تأليف : امل شانوحة
الناجيان الأخيران
على شاطئٍ هادئ خالي من المصطافين ، جلس عجوزٌ وحده يشرب الشايّ وهو ينظر للبحر بشرود .. قبل ان ينتفض رعباً ، بعد سماعه رجلٍ يقول من خلفه :
- هل يمكنني مشاركتك الشايّ ؟
فالتفت العجوز حوله ، وهو يسأله بخوف :
- كيف هذا ؟! لقد انتهت البشريّة قبل سنتيّن .. تأكّدت بنفسي بعد سفري لجميع دول الشرق والغرب
فسأله الرجل باستغراب : وكيف تنقّلت وحدك ؟! أمازالت الطائرات تعمل بعد إشعاعات الحروب النوويّة التي دمّرت حضارات العالم ؟!
فالتزم العجوز الصمت ، وهو مازال قلقاً من الرجل الغريب الذي ظهر له فجاة !
وبعد تبادلهما الحديث لبعض الوقت ، قال العجوز بضيق :
- يبدو اننا الناجيان الوحيدان !
الرجل : يبدو ذلك
العجوز بمكر : ليتك امرأة ، لأعمرت الدنيا من جديد
- الدنيا مرةً واحدة ! من يسمعك يظنك بعزّ شبابك
- صحيح اني كبير بالسن ، لكن لا تستهين بقوّتي .. ففي الماضي كان يُحسب لي الف حساب ، قبل توالي المصائب التي قضت على البشريّة جمعاء
الرجل : واين اختبأت من دمار الحروب ؟ وكيف نجوّت من المجاعة القاتلة ؟!
- لديّ منزلاً تحت الأرض ، مزوّداً بكل شيء .. ماذا عنك ؟
- ربما مازالت لديّ مهمّة بالحياة ، لهذا لم ينتهي عمري بعد
العجوز : ومالذي تتقنه ؟
- انهاء متاعب الناس
- هل كنت محامياً ام طبيباً ؟
- سأدع مهنتي سرًاً في الوقت الحاليّ
العجوز : كما تشاء .. لكن بشرط !! لا تسألني شيئاً عن ماضيّ
- اتفقنا.. اساساً سأبقى برفقتك حتى غروب الشمس
- وبعدها الى اين تذهب ؟
- لقدري
العجوز : كلامك كلّه الغاز !
- دعنا نشرب الشايّ بهدوء ، ونحن نشاهد أمواج البحر .. فماهي الا ساعاتٍ قليلة ويحلّ المساء
- بعدها تخبرني المزيد عنك ؟
الرجل : ستعرف كل شيءٍ في وقته
***
ومضى النهار سريعاً وهما يتناقشان الأحداث الماضية التي حصلت للبشريّة قبل سنوات ، حتى منذ قرون .. الى ان اوشكت الشمس على المغيب ، حينها قال العجوز بمكر :
- اريد إخبارك بسرّ قبل رحيلك .. (ثم عدّل جلسته بغرور).. أتدري من اكون ؟ ..انا ابليس المُعظّم !! ولأني مُخلّد ، بقيّت لآخر الزمان .. يعني كنت آخر كائنٍ حيّ ، لحين ظهورك المفاجئ !
فردّ الرجل بابتسامةٍ مخيفة :
- بالتأكيد اعرفك !! فقد نزلت من السماء ، خصيصاً لك
فارتعد ابليس رعباً (بعد تحوّله لشكله الحقيقيّ) :
- رجاءٍ لا تخبرني انك ..
الرجل : ملك الموت !! وعليّ قبض روحك هذا المساء
وفجأة ! اختفى ابليس من الشاطئ ..
^^^
في سابع ارض ، جلس ابليس على عرشه الذهبيّ وهو يلتقط انفاسه .. لكن فرحته بالهرب لم تدّم ، بعد ظهور ملك الموت امامه :
- هل كنت تظن انك ستبقى مُخلّداً لأبد الآبدين ؟ بل الله زوّد عقابك بتركك حياً ، بعد ان أمرني بقبض أرواح البشر جميعاً .. لتعيش الوحدة دون ذريّتك النجسة ، وأتباعك من الجنسيّن البشر والجن .. لكن حان موعد لقاء مصيرك
فانهار ابليس باكياً لأوّل مرة في حياته ، مُترجّياً ملك الموت (بعد تحوّله لشكله الحقيقيّ المهيب) :
- رجاءً دعني اعيش اسبوعاً آخر ، او بضعة ايام.. كيّ اودّع الدنيا التي عشت فيها لقرونٍ عديدة
ملك الموت : قلتها بنفسك !! عشت فيها لقرونٍ عديدة ، الم تملّ بعد؟!
- لا !! عليّ رؤية العديد من الأماكن قبل رحيلي
- مثل ماذا ؟
ابليس بمكر : الجبال والبحار..
واختفى من جديد !
^^^
وقبل استلقاء ابليس على فراشه (في قصره تحت مياه المحيط) تفاجأ بملك الموت يظهر من جديد ، وهو يقول بعصبيّة :
- أتريد التلاعب معي ؟!!
بصوتٍ مرتجف : رجاءً !! دعني وشأني
واختفى من جديد !
^^^
وما ان تهالك ابليس فوق ارضيّة الكهف (المتواجد بأعلى الجبال الثلجيّة) ظهر ملك الموت ، وهو يصرخ غاضباً :
- الا تفهم انه لا يمكنك الهرب مني ؟!!
ابليس وهو يرتعد خوفاً :
- لحظة ! دعنا نتفاهم .. إن قبضّت روحي ، فسينتهي عملك في الدنيا
- اعلم هذا
ابليس : يعني سيحين موعد موتك ايضاً
- طبيعي ، سأموت كما ماتت مخلوقات الأرض جميعاً.. وسيكون هناك اربعين سنة بين موتك وخروجك يوم القيامة ، للمحاسبة عن ذنوبك العظيمة
ابليس : اذاً دعني اعيش الأربعين سنة في الدنيا ، وبعدها تقبض روحي
- لا يمكن لأحد الهرب من موعد وفاته ..
ابليس صارخاً : لكنك ستموت معي !!
- موتي لن يكون مثل موتك ، ايها الفاسق
ابليس بقلق : ماذا تقصد ؟!
- انت ستشعر بآلام كل من أغويّتهم لحظة وفاتهم
- هذا ليس عدلاً !
ملك الموت غاضباً : أتعترض ايضاً ؟!! الا تعلم بأنك أشرّ خلق الله؟
- كل ما فعلته انني ارسلت ذريّتي للوسّوسة للبشر .. وهم بإمكانهم بسهولة منع انفسهم من المنكرات ، بالإستعاذة من الشيطان .. لكنهم مخلوقاتٍ ضعيفة ، وهذا ليس ذنبي .. فهم مخلوقين من ترابٍ..
ملك الموت مقاطعاً : وانت من نار .. أمازلت تتمسّك بذات الحجّة الواهية التي طردتك من الجنة ، ايها المغرور المتعالي ؟
ولوّح بعصاه بوجه ابليس الذي رفع يديه مستسلماً :
- لحظة توقف !! لا تقتلني .. الم تصاحبني طوال النهار ، وتحدثنا معاً لساعات عن الماضي والمستقبل ؟
- الملاك لا يُصاحب شيطاناً !! ثم كنت أضيّع الوقت ، لحين موعد موتك .. بالنهاية لم يعد لديّ عملٌ سواك
ثم تلا ملك الموت بضعة كلمات .. فخرجت سلاسل من نار من كل مكان ، بنهايتها سكاكين حادّة !
فصرخ ابليس خوفاً : طالما سأعاقب بالآخرة ، فلما عقاب الدنيا ؟!
- لأنك استحقّيتها بجدارة .. إهجموا عليه !!
فالتفّت السلاسل حوله وهي تجرح وتقطّع جلده ، بينما يصرخ متألّماً
وبقيّ على هذه الحالة قرابة ساعة .. وهو يستنجد بملك الموت ان يقبض روحه ، ويريحه من هذا العذاب !
بعدها نظر ملك الموت الى ساعته :
- الساعة 12 مساءً .. لقد حان موعد موتك
وقفز فوقه ، ساحباً روحه من اطرافه بقوّةٍ وعنف .. الى ان سقط ابليس على الأرض جثةً هامدة
فتنهّد الملك بضيق : اخيراً مات ، أتعبني بصراخه المزعج
ثم خرج من الكهف الجبليّ ، وهو ينظر للسماء :
- يارب !! أنهيت مهمّتي ، فخذّ روحي كبقيّة الملائكة
فتحوّل لدخانٍ ابيض تلاشى مع سحب السماء ، قبل موعد لقائه بجميع المخلوقات يوم القيامة .. ((يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون ، إلا من أتى الله بقلبٍ سليم)) صدق الله العظيم
aفكره ذكيه لقصه ملهمه. اللهم انا نسألك حسن الخاتمه ونعوذ بك من سوء الخاتمه
ردحذفشكرا امل على هذه القصه المنذره.
سعيدة انها اعجبتك ، استاذ احمد
حذفهذه النهايه
ردحذفالتي بعض لبناء ادم وحواء ينكروها وايضا هي نتيجة عملنا بدنيا بعمرنا الطويل او القصير صراع حق وباطل باطل يزن لنفسه حق وايضا اتباءه كحال وضع حالي
ابدعتي استاذ امل
سؤال لما لم يفكر ابليسو بتوبه او يطلب من الله مغفره ديري بالك منو ومن زوجته الصغيره الغبيه
ننظر جاكلين
ذُكر بالتوراة : ان نوح تفاجأ بإبليس يجلس في سفينته ! فقال معاتباً : أُهلكت الأرض بسببك ولم تمت .. فرد ابليس : انا مخلّد ، اسأل ربك ان كانت لي توبة .. فسأل سيدنا نوح ربه .. فطلب الله من ابليس ان يسجد بجهةٍ معينة .. فسأل ابليس : ولما هذه الجهة بالذات ؟! فعلم ان فيها قبر آدم .. فغضب ابليس ، قائلاً لنوح : لم اسجد له في حياته ، لأسجد الآن لقبره .. فأخبره نوح : انها كانت آخر فرصة لتوبته ، وخسرها مرةً ثانية بغروره وجبروته ..
حذفلكن هذه اسرائليّات .. والرسول محمد عليه السلام ، قال عنها :(لا تصدّق ولا تكذب) .. والله اعلم !
هذه القصه قراتها منك بمذكرات ابليس ههه
حذفاديش غبي لو كانت ااقصه حقيقه
بكفي ابنه نائل
كم من بني ادم تفوق عليه
يبقى ابليس هو كاره البشر الاكبر
نتظر جاكلين 😉
برأيّ الإنسان الحقود الخبيث ، ألعن من الجن والشياطين معاً .. حمانا الله من شرورهم جميعاً
حذفنسأل الله الرحمة بنفوسنا الضعيفة. قصة جميلة عن حدث محتّم، وإن كان للإسقاط من معنًى هنا فهي شخصية إبليس التي لم تقل تنظيرًا دقيقًا بديعًا عن الملاك.. ذلك الذي تتطبع به شعوب ستحيلُ الأرض إلى دمار. حقًّا أُعجِبْتُ بالشريط الزمني، الصراع بين الحق والباطل، ودهاء الشخصيتان التان انتقلتا من عالم جنوني نووي إلى الساعة المسبوقة بحرب أعلمنا عنها الرسول (ص).
ردحذفلا منجى سوى استعمار المريخ، فذلك مستقبلٌ لن تدق ناقوس نهايته سوى يوم القيامة.
برأيّ لوّ كانت هناك حياة بكواكب اخرى ، فالأولى ان تعيش فيها الجن ، بدل مشاركتنا الأرض ..والله اعلم !
حذفبسم الله الرحمن الرحيم
ردحذفاللهم صل على محمد وآل محمد
يظن كثيرون ان ابليس العربية اصلها ابالسيو اليونانية وهذا غير صحيح فالعرب كوجود بشري ومجتمع وحضارة ولغة واديان اسبق من اليونان والخقيقة ان اللغة اليونانية مفرداتها ماخوذة من اللغة العربية وليس العكس كما حاول المستشرقون تصوير الامر فالمستشرقون _ رغم عدم انكار جهودهم في التحقيق ودراسة التاريخ _ الا انهظ ادا في الالة الاستعمارية الغربية وقت الايتعمار الغربي وكانوا يخدمون المركزية الغربية للحضارة
وكذلك اساتيريو اليونانية اصلها اللفظة القريبة من اساطير وحتى مفردة الطنطل فهي في اللغة اليونانية تانتولس
اللهم صل على محمد وآل محمد
دائماً شاركنا بمعلوماتك القيّمة .. تحياتي لك
حذفاللهم ارزقنا حسن الخاتمة واجعل اسعد ايامنا يوم لقاءك
ردحذفاللهم آمين
حذف