الاثنين، 2 يونيو 2025

التلاعب بالمشاعر

تأليف : امل شانوحة 

خطّة العقوبة 


كتب لها على الفيسبوك ، وهو مزّهواً بنفسه : 

- يكفي هذا القدر من التواصل ، فغيرك ينتظر دوره

الصبيّة بقلق : ماذا يعني كلامك ؟!

- لقد تحدّثنا ثلاثة اشهر .. وطالما أخبرتني الآن بحبك لي ، فقد حقّقت مرادي .. وعليّ البحث عن حبيبةٍ اخرى تكون صعبة المنال ، فأنا احب المغامرات الشيّقة

- هل تتلاعب بمشاعر البنات ؟!

- هي إحدى هواياتي .. فأنا ثريٌّ ووسيم .. وأتعمّد البحث عن اليائسات امثالك ، لكيّ أُسعد ايامهن البائسة بعبارت الغزل التي لن يسمعوها من غيري .. وطالما نجحت بجعلك تتعلّقين بي ، فقد حقّقت هدفي. .سأمسح هذا الحساب بعد قليل ، فلا تبحثي عني .. فكل المعلومات التي اخبرتك بها ، مُزيّفة .. سلام يا حبيبتي السابعة 


وحذف حسابه بالفعل ، تاركاً الصبيّة في صدمةٍ عاطفيّة ! دون علمه بأنها خبيرة كمبيوتر ، او بالأصح هاكر محترفة.. 


وبسبب غيظها منه ، سهرت ليلتها وهي تبحث في ملفات حاسوبه (الذي نجحت في اختراقه) لتجد نسخاً عن محادثاته مع حبيباته السابقات ، التي تضمّنت مزيداً من المعلومات عنه .. او ربما اكاذيب مختلفة ، أخبرها للفتيات البالغ عددهن ستة .. وهو شيء الوحيد الذي صدق فيه ! 


وبعد بحثٍ مطوّل ، تمكّنت العثور على صفحاتهن بالفيسبوك .. وقامت بالتواصل معهنّ ، ببثٍ مباشر .. حيث تشاركن معاً لحظات القهر التي شعرن بها ، بعد إنفصال الشاب النرجسي المغرور عنهن!


فاقترحت الصبيّة (الهاكر) التالي : 

- ما رأيكن لوّ نعاقبه ؟ كيّ لا تقع ضحيّةٌ ثامنة في مصيّدته القذرة

إحداهن باهتمام : وكيف نفعل ذلك ؟!

- بما انني خبيرة كمبيوتر ، أستطيع مسح ملفات عمله القديمة والحديثة .. فهو كما اخبرتني احداكن : يعمل بشركةٍ هندسيّة تابعة لوالده .. وحسب الملفات التي قرأتها ، فهو مشغول حالياً بمشروع بناء مولٍ ضخم ! والذي يمكنني مسح رسومات هندسته من حاسوبه تماماً

سلمى (وهي الأطيب قلباً بينهن) : لكن هذا سيصيبه بالجنون !


فردّت إحداهن بعصبية : برأيّ هذا العقاب ليس كافياً !! علينا إذلاله ومسح كرامته بالأرض ، كما فعل معنا

الهاكر : كنت قبل تواصلي معكن ، لاحظت ان لديه فتاةً مميزة يحدّثها منذ سنوات.. وحسب قراءتي لمحادثاتهما ، فهو حريص جداً على مشاعرها .. بعكس طريقته الفظّة معنا ! 

- طالما اللعين لديه حبيبه ، فلما يخونها معنا ؟!

سلمى بقلق : يخون ! هل كان على علاقةٍ جسديّة مع احداكن ؟

فردّت صبيّة بقهر : بغبائي عزمته على شقتي ، بالوقت الذي عملت فيه بشركة والده.. وأظنني اول من تلاعب بمشاعرها بينكن

سلمى بقلق : وهل حصل شيءٌ بينكما ؟!

فأجابتها : لما تبدين خائفة من إنحرافه ، هل تظنيه مُتديّناً مثلك ؟! على كلٍ ، لم يحصل شيء .. شرب العصير ، ورحل .. قال أنه لا يريد التورّط مع احد !

فتنهّدت سلمى بارتياح ، دون إظهار ذلك للفتيات الغاضبات..


لتتفاجأ بالموظفة السابقة تُكمل كلامها : 

- لهذا تعمّدت في المرة الثانية التي زارني بها ، على وضع الكحول في عصيره 

سلمى بقلق : وهل نجحتي بإيقاعه.. 

فقاطعتها قائلة : لا !! لكني صوّرته يرقص بغباء ، وهو سكران .. قبل إغمائه في الصالة .. وفي الصباح خرج من بيتي ، اثناء نومي بغرفتي .. لأعرف في اليوم التالي بقرار طردي من الشركة ، مع رسالة إنفصاله عني!

الهاكر : إرسلي لي الفيديو الذي صوّرته وهو مخمور 

سلمى بقلق : وماذا ستفعلين به ؟!

الهاكر : بعد ايام ، سيعرض مشروعه على عميلٍ مهم لشركته.. سأجعله يذلّ نفسه بذلك الفيديو امام موظفيه ، بدل رسوماته الهندسيّة 

سلمى : هذا سيفضحه امام الجميع !


فاعترضت اخرى : برأيّ علينا معاقبته اكثر من ذلك .. فخالتي يمكنها سحره ، فهي خبيرة بالعالم السفليّ .. لكني للأسف ، لا املك شيئاً من أثره 

فردّت الموظفة القديمة :

- مازلت املك شاله الذي نسيّه اثناء نومه عندي ، سأرسله لك .. وانت تسحرينه بالعقم .. لكيّ تطلّقه حبيبته ، في حال تزوّجها لاحقاً 

فاعترضت الثالثة بغيظ : لا !! لن ننتظر كل هذه المدة .. عليك سحره بشيءٍ يُشفي غليلنا منه

- اذاً سأصيبه بالصدفيّة .. فمرضه الجلدي سيُنهي وسامته ، ويجعل الفتيات تشمئزنّ الإقتراب منه

الهاكر بسعادة : فكرةٌ رائعة !! إفعلي ذلك.. والآن من لديها افكار اخرى للإنتقام من اللعين المغرور ؟!!


سلمى : حرامٌ عليكن ! ستمرضونه وتحرمونه من حبيبته ، وتفشلون مشروعه ..ماذا تريدون اكثر ؟!

- يبدو مازلتي تحبينه ؟!

سلمى : على الأقل لا اكرهه لهذه الدرجة ، فانا اؤمن بالنصيب..

الهاكر مقاطعة بعصبية : يكفي غباءً !! هو تلاعب بمشاعرنا ، وعلينا إيقافه عند حدّه ، كيّ لا يؤذي غيرنا

فسألتها إحداهن : تبدو لديك افكار اخرى ؟

الهاكر : أخبرتكن انه يمكنني إختراق حاسوبه ، وحذف جميع المعلومات التي فيه .. فأنا لا يمكنني ايذائه الا الكترونيّاً


سلمى بحزم : هذا يكفي !! هو لم يغتصبنا او يشوّه سمعتنا .. هو فقط أضاع وقته بالحديث معنا .. وليس اول او آخر شاب يتكلّم مع الفتيات ، فالإنترنت مليء بأمثاله .. ثم هذا ذنبنا !! فلا يوجد رجل يخطب فتاة ، تحدّث معها دون إذن اهلها .. للأسف تعلّمت ذلك متأخراً.. لكن الله وحده يعلم بحسن نوايايّ

الهاكر : يبدو أن النقاش معك عقيماً ، لهذا سأقطع إتصالنا بك .. إبقي بغبائك وطيبة قلبك ، الى ان يحطّمه شخصاً آخر


وقطعت الإتصال بها ، بينما أكملت خططّ تدميره مع بقيّة الفتيات !

***


بعد ايام ، في الشركة .. تفاجأ الشاب بزيارة سلمى له :

- ماذا تفعلين هنا ؟! وكيف عرفتي عنوان شركتي ؟!

- من موظقتك السابقة (وأخبرته بإسمها) 

بدهشة : كيف تواصلت معها ؟! فأنا لم أحدّثها منذ سنتيّن ! 

سلمى : وماذا عن فلانة ؟ 

باستغراب : وهذه ايضاً قطعت علاقتي معها قبل ايام ! كيف اجتمعتي بهما؟! 

- بل اجتمعت بكل حبيباتك الستة (وأخبرته اسمائهن) .. وقبل ان تسألني .. حبيبتك الأخيرة خبيرة كمبيوتر ، وهي من جمعتهنّ لوضع خطّة لتدميرك 

فسألها بقلق : كيف يعني تدميري ؟!

سلمى : هي تريد فضحك امام العميل الذي ستعرض مشروعك عليه بعد قليل


في البداية لم يصدّقها ، لكنه شعر بالخوف بعد استعانته بخبير الكمبيوتر (موظف في شركته) الذي أكّد إختراق حاسوبه ، وحذف الهاكر لبعض ملفاته العمليّة المهمّة ! 


الشاب بقهر : ومالعمل الآن ؟! اريد استرداد ملفي بالحال ، فالعميل على وشك الوصول للشركة ! 

الموظف : إن وعدتني بمكافأةِ مالية ، سأعمل جاهداً على استعادة مشروعك

الشاب : لك ما تريد ، بشرط ان تضع حماية لحاسوبي من الهاكر اللعينة

الموظف : بل سأفعل اكثر من ذلك ، مُرسلاً فيروساً يدمّر حاسوبها

الشاب : والله ان فعلت ذلك ، سأرقّيك بالحال !!


ثم اخذ سلمى جانباً ، وهو يشكرها :

- طيبة قلبك جعلتك تأتين الى شركة والدي ، لتنبيهي على مُخطّطهن اللعين .. رغم انني كسرت قلبك ! رجاءً سامحيني ، فأنت افضل واحدة بينهن 

سلمى : قلت لك سابقاً ، انني اؤمن بالقدر .. المهم ان تُحصّن نفسك بالأدعية ، قبل تمكّنهن من سحرك 

- هذا خطأي .. وكأني فتحت على نفسي ابواب جهنم ، بتلاعبي بمشاعرهن 

سلمى : ليكن درساً لك .. فمعظم النساء لديهن افكار شيطانيّة : وأكثريتهنّ غيّورات وحقودات ، او ناقمات على الرجال بشكلٍ عام .. وبتعرّفك على المزيد منهن ، تصبح عرضة لإنتقامهن المدمّر .. المهم الآن ، سأتركك تعمل قبل وصول العميل


فشكرها مجدداً على حسن اخلاقها .. وعاد لعمله من جديد

***


بعد اسبوعين ، تفاجأت سلمى برسالةٍ منه (بعد فكّه الحظر عنها) !

((اردّت إخباركِ بنجاح مشروعي .. وتمكّني من حماية حاسوبي من الهاكر اللعينة .. كما ذهبت للشيخ لتحصين نفسي مع بداية شعوري بأعراض السحر ، عقب رؤيتي للكوابيس المرعبة .. وقد نصحني الشيخ بالحرص على ديني ، حتى لا اصبح فريسةً سهلة للجن .. خصوصاً بعد ظهور بثورٍ تشبه الصدفيّة بجلدي ، والتي سارعت بعلاجها قبل انتشارها بجسمي .. فمن بين كل البنات اللآتي تلاعبت بمشاعرهن ، لست نادماً إلاّ عليك.. رجاءً سامحيني))


فأرسلت سلمى جوابها : كنت درساً قاسياً بحياتي .. لكني أؤمن بأن الزواج قسمة ونصيب .. وأتمنى لك حياةً سعيدة مع حبيبتك


وماهي الا دقائق ، حتى جاءها الردّ :

- يبدو ان سحرهنّ نجح بشيءٍ واحد ، وهو تفريقي عنها ! فحبيبتي فاجأتني بخبر خطوبتها من ثريٍّ عجوز

سلمى : لا تحزن ، لربما اراد الله لك الخير مع غيرها

- وهذا ما اشعر به فعلاً 

بارتباك : ماذا تقصد ؟!

- اريد رقم والدك ، لتحديد موعد الخطوبة

سلمى باستغراب : ولما اخترتني من بين كل البنات اللآتي تعرفهنّ؟!

- لأنك الوحيدة التي أثبّتي حسن نواياك .. فقد ساعدتني قبل ان يدمّرونني مهنيّاً وصحيّاً ونفسيّاً ، رغم أذيّتني لك ! وهذا يدل هلى حنانك وطيبة قلبك ، وحسن تربيّتك .. فماذا اريد اكثر من ذلك ؟

سلمى : موافقة ، بشرط !! ان تعدني بعدم التلاعب بمشاعر البنات ثانيةً ، فهو ذنبٌ كبير يُغضب ربك 

- التوبة !! تعلّمت درسي جيداً

***


وبالوقت الذي كانت فيه ضحاياه السابقات تبحثن عن بديلاً له ، كانت سلمى تنعم معه بأجمل شهر عسلٍ بأوروبا .. فهي استحقّت تعويض ربها ، بسبب صبرها ورضائها بالقضاء والقدر .. وهو شيءٌ نادر بحياتنا التنافسيّة الصعبة !


التلاعب بالمشاعر

تأليف : امل شانوحة  خطّة العقوبة  كتب لها على الفيسبوك ، وهو مزّهواً بنفسه :  - يكفي هذا القدر من التواصل ، فغيرك ينتظر دوره الصبيّة بقلق ...