الاثنين، 13 يونيو 2022

البطل القومي

كتابة : امل شانوحة 

المعارضة والموالاة


عُرض في برنامجٍ سياسيّ مقابلةً حادّة بين (السيد وائل) المُعارض الشهير للحكومة ، وبين (سمير) الوزير المخلص للرئيس الذي انتقده قائلاً :

- لوّ يُهمّك الشعب لما هربت للخارج ؟

فردّ وائل بعصبيّة : لوّ كنت أضمن سلامتي في بلادي ، لما سافرت !! لذلك سأستمرّ في جمع اصوات المعارضين في الغربة ، كيّ نصبح الأغلبيّة في الإنتخابات القادمة التي ستطيح بحكومتك الظالمة !!  

المذيع : فاصلٌ قصير ، ونعود لمتابعة اللقاء

***


في الإستراحة .. تلقّى المعارض رسالة على جوّاله :

((خطفنا ابنك من مدرسته , ولن نعيده قبل اعتذارك من الرئيس على الهواء مباشرةً))

فتمّتم وائل بضيقٍ وقلق : لعنة الله عليكم 

***


بعد الفاصل ، عاد وائل أشدّ غضباً ! وانهال بالشتائم على رئيس بلاده بجرأةٍ فاجأت المشاهدين الذين يعدّوه بطلهم القوميّ ! 


ولاحقاً أثّرت مقابلته في زيادة شعبيّته دون علم أحد بمصابه الكبير ، حيث حمّلته طليقته مسؤوليّة إختفاء ابنها الذي دام اربعة شهور ! حتى ظنّ والداه انه في عداد الموتى .. 

الى أن وجدته الشرطة مرميّاً امام حديقةٍ عامة وهو مصاب بكسورٍ ورضوض في انحاء جسمه ، بعد فقده النطق من أثر التعذيب المتواصل دون رحمة لعمره الصغير ! 


فاضّطرت امه لتسفيره عند والده الذي تكفّل بمصاريف علاجه النفسيّ عند أمهر الأطبّاء الفرنسيين ، لكن دون جدوى ! ممّا أجبره على وضعه في مدرسةٍ خاصة للإعتناء بحالته الصحيّة والنفسيّة المتدهوّرة ..وما حصل لإبنه زاده عناداً وتصميماً على إسقاط الحكومة الفاسدة..

***


بعد عام .. عاد وائل لمناقشة سمير في مقابلةٍ سياسيّة جديدة ، ليحتدّ النقاش بينهما .. 


وبعد الفاصل , تلقّى وائل رسالة تهديد جديدة على جواله :

((يبدو انك لم تتربّى عمّا حصل مع ابنك ، لهذا خطفنا امك العجوز التي يبدو انك ورثت العناد منها بعد بصقها على صورة الرئيس بدل تقبيلها ! وهي الآن تحت التعذيب ، ولا اظنها ستتحمّل كثيراً لكبر سنها .. لذا عليك الإعتذار فوراً من رئيسك وحاكم امرك على الهواء مباشرةً ، كيّ نعيدها الى منزلها قطعةً واحدة))


وهنا لاحظ المذيع وسمير إرتباك وائل الذي حاول التماسك قدر المستطاع لإكمال اللقاء .. 


لكنه انهار قبل دقائق من نهاية المقابلة بعد تخيّله صرخات امه المتألمة ، وطلب امام الكاميرا : السماح والغفران من الرئيس ، وهو يلعن نفسه لدخوله المُعترك السياسيّ الذي جلب المصائب لعائلته.. 

ثم اخرج المسدس من جيبه وأطلق النار على رأسه ، وسط دهشة المتواجدين في مكان التصوير !

 

وعلى الفور !! أُوقف البثّ المباشر .. وأسرع المعدّون بحمل جثة وائل لأقرب مستشفى .. 


ووسط الفوضى بالإستديو ، أخفى سمير جوّال وائل في جيبه (دون أن يراه احد) لفضوله الشديد بقراءة الرسالة الأخيرة التي جعلت منافسه القويّ يستسلم وينتحر !

***


في غرفة سمير بالفندق الفرنسيّ .. بحث باهتمام في جوّال القتيل ، لحين إيجاده رسالة التهديد المرعبة ، ورسائل اخرى قديمة ! 

فشعر بالصدمة والغثيان لقيام رجال الرئيس الذي يعشقه بجنون بتعذيب ابن وائل اولاً ، ثم امه العجوز ! 

ولأول مرة شعر بعذاب وائل ومعاناته طوال السنوات الماضية ..


ولم تمضي الليلة ، حتى عزم سمير على اتخاذ خطوةٍ جريئة ! 

***


فور عودة سمير الى بلاده العربية ، إستقال من مركزه المهم بالدولة بحجّة إصابته بالسرطان .. وذلك بعد تسفيره جميع افراد عائلته لفرنسا , حتى صديقه المقرّب .. ثم لحقهم الى هناك بعد نقل امواله التي سحبها من البنوك ، وبيعه ممتلكاته بوقتٍ قياسيّ .. 

***


بعد تأكّد سمير بأنه وعائلته بخير ، صدم كل معارفه السابقين بانضمامه الى صفّ المعارضة ! 


بل أصبح رئيسهم خلال اشهرٍ قليلة ، بعد قيامه بفضح الرئيس بكل المستندات التي قام بتصويرها خفيّة قبل استقالته ، والتي كانت السبب الرئيسيّ في إسقاط الحكومة .. ليصبح بطلاً قوميّاً للمواطنين الذين انتخبوه بأغلبيّة الأصوات داخل البلد ، وفي صناديق الإقتراع بالسفارات الأجنبية ، ليصبح حاكمهم الجديد .. 

***


واول قرارٍ إتخذه سمير بعد تولّيه الحكم : هو إعادة جثة المعارض السابق وائل الى بلاده ، ودفنه في حديقة القصر الحكوميّ .. كما عيّن يوماً في السنة للإحتفال ببطولات وائل ، كونه اول شخصٍ تجرّأ على مناهضة الحكومة الفاسدة

***


وفي الإحتفال الأول لذكراه... تمّتم سمير امام قبر وائل ، بعد قراءته الفاتحة :

- انت هو البطل الحقيقي الذي أحب بلاده اكثر من نفسه وعائلته ، فسامحني لوقوفي ضدّك في بادئ الأمر ! لم ادرك وساخة المستنقع الذي كنت غارقاً فيه ، قبل معرفتي بمعاناتك .. أعدك يا صديقي إن نضالك لن يذهب سدى 


ثم ألقى التحيّة العسكريّة امام شاهد قبره ، قبل دخوله القصر لبدء استقبال موظفيه الجدّد الذين اختارهم من اكفّاء الشعب وأنظفهم سمعة ، ليساعدوه بنهضة البلاد نحو مستقبلٍ واعدٍ بالعدل والإنجازات الإنسانيّة ..


هناك 3 تعليقات:

  1. قصة قصيرة توضّح واقع الحال في بلادنا العربية .. الفرق : إن الموالاة هم المنتصرين دائماً ، مع الأسف !

    ردحذف
  2. لافيكيا سنيورا

    نعم اختي هذا وقع يلادنا العربيه ان لم تكن معي فانت ضدي كل حزب يعمل لمصالحه الشخصيه. وكل حزب سياسي يعتبر نفسه هو الوطن والكلام يطول ..

    ومن الاخير اقول هنيئا للشعوب العربيه التي تحكمها الملكيه..


    لافيكيا سنيورا

    ردحذف
    الردود
    1. معك حق ، التاريخ يُثبت أن قوّة العرب بالملكيّة ، وليس بالحكومات الديمقراطيّة الوهميّة .. لافيكيا سنيورا ، اخي ابن اليمن

      حذف

التوأمتان المتعاكستان

تأليف : امل شانوحة  الطيّبة والشريرة دخلت السكرتيرة الى مكتب مديرها (جاك) لتجده يفكّر مهموماً :   - إن كنت ما تزال متعباً ، فعدّ الى قصرك ...