السبت، 4 يناير 2020

طباعٌ مُغايرة !

تأليف : امل شانوحة


 علاقات الإنترنت

عاد جيم من عمله مساءً وهو متحمّس للكلام مع خطيبته .. وفتح الإنترنت ليجدها في انتظاره بهيئةٍ مختلفة , فسألها مباشرةً :
- انت تضعين المكياج ! الم تخبريني سابقاً انك تكرهينه ؟!
- عُدّت قبل قليل من حفلة صديقتي , ولم أجد الوقت لإزالته .. اليس جميلاً عليّ ؟
جيم : بلى , لكني متفاجأ ايضاً من ثيابك الغير محتشمة !
- انت خطيبي ..وأردّت ان اكون جميلة لأجلك
- طبيعتك البريئة تعجبينني اكثر .. المهم , كيف كان يومك ؟

وتابعا الحديث حتى منتصف الليل , مع كلامها الذي إزداد جرأةً ووقاحة .. كما ضايقه ضحكتها العالية التي لم يعتدها منها !

وهنا رنّ جواله , ليظهر اسم خطيبته..
فنظر الى شاشة الكمبيوتر , ليجدها تنظر اليه بابتسامةٍ بلهاء !
فقال في نفسه : ((كيف يعقل هذا ؟!))

وردّ على الإتصال , ليسمع صوت خطيبته تقول له : 
- الآن عدّت من الجامعة , كان لدينا تدريبٌ مسائيّ .. دقيقة وأكلّمك من غرفتي  

فشعر جيم بالإرتباك ! .. فمن تلك الفتاة التي تشبه خطيبته وتكلّمه مباشرة على النت ؟! 
ثم قال لخطيبته (بالجوال) بصوتٍ مرتجف وبصيغة المذكّر , كي لا يلفت انتباه المرأة التي تراقبه بتمعّن عبر الشاشة :
- لحظة صديقي , لا تذهب الى هناك 

وفجأة ! إلتفتت الصبية الى يسار شاشة الكمبيوتر وهي تقول :
- يبدو ان زميلتي بالسكن عادت من الخارج , سأذهب الآن 
واطفأت الشاشة في الوقت ذاته الذي سمع فيه جيم صوت خطيبته تصرخ غاضبة :
- من سمح لك بدخول غرفتي ؟!! 
وانقطع الإتصال !
***

حاول جيم كثيراً إعادة الإتصال بخطيبته , لكنها لم تجيبه .. وبالنهاية أقفلت جوّالها ! 
فعاد الى سريره وهو مصمّم على الذهاب صباح الغد الى سكن الطلاّب الجامعي للإطمئنان عليها
***

إستيقظ باكراً على رنين جرس منزله .. 
وحين فتح الباب , وجد خطيبته تحمل حقيبة ملابسها ! 
فسألها بقلق :
- مالذي حصل ؟!
فأجابته بلا مبالاة : قرّرت منذ اليوم العيش معك , إن لم يكن عندك مانع
ودخلت منزله , وأغلقت الباب خلفها .. 

فسألها بدهشة : الم تكوني ترفضين القدوم الى بيتي قبل الزواج ؟
- غيّرت رأيّ بعد تشاجري البارحة مع رفيقة السكن 
- كنت اريد سؤالك عن ذلك 

فوضعت حقيبتها جانباً , وتهالكت على الكنبة وهي تقول :
- باختصار .. تعطّل حاسوبي البارحة , فاستخدمت حاسوبها دون إذنها .. وحين عادت من الخارج , طردتني من الشقة ..هذا كل شيء
- وماذا عن إتصالك بي ؟

خطيبته باستغراب : أيّ اتصال ؟!
- البارحة إتصلتي على جوالي , في الوقت ذاته الذي كنت تكلّميني فيه على النت !  
- آه ! .. كانت تلك الملعونة صديقتي , فأنا نسيت جوالي بحفلتها .. ولأنها تغار من خطوبتنا , حاولت تقليد صوتي لتحادثك .. وقد اعترفت بذلك هذا الصباح , قبل ان تعيد جوّالي  
جيم : غريب ! بدى صوتها كصوتك تماماً
- هيّ تجيد تقليد الأصوات .. المهم , هل نخرج الآن .. فأنا جائعة جداً

جيم : لديّ بيض وجبن , ويُمكنننا..
مقاطعة : جيد , اريد بيضتين مع البيرة
جيم باستغراب : أتسكرين ايضاً ؟!
- نعم .. ستتعرّف عليّ اكثر بالأيام القادمة 

ثم حملت حقيبة ملابسها وهي تصعد للطابق العلويّ وتقول :
- غرفة نومك هناك , اليس كذلك ؟
جيم بدهشة : ماذا ! هل ستنامين في غرفتي ؟!
فردّت بابتسامةٍ ماكرة : ليس الآن ايها الشقيّ .. بل في المساء
- الم تكوني ترفضين العلاقات قبل الزواج ؟!
- نعم , لكن اصدقائي في حفلة البارحة أقنعوني بتغير جميع معتقداتي البالية .. وصدّقني , ستعجبك شخصيتي الجديدة .. والآن حضّر الفطور لحين ترتيب ثيابي في غرفتك

فذهب جيم الى المطبخ وهو يشعر بالقلق والإرتباك :
- وكأنها امرأة أخرى !
***

في المساء وبعد عودتهما من الخارج , طلبت منه ان يحملها باتجاه غرفته ..فاستغرب طلبها !.. فقالت له بدلال :
- اليست هذه عادة العرسان ؟
- وهل سنقوم ..
خطيبته بابتسامةٍ حنونة : مابك تتلعثم ؟ هيا بنا الى جنة النعيم !!

وسحبته من يده الى فوق بحماسةٍ وفرح , وهو مازال مندهشاً من تغيرها المفاجىء !
***

بعد ساعة , أخرجت ولّاعتها وسيجارتها من الدرج الذي بجانب السرير 
فقال لها بعصبية : الا يكفي انك كذبتي عليّ بأنني اول حبيب في حياتك , وتدخنين ايضاً ؟! الم تكوني تنصحينني على مدى سنتين بأن اتوقف عن التدخين لأجل اطفالنا 
- اطفالنا ! مازال الوقت مبكّر على الإنجاب .. ثم لا تصدّق كل ما يُقال بمحادثات الإنترنت .. هيا خذّ سيجارة واستمتع باللحظة

جيم بغضب : انت تتصرّفين عكس جاكلين التي أعرفها
فضحكت ساخرة : تتكلّم وكأنني امرأة ثانية .. (وخرجت من السرير وهي تقول) ..سأذهب للحمام ... لا تغفو قبل عودتي , حبيبي 

وبعد ذهابها , رنّ جوال جيم .. وكان صديقه يلومه على عدم قدومه الى العزاء الذي انتهى قبل ساعة ..
فسأله جيم باستغراب : عزاء من ؟!
صديقه : عزاء خطيبتك جاكلين 
جيم بصدمة : ماذا ! ..كيف ؟
- الم يخبرك احد بأن صديقتها بالسكن وجدتها مذبوحة في غرفتها البارحة مساءً 

وقبل ان يجيبه , دخلت جاكلين الغرفة وهي تقول :
- لما وجهك شاحبٌ هكذا ؟ مع من تتكلّم ؟ .. (بنبرةٍ آمرة) .. هيا أرني جوالك !!
فأسرع جيم بإطفائه بارتباكٍ شديد , وخرج من السرير وهو يقول :
- اريد دخول الحمام حالاً .. نتكلّم لاحقاً

وحين خرج من الغرفة , أسرع بنزول الأدراج .. وحين حاول فتح باب منزله , وجده مقفلاً ! 
وهنا سمع صوت قرقعة من خلفه , ليجد جاكلين تنزل الأدراج وبيدها المفاتيح وهي تقول :
- أتبحث عن هذه عزيزي ؟
جيم بعصبية : إفتحي الباب فوراً !!
- لما انت خائفٌ هكذا ؟ والى اين تذهب في هذا الوقت المتأخر ؟
- من انت بحقّ الجحيم ؟!!
- ماذا تقصد ؟ انا جاكلين 

جيم بغضب : خطيبتي وُجدت مقتولة البارحة , فمن تكونين ؟!!
- اووه ! ظننت ان باستطاعتي المرح ليومين آخرين قبل معرفتك الحقيقة 
- أجيبيني حالاً !! من انت ؟!
- اهدأ قليلاً .. انا توأم جاكلين 
جيم بدهشة : أنت اختها ؟! 
- نعم
- لم تخبرني بذلك !

الصبية : هذا لأنها عرفت بوجودي قبل شهرين .. فالقصة كالتالي : امي وابي انفصلا بعد ولادتنا , وقرّرا مقاسمتنا .. فتربيت مع امي التي لم تحميني من زوجها الأحمق الذي قتلته بسن المراهقة بسبب تحرّشاته الدائمة , فأمضيت خمس سنوات من عمري في السجن .. وحين خرجت , وجدّت امي تحتضر بالسرطان ..وحينها فقط أخبرتني عن اختي التوأم .. وبدوري بحثت عن جاكلين في وسائل التواصل الإجتماعي الى ان وجدتها على الفيسبوك وأخبرتها بالحقيقة , فأرسلت تذكرة سفري الى هنا.. واتفقنا بأن نفاجىء الجميع بالخبر في عيد ميلادنا الشهر القادم 

جيم : ولما قتلتها ؟ الم تفرحي بوجود أخت لك ؟
- بالبداية فرحتُ كثيراً باجتماعنا بعد عشرين سنة .. لكن بعد ان رأيت حياتها المثالية كإبنة مدلّلة , وطالبة متفوقة حصلت على وظيفة بشركةٍ مرموقة في المدينة , عدا عن خطوبتها بشابٍ وسيم مثلك .. أحسسّت وقتها بالظلم , فلما حياتها جميلة بعكسي .. ألسنا توأماً , فلما مصيرنا مختلف ؟
- وهل كنت تخططين لقتلها حين كلّمتني البارحة ؟

الصبية : لا ابداً , كنت ارغب فقط الشعور بالحب مثلها .. لكن حين عرفت بأنني انتحلت شخصيتها وانا أكلّمك , جنّ جنونها ! وحصلت بيننا مشاجرة عنيفة .. ولم أجد نفسي الا وانا فوقها والسكين بيدي .. وحين استوعبت ما حصل , سرقت هويتها وشهادتها وملفّ توظيفها وأتيت اليك وانا أنوي الزواج بك بأسرع وقتٍ ممكن كيّ نسافر سوياً الى المدينة للبدء بعملي المحترم وحياتي الجديدة 

جيم بحزم : وانا لن اسمح لك بتشويه سمعتها امام زملائها .. والآن إفتحي الباب فوراً !!
- كيّ تتصل بالشرطة , اليس كذلك ؟

وأخرجت مسدساً من جيبها , ووجّهته نحوه .. 
فتراجع جيم للخلف بفزع : يا مجنونة ! ماذا تفعلين ؟
- إسمع يا جيم .. امي ماتت بالمرض , وابي مات بحادثٍ مروري قبل سنتين .. ومن حسن حظي ان اختي انتقلت الى هنا بعد وفاته مبتعدةً عن اقاربنا والجيران , فهنا لا يعرفني أحد .. ولم يبقى سوى شاهدٌ وحيد يعلم بوجود توأمٍ شرير لجاكلين , وهو انت .. وحتماً لن أجازف بدخول السجن مرة ثانية

وأطلقت النار عليه من مسدس كاتم الصوت وهي تقول :
- مسدسٌ رائع ! الشيء الوحيد الذي استفدته من زوج امي , تاجر الأسلحة اللعين 

ثم نزلت الأدراج لجرّ جثة جيم نحو الحديقة الخلفية , وهي تقول :
- سأستفيد من ظلام الليل لدفنه اولاً , ثم أعود لمسح آثار الجريمة .. اووف !! يالا ثقلك يا رجل .. (وتنهّدت بضيق) ..ستكون ليلةً طويلة  

*******  
ملاحظة :
إستوحيت الفكرة من هذا الفيديو , لكني أردّت جعل قصتي أكثر واقعية ..

هناك تعليق واحد:

  1. يعطيكي العافيه استاذه امل
    مبدعه بالكتابه دوما
    ولكن لك فتره على القصص الدمويه
    حتى قبل ما تصير حادثة اقتحام بيت نانسي
    نتمى رؤية القصص طابع تاريخي مثلا
    عن تاريخ الثوره الفرنسيه او العثمانين قصة هيام زوجة سليمان القانوني
    رغم ان جاكلين اسم وهمي ولكنه له رونق خاص بقصصك
    تحياتي لك

    ردحذف

مسابقة الجدارة

تأليف : امل شانوحة منصبٌ رفيع إستوفى خمسة شباب شروط الوظيفة في شركةٍ مرموقة .. واجتمعوا في مكتب المدير العام (أغنى تجّار البلد) الذي قال لهم...