الأحد، 21 أغسطس 2022

عقابٌ عادل

تأليف : امل شانوحة 

 

سفّاح النساء


إستيقظت سلوى عصراً وهي مُحتجزة في غرفةٍ ، فيها ادوات ورشة دهانٍ وإعمار ! 

وحين وجدت الباب مُقفلاً من الخارج ! أوشكت على طلب النجدة ، لولا سماعها صرخة إمرأة من الغرفة المجاورة  


فتلصّصت من فتحة الباب .. لتجد رجلاً يجلد سيدة بحزامه ، بعد تقيّد يديها خلف ظهرها ! والتي ترجّته أن يرحمها ، وهي تسأله باكية :

- ماذا تريد مني ؟!

الرجل : اريد تعذيبك حتى الموت

- ولما تفعل ذلك ؟ انا لا اعرفك !

- انا اكره النساء ، واستمتع بسماع صراخهنّ


المرأة : هل كانت امك او زوجة والدك قاسية عليك ؟ أم إن حبيبتك تخلّت عنك ، لتكرهنا جميعاً ؟!

- أتحاولين علاجي ، ايتها الدكتورة الحمقاء ؟!!

- هذا عملي ، فأنا إخصائيّة نفسيّة .. دعني اساعدك

الرجل : لا اريد سماع تحليلاتك التافهة !!

- أعدك أن لا أتفوّه بشيء ، وسأسمعك حتى النهاية

- لا اريد سماع سوى صراخك المتألّم

وانهال ضرباً عليها.. 


وهنا تذكّرت سلوى ما حصل !

((فهذا الرجل هو سائق الأجرة التي ركبت معه ، بعد خروجها من العمل.. وبعد قليل ركبت معهما تلك السيدة ، التي أخبرتهما أن سيارتها تعطّلت وهي في طريقها الى عيادتها النفسيّة !


كما تذكّرت كلام السائق حين ظهر المجمّع السكني (المتميّز بعماراته البرتقاليّة) من بعيد .. شارحاً لهما : بأن الورثة اختلفوا على وصيّة والدهم بإكمال مشروعه الخيريّ بتوزيع الشققّ على العرسان الفقراء بأسعارٍ زهيدة ، لأن أكثريّتهم يريدون بيعها بسعر السوق العقاريّ .. وبسبب المحاكم ، توقف العمل بها حتى أصبحت مهجورةً تماماً.. 


حينها قال السائق بقهر :

- كان عملي هو تركيب وإصلاح المصاعد في المباني العشرة للمشروع .. وظننت أن الحياة ابتسمت لي اخيراً ، فاشتريت العديد من الأشياء بالتقسيط .. وبسبب الورثة الحمقى ، تراكمت عليّ الديون .. فحوّلت سيارتي الى سيارة أجرة ، بعد خسارتي كل شيء 


وبعد إنهاء كلامه .. لبس قناعاً خاصاً بعمّال الدهان ، قبل التفاته اليهما بالمقاعد الخلفيّة ، وهو يقول : 

- نوماً هنيئاً))


وهنا ادركت سلمى انه رشّ مخدّراً من فتحات التكييف ، قبل اخذهما الى مبنى قيد الإنشاء ! 


وتأكّدت سلوى من شكوكها ، بعد إطلالها من نافذة الغرفة .. لتجد انها بالطابق الأخير لإحدى المباني البرتقاليّة في المجمّع السكني المهجور ! الذي يبعد حوالي 2 كيلومتر عن الشارع العام ، ومهما صرخت لن يسمعها أحد !


لكنها عادت لتلصّص من فتحة الباب بعد سماعها صرخة الطبيية الموجعة ، اثناء تسديده عدّة طعنات في جسمها ، وهو يقول :

- سأخبرك قبل موتك عن سبب كرهي للنساء : فبعد وفاة ابي ، رمتني زوجته اللعينة في الميتم بعمر التاسعة ! وهناك قامت المديرة بفرض نظامها على الأيتام من خلال عقابها المتواصل والظالم لي ! اما زوجتي العزيزة وحبّ حياتي ، فخانتني مع أعزّ أصدقائي ، فقتلهما معاً.. وحين استلمت مصاعد المشروع الضخم .. رفعت زوجات الورثة قضيّة لنقض وصيّة عمّهن ، فطُردّت من عملي مع الكثير من العمّال الآخرين ! لذلك اكرة النساء ..وقتلت حتى الآن تسعة نساء ، ممّن ساقهنّ القدر للركوب في سيارتي .. لهذا اعتدّت على طلب الأجرة مُسبقاً ، عدا عن سرقتي ذهبكن ومافي حقائبكن .. والآن موتةً هنيئة.. 


لتعلو صرخة الطبيبة الأخيرة بعد تسديده طعنةً قوية الى قلبها ، وهو يقول: 

- اراك في الجحيم .. الآن سأذهب لقتل الساقطة الأخرى


وحين رأته سلوى يتوجه بسكينته الضخمة التي تقطر دماً الى غرفتها ، أسرعت بوضع سلمٍ صغير (متواجد بغرفتها) اسفل مقبض الباب.. وبينما يحاول القاتل فتح الباب بقوة ، وهو يشتم بقذارة .. أطلّت سلوى من النافذة بعد ملاحظتها لسلكٍ كهربائي يتدلّى من السطح ، ويترنّح قرب نافذتها .. ويبدو انه غير موصول بالكهرباء ، لهذا استخدمته كحبلٍ بعد لفّ يدها حوله .. ثم دعت ربها وهي تتشاهد ، قبل قفزها من النافذة .. ليقوم السلك بنصف إستدارة ، جعلتها تصل لشرفة الشقة المجاورة .. 


في هذه الأثناء .. تمكّن القاتل من خلع باب الغرفة ، ليتفاجأ باختفاء سلوى!

فظنّ انها انتحرت .. وأطلّ من النافذة ، دون عثوره على جثتها بالأسفل كما هو متوقع ! 

فظنّ ان الهواء الرمليّ القويّ ، دفع جثتها المتراخية الى مقدّمة العمارة .. فخاف أن يراها أحد المارّة ، ويتورّط مع الشرطة .. 


بهذا الوقت .. راقبته سلوى من فتحة الباب الرئيسي للشقة المجاورة ، وهو يخرج من شقته باتجاه المصعد الذي وضع فيه مفتاحاً خاصاً (موجود بأعلى الباب الخارجيّ للمصعد) ..ويبدو انه استطاع تشغيل المصعد (فهو اختصاصه القديم) .. 

ثم شاهدته يلعن حظه ، بعد أن علق المفتاح بباب المصعد ! فقال غاضباً: 

- سأدفن الجثة اولاً ، ثم أدهن المفتاح اللعين بالزيت !


وفور نزوله في المصعد .. أسرعت سلوى بالخروج من الشقة المجاورة ، وإدارة المفتاح للجهة المعاكسة.. 

وعلى الفور ! سمعت طرقاته العنيفة على باب المصعد بعد علقه بالداخل 


فعادت الى الشقة التي حُبست فيها ، لتجد جثة الطبيبة غارقة بدمائها .. وجثثاً اخرى مُقطّعة ومتحلّلة بالحمام ! 

فخرجت من الشقة ، بعد أن اصابها الغثيان من الرائحة الكريهة المُعبّقة هناك 


وأسرعت بنزول الأدراج ، لترى في منتصف العمارة : قدما القاتل تظهران من القسم الزجاجيّ الرفيع في منتصف المصعد ، لكنه لم يستطع الخروج بعد أن علق معظم المصعد في الفاصل الإسمنتي بين الطابقين ! حتى لوّ كسر الزجاج بقدمه ، فالمسافة ضيّقة جداً للهروب منها ! 


وأكملت خروجها من المبنى المهجور .. ثم مشت مسافةً طويلة باتجاه الشارع العام ، التي وصلت اليه مع غروب الشمس .. 

ومن حسن حظها انها وجدت سيارة اجرة ، والتي اتفقت معه على اجرةٍ مضاعفة إن اوصلها بيتها .. 


ورغم وسّوستها بالنظافة إلاّ انها وافقت على شرب الماء من قارورة السائق العجوز لشدّة عطشها ..

وحين سألها عن الخوف الواضح بعينيها ، أخبرته انها مشت مسافةٍ طويلة بعد تعطّل سيارتها .. 

***


حين وصلت عمارتها ، استلفت الأجرة من صاحب البقّالة المجاورة الذي قيّدهم في دفتر الديون الشهريّة .. وصعدت الى شقتها وهي تحمد الله بأن زوجها لم يصل بعد من عمله .. ونامت بملابسها فوق كنبة الصالة ، من شدة تعبها 

***


إستفاقت بعد ساعة على صوت زوجها وهو يطمئن عليها ، بعد ان رآها نائمة بملابس العمل ، وهو ليس من عادتها ! 

وكانت على وشك إطلاعه بما حصل ، لكنها فضّلت الكتمان .. لأن الشرطة إن علمت بالأمر ، ستُخرج السفّاح من المصعد لمحاكمته .. وربما يُسجن لفترة ، قبل خروجه لإكمال جرائمه العنيفة .. 


بينما إن أخفت الموضوع ، سيبقى عالقاً في قبره الحديديّ الضيّق الى أن يموت اختناقاً او من شدةّ الجوع والعطش ، عدا عن الرعب الذي سيعيشه في الظلام الدامس ، وهو عقابٌ عادل على ما فعله بالنساء العشرة

واكتفت بالقول لزوجها : 

- كان يوماً طويلاً ، ونمت من شدةّ تعبي .. لا تقلق عليّ ، انا بخير 


بينما قالت في نفسها : ((ليسامحني اهالي الضحايا ، فهم لن يعرفوا بمصير بناتهم وزوجاتهم إلاّ في حال اكملوا العمل بالمشروع المهجور ! أتمنى بأن موت السفّاح ببطءٍ وقساوة ، يُعطي السلام لروح المفقودات المُعذّبة)) 


ثم حضنت زوجها بقوة ، وهي تخفي دموعها من هول ما عاشته في نهارها المشؤوم !  


هناك 5 تعليقات:

  1. كان كابوساً مخيفاً شاهدته البارحة : بأني انزل الأدراج في مبنى قيد الإنشاء ، وانا خائفة من صراخ شخصٍ عالق في المصعد ! فأردّت تحويلها الى قصةٍ مخيفة .. اتمنى ان تعجبكم

    ردحذف
  2. جميلة ومخيفة ولو أنها مختصرة وكنا نريد معرفة المصير الفعلي للسفاح

    ردحذف
  3. لافيكيا سنيورا

    نعم قصه رائعه ونهايته كانت ما اردت ..
    نعم نعم انها قصه رائعه من كاتبه رائعه رغم ان كوابيسها مخيفه ولكنها ممتعه لنسج قصصها لنا....اتمنى لك كوابيس مخيفه هههههها امزح معك قصد احلام ممتعه

    تحيااتي

    لافيكيا سنيورا

    ردحذف
  4. حقا هذا جزاءا وفاقا
    بجوارنا حدث شيء مثل هذا ولكن لطفل وكانت حادثه قطع راسه داخل المصعد وكان يحاول الخروج الغريب حتى الان منذ سنوات لو ركب اي شخص المصعد يشعر بمن يقف بجانبه او يشده او يخبط اي شيء

    ردحذف
    الردود
    1. وصل ايميلك الأخير ... لا تزعجني تعليقاتك ، بالعكس تضحكني .. تحياتي لك

      حذف

المحطّة الأخيرة

كتابة : امل شانوحة    المصيّدة الدمويّة ركبت الصبيّة الحافلة بعد انتهاء عملها الليليّ في إحدى المطاعم ، وهي تشعر بالإنهاك والتعب الشديد.. وم...