السبت، 30 مارس 2019

سفينةٌ تائهة

مقدمة القصة : فكرة أختي أسمى
خاتمة القصة : تأليف أمل شانوحة


معاً الى ما لا نهاية !

طُردت نورا (الفتاة الثلاثينية) من بيتها في آخر الليل ..وجابت الشوارع المظلمة بخوفٍ شديد وهي تلهث وتبكي بعد ان تحوّل فستانها الشفّاف الأبيض الى اللون الأحمر , ووصلت الى المرسى بخطواتٍ مُتعثّرة وأقدامٍ مُتجرّحة وقلبٍ مُنكسرٍ حزين !  

ونادت مُستغيثة امام السفن الراسية , لكن لا مجيب .. ثم رأت سفينةً فارهة متوقفة بين سفن الصيادين المُهترئة ! وكان الباب الموصل للغرفة السفليّة غير مقفول .. ففتحته وهي تنادي بصوتٍ مُرهق :
- هل يوجد من يساعدني ؟!!

وحين نزلت الأدراج الثلاثة , وجدت مطبخاً صغيراً وغرفة نوم بسريرٍ كبير.. فانهار جسدها الضعيف فوقه , بعد ان فقدت الوعيّ بسبب نزيفها المستمرّ طول الطريق ..
***

مع تباشير الصباح .. إنطلق القبطان برحلته نحو البحر , دون ان يلاحظ شيئاً غريباً في سفينته !

وبعد ساعات .. شعر بالتعب , فأطفأ المحرّك ليستلقي قليلاً في غرفة نومه قبل ان يُكمل رحلته ..
وحين نزل للأسفل .. لاحظ على الفور , قطرات الدم على الدرج باتجاه غرفة النوم ! 
فذهب الى المطبخ وأخرج سكيناً كبيراً , وهو يظن بأن حيوانٍ جريح إقتحم سفينته ..

وحين فتح باب الغرفة ..وجد الغطاء مُكوّماً فوق شيءٍ ضخم يأنّ من الألم , وقد تلوّثت أطراف الملاءة البيضاء باللون الأحمر القاني 
فأقترب بحذر ليكشف الغطاء , وإذّ به يتفاجأ بفتاةٍ تصرخ بخوف بعد رؤية السكين في يده :
- أرجوك لا تقتلني !! 
فقال متلعثماً : من انت ؟! وكيف دخلتي الى هنا ؟
فابتعدّت عن السرير وهي تقول : سأخرج من هنا حالاً , سيدي
- لا انتظري , فنحن في ..

لكنها أسرعت الى فوق , لتنصدم بأنهما في عرض البحر ! 
فلحقها القبطان وهو قلقٌ من الدماء التي تنزل من ساقيها , قائلاً لها:
- لا اريدك ان تخافي مني , فأنا لن أؤذيك
وإذّ بقواها تنهار بعد ان أيقنت بأنها عالقة مع رجلٍ غريب في هذه السفينة التي لا تعلم وجهتها !

فحملها القبطان (الخمسيني) وهو ينظر الى وجهها الشاحب , وأنزلها الى الأسفل .. ثم وضعها فوق السرير وبدأ بعلاجها , فهو لحسن حظها طبيبٌ جرّاح يقوم برحلةٍ سياحية بعد تقاعده المُبكّر 

وفور كشفه عليها , علم بأنها أسقطت جنينها ! ومن الجيد انه يحتفظ بحقيبة إسعافات اوليّة في سفينته , وبداخلها مصلٌ طبّي قام بتعليقه لها لتعويض جسمها عمّا خسرته من دماء.. 

وحين ألبسها بيجامته لاحظ آثار جَلدٍ بالحِزام على ظهرها وكدماتٍ قديمة , وآثار ربطٍ بالحبال حول معصميها وقدميها , بالإضافة لتورّمٍ واضح لعينها اليمنى من لكمةٍ قوية .. فعرف انها هربت من تعذيب زوجها , لأن الخاتم مازال في إصبعها ..

فتمّتم بعد ان غيّر لها الملاءة والغطاء : يا الهي ! كيف تحمّلت المسكينة كل هذا العذاب ؟!
***

وعصراً .. دخل القبطان اليها ومعه طعام , فوجدها إستفاقت من نومها وهي تحاول إزالة المصل من ذراعها .. فقال لها مُحذّراً :
- إتركيه !! ستؤذي نفسك
فسألته بفزع : من انت ؟!! ومالذي أدخلته في جسمي , هل هو مخدرات ؟!
- لا طبعاً , هذا مصلٌ طبّي .. وانا طبيبٌ سابق , أقوم برحلة على سفينتي في يوم عطلتي
فقالت بدهشة : انت طبيب ؟!
- نعم دكتور فؤاد , جرّاح أعصاب متقاعد .. 
فسكتت وهي تشعر بالإحراج ..

الطبيب : سأحاول ان أساعدك , لكن أجيبيني اولاً : هل ضربك زوجك الى ان أسقطّتي جنينك ؟
فهزّت رأسها إيجاباً بحزن..
- وكنتِ في أيّ شهر ؟
فأجابت بقهر : الثالث
فقال بحزم : أعدكِ حين نصل الى مرفأ المدينة المجاورة , سأشهد معك لدى الشرطة كيّ يحبسوه على فعلته الغير إنسانيّة 
بخوف : لا ارجوك ! لا اريد مشاكل معه , فهو مجرمٌ سابق
الطبيب باستغراب : ولما تزوجتي منه ؟!

فأجابت بحزن : لأن والدي باعني له
- ماذا تقصدين ؟!
- والدي مُدمن وزوجي تاجر مخدرات ..فباعني من أجل حقنة هيروين 
الطبيب بصدمة : يا الهي ! ..وماذا عن امك ؟
فأجابت بقهر : والدايّ مُنفصلان منذ صغري .. ورغم انني أفنيت طفولتي بخدمة والدي , لكنه باعني بثمنٍ بخس ! 
- ارجوك لا تبكي .. وسأحاول مساعدتك قدر المستطاع 
- أتدري دكتور .. أحمد ربي على إنني أسقطت الجنين , فأنا لا اريد شيئاً يربطني بطليقي المتوحش 
- طليقك ؟!

نورا : نعم هو طلّقني بعد ان تشاجرت معه بسبب إحضاره بضاعة هيروين الى بيتي , فضربني بقسوة دون ان يرحم حملي .. ورماني بملابس النوم الى الشارع .. وكان وصولي الى سفينتك معجزة ! بعد تجاوزي لمجموعة من الرجال السُكارى والمدمنين المتسكّعين في الشوارع
- جيد انك وصلت اليّ , والا لكنت نزفتِ حتى الموت 
وهي تمسح دموعها : والله الموت أرحم من حياتي البائسة
- لا تقولي ذلك يا .. آه لم اسألك بعد .. ما اسمك ؟ 
- نورا 
- إسمعيني يا نورا .. اريدك الآن ان تأكلي جيداً , فأنت خسرتي الكثير من دمائك .. ومن بعدها تنامين دون ان تفكّري في شيء , وحين نصل للشاطىء نجد حلاً لمشكلتك ..إتفقنا 

ثم تركها لترتاح .. بينما استلقى على سطح المركب رغم الجوّ البارد , وهو ينوي مُعاودة المسير في المساء , لأنه يحتاج الى يومين من الإبحار للوصول لأقرب مرسى 
***

الا ان الطقس الصافي تغير فجأة مع غروب الشمس ! بعد ان أنار البرق ظلمة البحر , تبعه هدير رعدٍ يصمّ الآذان .. ثم تساقط المطر بغزارةٍ  كادت تُمزّق أشرعة السفينة .. 
فأسرع فؤاد الى كابينة القيادة للسيطرة على قاربه الصغير , بعد ان اهتزّ بعنف مُتناغماً مع هيجان الرياح والأمواج المُتلاطمة !

وحاولت نورا الخروج الى السطح , لكنها سمعت القبطان يصرخ عليها للعودة فوراً الى غرفتها وإقفال الباب , وعدم الخروج لأيّ سببٍ كان ..
***

وهناك , حاولت نورا التمسك بالسرير الذي كان يهتزّ بعنف مع اهتزازات السفينة !
وكانت أرعب ليلة في حياتها , فهي تصارع موتاً محقّقاً.. ولم تدري متى نامت , بعد ان تهالك جسمها من شدّ الأعصاب المتواصل
***

إستيقظت صباحاً (بعد انتهاء العاصفة) على صوت أنينٍ قادماً من سطح السفينة ! فأسرعت الى هناك .. لتجد القبطان واقعاً داخل الكابينة بواجهتها المُحطّمة بالكامل .. ويبدو ان شظيّة من الزجاج جرحت خاصرته ..
فقال لها وهو يتأوّه بألم :
- نورا لوّ سمحتي , إحضري علبة الإسعافات 

وبعد ان أحضرتها على عجل , طلب منها تقطيب الجرح .. ورغم خوفها من القيام بذلك , لكنها شعرت بأنها مُلزمة بردّ جميله .. فبدأت بتطهير الجرح وإزالة العالق من بقايا الزجاج , قبل تقطيبه بناءً على إرشاداته .. وبعد ان ضمّدته , ساعدته بالإستلقاء فوق سريره في الأسفل , قائلةً :
- سأحاول الإتصال بالنجدة
الدكتور بتعب : حاولت قبلك , لكن يبدو ان اللاّسلكي تعطّل بالعاصفة , كما المحرّك ..ولا ادري مالسبب !

فسألته بقلق : ومالعمل الآن ؟!
- لاتخافي .. طالما ان الجوّ هدأ الآن , فحتماً ستمرّ سفنٌ أخرى تنقذنا.. اما عن جرحي , فهو سطحي وغير خطير
- لكنك نزفت طويلاً .. ليتك لم تعطني ذلك المصل , لكنت استخدمته الآن 
- انا بخير يا نورا , كل ما احتاجه هو كوب عصير 
- وهل يوجد لديك في المطبخ ؟ 
الدكتور : نعم , داخل حافظة الطعام 
***

حين دخلت الى هناك , وجدت بقايا الطعام مُبعثرة فوق أرضيّة المطبخ ! والذي سلِمَ من العاصفة كان فقط : موز ولوحيّ شوكولا وقاروة مياه واحدة .. فعادت الى الغرفة , وأخبرته بذلك

الدكتور بقلق : هذه مشكلة ! .. اللعنة عليّ !! كيف نسيت إغلاق الحافظة بهذا الجوّ العاصف ؟!  
- الأسوء انه لا يوجد لدينا ماءٌ للشرب !
- سنجرّب طرق الكشّافة البدائية
نورا : تحلية المياه ! لكننا بحاجة للكثير من الأدوات
- أقصد ان الجوّ مازال غائماً .. لذا أريدك ان تفكّي إحدى الأشرعة وتربطيه على شكل وعاء , بحيث اذا أمطرت من جديد , نحصل على مياه للشرب 
نورا : فهمت , سأفعل ذلك الآن 
- ورجاءً لا تتعبي نفسك , فأنت مازلتِ متعبة
- لا تقلق , سأكون بخير
***

ظهراً .. وفور إنتهائها من ربط الشراع , بدأت زخّات المطر تتساقط على يديها
فتمّتمت بقلق : أتمنى ان يكون مطراً عادياً وليست عاصفةٌ أخرى !
وحين هطل المطر , نزلت الى الأسفل ..
***

وفي غرفة النوم .. فرشت نورا اللحاف على الأرض بجوار سريره .. فقال لها : 
- الأفضل ان تنامي على السرير , فجسمكِ مازال متعباً
نورا : لا , حالتك اسوء مني .. إبقى مكانك , وانا سأستريح على الأرض ..اساساً الوقت مازال مُبكراً على النوم
- صحيح ..لنستريح قليلاً , فلا شيء آخر نفعله في هذا الجوّ الماطر .. (ثم سكت قليلاً) هل انت جائعة ؟ فأنت لم تأكلي سوى لوح شوكولا واحد , بعد ان أصرّيتي أن آكل الموز لوحدي ..
- لا تقلق , لا أشعر بالجوع .. وحين يتوقف المطر , سأصطاد بعض السمك .. على أمل ان يتحسّن الطقس قبل غروب الشمس

الطبيب : وهل تعرفي كيف تصطادين ؟! 
- في بداية زواجي أخذني طليقي في رحلة , وعلّمني طريقةً سهلة لصيد السمك.. فهل لديك سنّارة ؟
- بالتأكيد , ستجدينها في إحدى خزائن المطبخ ومعها علبة الديدان
نورا باشمئزاز : هذا هو الجزء المقرف في الصيد
فابتسم لها قائلاً : لا تقلقي , سنحلّ مشكلة الطعام لاحقاً
*** 

بعد تحسّن الجوّ .. خرجت نورا الى سطح المركب لتجميع المياه من داخل الشراع , ووضعتهم في قارورةٍ فارغة .. واتفقت مع الطبيب على شرب القليل من الماء عند الحاجة القصوى
ثم حاولت جاهدة إصطياد السمك ..
***

بعد ساعتين من الفشل المتواصل , قالت في نفسها بضيق :
((عليّ إصطياد شيئاً , فالطبيب جريح وبحاجة للطعام .. يارب أرجوك , أعطني ولوّ سمكةً صغيرة))
وهنا تحرّكت السنّارة ..فصرخت بعلوّ صوتها :
- لقد اصطدّت سمكةً كبيرة !!!
فردّ الطبيب من الأسفل : انا قادم لمساعدتك !!
- لا !! إبقى مكانك

لكنه أصرّ على الصعود بعد ان إتكأ بتعب على جدران السفينة ..  
وقبل وصوله اليها , رآها تسقط في البحر بعد ان قامت السمكة بسحبها بعنف .. فهي دون ان تدري , إصطادت سمكة قرش كبيرة! 

فلم يجد نفسه الا وهو يأخذ الرمح المعلّق على جدار السفينة ويقفز نحوها .. وقد وصل اليها في الوقت المناسب , بعد ان غرز الرمح في عين القرش قبل ثوانيٍ من قضم قدمها , فهربت مُتألّمة في أعماق البحر .. بينما أسرعا في الصعود مجدداً الى السفينة .. واستلقيا على الأرضيّة وهما يلهثان برعبٍ وإرهاق !

ثم بدأت نورا تبكي , فسألها الطبيب بقلق :
- هل أذاكِ القرش ؟! 
- لا انا بخير , وانت ؟
الطبيب : بخير .. لما تبكين ؟!
- لأني جلبت النحس معي الى سفينتك .. هآقد ضاعت سنّارتك بالبحر , وبسببي سنموت جوعاً !
- لا تقلقي , يمكنني صنع سنّارة أخرى .. هيا رجاءً لا تبكي .. ثم بالعكس انت أنقذتي حياتي , لأني أخطأت حين أبحرت دون الإنتباه لحالة الطقس ..ولولاك يا حوريّة البحر لكنت نزفت حتى الموت
فقالت بدهشة وحزن : حوريّة ! أتصدّق انك اول شخص يمدحني في حياتي؟!
- يبدو ان لديك ذكريات سيئة مع والدك وزوجك , لكن تأكدي بأن حياتك ستصبح أفضل بعد وصولنا للشاطىء 

نورا : أتمنى ذلك .. وماذا عنك ؟ هل لديك ابناء ينتظروك في المدينة الثانية ؟
- نعم ابني , وهو يدرس الطب وانا فخورٌ به  
- وماذا عن زوجتك ؟
الطبيب بحزن : توفيت بالسرطان السنة الفائتة , وبسببها تقاعدّت مبكراً 
- لكن الناس بحاجة الى اطباء إنسانيين مثلك !
فؤاد بقهر : لم أعدّ أطيق رؤية المستشفيات بعد ان احتضرت زوجتي هناك لستة أشهرٍ متواصلة 
- آسفة لسماع ذلك ! 
- لهذا اشتريت هذه السفينة لأجوب بها العالم .. وكان ابني يرفض ذهابي لوحدي , وطلب مني مراراً أن أعيّن بحاراً يسافر معي , لكني عاندّته ورفضّت , بحجّة انني بارعٌ في الملاحة .. 
نورا بحزن : على الأقل لديك شخص تعيش لأجله .. اما انا , فلا أدري ماذا سأفعل بعد وصولي للشاطىء , فليس لديّ مكان أذهب اليه 
- لا تقلقي يا نورا , سأساعدك في بناء حياتك من جديد
- شكراً دكتور , انا سعيدة لأن القدر جعلني أختار سفينتك من بين سفن الصيادين في المرسى ..
فابتسم لها بحنان
***

ثم أمضيا بقيّة اليوم في صنع سنّارة يدوية , استطاعا بها اصطياد سمكةٍ صغيرة , قاما بشويها وأكلها .. وان كانت لم تشبعهما , لكنها أفضل من النوم جوعاً ..
***

في المساء .. لم يقبل الطبيب النوم مجدداً على السرير , ونام على فراش الأرض وهو يُطمّئنها بأنه سيتمّ إنقاذهما غداً , لأن إحساسه لا يخطأ ابداً 
***

لكن ما حصل في اليوم التالي كان أغرب من الخيال , حيث استيقظا ليجدا السفينة راسية لوحدها على الشاطىء , وكأن الأمواج تكفّلت بذلك !

ونزلا وهما سعيدان بملامسة أرجلها للتراب , ومشيا مُبتعدان عن العائلات والسوّاح الذين إفترشوا الشاطىء .. وقبل ان يصلا للشارع , شاهد الطبيب ابنه الشاب برفقة رجلٍ يتجهان صوب سفينته المتوقفة قرب البحر ..  
فلحقه ابوه وهو يناديه بصوتٍ عالي وبسعادة : هاى بنيّ !! انا هنا

لكن يبدو ان ابنه مُنشغلاً بالحديث مع الرجل , بحيث لم يلتفت لوالده الذي كان خلفه !
فهمست له نورا : هل انتما على خصام ؟!
الأب بدهشة : لا ابداً ! ربما لم يسمعني من ضجّة مرتادي الشاطىء , لنلحقهما ..

وحين وصلا قربهما , سمعه الأب وهو يقول للمشتري بنبرةٍ حزينة:
- هذه هي سفينة والدي الطبيب , وكان يعشقها جداً  
فقال الرجل : لقد رأيت إعلانها بالأنترنت , وهي جيدة من الداخل وسعرها مقبولٌ جداً ! 
الأبن : نعم , مع اني تكلّفت الكثير لإصلاح عطل محرّكها واللاّسلكي ..وكان ابي إشتراها بمبلغٍ كبير , لكن لم يرضى احد بشرائها بعد معرفتهم بأن والدي مات في الكابينة بعد تلك العاصفة التي ضربت البلاد الشهر الفائت , قبل ان نجد سفينته متوقفة في ميناء الصيادين 

وهنا قال الطبيب لنورا بفزع : ماذا يقول هذا الأحمق ؟!.. (ثم نادى لإبنه من جديد بصوتٍ عالي) ..ابني انا هنا !! لم أمت بعد ! أدرّ ظهرك نحوي يا ولد !!

ثم سمع المشتري يقول لإبنه : يبدو ميناء الصيادين منحوساً ! فقد وجدوا قبل اسابيع جثة امرأة ماتت في المرسى بعد إجهاضها , وكان على جسمها آثار ضربٍ عنيف .. وألقت الشرطة القبض على زوجها الذي كان تاجر مخدرات !

فارتعبت نورا بعد سماعها لذلك , وقالت للطبيب بخوف : 
- لكني لم أمت يا فؤاد ! مالذي يقولانه هذان الأحمقان ؟!
وأسرعا نحوهما وهما يصرخان :
- نحن أحياء !! الا ترونا ؟!

وحين حاول الأب إمساك ذراع ابنه , مرّت يده من خلاله وكأنه طيف ! فتراجع الطبيب للخلف برعب .. 
وحاولت نورا بدورها إمساك ذراع المشتري , لكن حدث لها الشيء ذاته !

وهنا قال المشتري للإبن : رحم الله والدك 
الإبن : سلمت أخي , هيا ندخل لترى السفينة من الداخل
وبعد ان دخلا السفينة ..

قالت نورا وهي ترتجف بخوف : ماذا يعني هذا ؟!
الطبيب بفزع : يبدو اننا ميتان !
نورا وهي تبكي : لا أصدّق هذا , كيف ؟!

وفجأة ظهرت لهما سفينتهما من بعيد وهي تقترب أكثر وأكثر من الشاطىء 
الطبيب : أنظري هناك !! انها سفينتنا المُحطّمة !
نورا بحزن : وماذا نفعل الآن ؟!
ففكّر الدكتور قليلاً , قبل ان يقول بحزن : 
- هاتِ يدك .. دعينا نعود الى سفينتنا , ولنُبحر من جديد
نورا بقلق : أخاف ان ينقصنا الماء والطعام
الدكتور بيأس : لا تقلقي , لن نموت مرتين .. 

ولأول مرة لاحظا بأن جسميهما يطفو بخفّة فوق الماء , الى ان وصلا لسفينتهما الشبح التي لم يرها أحد من مرتاديّ الشاطىء .. ثم أبحرا في عرض البحر مُتجهين نحو الأفق المجهول !

هناك 3 تعليقات:

  1. الرائعة دائما أستاذتي الغالية أمل دائما تبهرينا بما هو جديد نهاية غير متوقعة دمت بخير

    حنان عبدالله

    ردحذف
  2. القصة رائعة و الاحداث مذهلة.. لكن النهاية مفتوحة نوعا ما . لذا اتمنى ان تكتبي جزءا ثانيا للقصة. لانها مميزة و تحتاج لاكمالها

    ردحذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...