الأربعاء، 18 أغسطس 2021

مفتاح الكنز

فكرة : أختي اسمى
كتابة : امل شانوحة 

صاحبة الدم الفاتح


في الصباح الباكر .. وأثناء توجّه المعلمة سلمى الى مدرستها ، رأت صبياً (ثماني سنوات) يقف على شرفة الطابق الأول في المبنى المجاور ، قبل نزوله على قسطل عمارته باتجاه الشارع .. والركض بأسرع ما يمكنه ، داخل زقاقٍ ضيّق .. 

بعد قليل خرجت امه الى الشرفة ، وهي تبحث عنه بقلقٍ واضح ! 


فنادتها سلمى من الأسفل ، وهي تشير للزقاق : 

- رأيته يذهب بهذا الإتجاه 

فقالت الأم بضيق : سيقتلني هذا الولد ، صبّرني يارب !!


فأكملت سلمى طريقها دون التفكير بالأمر ، فهي معلمة ابتدائي ومتعوّدة على مشاغبة الأولاد بهذا العمر 

***


في اليوم التالي .. حصل الشيء نفسه ، فقرّرت سلمى اللحاق به ..لكنها لم تجده في أيّ مكان ! 

فأكملت طريقها الى المدرسة

***


في اليوم الثالث .. إستطاعت سلمى الإمساك به داخل الزقاق ، لترى في عينيه خوفٍ شديد ! خاصة بعد وصول امه التي ضربته بقسوة ، وسحبته من يده وهو منهار بالبكاء 


فأوقفتها سلمى : عفواً اريد سؤالك عن سبب هروبه المتكرّر ؟ فأنا معلمة ، وبإمكاني المساعدة

فأجابتها الأم : هو يرفض تناول الإفطار قبل ذهابه للمدرسة


فنظرت سلمى اليه .. لتجده يحرّك رأسه يميناً ويساراً ، كأنه ينفي ما قالته!

لكنها لم تستطع الإستفسار منه ، بعد أن أعادته امه بالقوة الى شقتها

***


في اليوم الرابع .. إلتقت سلمى بالولد على رصيف الشارع ، بعد هروبه من الحارة الشعبية .. وقبل قطعه الطريق ، أوقفته :

- أهربت مجدداً من امك ؟!

- هي ليست امي ، ارجوك ساعديني

وكان يرتجف خوفاً ! 


وحين سمعت صراخ امه وهي تبحث عنه ، أسرعت بإدخاله الى سيارة اجرة والإبتعاد عن المكان ، لفهم ما يحصل معه  

***


في السيارة .. أخبرها الصغير إن المرأة خطفته بعد إغرائه بشراء الحلوى ، لتقوم بتخديره وأخذه الى منزلها


وجاء كلامه صادماً لسلمى وسائق الأجرة الذي سأله عن عنوان منزله ؟

فأجابه الصبي : أذكر انه يوجد تحت عمارتنا ، محل لحوم 

السائق : ما اسم المحل ؟

الولد : مشاوي احمد واولاده

فسألت سلمى السائق : أتعرف ذلك المحل يا عم ؟

السائق : سأسأل اصدقائي عنه


واتصل بعدة سائقيّ الأجرة ، الى أن عرف العنوان .. وأخذهما الى هناك ..وفور وصولهم للمنطقة ، هللّ الولد فرحاً :

- نعم !! هذا شارعنا 

سلمى : امتأكد ؟

الولد وهو يشير لمبنى بعيد : 

- نعيش في ذاك المبنى ذوّ النوافذ الخضراء 


فشكرت سلمى السائق ، ونزلت مع الولد الى هناك ..

- هيا إصعد الى منزلك ، ماذا تنتظر ؟

- أخاف أن تغضب امي بعد غيابي اسبوعاً عن المنزل.. ارجوك إصعدي معي لتشهدي عمّا حصل 


فوافقت سلمى على اقتراحه .. 

وحين وصلا الشقة ، أخرج الولد المفتاح من جيبه .. فسألته باستغراب :

- أمعك المفتاح ؟!

- مازلت أحتفظ به .. رجاءً أدخلي بهدوء ، فأمي عادةً تكون نائمة بهذا الوقت المبكّر


وما أن دخلت الصالة ، حتى شهقت بعد رؤيتها صورة معلّقة على الجدار:

- هذه صورة ابي !

الولد : وابي ايضاً

- ماذا تقصد ؟!


وهنا دخلت امه وهي تقول : كيف حالك يا سلمى ؟

فارتجفت المعلمة فور رؤيتها زوجة ابيها التي قالت وهي تمسح رأس ابنها: 

- أخيراً إلتقى الأخوان 

سلمى : لم أكن أعرف إن لديّ أخ !

زوجة ابيها : إمك سامحها الله أصرّت على الطلاق ، بعد زواجي من والدك .. وأخذتك بعيداً عن المنطقة ، قبل إنجاب ابني .. كنتِ حينها في العاشرة على ما أذكر 


فنظرت سلمى بعتاب الى الولد :

- أكنت تعرف انني اختك منذ البداية ؟ ..وهل اختلقت قصة إختطافك لتحضرني الى هنا ؟  


وقبل أن تسمع جوابه ، سقطت مغشياً عليها بعد قيام زوجة ابيها بتخديرها بقماشة مبلولة ، أطبقتها على فمها بقوة من الخلف !

***


إستيقظت سلمى مساءً في مكانٍ مظلم ، وهي مقيّدة اليدين والقدمين بالسلاسل المثبّتة في جدارٍ متآكل بالرطوبة والعفن ! 


فظلّت تصرخ بعلوّ صوتها ، طلباً للنجدة .. إلى أن نزلت زوجة ابيها الأدراج ومعها القنديل ، وهي تقول :  

- اخيراً استيقظتِ ، لم أظن المخدّر سيجعلك تنامين النهار كلّه

سلمى : اين انا ؟

- في منزلٍ مهجور بجانب المقبرة

سلمى بخوف : أيّةِ مقبرة ؟ ماذا تنوين فعله بي ؟!


ففكّرت المرأة قليلاً ، قبل أن تقول : 

- حسناً ..طالما ستختفين بعد قليل ، فلا مانع من إخبارك الحقيقة

سلمى بقلق : أختفي !

- إسمعيني دون مقاطعة !!


وجلست فوق سجادة بجانب سلمى ، وهي تقول : 

- بعد انتقالي الى عمارتكم ، عزمتني امك على حفلة ولادتك ..  وحين وضعتك في حضني ، إنتبهت على الخط الذي يقسم كفّ يدك بالتساوي ، ولسانك المشقوق طوليّاً ، وبريق عينيك الذي فيهما حولٌ بسيط ..وكلها صفات الزوهريين ، وهم اطفال نادرون جداً ..ولأن دمائكم فاتحة اللون ، فهي ترضي حرّاس كنوز الأرض من الجن والعفاريت


 

سلمى : هل انت المرأة المقنّعة التي حاولت خطفي في صغري ؟ 

- حاولت ذلك عدة مرات ، قبل انتقالكما من العمارة .. 

- ألهذا منعتني امي من الخروج وحدي واللعب مع الأطفال في الشارع ، وأحضرت لي المعلمات كيّ لا اذهب للمدرسة ؟! 

- بصراحة لا ألومها على حرصها عليك ، فأنت كنز بالنسبة لنا

سلمى : من تقصدين ؟

- السحرة 

- هل أنت ساحرة ؟ 


زوجة ابيها بفخر : ومحترفة ايضاً ، لكني أعمل في السرّ خوفاً من الشرطة وحنق المسحورين .. المهم دعيني إكمل ..حين فشلت بخطفك ، أغريت والدك بكل الطرق للزواج مني ، على أمل أن يجمعني مع امك في بيتٍ واحد كيّ أخطفك .. لكن امك أفشلت خطتي برحيلها عن المنطقة .. فحاولت إقناع والدك بالمطالبة قانونياً بحضانتك ، لكنه أصرّ على الإنجاب مني .. وبعد ولادة ابني ، تخلّصت من ذلك المُغرم السخيف 

سلمى بصدمة : أقتلت ابي ؟!


المشعوذة : بالأصح أحرقته في محفلٍ شيطانيّ ، بحضور اصدقائي السحرة .. وأوهمت اقاربك والجيران بأنه طلّقني وهاجر للخارج دون الإكتراث لطفله

سلمى بغضب : اللعنة عليك !!

- لم يكن يهمّني والدك على الإطلاق ، بل انت عزيزتي .. والآن اريدك أن تصمتي لحين انتهائي من إستحضار الجني الذي اتفقت معه مسبقاً على وهبك له 

سلمى بخوف : وماذا سيفعل بي الجني ، يا حقيرة ؟

- ربما يقتلك او يأكلك او يتزوجك او يستعبدك .. انت ملكه ، وهو حرٌّ بك .. والآن إستمتعي بالعرض السحريّ


وبدأت تتلو تعويذاتٍ شيطانية بلغةٍ غير مفهومة ، وهي تنفخ على النار التي بجانبها ، ليخرج منها زوبعة سوداء تحرّكت في ارجاء الغرفة .. قبل أن يتبدّد الضباب ، ويظهر الجني بقرونه الحادّة وحوافر الماعز ، الذي اقترب من سلمى ليتفحّصها بعينيه المخيفتين .. قبل أن يقول للمشعوذة :

- أحسنت !! هي زوهرية بالفعل 


فقالت زوجة ابيها : لقد قمت بواجبي وأحضرتها لك ، وعليك تنفيذ وعدك لي

الجني : لكنك تأخرت عليّ سنواتٍ طويلة

- هي أتعبتني كثيراً .. ولم أستطع إيجاد عنوانها الجديد ، الا بعد موت امها وانتقالها الى منزل خالتها


وهنا سمعت سلمى صوت خالتها وهي تنزل اليهم ، قائلةً للمشعوذة:

- ألم تعديني أن أشاهدك وأن تستحضرين الجني ؟ 

سلمى بصدمة : خالتي !

الخالة : آسفة سلمى ..انت تعرفين ضيق الأحوال المادية التي أمرّ بها في الآونة الأخيرة .. وامك رحمها الله أخبرتني بشكوكها حول زوجة ابيك ، وعن محاولات خطفك وانت صغيرة لأنك زوهرية .. فقمت بالإتصال بها وإعطائها العنوان 


المشعوذة : وانا بدوري ارسلت ابني (الى صديقتي التي استاجرت امام منزلك) لتمثيل هروبه المتكرّر كيّ يجذب انتباهك ، ويحضرك إليّ 

- وانا نجحت بالمهمّة ، كما وعدتك 

قالها اخوها بعد انضمامه للجلسة ، فعاتبته امه :

- ألحقت بي للمقبرة كعادتك ، ايها المشاغب ؟

الولد : لأنك وعدتني أن اشاهد الجني .. أهذا هو ؟ 

وأشار الى الجني الذي قال له :

- نعم انا .. وسأكافئك عن إتمام دورك بمهارةٍ وخبث

وأعطاه عملة نقدية ..

الولد بفرح : أنظري امي !! انها ذهب 

فقالت المشعوذة للجني : المهم أن لا تنسى نصيبي من العملية


فأعطاها الجني كيساً من الخيش مليئاً بالعملات الذهبية ، وهو يقول:

- هذه لك ، ولخالة سلمى

الخالة : لي نصف المبلغ ، كما اتفقنا

المشعوذة : أعرف هذا ، سنتقاسمها بعد رحيلهما


بهذه الأثناء .. قام الجني بفكّ قيود سلمى ، وإمساك يدها بقوة وهو يقول : 

- تعالي معي

سلمى بخوفٍ شديد : الى اين ؟

المشعوذة : إذهبي مع عريسك يا سلمى ، ولا تعانديه 

فصرخت سلمى باكية : لا اريد !! خالتي ارجوك ساعديني

الخالة : آسفة سلمى ، الموضوع خرج من يدي

فنادت أخاها :

- انا اختك الوحيدة ، ارجوك ساعدني

الولد : آسف ، لكن أمي وعدتني بتعليمي الشعوذة إن نجحت بخطفك 


فضحك الجني : ستكون مشعوذاً عظيماً ايها الماكر ، وأتطلّع للعمل معك في المستقبل القريب

الولد بحماس : وأنا أعدك بخطف الكثير من الزوهريين ، في مقابل جبالٍ من الذهب 

الجني : جبال ! أنت طمّاعٌ كأمك ، وهي ميزة كل المشعوذين


ثم شدّ الجني يد سلمى ، وهو يقول بحزم : 

- وانت !! هيا بنا ، فقد تأخرنا عليهم

سلمى برعب : على من ؟ 

-  ستعلمين لاحقاً


ثم سحبها الى باطن الارض ، تاركاً أقاربها الثلاثة منشغلين بعدّ العملات الذهبية دون اكتراثهم لمصير سلمى المجهول في عالم الجن المرعب ! 

هناك 7 تعليقات:

  1. للأسف إحترق البارحة مولّد كهرباء منطقتي ، سأحاول قدر المستطاع الكتابة على اشتراك الموتير .. فإن تأخرت بالنشر ، سامحوني لأن تصليح المولّد يحتاج أسبوعاً على الأقل ليزوّدنا ب6 ساعات كهرباء في اليوم.. الأمور تزداد سوءاً كل يوم .. الله المستعان

    ردحذف
  2. قصصك شيقة وعظيمة لكن مع احترامي فيها بعض الكفر كونه معظم قصصك تصور الجن وابليس عندهم قوة خارقة تفوق قوة الله الذي يحمي عباده ولا يسمح لابليس والجن ان يؤذوهم والله هو الحامي خاصة لعبده المؤمن مثلا كان يكفي أن تقرء سلمى هنا اية الكرسي حتى يبتعد عنها الجن ويتركها وشانها بالنهاية هي قصص خيالية تبقى تحياتي لك اخت امل

    ردحذف
  3. معاذ الله أن تصل قصصي للكفر ، لكني احب تحذير القرّاء من شرار الناس وخبثهم الذي يفوق تصوّرات الطيبين البسطاء.. وقصص خطف الأطفال الزوهريين تملأ الإنترنت ، وتحدث بالخفاء حول العالم .. فمن لديه ابن يملك تلك الصفات الفريدة ، عليه إخفائه قدر المستطاع عن الغريب والقريب ايضاً .. تحياتي لك

    ردحذف
  4. النهايه الغامضه زادت القصه إثاره وتشويقا ...تحياتي لكما صانعي البهجه.....لا أعلم بالنسبة لمشكلةالكهرباء ألايمكنك إستخدام بطارية سياره مثلا أو دينامو حركي يدوي . رأيت الكثير من هذه الحلول على الإنترنت ربما قد يفيدك بعضها . وكشف الله هذه الغمه .

    ردحذف
    الردود
    1. إختفت جميع الحلول من البلد ، حتى المراوح والإضاءة التي تعمل على البطارية مفقودة من السوق .. لا تنسى انهم دمروا ميناء بيروت لنكون تحت حصارٍ غير معلن .. اما القليل من البطاريات والألواح الطاقة الشمسية المتواجدة بالسوق السوداء ، فأسعارها خيالية جداً .. نحن لا نعاني فقط من فساد السياسيين ، بل من طمع التجار الذين استغلوا الوضع لمصلحتهم الشخصية .. ولم يعد في لبنان سوى طبقة الفقراء وطبقة متوسطي الحال الذين يعيشون من الحوالات النقدية من أقاربهم الذين يعيشون في الخارج .. اما الأثرياء فهم الفاسدين فقط .. صرنا فعلاً نتمنى حرب مع اسرائيل ، لكي يهرب الفاسودن للخارج ويتركوا الشعب يتنفس قليلاً ..الله المستعان

      حذف
  5. مشكورين اختي امل واسما ...اتمنا قص طويله مرحه ...مثل قصة شعر الذره ....ههههههههههه

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...