الثلاثاء، 23 أغسطس 2022

المباراة الحاسمة

تأليف : امل شانوحة 

 

الشطرنج الدموي


في بلدة (خيمكي) على بعد 8 كـم من العاصمة السوفيتيّة ، تمركزت كتيبتان روسيّة وإلمانيّة في خندقين متقابلين .. لحماية جسرٍ فوق قناة موسكو (فولغا) من السيطرة الإلمانية ، مع بداية فصل الشتاء القارص

***


وفي وقت الظهيرة .. توقفت المعركة بين الكتيبتين بعد مقتل العديد من افراد الجيشين الّلذين قرّرا الإستراحة قليلاً ، عقب هطولٍ غزير للأمطار الباردة.. 

وكان من ضمن الأسرى ، طبّاخٌ إلمانيّ .. أمره القائد الروسيّ بإعداد الحساء له .. 


واثناء تقديمه الطعام ، رأى القائد الروسيّ فخوراً بنفسه بعد فوزه على ثلاثة من جنوده بالشطرنج الذي يبرع فيها .. 

فقال له الأسير الإلمانيّ (باللغة الروسيّة التي يتقنها) : 

- أتحدّاك أن تفوز على قائدي ، فهو عبقريّ بهذه اللعبة


ورغم كلامه المستفزّ ، إلاّ انه أثار فضول القائد الروسي لمبارزته .. فهو لم يجد بعد منافساً قويّاً يجعله يستخدم كل حيّله الذكيّة !

وحينها خطرت بباله فكرةً مجنونة ، فبعث رسالة للضابط الإلمانيّ (بجهاز اللاّسلكيّ) قائلاً :

- إن فزت عليّ بلعبة الشطرنج ، أُعلن هزيمة جيشي في المعركة  

فردّ القائد الإلمانيّ :

- بشرط !! أن نلعب على ارض الواقع ، ونقتل كل من يُمثّل أحجارنا على رقعة الشطرنج ..

القائد الروسي بحماس : موافق !!

***  


بحلول العصر ، وبعد توقف المطر .. خرج جنود الكتيبتين من مخبأهما ، ليصّطفوا فوق الرقعة المرسومة على الأرض المُوحلة بين الخندقين !

بينما جلس القائدان امام طاولة التي عليها قطع الشطرنج ، والّلذان يحرّكان الجنود فوق الرقعة الطينيّة بناءً على طريقة لعبهما ! 


حيث وقف 15 جندياً من كلا الطرفين وهم يترقّبون اللعبة بخوف ، فخسارتهم تعني موتهم ! ولأنه ينقصهم جندياً ، وضعوا كلب القائد مكانه !


بينما اصطفّ 4 طباخين (2 من كلا الفريقين) مكان القلعة ..

واصطف 4 مسعفين مكان الفيل

و4 مسؤولين عن اللّاسلكي ، مكان الأحصنة 

اما الوزيران ، فهما الضابطين من كلا الفريقين 

اما الملكان ، فهما نفسهما قائدا الكتيبتين .. وموت احدهما ، يعني فوز الآخر بالمعركة !  


وبذلك اصطفّ كل من بقيّ حيّاً (في الخندقين) بانتظار نتيجة اللعبة الحاسمة بين قائدين مُحترفيّ الشطرنج ..

***


لم تمضي ساعة .. حتى مات جميع جنود الكتيبتين بطلقةٍ بالرأس ، بما فيهم كلب القائد المسؤول عن حراسة المؤن الروسيّة !


وفي النصف الساعة التالية ، قُتل الطبّاخون والأطباء الأربعة ، بما فيهم المراسليّن .. ولم يبقى حيّاً سوى الضابطين والملكين (أيّ القائدين) ومراسلين من كلا الطرفين !


وحاول الضابطين إقناع قائديهما بترك اللعبة ، لكنهما أصرّا على إنهائها !

***


بمرور نصف ساعةٍ أخرى .. لم يتبقّى سوى الملكين الّلذين يلعبان على الطاولة بتركيزٍ شديد ، بينما يراقبهما المراسلان بخوفٍ فوق رقعتهما الطينيّة !


ليتفاجأ القائد الروسي بحركةٍ ذكيّة من القائد الإلماني الذي ابتسم قائلاً :

- كشّ ملك !! 


ثم رفع مسدسه ، وأطلق النار على رأس القائد الورسيّ ! مما أفزع مراسله ، الذي حاول الهرب من المكان .. إلاّ أن المراسل الإلماني ، لحقه وأطلق النار على ظهره ، فأرداه قتيلاً ..

ثم أسرع لاحتضان قائده :

- مبروك سيدي !! لقد فزنا اخيراً .. 


القائد الإلمانيّ : ودفعنا الثمن غالياً

- هل نخبر المركز بفوزنا على الروس ، واحتلالنا الجسر ؟

- ليس قبل مسح الرقعة الطينيّة ، ورميّ الجثث بالخندقين

المراسل الإلماني باستغراب : ولما كل هذا التعب ؟! لنخبرهم بما حصل 

- هل جننت ؟!! أتظن المركز سيسعد بالمهزلة التي حصلت هنا ؟

- ولما يغضبون ، طالما فزنا بنهاية المطاف ؟!

فتنهّد القائد الإلماني بضيق : دعنا نجرّ الجثث ونرميها بالخندقين ، ونخفي آثار الواقعة السخيفة .. ثم أخبرك بما عليك قوله للمركز .. هيا بنا 

***


بعد ساعة .. إنتهيا اخيراً من طمس معالم اللعبة الدمويّة التي حصلت بين الفريقين .. 

ثم قام المراسل بتوصيل قائده بالمركز ، وهو يقول بحماس :

- اريد العودة سريعاً لمعسكرنا ، لإخبار اصدقائي بذكائك الذي جعلنا نفوز بالمعركة

قائده بضيق : يبدو انك ستفضحني


وأخرج مسدسه ، وأطلق النار على رأس مراسله (الذي كان آخر جندياً بالموقع).. ثم مسك الهاتف اللاسلكيّ لإخبار مركزه : عن فوزه بمعركةٍ وحشيّة ، أبادت الجيشين ! وانه الوحيد المتبقي هناك .. فباركوا له على فوزه البطوليّ وثباته بالمعركة ، وأخبروه عن إرسالهم الإمدادات لاستلام الجسر في الصباح الباكر .. 


وبعد إغلاقه المكالمة ، قال القائد الإلمانيّ في نفسه :

((جيد أن جميع الشهود ميتون ، بذلك أحصل على وِسام الشجاعة وترقية برتبتي .. ولا ضرورة لمعرفة احد : أنني لولا مباراة الشطرنج ، لأعلنت استسلام جيشي غداً بعد انتهاء مؤننا الغذائيّة.. وهآ انا بمكري أصبحت بطلاً بنظر قادتي ووطني))


ثم ذهب لخندق الروس للأكل من طعامهم ، والّلبس من ثيابهم السميكة بعد اشتداد البرد مساءً .. بانتظار وصول الجيش الإلماني لاستلام موقعهم الجديد ، الذي يُعدّ أقصى ما وصلت اليه القوات الإلمانية على حدود العاصمة السوفيتيّة في الحرب العالميّة الثانية!  


هناك 3 تعليقات:

  1. فكره غريبه وجديده حقا
    ظننت انهم سيلعبون شطرنج حقيقي ومن يفوز يربح بالحقيقه
    لو لعب العرب ضد الغرب بهذه الفكره لهزمناهم في اغلب المجالات
    اقصد لو جعلنا الانسان فقط مقابل الانسان متسلحا فقط بعقله وباريناهم في جميع الفنون والعلوم بعدل وانصاف ونزاهه .. اعتقد اننا لمحوناهم ..ومثال بسيط على هذا .. لتقارن بين رجل الشارع الامريكي او الاوروبي ونظيره العربي ... ستجد العجب العجاب

    ردحذف
  2. لافيكيا سنيورا

    بشرط ان نلعب على ارض الواقع. ونقتل كل من يمثل جنودنا برقعة الشطرنج.....برررررررااااااااافووووو عليك قصه رائعه ايتها الداهيه الماكره القاتله طباخة اللحوم البشريه هههههههه

    اما بلدة خيمكي لا اعرف هل هي حقا بلده روسيه ام طلسم من طلاسمك السحريه مثل سولانو

    تسلمي اختي املانو ههههههههه امل

    لافيكيا سنيورا

    ردحذف
    الردود
    1. المعلومة في بداية القصة صحيحة من وييكبديا ، فبلدة خيمكي هي اقرب نقطة وصلها الجيش الإلماني قرب حدود العاصمة موسكو بالحرب العالمية الثانية .. تحيات املانو اليك ابن اليمن ، لافيكيا سنيورا

      حذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...