تأليف : امل شانوحة
الناجي الوحيد
جلس الشاب بجانب خطيبته في صالة السينما الوحيدة في مدينته الصغيرة ، بعد إحضاره الفُشار ..
وقبل بدء الفيلم ، قال لها بصوتٍ منخفض :
- انا سعيد لافتتاحهم السينما من جديد ، فهي مغلقة منذ طفولتي
- انا غريبة عن المنطقة ، فما سبب إغلاقها ؟
الشاب : جريمةٌ حصلت قبل سنوات ، راح ضحيّتها 15 تلميذ روضة مع معلمتهم ، واختفاء 3 أطفال آخرين ..ولم ينجو من الحادثة الغامضة سوى ولدٌ واحد
- إخبرني موجز الحادثة قبل انتهاء إعلانات الفيلم
الشاب : سأخبرك بما قاله الولد ((Zachary الذي درس العلوم الروحانية ، بعد علاجٍ طويل في مصحٍ نفسيّ بالمدينة المجاورة .. فهو شهد المجزّرة بعمر 9.. والسبب الوحيد لنجاته إن اسمه يبدأ بالحرف (z) آخر الحروف الأبجديّة
الخطيبة باستغراب : وما دخل الحروف بالموضوع ؟!
- حسب ما قاله للشرطة : إنه رافق أخاه الصغير برحلةٍ مدرسية ، لحضور فيلمٍ عن الحروف الأبجديّة .. وبعد ساعتين من تكرار أغنية الحروف المملّة .. ظهر شخصٌ مخيف على الشاشة ، جلده أحمر وعينيه كعيون القطط ولديه قرونٌ ضخمة..
مقاطعة بدهشة : تقصد الشيطان ؟!
- هكذا وصفه زكريا .. وأخبرهم غاضباً : إن أغنيتهم الغبية أصابته بالصداع ! لذا قرّر تعليمهم الحروف على طريقته .. فنادى اولاً الأطفال الذي تبدأ أسمائهم بالحرف (A): ((آدم ، آليكس ، إليسون ، إيف)) الذين إرتفعوا فجأة نحو سقف السينما ، قبل سقوطهم على رؤوسهم فوق الكراسي الخشبيّة ، وماتوا على الفور .. ثم نادى الطالبين التي تبدأ اسمائهم بالحرف (B): ((بايرون ، بين)) اللذان انفجر رأسيهما كالبالون .. فحاولت المعلمة وطلاّبها الهروب ، إلا أن الباب كان مقفلاً بإحكام .. ولم يسمع أحد صراخهم من الخارج ، رغم طرقاتهم العنيفة.. وفي هذا الوقت تابع الشيطان لعبة الحروف ، وهذه المرة جاء دور المعلمة التي يبدأ إسمها بالحرف (C) ..لتصرخ كالي ((Cali بعلوّ صوتها ، بعد إشتعال النار في ملابسها دون سببٍ منطقي .. وحاولت إطفاء نفسها ، وسط بكاء الأطفال المرتعبين .. إلى أن تفحّمت تماماً !
فابتسمت خطيبته باستنكار : ماهذه القصة الخرافيّة ؟ أتحاول إخافتي قبل بدء فيلم الرعب ؟
- لم تسمعي بقية القصة .. المهم كل حرفٍ مات بطريقةٍ مخيفة ، فيما عدا الأطفال الثلاثة الذي مازال لغز إختفائهم غامضاً حتى يومنا هذا .. اما زكريا فكان عليه التصرّف قبل وصول الشيطان للحرف (Z) ، خاصة بعد أن فُجع بموت أخيه هاري (H) الذي تقطّعت اطرافه حيّاً ، قبل انفصال رأسه عن جسمه أمام أنظار أخيه الأكبر الذي أسرع بصعود الستارة الضخمة باتجاه النافذة العلويّة التي حطّمها بذراعه ليصاب بجرحٍ بالغ .. ثم قفزه الى الحديقة الخارجية بارتفاع ستة امتار ، كاسراً إحدى قدميه ..
- وماذا حصل بعد قدوم الشرطة ؟
الشاب : طلب الأهالي المكلومين بمحاكمة زكريا .. لكن القاضي لم يصدّق إن ولداً بعمره قتل اولئك الأطفال بهذه الوحشيّة ! فأُغلقت القضية ضدّ مجهول ، بعد إصداره قراراً بإقفال السينما لسنواتٍ طويلة
- ولما برأيك تعلّم الشعوذة ؟
- لحماية نفسه من الشيطان ، في حال ظهر له ثانيةً
الخطيبة : تبدو القصة خيالية ، والآن دعنا نشاهد الفيلم بهدوء
وتابعا الفيلم بتركيزٍ واهتمام ..
***
في منتصف أحداث الفيلم .. ظهر ولدٌ صغير يلوّح بذراعيه خلف الشاشة ! وكان منظره بائساً ، ويتلفّت حوله بخوفٍ شديد .. لكن المشاهدين لم يسمعوا ما قاله ، ولا حتى صراخه .. وظلّ هناك بعض الوقت ، قبل خروج يدٍ سوداء من الأرض ، أمسكت قدميه اثناء محاولته تكسير الشاشة بضربه المتكرّر عليها .. وإختفائه ، بعد سحبه للأسفل !
فهمست بإذن خطيبها :
- يبدو إن مخرج الفيلم مُبتدىء ، فلا علاقة لهذا المشهد السخيف بأحداث الفيلم !
وكتم الشاب شكوكه بما رآه ، كيّ لا يشتّت إنتباه خطيبته المُندمجة بالفيلم
***
وفي المشهد الأخير للفيلم ، ظهر مشعوذٌ يحاول علاج الفتاة المسحورة .. وأخذ يتلوّ تعويذاته بصوتٍ عالي .. وكانت عبارة عن مفردات لا معنى لها ، وبلغةٍ غريبة ..
ثم التفت نحو الشاشة وهو يقول :
((بهذه التعويذة ، أفتح عليكم باب الجحيم))
ليخرج من فم المرأة المسحورة قططاً سوداء تركض باتجاه الشاشة ، وتعبر من خلالها ! لتمشي بين كراسي المشاهدين
فصفّق الجمهور بحماس للحركة الإبداعية لمسؤوليّ السينما الذين أحضروا قططاً سوداء تُشبه الموجودة بالفيلم ، وإخراجها من خلف الشاشة العملاقة لإخافتهم ..
لكن القطط اختفت فور اسوداد الشاشة ، ليعمّ الظلام داخل السينما قرابة دقيقتين
وحين أُضيئت الشاشة ثانيةً ، سمعوا صراخاً لأحد المشاهدين الجالسين في المقدّمة ! والذي أدار وجهه نحوهم ، وهو يتألّم من فقد إحدى عينيه !
فضحك الجمهور لظنهم انه ممثلاً مشتركاً مع إدارة السينما لإنجاح الفيلم ..
لتعلو بعد قليل صرخاتٍ خلف مقعديّ الشابين المخطوبين اللذين شاهدا رجلاً تحوّل قميصه الأبيض للون الدماء ، بعد قلعه قلبه بنفسه ! ليخرّ على الأرض دون حراك ..
فظن الجميع انه ممثلٌ آخر .. لكن الشكوك راودتهم ، بعد إستنجاد امرأة من المقاعد الأمامية :
- إنقذوا زوجي !! ظلٌّ أسود يقطع لسانه ..
وهنا نادى الخطيب بعلوّ صوته :
- الشيطان استحوذ على السينما من جديد !.. إهربوا جميعاً !!!
ولأن تلك الإشاعة القديمة معروفة لدى سكّان المدينة الصغيرة ، فقد شعروا بالهلع فوراً ..وأسرعوا باتجاه الباب الذي وجدوه مقفلاً بإحكام ..
ولم يسمع أحد صرخاتهم في الخارج ، مع إندلاع النيران بأطراف السينما دون سبب !
وبثوانيٍ قليلة ، حاصرهم الدخّان الكثيف
والأغرب إن جوّالاتهم تعطلت ، فلم يستطيعوا الإتصال بالشرطة ..
لكن من حسن حظهم ، إن من بينهم مهندساً أحضر معه الّلاسلكي الخاص بالعمل .. فاتصل بأحد عمّاله (من أقارب زكريا) .. قائلاً له ، وهو يحاول التقاط انفاسه بصعوبة :
- إتصل فوراً بزكريا !! الشيطان يحاول قتلنا داخل السينما الملعونة
فقام العامل بالإتصال اولاً بالشرطة التي حاولت كسر الباب دون فائدة .. وحين وصل زكريا ، ألقى تعويذته على قفل الباب ..
فتمكّنت الشرطة من الدخول ، لتجد الجثث في كل مكان .. بعضها تفحّم بسبب الحريق الذي انطفأ وحده ! وبعضهم اشلاء مقطّعة بشكلٍ عنيف .. والقلّة منهم إختفوا تماماً ، كما حصل مع الأطفال الثلاثة السابقين .. ولم يبقى حيّاً سوى الشاب الذي خرج بين الدخان ، وهو يحمل جثة خطيبته التي تدلّت مصرانها من جسمها !
فأسرعت الشرطة بنقله إلى المشفى وهو في حالة ذهول ، وقد فقد النطق تماماً
وأدّى تكرار الجريمة الغامضة إلى إغضاب زكريا الذي تذكّر تفاصيل ما حصل لأخيه الصغير وزملائه
***
وبعد إقفال الشرطة السينما بالشريط الأصفر ، إنتظر زكريا عدة ايام للذهاب إلى هناك مساءً .. وأخذ يصرخ غاضباً امام الشاشة العملاقة:
- ايها الشيطان اللعين !! أعدّ لنا شبابنا المختطفين والأطفال الثلاثة في الحال !!!
فظهر صوتٌ مخيف إرتجّ صداه في القاعة الفارغة :
- يبدو أن الشرطة لم تصدّقك للمرة الثانية
فحاول زكريا عدم إظهار مشاعره المضّطربة ، قائلاً بقوة :
- لست خائفاً منك !! وسأكسر الشاشة كيّ لا تؤذي اهل منطقتي من جديد
وحمل زكريا إحدى الكراسي المحطّمة ، محاولاً كسر الشاشة العملاقة ..
لتظهر فجأة ! زوبعةٌ إخترقت الشاشة باتجاه السينما .. وأخذت تدور داخل الصالة ، ساحبةً معها كل شيء : الستائر والكراسي المتفحّمة ، وايضاً زكريا الى داخل الشاشة !
***
بعد هدوء الوضع .. وجد زكريا نفسه في مدينة الجن المتواجدة اسفل السينما ! وفيها عبيد من البشر مقيدين بسلاسل بأيديهم وأرجلهم اثناء عملهم بالزراعة .. ومن يتوقف منهم ، يُجلد بالسوط من الشياطين .. وكان بينهم الشباب المفقودين منذ ايام ، واصدقاء أخيه الذين مازالوا اطفالاً رغم مرور ثلاثين عاماً على اختفائهم !
وقبل أن يستوعب ما رآه ، شاهد جنّياً يجرّ السلاسل باتجاهه لتقيده.. فأسرع زكريا بتسلّق السلّم الطويل الذي وجده بجانبه ، للصعود إلى فوق .. وظلّ يركض في صحراءٍ لا نهاية لها ، إلى أن ارتطم وجهه بالشاشة العملاقة الشفّافة التي تفصل بين العالمين ..
فأخذ يضرب عليها (من الداخل) وهو يصرخ بعلوّ صوته ، ليساعده احد .. لكن صرخاته لم تخترق الشاشة ! خاصة بعد أمر رئيس البلدية للشرطة بإقفال السينما نهائياً ، فور هروب الناجي الأخير من المستشفى الذي يبدو إنه فقد عقله بموت خطيبته .. والذي قُبض عليه لاحقاً بعد قتله عائلته وثلاثة من جيرانه ، وأُرسل الى مستشفى المجانين بحراسةٍ مشدّدة..
وبذلك علق زكريا ورفاقه خلف شاشة السينما المهجورة ، دون أملٍ في نجاتهم !
قصة رائعة كالعادة لقد أعدتي الحماسة لي أنهاء قصتي قدرات نفسية وأتمنى أن تعجبك فمع أنها لا تملك قوة لغوية ألا أن حس ألدعابة يعوضه فدائما ما تقع ألبطلة في مواقف كوميديا مع أشرار قصصك خصوصا أبليس وألينور ألفضائي كما أن شخصية ألبطلة سلمى ممتعة ودائما أتغير وتملك الكثير من القدرات كقراءة الأفكار وتحريك الأشياء عن بعد والأسقاط الانجمي والأنتقال الأني وغيرها ألكثير كما أنها ذكية جدا فتستطيع هزيمة أذكى ألسفاحين بكلمتين وهذا سأرسل لك مسودة أقتبستها من عجوز ألجبل
ردحذفحسناً إرسلها ، وسأحاول قراءتها بأقرب وقت .. بالتوفيق لك
حذف