كتابة : امل شانوحة
القرية الملعونة
لاحظ سائحٌ أجنبيّ عن طريق الصدفة منزلاً مهجوراً في قريةٍ فرنسية ، فحاول إكتشافه .. ليجد إن كل شيءٍ بداخله يوحي أن صاحبه لم ينوي تركه ، إلاّ أنه لسببٍ غامض لم يعدّ إليه ثانيةً !
ومن خلال تاريخ الصحيفة المتروكة فوق الطاولة امام قدح القهوة المتعفّن ، عرف أن المنزل مهجوراً منذ قرنٍ على أقل تقدير !
فقام السائح بتصوير كل ركنٍ فيه ، مُركّزاً على التحف الأثريّة واللوحات القديمة المعلّقة على الحائط ..
وبعد خروجه من هناك ، نشر الفيديو بوسائل التواصل الإجتماعي .. ليحصل على اهتمام المشاهدين الذين قاموا بتداوله بينهم ، الى أن وصل لوزير الثقافة الذي طلب من الشرطة إحضار اللوحات والتحف الأثريّة الى المتحف الوطني ، بعد التأكّد من مصادره : أن صاحبة المنزل ماتت في السوق قبل سنواتٍ طويلة ، دون وجود ورثة لها ..
ومن بين الأثريّات وُجدت لوحة أثارت إهتمام المسؤولين الفرنسيين : وهي رسمة لقرويين يرقصون باحتفالٍ ما ، وهم متعبين ويساندون بعضهم لإنهاء رقصتهم المؤلمة !
فأُرسلت اللوحة للمؤرّخ الفرنسي (ألبير) لحلّ اللغز .. وبدوره أجرى الكثير من الأبحاث لمّا حصل في مدينة ستراسبوغ الفرنسية عام 1518 (المذكورة اسفل اللوحة)
وبعد بحثٍ مطوّل ، وجد الحادثة مذكورة في مذكرات راهبٍ بكنيسة تلك القرية ، تحت عنوان : الرقص الشيطانيّ !
ذكر فيها : أن فتاة عذراء من القرية حملت بطفلٍ لشيطان زارها دائماً في منامها .. وبعد وفاتها اثناء الولادة ، طلب اهالي قريتها حرق الطفل حيّاً وسط الساحة .. وبعد قتله ، أقاموا إحتفالاً راقصاً لتخلّصهم من الشيطان الصغير .. الاّ أن القرويين لم يتوقفوا عن الرقص لأيامٍ متتالية .. وكل من حاول مساعدتهم ، تورّط معهم بالرقص .. إلى أن رقصوا جميعاً ، كباراً وصغاراً .. أدّى بالنهاية لوفاة بعضهم بأزماتٍ قلبية بسبب الإجهاد الشديد !
لكن ما قرأه ألبير لم يكن منطقياً ، لهذا لم يذكره في التقرير ..وأكمل بحثه لمعرفة السبب الحقيقي للحادثة الغريبة ..
فسأل طبيباً مختصّاً بالتحاليل الطبّية الذي أخبره بنظريّته قائلاً :
- أظنه عفن القمح ، فهو يسبّب الهلوسة
ألبير : أتقصد إن تاجراً باع أهالي القرية قمحاً فيه فطرياتٍ سامّة ، تسبّبت بجنونهم الجماعيّ ؟
الطبيب : أعتقد إنها أفضل نظرية لما جرى هناك
لكن المؤرّخ ألبير أراد معرفة المزيد .. فتعمّق أكثر بتلك الحقبة التاريخيّة ، ليجد انها فترة مليئة بالحروب والمجاعات ..
فسأل صديقه الطبيب النفسيّ عن رأيه بذلك ، فأجابه :
- أوافقك الرأيّ يا ألبير .. فما عاناه السكّان تلك الفترة أصابهم بضغطٍ نفسيّ شديد ، حاولوا الهرب منه عن طريق الرقص الذي تحوّل لهلوسةٍ جماعيّة
***
بعد عودة ألبير الى منزله ، شرع بكتابة تقريره النهائيّ لوزير الثقافة .. رغم عدم إيجاده الجواب الشافي لرقصهم المتواصل حتى الموت ! فهل كان مسّاً شيطانيّ كما دوّن الراهب في مذكراته ، أم سبباً طبّي ونفسيّ فقط؟
واثناء كتابته التقرير ، غفى فجأة فوق اوراقه ! ليشاهد مناماً غريباً:
حيث تجسّد في هيئة (تروفيا) : اول سيدة بدأت الرقص بتلك الحفلة المرعبة .. ليجد نفسه يلاحق أحد خرفانه الذي هرب الى داخل كهفٍ صغير ، اثناء رعيه المواشي فجراً .. وهناك وجده ينبش شيئاً في الأرض .. ليجد مزماراً مصنوعاً من قصب الغاب ، يبدو من نقوشه إنه أثريّ !
وبعد إعادة تروفيا الخراف الى الزريبة ، حاولت العزف بالمزمار وسط الساحة .. لتتفاجأ بلحنٍ جميل ، جعلها ترقص على نغماته !
وسرعان ما انضمّت اليها النّسوة المتواجدات بالسوق ، وتبعهنّ ازواجهم ..ثم الأطفال والعجائز ، إلى أن امتلات الساحة بالراقصين!
وقد حاول ألبير (داخل منامه) إيقاف العزف ، لكنه لم يستطيع رغم آلام قدميه وتعبه الشديد .. حتى سقط على الأرض ، محاولاً إلتقاط انفاسه بصعوبة !
وقبل إغمائه ، شاهد طيف فتاةٍ قرويّة تقترب منه (دون أن يراها أحدٌ سواه) تبدو من طراز ملابسها انها من القرن الماضي ! إقتربت منه ، لتهمس في اذنه :
- انه مزمار حبيبي الذي رفض الزواج بي ، لعشقه للراقصة الغجريّة .. لهذا نثرت السحر داخله ، دون علمه .. وحين عزف في حفلته المسائية .. ظلّت حبيبته ترقص حتى الموت ، لعدم تمكّنه من التوقف عن العزف لأيامٍ متواصلة .. وبعد موتها ، دفن مزماره بالكهف وانتحر شنقاً .. والآن بسبب فضولك ، أحييّت اللعنة من جديد ..
ثم سحبت المزمار من يد تروفيا (ألبير) وهي تقول :
- هاته !! سأعيده الى مكانه
فسألتها تروفيا بتعبٍ شديد : هل سيتوقف الرقص الآن ؟
فأجابتها بلؤم : نعم ، لكنك لن تكوني من الناجين
وفور إختفاء طيفها .. شعر ألبير بنبضات قلبه تتسارع بشكلٍ مؤلم ، قبل استيقاظه من النوم وهو يقول بارتياح :
- أخيراً حللّت اللغز !!
وبدأ بكتابة تقريرٍ جديد ..
***
فور إنتهائه من الطباعة ، سمع ابنه الصغير يقول لأمه بعد عودته من رحلته المدرسية :
- وجدّت هذا المزمار مدفوناً في الكهف ، إسمعي لحنه الجميل
فخرج ابوه فزعاً من الغرفة ، محاولاً سحب المزمار السحريّ من إبنه ..
لكنه تأخّر بعد قيام الصبي بعزف ذات اللحن الذي سمعه ألبير في منامه ، ليجد زوجته وابنه يرقصان بهستيريا دون توقف !
وقبل أن يعيّ ما حصل ! سمع صوت الفتاة الساحرة يتردّد في اذنه :
- ما كان عليك نبش الماضي ، أرني كيف ستوقف اللعنة الآن
وهنا انتبه أن ابنه وزوجته خرجا الى الشرفة ! فذهب اليهما ، ليجد الشارع امتلأ بالراقصين بعد سماعهم اللحن السحريّ ، دون علمهم بأنهم يرقصون حتى الموت
فأراد سحب المزمار بالقوة ، الا أن قدميه تحرّكتا دون أرادةٍ منه .. ليشاركهم الرقص ، والدموع في عينيه وهو يقول نادماً :
- اللعنة عليّ ! ماذا فعلت ؟
***
لاحقاً ..أخفت الحكومة حادثة موت اهالي الحيّ الفرنسي الغامض ، بعد قراءتهم للتقرير النهائيّ للمؤرّخ الراحل ألبير .. الذي جعلهم يسارعون بدفن المزمار السحريّ في الكهف مع اللوحة الراقصة ، وصبّ الإسمنت فوقهما ، لطمس الحقائق وإنهاء لعنة العاشقة المجنونة للأبد !
*****
ملاحظة :
هذه القصة مستوحاة من حادثة تاريخية حقيقية
الرابط :
https://www.kabbos.com/index.php?darck=3190
شكراً لأختي اسمى التي ساعدتني ببعض أفكار هذه القصة ، أتمنى أن تعجبكم
ردحذفعبد السلام بسم الله الرحمن الرحيم ذكر حديث نبوي شريف انه توجد اجراس معلقة بالعرش اذا اشتاق اهل الجنة لسماع اصواتها ارسل الله تعالى ريحا فتحركها فتصدر اصواتا جميلة لو سمعها اهل الدنيا لماتوا صدق رسول الله صلى الله تعالى عليه واله ليس من الغريب ان يوجد سحر بالموسيقى او بالصوت كما انه ليس من الغريب ان توجد اشباء ملعونة مدفونة ليس من الخير اخراجها ولكن من ذا يعلم الغيب
ردحذفاريد فقط تصحيح الحديث ، قال الرسول الكريم ((إن في الجنة لأشجاراً عليها أجراس من فضة ، فإذا أراد أهل الجنة السماع ، بعث الله ريحا من تحت العرش فتقع في تلك الأشجار ، فتحرك تلك الأجراس بأصوات لوّ سمعها أهل الدنيا لماتوا طربا))
حذفعبدالسلام
حذفبسم الله الرحمن الرحيم بدون الدخول في حوار او نقاش او جدال طائفي لايناسب المدونة فالمدونة ليست للحوارات المذهبية اقول الحديث النبوي الواحد ترويه طائفة بصورة وترويه طائفة اخرى بصورة اخرى الموجود عندنا هو اجراس معلقة بالعرش لابالاشجار والموجود عندكم بالاشجار واكتفي بهذا
!!!!! WOW !!!!!
ردحذف