وطاب ..فهجموا على اللحم والدجاج ، لأنهم لم يتذوّقوا (طوال سنوات سجنهم بانتظار إعدامهم) سوى العصائد المقرفة ! 


ليس هذا فحسب ! بل وجدوا اصنافاً متنوّعة من الحلوى ، يتذوّقه بعضهم لأول مرة في حياته ، لسوء احواله المادية قبل سجنه 

***


بعد الإنتهاء من تناول طعامهم ، ظهر الصوت ثانيةً :

- سنعطيكم ساعة للتّعارف بينكم ، قبل بدء اللعبة

فسأله أحدهم : ولما لا نلعب الآن ، للحصول على حريّتنا سريعاً .. فأنا مشتاق لرؤية عائلتي

الصوت : اولاً من الناحية الصحيّة : خطأ القيام بمجهودٍ بدنيّ بعد وجبةٍ دسمة .. ثانياً : حتى لوّ خرجتم من هنا ، ممنوع رؤية عائلاتكم

- لماذا ؟!


الصوت : لأن الجميع ينتظرون إعدامكم ..ودفعنا مبلغاً كبيراً لإدارة سجونكم ، لنقلكم مُخدّرين الى هنا.. فإن عرف اهالي ضحاياكم بالإفراج عنكم ، ستحدث بلبلة كبيرة في بلداتكم .. لهذا الفائز منكم ، سنسفّره فوراً لخارج اميركا  

- لكني مشتاق الى اولادي ، فأنا لم ارهم منذ 7 سنوات !

الصوت : اساساً لا أحد من اهلكم يتوقع رؤيتكم ، بعد صدور حكم إعدامكم .. وبرأيّ لا تكترث لهم .. فبهويّتك الجديدة ، يمكنك الزواج ثانيةً وإنجاب غيرهم .. هذا في حال فزت بمسابقتنا الصعبة 

- تتكلّم بصيغة الجمع ، فمن انتم ؟


الصوت : لنقلّ .. كبار البلد وأثريائها

- أتراهنون علينا ؟!

الصوت : نعم .. وكل واحدٍ منا ، إختار أحدكم للفوز باللعبة .. تماماً كسباق الخيل .. والثريّ الذي يفوز سجينه ، عليه التكفّل بتغيّر حياته من ماله الخاصّ .. الآن سأترككم تتعرّفون على بعضكم ، قبل أن تقضي المسابقة عليكم الواحد تلوّ الآخر !

ثم اختفى الصوت..


فقال أحدهم بضيق : لا يعجبني معاملتهم لنا بطريقةٍ وضيعة !

- انا لا يهمّني سوى الهجرة لأوروبا 

سجينٌ آخر : معك حق ، أيّ شيء أهون من الإعدام .. ثم لا اظن لعبتهم صعبة علينا .. فنحن اقوياء جسديّاً ونفسيّاً ، ويمكننا تخطّي مراحلها بسهولة

- اوافقك الرأيّ .. 


السجين الأول : حسناً دعونا نتعرّف على بعضنا ، دون ذكر أسامينا .. أنا من ولاية كاليفورنيا ، سفّاح متسلّسل .. قتلت سبعة نساء .. وكنت أنوي الوصول ل30 ضحيّة ، لكن الشرطة قبضت عليّ باكراً !

- وما سبب إختيارك النساء ؟

السجين 1 : قتلت اولاً زوجتي الخائنة .. ثم امها..ثم صديقتها المقرّبة ..اما الأخريات ، فصادفتهنّ بطريقي .. ويبدو أن زوجتي جعلتني أكرههنّ جميعاً .. ماذا عنك ؟


السجين الثاني : انا تاجر اعضاء بشريّة .. خطفت ما يقارب 40 طفلاً من اولاد الشوارع ..وبعت اعضائهم بالسوق السوداء .. ولم يلاحظ أحد إختفائهم .. الى ان اخطأت بخطف طفلٍ عاديّ .. فلاحقني والده المحامي بشراسة ، مُساعداً الشرطة بالقبض عليّ .. كما استطاع إقناع القاضي بالحكم بإعدامي !


السجين الثالث : انا أشبهك نوعاً ما .. الفرق انني تصيّدت المشرّدين المدمنين الذين يشوّهون صورة مدينتي الساحليّة .. قتلتهم بمسدسي كاتم الصوت ، كل مساء أحد .. الى أن التقطت إحدى كاميرات الطرق رقم سيارتي .. وقبضوا عليّ ، بعد قتلي عشرين قذراً لا لزوم لهم بالحياة .. ماذا عنك ؟


السجين الرابع : أكلت حبيبتي

الجميع بصدمة : ماذا !

السجين 4 : إنهار ثلج الجبل فوق سيارتنا .. ولم نستطع فتح الأبواب او تكسير النوافذ.. وبقينا عالقيّن لأيام ، الى أن ماتت من البرد .. فقطّعت أجزاءً من جسدها بالسكين ، وأكلت لحمها نيّئاً .. قبل أن يلمح احد المارّة نور سيارتي الخلفيّة ، ويتصل بالشرطة .. ورغم دفاعي المُستميت بالمحكمة ، قيامي بذلك غصباً عني .. إلاّ أن اهلها أصرّوا على إعدامي ، لجرمي الغير إنسانيّ ! 

- الم تشعر بتأنيب الضمير وأنت تقطّع جسد حبيبتك ؟! 

السجين 4 بحزن : كأني آكل الجمر .. لا أظن أحداً سيتفهّم ما عانيته ، الاّ من اقترب مثلي من الموت .. ماذا عنك ايها العجوز ؟


السجين الخامس : كنت سائق شاحنة ، أنقل البضائع بين المدن .. وفي إحدى الليالي الباردة .. أوقفتني فتاة ليل مخمورة ، لأوصلها بطريقي .. وصارت تستفزّني بدلالها المائع ، الى أن اعتديت عليها .. فهدّدتني بإبلاغ قوادها إن لم ادفع ضعف الثمن ، لعنفي معها .. فخنقتها بيدايّ حتى ماتت .. ومن بعدها لاحقني قوّادها (رجل العصابة) من مكانٍ لآخر ..فاستدرجته لإيقاف سيارته والمشي خلفي الى عمق الغابة ، وقتله هناك .. لأفاجأ بوجود صديقته في سيارته ، التي فرّت قبل إمساكي بها ! ..ومن يومها قتلت كل فتيات الدعارة اللآتي صادفتهنّ بطريقي ، خوفاً أن يكنّ تابعات لنفس العصابة .. حتى وصل عددهنّ الى ثلاثين فاسقة .. الى أن وقعت بالكمين ! وقبضت عليّ شرطية مُتخفيّة ، خبيرة بفنون القتال .. بينما انا رجلٌ عجوز كما ترون .. ماذا عنك ؟ 


السجين السادس : انا تاجر مخدرات ، بعت صنفاً رخيصاً لأولاد المدارس.. فطالب الأهالي بإعدامي ، لإضاعة مستقبل اولادهم المراهقين .. وأظن العشرات منهم مازالوا يتعالجون من الإدمان حتى اليوم


السجين السابع : اما انا ، فمقاولٌ محترم

- أحقاً ! ولما حُكم عليك بالإعدام ؟

السجين 7 : لأني قلّلت كميّة الحديد في أساسات مبنى سكنيّ ، لبيعه لمشروعٍ آخر ..فانهدم البناء بعد سنة من إعماره .. وماتت 7 عائلات تحت الأنقاض .. بينما طالب 6 أحياء من السكّان ، بإعدامي .. وكنت على وشك نقض الحكم الى سجنٍ مؤبّد ، قبل استيقاظي هنا!


السجين الثامن : اما انا ، فقد استفزّني رؤية الشرطة يأكلون في مطعمٍ شعبيّ .. فأخرجت رشّاشي من صندوق سيارتي ، وقلتهم جميعاً ..كانوا ثمانية على ما أذكر !

- ولما تكرههم لهذه الدرجة ؟!

السجين 8 بقهر : لأن اخي الكبير سُجن بعمر المراهقة ، لإشعاله النار في مدرسته التي طُرد منها .. فقام شرطيان بالإعتداء عليه طوال مدّة حبسه.. وعندما أُفرج عنه ، كان أشبه بالميت ..وانا وجدته منتحراً بغرفته ..وهذه الحادثة دمّرتني تماماً ، وجعلتني أكره الشرطة.. ماذا عنك ؟ تبدو رجلاً محترماً !


السجين التاسع : كنت أعمل في شركةٍ تجاريّة .. وبعد زواجي من زميلتي .. أخبرتني بمبلغ التأمين الضخم على حياتها ، المُقدّم من والدها الثريّ.. مما أغراني للتخطيط بقتلها ، بشكلٍ يُبعد الشبهات عني .. لكن والدها وكّل مُحقّقاً جنائيّاً بارعاً ، إستطاع اثبات تورّطي بالجريمة .. كما ضغط على المحلّفين لموافقتهم على إعدامي !.. ماذا عنك ايها الشاب اليافع ؟


السجين العاشر : انا هاكر محترف

- لست قاتلاً ؟!

السجين 10 : لا ابداً .. كل ذنبي انني استطعت إختراق حسابات اثرياء البلد ، وسحب اموالهم للتبرّع بها للجمعيات الخيريّة

- مثل روبن هود ؟

السجين 10 : شيء من هذا القبيل ..ويبدو انني ارعبت الكبار .. ولخوفهم من تكرار فعلتي ، ضغطوا على القاضي لإعدامي الإسبوع القادم .. قبل تورّطي بهذه المسابقة الغريبة !


وهنا قطع كلامه صوت الميكروفون :

- إنتهت الإستراحة !! هيا أخرجوا للساحة ، لبدء لعبتكم الأولى

***


وكانت عبارة عن لعبة الرماية .. فاستسّهلها المجرمون السبعة ، لاستخدامهم المسدسات من قبل .. بينما إستصّعبها المقاول والهاكر وآكل لحم حبيبته ، الذين لا خبرة لهم بالأسلحة .. 

وكان عليهم إصابة الصحن الطائر الذي يُطلق من جانبيّ الملعب .. فإن اصابوه ، ينتقلوا للعبة الثانية.. ولديهم ثلاث محاولات ..


فنجح المجرمون بإصإبة الصحن من المحاولة الأولى والثانية.. بينما نجح الهاكر والمقاول من المحاولة الأخيرة ، بصعوبةٍ بالغة 

ولم يتبقى سوى الرجل (آكل حبيبته) الذي فشل بجميع المحاولات ، وحان وقت عقابه : وعليه الركض بسرعة من اول الملعب حتى آخره ، هرباً من الطلقات العشوائيّة لمسدسٍ إلكترونيّ.. 


ليشهد المتسابقون التسعة مقتله قبل خطوتين من خطّ النهاية ، بعد أن اصابت رأسه رصاصةً طائشة .. 

وهنا ادرك المتسابقون انهم في مسابقةٍ دمويّة ، والمحظوظ من يُنهيها حيّاً دون إعاقةٍ دائمة !

***


بعدها أمرهم الصوت بالإنتقال لقبو الملعب ، لبدء اللعبة الثانية : 

وهي عبارة عن عشرة حفرٍ ، مُغطّاة بقماشٍ اسودٍ سميك ..وعليهم إختيار أحدها للقفز فيها ! جميعها حفراً ترابيّة لا تتعدّى المترين .. ماعدا واحدة ، فيها رؤوساً حادّة كالسكاكين .. والقفز فوقها ، سيمزّق اجسادهم لأشلاء .. 


فتجمّدوا في اماكنهم رعباً .. فأضيئت شاشة القبو ، لعرض صور اولادهم وزوجاتهم .. مع تهديد صوت الميكروفون :

- نحن نعلم عناوين عائلاتكم .. ومن يرفض اللعب في مسابقتنا ، نأمر قتلتنا المحترفين بالتخلّص من احدهم .. لهذا امامكم دقيقة واحدة لاختيار الحفرة التي ستقفزون فيها.. سيبدأ العدّ التنازلي ... الآن !!


وأول من تحرّك منهم ، هو العجوز الذي رمى نفسه في الحفرة الأولى.. ليسمعوا جميعاً صراخه المتألّم ، مما اراحهم .. فهذا يعني ان بقيّة الحفر سليمة .. فسارعوا بالقفز فيها ، قبل انتهاء الوقت .. وقبل قفز آخر متسابقيّن ، سمعوا صرخةً مدويّة للشخص الذي سبقهما !


فنظرا لكاميرا السقف بغضب :

- الم تقل إن السكاكين موجودة في حفرةٍ واحدة ، ايها الكاذب؟!!

فأجابهما الصوت : المتسابق العجوز لوى قدمه بعد سقوطه بالحفرة الفارغة ، ونحن نعالجه الآن.. اما تاجر المخدرات (لأولاد مدارس) فقد قفز فوق السكاكين .. وهاهو ينزف حتى الموت .. يمكنكنا القفز في حفرتكما بأمان


ولم يكن امامهما سوى تصديقه.. وبالفعل وجدا حفرتهما فارغة ..ومشيا في سردابٍ طويل ..الى ان تجمّعا مع بقيّة الفائزين في غرفةٍ ثانية .. قبل انضمام العجوز اليهم وهو يعرج ، بعد معالجة قدمه برباطٍ طبّي .. فعاتبه السفّاح :

- ايها اللعين !! صراخك جعلنا نقفز دون التروّي باختيار الحفرة ، جيد اننا لم نُقتل بسبب التواء قدمك !

العجوز : لا يمكننا التفكير في هذه المسابقة ، نحن مجرّد فئران تجارب


فظهر الصوت ليقول : 

- بلى !! توجد ضمن مسابقتنا العاب ذكاء ، فلا تستعجلوا ..الآن ستبدأ اللعبة الثالثة

***


وفُتح بابٌ جديد ! ليجدوا بداخل الغرفة : ثمانية آلات رياضيّة مُخصّصة للمشي ..

قائلاً الصوت :

- عليكم الإستمرار بالسير عليها ، مهما زدنا سرعتها .. ومن يتعب منكم ، يجد حقنة مغروزة في مؤخرته ، فيها سمٌّ يقتل حصان بثواني .. هيا إصعدوا عليها ، ونحن سنتحكّم بحركتها ..

العجوز بخوف : وكيف سأنجح بهذه اللعبة اللعينة ، وانا أكبرهم سناً ورجلي ملتويّة ؟! 

الصوت : إمّا أن تجرّب حظّك ، او نقتل ابنك الوحيد الذي يعمل الآن في ورشته  

العجوز بغضب : اللعنة عليكم !!


وصعد وهو يستند على طرفيّ الماكينة ، قائلاً بصوتٍ منخفض وهو يكتم دموعه : 

- انا ميت بجميع الأحوال


ثم بدأت الماكينات بالتحرّك ببطء .. سرعان مازادت سرعتها .. ليلاحظوا ابرة حادّة تقترب من مؤخّراتهم ! 

مما جعل العجوز يتعثّر خوفاً ، لتنغرز الإبرة في رقبته ! 


وهنا توقفت جميع الماكينات الرياضيّة ، ليشاهدوا إنتفاضات العجوز المرعبة ، قبل تسليمه الروح !

فقال الصوت : ارأيتم !! لم تكن اللعبة صعبة ، فالعجوز اختصرها لعشر دقائق فقط .. لهذا تجهّزوا للعبة القادمة التي ستجدونها بالقاعة المجاورة

***


ودخلوا الى هناك ، ليشاهدوا اسلاكاً شائكة على طول قاعة الجمباز المهجورة ! 

قائلاً الصوت :

- عليكم تجاوز المتاهة للوصول لبوّابة القاعة الثانية.. مع العلم بأن اسلاكها مُكهّربة ايضاً .. لهذا انتبهوا اثناء مروركم من طرقاتها الضيّقة.. وعليكم الوصول لخطّ النهاية خلال 5 دقائق .. الوقت يبدأ .. الآن !!


فاختار كل واحدٍ منهم ، طريقاً متشعّباً للمتاهة .. وهم يتوخّون الحذر من لمس اسلاكها المُكهّربة .. وأول الواصلين : هو الهاكر بخلال دقيقتين فقط .. بينما انتشر البقيّة في طرقاتها المتفرّعة .. الى ان وصلوا جميعاً للبوّابة الثانية ، قبل انتهاء الوقت بقليل .. 


فيماعدا سفّاح النساء الذي كان بديناً ، فعلقت ملابسه بإحدى الأسلاك .. وأثناء تحرير نفسه ، لمس السلك المُكهّرب .. ليسمعوه من بعيد وهو يُصعق حتى الموت !  

وهنا قال الصوت : 

- موظفونا سيسحبون جثته بعد قليل.. الآن إدخلوا للغرفة التي امامكم ، لبدء اللعبة التالية

***


ووجدوا بالداخل منصّةً صغيرة ، عليهم الوقوف عليها للإجابة على عشر اسئلة تفضح اسرار حياتهم ! قبل قيام ذراعين إلكترونيين بلفّ القماش السميك حولهم كالمومياء ، لكتم أنفاسهم حتى الموت ! 


وبدأ الهاكر اولاً ، فليس لديه ما يخجل منه .. فهو كان متفوّقاً بدراسته ، ومواطنٌ شريف يحب مساعدة الفقراء .. لهذا اجاب على الأسئلة العشرة بسرعة ، ليتوقف دوران القماش عند خصره .. 


لكن الأمر لم يكن سهلاً على بقيّة المتسابقين الذين تفاجأوا بنوعيّة الأسئلة التي تتعلّق بطفولتهم وعلاقتهم مع الجنس الآخر ، ولم يفهموا كيف حصل المراهنون الأثرياء على اسرارهم الخاصّة ! 


وكان الخاسر الوحيد بينهم : قاتل المشرّدين الذي كان فقيراً طوال طفولته ومراهقته .. وبدل شعوره بمعاناة البؤساء ، كرههم بعد تيّسر احواله الماديّة ! والذي حاول بصعوبة التنفّس اسفل القماش السميك الذي غطّى كامل وجهه ، الى أن توقف عن الحِراك .. ليموت واقفاً كالمومياء ، امام أعين زملائه !

***


ثم صعدوا مجدّداً للساحة (حسب اوامر الصوت) لبدء اللعبة التالية : ليجدوا حوضاً زجاجيّاً عاموديّاً ! عليهم النزول فيه ، بعد تقيّد الموظف المُقنّع (المُسلّح) اقدامهم بسلاسل مربوطة بأسفل الحوض .. وإعطائهم حلقة فيها ثلاثين مفتاحاً .. عليهم إيجاد المفتاح المناسب لفتح القفل ، اثناء ملء الحوض بالماء .. فإمّا أن ينجوا ، او يموتون غرقاً ! 



وفاز الجميع قبل انقطاع أنفاسهم .. فيماعدا قاتل اولاد الشوارع الذي لديه رهاب الغرق ، فهو لم يسبح في حياته .. لهذا لم تستطعّ يداه المرتجفتان إيجاد المفتاح في الوقت المتاح له ! 

وأمضى دقيقته الأخيرة بالطرق على الجدران الزجاجيّة ، برعبٍ شديد .. مما أشعر الهاكر بالشفقة عليه ، فصرخ قائلاً : 

- المفتاح الصدىء ، هو مفتاح السلّسلة !! 

لكن الرعب الذي انتاب المتسابق ، أدّى لموته غرقاً !  


فقال الصوت بحزم : الغشّ ممنوع !! في المرة القادمة ، نقتل من يساعد غيره من المتسابقين .. هل كلامي مفهوم ؟!! 

فسكت الجميع من رهبة الموقف ، فأكمل الصوت قائلاً : 

- الآن انتقلوا للغرفة المجاورة ، لبدء اللعبة الجديدة 

***


وكان عليهم اولاً : صعود السلّم الموصول بجسرٍ خشبيّ متأرجح ، يوصلهم للجهة المقابلة .. بعد قيام الموظف المُقنّع برشّ البنزين على ملابسهم ، وإشعال بركة النار اسفل الجسر ! فإن سقطوا بداخلها ، يحترقون فوراً ..


ولأن الجسر لا يتعدّى ثلاثة امتار ، استطاعوا جميعاً تجاوزه .. ماعدا قاتل زوجته (للحصول على التأمين) الذي يعاني من حولٍ في عينيه ، جعله يسقط بعد خطوتين ! 

ليسمع الجميع صراخه المتألّم وهو يحترق حتى الموت..


ثم نادى الميكروفون : الآن توجّهوا للقبو ثانيةً ، فالموظفون غيّروا ديكوراته للعبتكم الجديدة

*** 


وفي القبو .. وجدوا خزانة مليئة بالدبابيس الحادّة على جانبيها ، وعليهم الوقوف بداخلها .. وامامهم شاشة حاسوب : تظهر عليه صور حيوانات ، ثم تختفي سريعاً .. وعليهم إيجاد الصورتين المتطابقتين خلال 10 ثواني ، وإلاّ سيقترب طرفيّ الخزانة الحديديّة من اجسادهم !

ومن يخطئ بالمحاولة الخامسة ، تنغرز الدبابيس الحادّة بكافة جسمه حتى الموت !


واستطاعوا جميعاً الإجابة ، فيماعدا قاتل الشرطة الذي يعاني من ضعفٍ في الذاكرة .. لهذا وقبل إجابته السؤال الأخير (بعد اقتراب المسامير كثيراً من جسده) قال لهم بحزن : 

- إخبروا عائلتي انني انتقمت لأخي الكبير ، الذي أتمنى رؤيته في العالم الآخر.. 


ثم ودّعهم ، قبل ضغطه على الإجابة الخاطئة .. ليشاهدوا إنطباق الخزانة على جسده ، ويسمعوا صرخته الأخيرة المؤلمة ! 


ليظهر صوت الميكروفون : 

- هآ نحن اقتربنا من نهاية المسابقة.. مبروك للفائزيّن !! مازال امامكما لعبةً أخيرة ، تجدونها بساحة الملعب.. إصعدا الى فوق 

***


والرابحان هما : المقاول والهاكر ، اللذيّن ربطهما الموظف بعدّة حبالٍ رفيعة .. ثم رفعهما لسقف الملعب ، المرتفع 8 امتار عن الأرض.. 

وعليهما الإجابة على اسئلةٍ ثقافيّة .. ومن لا يجبّ : تُقطع إحدى حباله العشرة المُعلّق فيها !


وكان كلاهما يملكان الثقافة العامة ، لكن الهاكر الأسرع بالإجابة ..مما جعل المقاول مربوطاً بحبلٍ واحد ، بينما الهاكر مربوطاً بستة ..فترجّاه المقاول بخوف :

- رجاءً دعني أجيب قبلك ، فأنت مازلت بأمان .. على الأقل نافسني حينما تصل لحبلين فقط .. فأنا لديّ طفلٌ صغير ، اريد رؤيته .. وانت شابٌ صالح تحب المساكين ، فرجاءً ساعدني 


فشعر الهاكر بالذنب ، ولم يجب على الأسئلة التالية التي يعرف إجاباتها .. الى أن اصبح مربوطاً بحبلٍ واحد مثل المقاول ! 

وبقيّ سؤالٌ فاصل بينهما .. من يجيب اولاً ، يربح المسابقة .. ويموت الآخر ، بوقوعه على رأسه من ارتفاعٍ شاهق ! 


وكان السؤال عن الحرب العالمية الثانية التي يحفظها الهاكر منذ صغره ، فأجاب بسرعة .. ليسقط المقاول بغضون ثوانيٍ على الأرض ، مُخلّفاً بركة من الدماء !

 

ثم أنزل الموظف الهاكر من فوق ، مُتزامناً مع الموسيقى الصاخبة التي تُعلن فوزه بالمسابقة الدمويّة !


صوت الميكروفون : 

- مبروك الفوز يا بطل !! فأنا راهنت عليك منذ البداية لأنك لست مجرماً مثلهم ، بل شابٌ عبقريّ .. وبدل أن تستفيد الدولة من ذكائك ، حكموا عليك بالإعدام ! .. لهذا سنسلّمك جواز سفرٍ ، بهويّتك الجديدة .. وسيستقبلك موظفنا في مطار فرنسا ، لإيصالك الى منزلك.. وبعدها بأيام تستلم وظيفتك المكتبيّة ، لتعيش حياةً نظيفة بعيداً عن أعين الشرطة والمحقّقين .. أحسنت يا ديفيد !!  

***


بعد ساعة ، تمّ تسفير ديفيد (الهاكر) الى مطار فرنسا في طائرةٍ خاصة  

***


في مكانٍ آخر .. إجتمع المراهنون العشرة ، قائلاً احدهم بقلق :

- ليته لم ينجح

المراهن الفائز : أمازلت مغتاظاً لأني راهنت على الأمهر بينهم ؟

فأجابه بعصبية : لا يا ذكي !! ديفيد هاكر محترف ، وربما مستقبلاً يتلاعب بحساباتنا البنكيّة ! 

المراهن الفائز : ولهذا نقلته الى فرنسا ، فتهكير حسابات أثرياهم لن يضرّنا

- بل أظنه سينتقم منا ، لأننا جعلناه يعيش اوقاتاً صعبة.. فنحن أخبرناه ببداية اللعبة ، اننا اثرياء بلدته 


مراهن آخر : وماذا تقترح ؟ 

- لا اريد المخاطرة بأموالي .. لهذا سآمر الموظف الذي سيستقبله بالمطار الفرنسي أن يقتله بمكانٍ نائي ويتخلّص من جثته ، كيّ لا يفضح مراهناتنا السرّية الغير قانونية

المراهن الفائز مُعترضاً : لكنهم لعبوا في ناديٍّ مهجور ، بعيداً عن أعين الشرطة .. كما خدّرنا ديفيد قبل نقله لطائرتي الخاصة .. فهو لا يعرف مكان مسابقتنا الدمويّة ! 

- قلت لك !! لن اراهن بتعبي وشقائي امام خبير كمبيوتر ، يدّعي الإنسانيّة والنزاهة 


مراهن آخر : وانا اوافقك الرأيّ ، لنقتل روبن هود المخادع

المراهن الفائز : لكنّا وعدناه بالجائزة ؟!

- سنحقّق وعدنا مع مساجين جدّد ، لكن ليس ديفيد المحترف .. والأفضل أن نختار في المرة القادمة مجرمين حمقى ، لنتخلّص منهم بسهولة 


ففكّر المراهن الفائز قليلاً ، قبل أن يقول : 

- حسناً موافق ، لكن بشرط !! نجعل العابنا القادمة أكثر دمويّة ورعباً 

- الأمر متروكاً لك ، فأنت عقلنا المدبّر ايها الشيطان الماكر

وابتسموا بخبث !


هناك 4 تعليقات:

  1. هذه من القصص التي أفخر بها ، وأظنها تصلح كفيلمٍ أجنبي .. أتمنى أن تعجبكم

    ردحذف
  2. لافيكيا سنيوووورا

    طبتي وطابت اوقاتك اختي امل ..بمجرد ماقرأت العنوان فز قلبي طربا لقرأتها فوراً لاني عرفت انها ستكون قصه حلووووه جدا .وبالفعل ماخاب ظني ..
    ثم توقعت ان يكون الهاكر هو الفائز وكان توقعي في محله..

    انها من اروووع القصص
    لقد نالت اعجابي واعجاب اعجابي حتا تعجبت من عجبي واعجابي هههههههههه


    سلمت اناملك اخت امل


    لافيكيا سنيورا
    لافيكيا سنيورا

    ردحذف
  3. شكرا علي هذا العمل المبهر . لقد اعتقت اني اشاهد فلم

    ردحذف
  4. يا الهي ما كل هذه الدماء والساديه
    هذه مجزره شنيعه
    انا أطالب بعودة جاكلين فورا لتضع حدا لهذه
    الملحمه هههههه
    ان حياتنا لا تخلو من مثل هذه الالام فرفقا بنا
    ولنعد لمروان حتى لن نمانع ههههه

    ولكن برايي اول قاتل ليس مجرما ذاك الذي قتل زوجته الخاءنه وامها الحقيره وصديقتها الوضيعه هذا يستحق جاءزه ووساما

    ❤💙💚💛💜💓💔💕💖💗💘💝💞💟💞❤💙💚💛💜💓💔💕💖💗💘💝💞💟❤💙💚💛💜💓💔💕💖💗💘💝💞💟❤💙💚💛💜💓💔💕💖💗💘💝💞💟

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...