الاثنين، 19 سبتمبر 2022

المُصعد المُراقب

كتابة : امل شانوحة 

 

إنتقام الماضي


في ليلةٍ باردة ، عند الساعة الثامنة مساءً .. جلس العجوز جاك في غرفة المراقبة ، لمتابعة حركة المصاعد الستة لناطحة سحاب (فهي سنته الأخيرة قبل التقاعد)  

وارتشف قهوته وهو يراقب كاميرات المصاعد الداخليّة ، لإصلاح أيّ عطلٍ طارىء .. 


فجأة ! تشوّشت إحدى الشاشات .. ليشاهد من خلالها فيديو لرجلٍ مُقنّع يلوّح بسكينته ، امام مهد حفيدته في بيته ! 

قبل عودة الشاشة لتصوير المصعد الفارغ .. 


فترك جاك عمله ، مُسرعاً الى منزله الذي يعيش فيه مع ابنته المطلّقة وطفلتها..

***


حين وصل ..وجد ابنته مُقيّدة بالحبال في سريرها ، ومُكمّمة الفم بلاصقٍ قويّ .. ما أن ازاله ، حتى صرخت باكية :

- أنقذ ابنتي ، يا ابي !!!


فأسرع الى غرفة حفيده ، ليجد مهدها خالياً ! ورسالة داخل سريرها ، مكتوباً فيها :

((هل تتذكّرني ايها اللعين ؟!!))

***


بعد قليل ، وصلت الشرطة.. وبحثوا في أرجاء المنزل ، دون إيجادهم أثراً للدخيل الذي لم يسرق من المنزل سوى الطفلة الصغيرة !


لتمرّ الليلة بصعوبة على الجدّ وابنته ، وهما يبكيان على الطفلة المفقودة 

***


في منتصف الليل ، وبعد نوم الأم بصعوبة .. تهالك العجوز على سريره بعينيه الدامعتين ، مُحاولاً تذكّر ماضيه .. فالخاطف يبدو لديه ثأراً قديماً معه ! مع انه لم يعادي أحداً في حياته ، فهو موظفٌ مجتهد ، ولديه العديد من الأصدقاء ، وسمعته طيبة في العمل وبين جيرانه .. فمن ذلك المقنّع الذي ارسل تهديده الى مكان عمله ؟ وهل يعرفه شخصيّاً ؟!

***


قبيل الفجر ، إستيقظ جاك للذهاب لدورة المياه ..وعندما عاد ، وجد فيديو مُرسل على جواله من مجهول :

((حيث رفع المقنّع صورة امام الكاميرا ، لولدٍ في السابعة من العمر .. وهو يسأله : 

- هل تذكّرتني الآن يا جاك ؟ 

وانتهى الفيديو !))


وأوشك جاك على إرسال الفيديو للشرطة ، لكنه رغب في معرفة الصبيّ اولاً.. فأخذ يتمعّن في صورته لدقائق ، الى أن تذكّره .. 

فهو عمل سابقاً بمراقبة مصعدٍ في مبنى سكنيّ ، قبل انتقاله للعمل في ناطحة السحاب.. 


فقد كان هذا الولد مُشاغباً للغاية ، يُحب الضغط على جميع ازرار المصعد بعد عودته من المدرسة .. مما يطيل إنتظار الجيران الذين يعودون من عملهم بنفس الوقت ، والذين اشتكوا لجاك بطء حركة المصعد


ليراجع جاك الكاميرات ، ويتعرّف على المشاغب الصغير .. لكنه فضّل عدم إخبار اهله بأفعاله ، رغبةً بتأديبه بنفسه..

^^^


وفي اليوم التالي ، إنتظر عودته من المدرسة .. وقبل وصول الولد الى طابقه .. قطع جاك الكهرباء عن المصعد .. ليس هذا فحسب ، بل تلاعب به صعوداً ونزولاً ، كيّ لا يتسنّى للصبيّ الطرق على باب المصعد للإستنجاد بالجيران .. كما اطفأ الأنوار الداخليّة للمصعد لإرعابه ، لدرجة جعلته يلوّث ملابسه !


وبعد ساعة من تعذيبه النفسي للصغير ، تحدّث معه بميكروفون المصعد : مُهدّداً بعقابه إن لعب بالأزرار ثانيةً .. فوعده الصبيّ باكياً ، بعدم استخدام المصعد طوال حياته

^^^


حتى عندما شكى الصبيّ لأهله ما حصل ، أنكر جاك كلامه وأخبرهم انه انشغل طوال النهار بإصلاح عطل المصعد ، لهذا لم يصدّقه والداه .. فجاك معروفاً بنزاهته وأخلاقه الرفيعة بين سكّان المبنى.. 

^^^


ولم يشفق جاك على الصغير وهو يراه يحمل حقيبته الثقيلة ، صاعداً الى الطابق الخامس يومياً على السلالم ، بعد معاناته من رهاب الأماكن الضيّقة والمظلمة بسبب حادثة المصعد !

***


بعد ساعة .. إتصل المقنّع من جديد ، ليقول جاك بندم :

- انا آسف

المقنّع : على ماذا ؟

- تذكّرت ما فعلته بك .. لم يكن من حقّي إخافة صبيّاً صغيراً 

- ذاكرتك جيدة ايها العجوز .. لكن ليس هذا ما جعلني أخطف حفيدتك

جاك : اذاً لماذا ؟


المقنّع : لطالما أحببت العمل في المطافىء ، وكنت جيداً بإطفاء الحرائق .. وفي يوم وصلنا إتصال عن اولادٍ يلعبون في منزلٍ آيلٍ للسقوط .. فذهبت وحدي لاكتشاف المكان ، فانهارت الأرضيّة الخشبيّة تحت قدمايّ .. ووقعت في قبو المنزل المظلم قرابة ساعة ، قبل أن يصل فريق العمل ويسحبني من هناك .. وكنت منهاراً تماماً بسبب رهابي من الأماكن الضيّقة والمظلمة ، لما فعلته بي بالمصعد .. فاستقلت فوراً .. وهآقد مرّت سنةٌ كاملة وانا عاطلٌ عن العمل .. لهذا بحثت عنك لشهور ، الى أن عرفت عنوان عملك الجديد ومنزلك ..وراقبت ابنتك مُطوّلاً ، لخطف طفلتها الجميلة

جاك بعصبية : وأين حفيدتي الآن ؟!!

- سأريك إيّاها بعد قليل


وأغلق المكالمة .. وبعد دقيقتين ، ارسل فيديو جديد : للطفلة وهي نائمة فوق أرضيّة مصعدٍ ما !


ثم اتصل المقنّع قائلاً :

- حفيدتك عالقة في إحدى مصاعد نيويورك .. ربما داخل مبنى سكنيّ ، او شركةٌ تجاريّة او ناطحة سحاب او مول ، او حتى مبنى مهجور .. الأفضل إيجادها قبل نفاذ الأكسجين او موتها جوعاً ، ايهما أسرع.. الآن سأودّعك ، فطائرتي ستقلع بعد قليل ، على أمل إيجاد عملٍ في الخارج .. القاك في الجحيم ، ايها العجوز الخرِف


وأنهى المكالمة بضحكاتٍ ساخرة ، تاركاً العجوز في خوفٍ شديد على مصير حفيدته الوحيدة !


هناك تعليقان (2):

  1. قسوة بعض البشر ومايمر به المرء من ظلم او سوء حظ او نحس او ايا كانت الظروف ليست مبررا للاجرام ورد الظلم على اشخاص ليس لهم ذنب كما تحاول هوليوود جاهده ان تلصقه في عقولنا
    وهذا الطفل المشاكس لو تم تقويمه في الصغر ما اصبح مجرما في الكبر
    ولكن هناك شخصيات ليس لها علاج
    وهم ما ينبغي قتلهم في الصغر صيانة للبشريه مثال طفل يسلخ قطا حيا وهذه الفيديوهات موجوده بكثره

    ردحذف
  2. لافيكيا سنيورا







    لافيكيا سنيورا

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...